أخبار أدبية

  قالوا في وداع حسين هاشم

قالوا في وداع حسين هاشم

1878 مشاهدة

أقامت جمعية أصدقاء سلمية  في صالة الكرماني في مدينة سلمية السورية أمسية أدبية بعنوان ( وداعاً حسين هاشم ) حداداً على هذا الشاعر الكبير الذي رحل بتاريخ 9/12/2008 بعد صراع طويل مع المرض  تضمنت الأمسية عرضاً لفقرات من آخر أمسية أقامها الشاعر في مقر الجمعية التي كان عضواً فيها  ثم قدمت فيها مجموعة أوراق ساهم بها كل من أصدقاء الشاعر السادة :

الدكتور محمد الدبيات رئيس مجلس إدارة الجمعية

المهندس ياسر موسى

الشاعر باكير باكير

الشاعر هانيبال عزوز

الأديب محمد عزوز

الأديب ظافر النجار

نجل الفقيد قيس هاشم

وقدمت فقرات الأمسية الشاعرة إينانة الصالح معرفة بالشاعر ومقدمة لنماذج مختلفة من شعره

حضر الأمسية لفيف من محبي الشاعر وأصدقائه وأعضاء الجمعية ووزع على الحضور مجموعته الشعرية التي صدرت بعد وفاته ( بدايات متأخرة جداً ) .

وقد أكدت أوراق المشاركين على تألق الشاعر وتميز تجربته  منوهة إلى صراعه الدائم مع الحياة .

مساء الوفاء

في وداع الشاعر الراحل الصديق حسين هاشم

 أرقاً .. ينام الليل يا حسين ..

والمساءات .. تمر .. تسقط في فراغ القلب .. كاوية ..

وهتافك العنيد لم يعد وبأحرج الأوقات يوقظني ..

 ليخبرني كم يطول الليل مع رئتين خائنتين ..

وتنزف الكلمات وتقول لي :

أيها المزدحمون في قلبي .. كم اشتقت لكم ..

تعالوا اكسروا وحدتي يالئام .. وتضحك .. تضحك معتذراً .

فها قد جئتُ يا حسين .. يا شاهراً عتابه وغيابه .. بوجوهنا كقصيدة أخيرة

تفتّقُ الجراح .

يا نبي الحزن والشعر المعتق .. يا موغلاً ببراءة القصائد ونظافة الرؤى

وبراري المفردات الجامحة .

ها جميعاً .. يا مليئاً بالمودة .. قد توافدنا ضيوفاً ..( عادة يضحك البيت لهم )

جئنا يسابقنا شعور اليتم والحزن المدمى ..

بدعوة مجنونة وعاجلة من موتك الأخير ..

وانتظرنا مرحبا القلب النظيف .. وافتراش الروح بالعراء ..

للضيوف وللنبيذ والشعر المصفى ..

لكن الصمت الموجع وحده .. رجّعَ الخطا وراح ينزف .. من أليف الأمكنة ..

معلناً وبانكسار : أن (فريتان ) .. لم تعد كما كانت .

يا شاعري الموغل في أوجاع الأرض وأحلام الفقراء ..

افتقدتك جداً .. وجداً تصبرت .. كيلا تخنقني الغصة الحارقة .

وأنهدُّ .. أنهدُّ .. تاركاً قلبي يعدّ تلاوين موتك قبل الغياب ..

وألهثُ .. ألهثُ .. خلف السراب

أنقبُ دون جدوى في الحرائق .. في رماد الذكريات ..

وألوبُ .. تنكرني الأماكن والدروب .. متعثر الخطا .. ثقيلها ..

مضيّعاً وضائعاً ..

واليتم ينهش ما تبقى .. يا صقيع الأمكنة ..

فهناك بين عجائز الأشجار ..

 كم تبادلنا النكات والقصائد والسجائر الرخيصة ..

وضحكنا من القلب .. لأن عزرائيل لن يجد في جيوبنا ما يسرقه ..

ولم يترك لنا أحد .. ثمن بطاقة الذهاب ولو إلى جهنم ..

وهناك في شرفة عارية ..  مفتوحة على السماء الغامضة ..

حذرتني من الدكاكين التي تأكل الناس .. ونصحتني ..

أن أدير ظهري لكل شيء ..

وأرمح صوب قصيدتي النائمة في الرماد ..

وفي حقلك الذي دمره السيل شربنا القهوة

ومرارة أخبار القروض المصرفية وفواتير الدواء ..

وتبادلنا الشعر والشتائم .. واتفقنا على أن

صهيل الحمار علامة هذا الزمان ..

وأن الأكف التي تحمل الجمر تناءت ..

وأنا .. وأنا .. سنرجم مثل الزناة ..

مساء الخير يا حسين ..

مساء الوفاء ..

 ووداعاً .. وداعاً صديقي ..

وها نحن جميعاً ضيوفك .. نشرب بانكسار ..

قهوة الفقد والوداع ومرارة الرحيل ..

فارحل إلينا .. وفينا .. وأوقد شموع أرواحنا المطفأة ..

واعزف بروحك ما تشاء ..

والعب كما تشاء .. يا أنبلنا

بالشعر والنار ..

       ظافر النجار

حسين هاشم

على درب نقائك سائرون

 أول مكالمةٍ في العيد بعدَ أمي كانت لك ..

ورغم أنك كنت واثقاً من الموت القادم على جناح السرعة .. كنت تضحكُ ..

أصعقُ أنا وأنت تضحكُ ..

بكيتَ بما يكفي .. فضحكتَ من فرط بكائِكَ .. 

الموتُ لم يكن مهماً بالنسبة لك أيها الصديقُ الموغلُ في الألم ..

أبكتكَ قصائدُكَ قبل أن تُبكي غيرَك .. ربما لأنك كنتَ تذعنُ لمقولتِكَ الشهيرة ( القصيدة تنصب مشنقتي ) ..

وبكيتَ على منابر القصيدةِ .. وأنت تصرخُ أنا أبكي من أجلكم أيها الأحبةُ فاسمعوني ..

أبكاك رحيلُ أحبتِك .. ولم تأبه لنبأ المرض المودي إلى موت محقق ..

 أنبتَّ الحبَ من الألم ورعيتَه بقلب صاف ويدين مشققتين وقلمٍ ينز دماً  .. وسخرتَ من أبجديات لا تعرف كيف تنبتُه ..

مددُ لقاءاتنا لم تكن طويلةً بما يكفي .. ولكن الحبَّ والتواصلَّ كان أطولَ وأعمقَ ..

سعيت إلينا أكثرَ مما سعينا إليك ..

وإن سعينا بترَ البعضُ محاولتَنا للقائك .. فتصفعُني بسماعة هاتفك وتقول :

-        أنا أنتظركم منذ دهرٍ بأكمله ..

ثم تعودُ هادئاً وادعاً كطفل صغير لتقولَ لي :

-        أنا أحبكم .. أريد أن أراكم .. أن أسمعَ أصواتَكم .. أريد أن أقرأ على مسامعكم قصائدي الأخيرة ..

وتصرُّ على أنها الأخيرةَ عند مقاطعتي لك .. وتضحكُ .. كانت فكرةُ الموت دوماً تضحكُك .. فتدفعُنا إلى حالة من الرعب اللامرئي ..

واقتحمنا وحدتَك على حين غرة ..

وعلى مقربة من نافذتك المشرعة للريح والمطر والغبار .. ومعقلِ الديك الذي يصر على النوم في أعلى الشجرة ..   بعثرنا أوراقَ مجموعتِك الأخيرة ظافر وأكرم وأنا وجمعناها سوية ..

وعلى أطراف سريرك في آخر مشفى زرتَه كي تعودَ منه على قدميك .. كتبتَ أرقامَ هواتف .. وكنتَ تطلبُ مني أرقاماً أخرى .. وأنا أؤكدُ لك أنني سأخبرهم جميعاً أن يأتوا إليك .. وتذكرَ لي أسماء لا ترد .. فأبرر بعضَ تقصيرِهم :

-        لهم ظروفهم يا صديقي ..

واطمئنُك من جديد :

-        لا زالت الدنيا بخير .. إنكَ في سويداء القلب منهم ..

ولم تعترض لأنك كنت تثقُ بي وبهم ..

وأغمضتَ عينَك وهم قريبون من قلب جاور الرئةَ المتعبةَ .. لكنه أعلنَ عن رغبته بالتوقف أخيراً بعد أن أجهدتَه بفرط مودتك .. توقف دون أن يذعنَ لمشيئتك ..

ومات حسين .. وحلقت قصائدُه .. لأن القصائدَ التي يكتبُها شعراءٌ صديقون لا ترحلْ ..

تصعدُ روحُ الخلق إلى باريها ، وتبقى روحُ الشعر في عليائها ..

وصارتْ قصائدُ حسين تؤرقُني أكثر .. لأنني صرتُ أفتشُ فيها عن تألق غاب عني .. فذهلتُ وأنا أرى كيف صرتُ أقرأُ حسين بشكل أفضل .. أفتشُ في ثنايا حروفه ..فأحسُه أطولَ قامةٍ مما كان ومما تصورت ..

القامةُ يصنعُها المجدُ ، والمجدُ حروفٌ ، والحروفُ يسكنها قلبٌ يعجنُها بالدم والتعب لتصيرَ كلماتٍ جذلى .. أولها وطنٌ وآخرها وطنٌ وأوسطها أرضٌ مشبعةٌ بعرق السنين ..

نعم .. فحسينُ قامةٌ ووطنٌ وعرقُ سنين ..

وحسين قصيدةٌ كتبها الزمان وأعلن في نهاية المطافِ أنه خط ملحمةً داميةَ الحرف واسعةَ الطيف ..

وحسينُ ورقةُ شجرةٍ عميقٌ جذرُها ، داعبتْها الريحُ فلم تأبهْ ، عربدتْ وصبتْ جامَ غضبِها عليها ، فقاومتْ .. نحلَ عودُها ودبَّ الإصفرارُ في نسغها .. ثم رفعتَها يدٌ خفيةٌ إلى أعلى .. فهللتْ رفيقاتهُا لانتصارها ، زغردن لها وهن يرينَها تسمو نحو آفاق خلقتْ لأجلها .. وسخرنَ من ريحٍ استكانتْ أخيراً وتعلمتْ من تجربتها ..

لقد سمتْ ورقةٌ اسمُها حسين هاشم إلى مكان لن تطاله الريحُ ، مكانٍ يطالُ النجومَ ويعكسُ صفحةَ الشمس ، فتسطعُ وجوهٌ وتشرئبُ وجوهٌ ، وتعلنُ كلُّها : هو ذا وجهٌ آخرُ من المجد قادمٌ .. قادمٌ كي يشيرَ إلى دروب خلود أخرى قادمة ..

حسين لن أقول وداعاً لك أيها الشاعر والحالم القابضُ على الألم  .. لأنك باقٍ بيننا ..

ولن أقبلَ البكاءَ على صاحب قامة مديدة لم ترضخْ للصفع يوماً .. لأنني سأحافظُ عليك ،  بقصائدك .. بكلماتك .. بنقائك .. بسمرتك .. بضحكتك .. بغضون وجهك .. بخشونة يديك .. بنبرة الشعر في صوتك .. بثورتك التي لا تهدأُ إلا مع صوت وإطلالة وعتب محب أو صديق ..

حسينٌ أنت منا ونحن منك .. وعلى درب نقائِك سائرون ..

     محمد عزوز

  سلمية 22/12/2008

القصائدُ تفترشُ المداخلَ الموحشةَ إلى الصباحِ وغرفَ الانتظار ..

البيوتُ البعيدةُ تكنس عن عتباتها خطواتِنا المستعجِلة ..

الوصايا تغورُ في أرواحنا ..لترفعَ فوق أديمِ البراري : شاهدة..

 أبا حسان :

من دموعٍ على وجه (وضّاحك)*، نعرف، يا صديقي، أن الليلة ما مرّت بخير..

سَدلتْ جفونَك نائباتُ الليالي ..فاسترحتَ من السهر..

يا أيّها المسجّى بالكلماتِ الحزينةِ، والأحرفِ المتعبةِ، والأحلامِ التي لا تُطال..

رئةُ العالم ما اتسعت لزفيرك، وما أسعفَتْكَ لوضعِ توقيعِكَ الأخير بأسفلِ النهار....

أيّها الوحيد/الوحيدُ جدا ..

....

..

وفي الوقتِ الذي كنتُ فيه أعيدُ ترتيبَ الكلام، كي أفهمَ خبرَ موتِكَ المباغِت..

كنتَ تنهضُ من بين أحاديثنا النائمة ...ثم توقظُها ..

ترفعُ قامتَك الطويلةَ، وتمدُّ ذراعَك ناشرا ما تبقى من صفحاتِ الليل المبتلِّ فوقَ وجومي..

تعيدُ فنجانَ القهوةِ الباردةِ إلى شرايين شوقك الدافئ..

القصائدَ النازفةَ إلى وجيبها المنتظِر..

الأصدقاءَ الطيببن إلى بلاط جنَّتك الضائعةْ ..

وتُشعلُ لفافةً أخرى ـ " لفافةً حمّلوها أخطاءهم " ـ وتبتسمُ لي بمحبة عارمة ..

فألوذُ بذاكرتي...ألوذُ، مصغيا لهاتفِكَ الأخير:

(هانيبال ..تعالَ ..أنتظركَ أمامَ بابِ المشفى الوطني

لا تتأخر ..أنا متعبٌ ...ولدي ما أعطيكَ إياه ..)

....

وفي الوقت الذي كان فيه الأصدقاءُ يتواعدون للقاءِ أمامَ بابِ حديقةٍ، أو نصبٍ تذكاريٍّ أو لوحةٍ في متحفْ...في مقهى، أو مسرح، أو حتّى في (كراج) ...كنتَ تدعوني للقائكَ أمام باب المشفى ..

كنقطةِ علّامٍ لن أتوهَ عنها...

نقطةٍ أستدلُّ إليها بسعالك،بصدقتنا المتأخرة، وقلبِكَ الطيب/المضيء رغم موتك ..

كنتَ متعبا من الوقوفِ، من المرض اللعين, ذلك الذي هتك أحشاءك، وأتلفَ خلايا الحياةِ بلا رحمةٍ، ناهشا على مضضٍ بقايا اتقادِك، ضاربا بقلوبنا عرضَ الفجيعة..

 كنتَ تقف وفي يديك أكوامٌ من الصورِ الشعاعيّةِ الغبيّة، نتائجُ التحاليل والذكرياتُ المقيتة ..

جميعها بلا جدوى ..جميعنا بلا جدوى

....

وفي الوقتِ الذي كنتُ فيه أنحنى كي تمرَّ رياح موتك الثقيل ..

كانتْ أصواتُ الأولادِ المبتهجينَ بالعيدِ تملأ الأحياءَ والحقولْ..

كان الأقرباءُ يطرقونَ الأبوابَ ..

الأصدقاءُ يتبادلونَ التهنئاتْ ..

العشاقُ يقيمونَ أعيادا صغيرةً في الخفاءْ..

والسماءُ.. السماءُ بكلِّ حزنٍ وحُبِّ  تعصرُ الغمامَ فوقَ أشجارِ الزيتونِ في حقلكَ البعيدْ ..

ـ (هانيبال : لم يكن الموسمُ جيدا هذا العام ..فالأشجارُ لم تحمِلْ كما ينبغي..وأنا لم أعتنِ بها كما يجبْ .بسببِ مرضي اللعين ..

ما رأيكَ أن تجمعَ الأصدقاءَ وتأتوا لمساعدتي في قطافِها ..؟)

ـ المواسمُ ثكلى يا صديقي..

الوطنُ يتيمٌ، ويرتجف من البرد، في زاوية قيدوه إليها ..

تقاسموا إرثَه... وتركوا لنا الرثاءَ والبحرَ كي نشربهْ ..

الطينُ عاقر،  ينتعل أصواتنا ..ثم يخلعها أمام المقبرة..

وهناك ..هناك يا صديقي

فوقَ التلَّة، يجلسُ الشعرُ وحيدا على سحابة واطئة،

يراقبُ الجنازةَ المبتعدةَ بجسدِك في المطرْ..

....

......

وفي الوقتِ الذي كنتُ فيه أجمعُ الكثيرَ من مُزقِ المعاني والصور، كي أسُدَّ بها  فجوةً تركها نبأ موتِك في الروح..

كانَ صوتُكَ يعبرُ المكانَ كسربِ قطا، وسعالُكَ الصيادُ يقظانا ...فنحتمي منه ببعضِ الصمتِ والشتائمْ ..

كانتْ كوّةُ الجدارِ الشمالي تنصتُ للريحْ، فيلفحُ الصقيعُ قلوبَنا وعجزَنا ..

كانت وسادتُكَ تعبقُ بالأحلامِ واللهفةِ..

بيتكُ يذرفُ ما تبقى مِن الصبحِ على المصطبةْ..

(ديكُ الحديقة) ينزوي بين أناشيدِكَ العاليةْ.. كي ينام ..

وأحجارُ (فريتان)* تستعدُّ لتشييدِ قبرِك على تخومِ البعيد..على تخومِ القصيدة ..

 أريدُ أن أصرخ في الليل..

في الليل يا صديقي ..

حين تنفردُ بي وجوهُ من أُحب،

وهي تقطرُ دماً وإثماً ..

لا أريد من أحدٍ أن يسقني ماءً..

أو يمدَّني بالدعاءْ..

بل أريد أن أُعلَّق كالأنبياء والخونة،

من شراييني المقطعة، وجلدي المتورِّم، في الصباح ...

.. البعضُ يقذفني باللعنات والشتائم،

والبعضُ بالدموع والشَّفقة...!

في الحلم، يا صديقي، سيكون الموت أكثر إيلاماً..

فبعدَ كلِّ هذا، لن نموتْ ..

*   **    *

أريد أن أصرخ الآن: (.....)

وأنا أعضُّ ثدي وسادتي مِن الحنين..

وأنا أمدُّ يدي.....

فتسحبني جنيةٌ قبيحةٌ، لتلقي بي بعيدا.. بعيدا..

خلفَ تلك التلالِ الجرداء،

والجثثِ التي كانت أحبائي ..

أريد أن أصرخ، وأنا أبكي..

أبكي من الرعبِ والرغبةْ أمامَ موتين/

موتينِ دافئين في قصيدةٍ قارسةْ ..

 *  **   *

(فليوقظه أحدكم،

 أو يأته بمبضع )

الله يتساءل ..

ولا أحدٌ يجيب ..

الله له أولادٌ أيضا، وذاكرة ..

وأخوةٌ يتسابقون إلى الحقل ..

... ... .

الحقلُ مقفِرٌ يا صديقي ..

والله ...

الله .. كم يشبهنا ..
(هانيبال عزّوز، ك1 2008 )

محمد عزوز - سلمية

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية