المــســرح الجــهــوي بـسيـدي بـلعبــاس
"عبد القادر جريو" في نص " بـيــبو ومـديــنـة الأحـــلام"
فـي أول تـجـربـة إخــراج لـصــالــح الــطفــولــة
من المميز جدا إعادة النظر في مسرح الطفل ، ذلك المصطلح الذي أسال الحبر الكثير واستوقف العديد من الباحثين ، واللافت للنظر وجود فئة جد شابة تعنى بهذا النوع من المسرح والعمل على إرساء ضوابط ثابتة لهذا الحقل الفني الذي ليس بالهين .
في هذا كانت لنا فرصة التقرب من الشاب " عبد القادر جريو" الممثل المحترف الذي عانق الخشبة في العديد من العروض المسرحية التي صقلت موهبته ومكنته من الاحتكاك بالعديد من الوجوه المسرحية ، نذكر من تلكم الأعمال " غبرة الفهامة " ، " في انتظار غودو" ، " فالصو" ، " نون" أين تألق في تقمصه للعديد من الأدوار التي قربته من عشاق الركح ، وجعلته يمضي قدما لصقل ميولاته.
الأمر الذي لم يمنعه مؤخرا من العمل على نص مسرحي والمفاجئ فيه أنه عرض مسرحي لصالح فئة البراءة التي رأى حسب تصريحاته أنه لابد من الالتفاتة الفعلية لتلكم الفئة والعمل الجاد على توجيه اهتماماتها بخاصة الأجيال الحالية التي تملك من الذكاء والامتيازات ما يجعلها فئة مميزة لابد من لملمة شتاتها ورص الأسس المتينة لتلبية احتياجاتها لاسيما الفنية منها.
العرض المسرحي الذي يحمل عنوان " بيبو ومدينة الأحلام " عمل على نصه قرابة السنتين مع مؤلفه " مراد سنوسي" في محاولة المساس بجوهر كل كلمة والعمل على تبسيط اللغة تماشيا ومتطلبات العصر، في هذا صرح لنا ذات المتحدث أن تجربة الإخراج المسرحي لصالح الطفل تولدت نتيجة دراسته الجامعية أين تبلورت لديه الفكرة جراء مذكرة التخرج التي حملت عنوان " توظيف الحكاية في مسرح الطفل " أين رأى أنه من الضروري بعث الفكرة لفئة ماتزال مهمشة مع التركيز على عنصر المفاجأة والمغامرة لحمل الطفل على التفاعل والمشاركة في العمل المسرحي بعفوية مطلقة .
العرض الذي مدته 01 ساعة كاملة توزعت أدواره على كوكبة من الممثلين فيهم المحترفين وفيهم من كانت له مشاركات على مستوى جمعيات مسرحية مختلفة ، يتقاسم أدوار العرض المسرحي كل من " جناتي سعاد " ، " سهلي أحمد" ، " بوسهلة هشام" ، مع كل من " لكروت موسى " ، " لكروت موسى" ، " " جوزي ياسمين " ، " جلوت شهرة " ، " لصفر بخالد" هذا الأخير ممثل ومساعد مخرج في العرض المسرحي ، مع تسجيل مشاركة كل من الراقصين :" بن عبد الله محمد " ، " هنان علي" ، " شعيب إبراهيم " ، " زاحم مصطفى " وقد ركز "عبد القادر جريو" في عمله الإخراجي على قاعدة الاحترافية أين تعامل مع كل الممثلين والطاقم الفني بشكل احترافي مانحا لهم بخاصة الممثلين كل ما منح له في فترة بداياته الأولى في الحقل المسرحي مؤكدا على ضرورة السمو إلى مستوى الطفل الذي تحكمه العديد مكن الميزات في مقدمتها الذكاء كما ركز في عمله على أسلوب الانجذابية والتأثر الذي يميز الطفل ، قد تم العمل على العرض المسرحي في فضاء محترف مدة شهرين كاملين مع توفير المناخ الملائم لعطاء الممثلين أين أكد ذات المتحدث أن في العرض ركز على الجانب البسيكولوجي الذي يحكم الطفل كقاعدة أساسية بالإضافة إلى العمل على تنشيط الأجواء ومنح فسحة للتأمل وأسلوب الرقي بالفعل الفني بخاصة وأن الإسقاطات الإخراجية تماشت وتواكبت مع عصر المعلوماتية فطفل الألفية الثالثة ليس طفل عقود مضت لذا لزم التواصل مع تلكم الشريحة بأسلوب متحضر وكله احترافية والتركيز على عنصر الفرجة المضمونة بإشراك الطفل في العملية الإبداعية بشكل تلقائي وكله احترافية وهذا ماتم الـتركيز عليه فـــي كــوريغــرافيــا
" سليمان حابس" وسينوغرافيا " حمزة جاب الله" وملابس" قادري نصيرة" التي تنم عن ذوق تأثيري وداع للتأمل.
إن عرض " بيبو ومدينة الأحلام " رحلة في عالم الفرجة والمغامرة بخاصة على لسان الحيوان كما حدث في التراث العربي مع "ابن المقفع " في سلسلة " كليلة ودمنة" ، ومع " بيبو" عنصر المفاجأة مضمون بخاصة في رحلة البحث عن المصير والعودة الى الأصل منبع الوجود لتحقيق الآفاق والمساس بجوهر الأمور.
وعليه ، فان عرض " بيبو ومدينة الأحلام " سيرى النور الأسبوع المقبل في عمل احترافي من الممكن جدا أن يحدث الفارق بخاصة بعد تهميش تلكم الفئة وحسب الشاب
" عبد القادر جريو " فان أمله قائم في العمل مستقبلا على عروض ذات نص يتلائم وطموحات تلكم الفئة ، ولما لا العمل مع كوكبة من الأطفال على نص مستقبلي من شأنه أن يفتح الآفاق للرقي بمسرح الطفل الذي بات لزاما رص الأسس الأولية له بعيدا عن التقليد الأعمى وعن الأساليب المبتذلة ذات الأفق الضيق والهدف المبني على المصالح الشخصية حتى يستيقظ الطفل البريء الساكن بأعماق كل فرد فينا ليعانق الوجود بكل صفاء وينقش صفحة للأمل والسمو بالذات المبدعة لا الهدامة.
عباسية مدوني – سيدي بلعباس- الجزائر
التعليقات