قصة قصيرة

أوراق قدموسية 17 محمد عزوز

أوراق قدموسية 17 محمد عزوز

1454 مشاهدة

أوراق قدموسية
( 17 )
 
حصر .. يا حصر

عندما ألحت عليه الوالدة أن يشتري لها حصيراً جديدة بدل الحصير التالفة .. طلب التريث لحين مرور بائع الحصر الجوال في البلدة ..
قبلت اقتراحه على مضض، لكن بائع الحصر تأخر .. فعادت تلح من جديد ..
لم يجبها ، ترك الوالد - الذي كان يشهد له بروح النكتة والطرافة - البيت وخرج إلى السوق، غاب ساعة أو أكثر، وفي طريق عودته خطرت له الفكرة ..
نادى بصوت قوي مغاير لصوته المعهود :
-
 حصر .. حصر .. ياالله يا حصر ..
واختبأ في خرابة مجاورة ..
سمعت أم محمد الصوت، تركت ( خضة ) اللبن من يدها واتجهت صوبه، انتظرت أن تسمع صوتاً آخر .. دون جدوى ..
سألت جارات لها إن كن رأين بائع الحصر، فأجبن بالنفي :
 -
سمعنا الصوت فقط ..
عادت خائبة، ولم تكد تصل البيت حتى جاءها الصوت من جديد :
-
 حصر يا حصر ..
هرعت إلى الزاروب، نادت البائع وما من مجيب ..
وتتالت النداءات وهي تلهث منهكة في هذا الإتجاه أو ذاك ..
أشفق عليها أخيراً فدخل إلى البيت وهو ينادي :
-
 حصر يا حصر ..
لم تعد قادرة على الضحك بعد كل ذاك التعب، فأجهشت بالبكاء ..
أحس بالندم، لأنه لم يكن يريد للأمور أن تصل إلى هذا الحد، حاول أن يستسمح منها فضحكت، وتماهى ضحكها مع بكائها .. وكلفته هذه المزحة ذات العيار الثقيل ثمن حصير جديدة اضطر لشرائها حالاً من سوق البلدة ..

محمد عزوز

مشهد من السيرة الذاتية ( أنا والقدموس ذاكرة فقر ومواجع ) برسم الطبع .

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية