قصة قصيرة

أوراق قدموسية 14 بقلم محمد عزوز

أوراق قدموسية 14 بقلم محمد عزوز

1470 مشاهدة

أوراق قدموسية
(14 )
وقعة التين الله يعين

مثل أسمعه كثيراً ولا أكترث به، ورغم أن حوادث الوقوع من التين تكثر في موسمه، إلا أنني أنسى المثل وقتها، وأفكر في تفاصيل حادثة الوقوع ذاتها، وتلافي منعكساتها عندما وقعت أنا في طفولتي من أغصان التينة الزرقية في أرض ( صالحة ) لم أتذكر تفاصيل الوقوع، وجدت نفسي فجأة على الأرض، بينما كنت أحاول الوصول إلى ثمراتها الأكثر حلاوة في الأعالي .
فقدت الوعي للحظات، إذ صرت أتساءل أين أنا وماذا حدث معي؟ ثم عاد لي وعيي التام، تفقدت رأسي وجسدي، ولم أجد أي أثر لدم أو ندبة، كان هناك ألم محدد في جلدة رأسي لم أكترث له، صار يخف تدريجياً حتى انعدم ..
أمي هي الأخرى لم تسلم، هوى بها فرع التينة الغرزية في دوارة (المعمار ) وحملها والدي على ظهره عندما وجد عظم ساقها اليسرى يروح ويجيء، وكان واضحاً أن كسراً كبيراً أصابها. وتولى ذاك الشيخ الكبير تجبير ساقها بشد قطعة خشب عليها مع البيض والزيت. وشفيت أمي بعد أشهر، لكنها لا تزال تحس بالألم كلما طال سيرها وتعبت رجلها .
صديقي ( أبو علي ) كان يطلب الثمر هو الآخر من شجرة التين في داره، هوى فجأة وفقد وعيه تماماً، أسعفوه إلى المشفى، وظل أسابيع فاقداً للوعي، وشاع نبأ موته، وتهيأ أقرباؤه لمراسم الموت، لكن الرغبة في الحياة كانت أقوى من الجميع .
أفاق أبو علي، وصار يتحدث بلهجة عرفوا أنها مغربية، وتذكرت زوجه اللهجة، ولكنها لم تكن تستطيع ترجمة تفاصيلها، فاستعانوا بأحد رفاقه في الإعارة للتدريس في المغرب، لينقل لهم طلباته، وكان الأمر اشبه بالهذيان، وشيئاً فشيئاً عاد أبو علي إلى طبيعته .
عاد إلى حياته العملية، عاد محاضراً في العمل البيئي، وهو يضحك من حادثة موته المؤقت، ويرفع كتفيه معلناً جهله بالكثير الكثير من تفاصيل وقوعه .

محمد عزوز
قدموس 2012/1/19

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية