أوراق قدموسية
(41)
تطير.. وتطير
- اليوم شفت الصاروخ ..!!
وخفق قلبي بشدة ، وسبقني خوفي إلى لساني :
- صاروخ شو ..؟
- ليش أنا ما حكيت لك عن الصاروخ ولا مرة ..؟
- لا .. أبداً
وكان الصاروخ في نظرها ، ذلك الدخان الأبيض الذي ترسله
طائرة ما خلفها في الأعالي .
اطمأن قلبي وهدأت أساريري ، وابتسمت في داخلي ،
وتركتها تتكلم :
- أكيد عم تضحك .. موهيك ..؟
- لا .. ليش بدي اضحك ..؟
وانفلت عقال كلامها ، لتعلن بكل جلاء ، أنها تتفاءل
بهذا المنظر ، وتحس بنفسها تطير .. وتطير هناك في الأعالي .. واستطردتْ لتعلمني
أنها في سني طفولتها أعلمت رفيقاتها بإحساسها ، فضحكن منها ، و صرن إذا رأين هذا
المنظر نادينها أو نبهنها إليه ، وهن يبتسمن خفية عنها .. بينما تبدأ هي طقسها
الإحتفالي ، تفرح ، وتعلن لمن يجاورها أنها تحس بشيء يرفعها لتطير وتطير ..
تركتها تتكلم وتتكلم ، وأنا صامت لا أنبس .. ، تنبهتْ
لصمتي فسألتني عن السبب :
- إنما أحببت أن أسمعك حتى النهاية ..
- نهاية شو ..؟
- نهاية حكايتك مع الصاروخ ..
- حكايتي ليس لها نهاية .. هل ستنتظر كل ذاك الوقت معي
..؟
وصمتُ ، وأنا أشهد فصول الحكاية في كلامها ، فصول بدت
فيها بهية منطلقة كما يشهد لها كل من يعرفها .
في اليوم التالي ، وقبل أن تعود إلى حكايتها ، حاولت
أن أراقب السماء ، مرت طائرة ، ثم أخرى ، ولم يكن وراء أي منهما ذاك الخط الأبيض
الذي أسمته ( طلة
) صاروخاً .
اكمد وجهي ، وتلبسني الضيق ، انتظرت ملياً ، وأخذت
أراقب السماء بين الفينة والأخرى ، وأحاول جاهداً أن أفسر ذاك الإحساس الذي تملكته
( طلة).
في حلم تلك الليلة ، رأيت ( طلة ) تطير وتعلو ،تحاول
أن تقطف النجوم بيديها ، وتفلح في لم بعضها إلى صدرها ، تفلت نجمة من يديها ،
فتسرع لتقطف واحدة أخرى ، وتشع نجومها أكثر ، فتصفو الدروب .. وتصير دروب الأفق جلية ، واضحة
المعالم .
بقلم: محمد عزوز
التعليقات