أخبار الهيئة العربية للمسرح

إسماعيل عبدالله  نعاني من أزمة مخرجين

إسماعيل عبدالله نعاني من أزمة مخرجين

873 مشاهدة

 إسماعيل عبدالله  نعاني من أزمة مخرجين  وقادرون على إحداث التغيير واستعادة الدور التنويري والتوعوي

 سمية أحمد

المصدر: موقع الخشبة

رجل مسرح من طراز خاص، لم يترك أيًا من روافد المسرح إلا وكان ضلعًا مهمًا وأساسيًا فيه، فعمل مخرجًا ومؤلفًا وممثلًا ومفكرًا مسرحيًّا، شارك في العديد من المشروعات المسرحية

سواء في الإمارات أو غيرها من البلدان العربية، تقلد العديد من المناصب، وحصد العديد من الجوائز في التأليف المسرحي، وتخطت أعماله الـ30 عملًا مسرحيًا إضافة إلى تأسيس العديد من الفرق المسرحية، ما أسهم بشكل كبير في تغيير الحراك المسرحي في مصر والوطن العربي، والتي كان آخرها انطلاق 7 مهرجانات مسرحية في 7 دول عربية، ويعد الآن للدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي، والتي ستنطلق من القاهرة في بداية العشرية الثانية من عمر الهيئة، إنه إسماعيل عبدالله، الأمين العام للهيئة العربية للمسرح،  لمعرفة كل تفاصيل هذه الدورة ووضع المسرح في الوطن العربي.

إسماعيل عبدالله رئيس

■ ما أهم ملامح الدورة الحادية عشرة من المهرجان العربي للمسرح؟

– الدورة الحادية عشرة من المهرجان العربي للمسرح ستقام في العاشر من يناير المقبل، ونهدف إلى أن تكون هذه الدورة فاصلة ومختلفة والتي ينتظرها جميع المسرحيين العرب، ونعول عليها كثيرًا، لأنها تُعتبر تدشينًا للعشرية الجديدة من عمر المهرجان والهيئة، فكما كانت الانطلاقة الأولى من مصر، ستكون أيضًا بداية العشرية الجديدة من مصر، وقد تم عقد عدة لقاءات سواء مع اللجنة العليا للمهرجان، والتي شكلتها الدكتور إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، وتطرقت الاجتماعات لمناقشة أهم سمات الدورة الجديدة بدءًا من المسارح التي سيتم استخدامها لعروض المهرجان، كل تفاصيل البرنامج المتوقع للمهرجان، وقد التقينا الدكتورة إيناس عبدالدايم في شهر أبريل الماضي، وشعرنا بمدى الانفتاح والوعي الكبير لديها ودعمها الكبير للمسرح، وإصرارها على أن تكون هذه الدورة متميزة، وهذا ما يدعو إلى التفاؤل إلى حد كبير، وأن هذه الدورة ستكون بالتأكيد مختلفة ومتميزة، حيث وعدت بوضع كل إمكانيات وزارة الثقافة للمهرجان، وستعمل على تذليل كل الصعوبات لتيسير عمل هذه الدورة من المهرجان، وبالفعل أصدرت قرارًا بتشكيل اللجنة العليا للمهرجان، والتي تضمنت مجموعة من القامات المسرحية ورؤساء القطاعات بوزارة الثقافة المصرية، ومنهم المخرج خالد جلال، رئيس قطاع شئون الإنتاج الثقافي، ومجدي صابر، رئيس دار الأوبرا المصرية، وسامح مهران، والمخرج عصام السيد، وإسماعيل مختار، رئيس البيت الفنى للمسرح، هذا بالإضافة إلى وجود أعضاء من الهيئة العليا للمهرجان العربي للمسرح.

■ ما رؤية الهيئة العربية للمسرح في الدورة الحادية عشرة ولماذا تم اختيار الاشتباك مع الموروث الثقافي في مسابقة التأليف المسرحي على سبيل المثال؟

– أعتقد أنه بالنسبة لموضوع الاشتباك مع الموروث الثقافى يفضل أن تكون العروض المشاركة في هذا الاتجاه، ولكن لا يمكننا فرضه بشكل صارم، ولكننا نسعى دائمًا في البحث عن الجديد لتطوير مسيرة المهرجان، ولو تواجدت عروض مسرحية ضمن هذا الإطار بالتأكيد ستكون حاضرة في هذه الدورة.

■ ما الجديد الذي ستقدمه الندوات الفكرية في الدورة الحادية عشرة من عمر المهرجان؟

– ستتناول الندوات الفكرية في هذا العام حول موضوع «نقد التجربة.. همزة وصل» في محاولة لتأريخ المسرح المصري في رؤية نقدية، حيث يشير البعض إلى أنه لا يوجد تأريخ مسرحي بشكل حقيقي للحركة المسرحية في مصر، فنحن نحاول لتأريخ التجربة المصرية في المسرح وفقًا لهذا البُعد النقدي، ولن تقتصر الندوة على جزء واحد، وسنقوم بتدشين هذا المشروع من خلال هذه الندوات، وبالتأكيد لن ينتهي المشروع في أيام المهرجان وسيتم عقد لقاءات فكرية بعد المهرجان حتى يتم الانتهاء من مشروع نقد مسارات المسرح المصري.

■ هل سيتم تكليف أشخاص بعينهم للعمل على تلك البحوث؟

– لا، لن يكون هناك أي تكليف لأي شخص بالعمل على البحوث بشكل مباشر، ولكن سيتم طرح هذا للتسابق، أملًا في استقطاب أسماء جديدة، وتقديم مساهمات العناصر الشابة، وستناط باللجنة العملية مهمة انتقاء هذه البحوث، والتي تتضمن مجموعة كبيرة، مثل: سامح مهران، أسامة أبوطالب، سيد إسماعيل، حسن عطية، عمرو دوارة، ونبيل بهجت، مهمتها انتقاء تلك البحوث، لعدم الوقوع في فخ إعادة إنتاج ما سبق، وكانت لدينا تجربة سابقة في الدورة العاشرة والتي أقيمت في تونس، والتي أفرزت أسماء جديدة لم نكن نسمع عنها من قبل، ما أسهم بشكل كبير في وجود علامات فارقة في نوعية ومنهجية البحوث التي قدمت، وهذا ما نطمح تحقيقه أيضًا في هذه الدورة.

■ لماذا لا نرى النصوص المسرحية التي فازت على مدار السنوات الماضية بجائزة الهيئة العربية للمسرح مجسدًا كعرض مسرحي على أحد المسارح؟

– هذه مشكلة كسل من المخرجين بالأساس، نحن اليوم صدقنا شماعة وكذبة كبير تم إطلاقها في فترة من الفترات وللأسف ما زلنا نعيش فيها، وهي أن أزمة نص في المسرح العربي، وهذه كذبة كبيرة! فنحن ليس لدينا أزمة في الكُتاب، ولكننا بصدد أزمة كبرى في المخرجين على مستوى الوطن العربي، وليست أزمة نص، فإذا نظرنا على عدد المسابقات التي تتم في الوطن العربي والتي يتقدم لها مئات الأعمال المسرحية، فمن الذي يقرأها، ومن الذي يتابعها، لا أحد، فالأزمة الحقيقة هي أزمة مخرج وأزمة بحث، فهناك كتابات شابة في الوطن العربي غير عادية، وأنا أدعي ذلك أن هذه النصوص لا يبحث عنها ولا يقرأها أحد، فالجهات التي تنظم مسابقات ليس منوطًا بها إنتاجها، بل هي فقط ترفد الساحة المسرحية بالنصوص المسرحية.

■ نحن اليوم يصلنا في الهيئة العربية من ٤٠٠ إلى ٥٠٠ نص مسرحي بين مسابقتي الكبار والصغار.. ألا يعقل أن يكون ضمنها ٥ نصوص جيدة؟!

– لكن من باب الإنصاف، فإنه يجري التفات بعض المخرجين إلى هذه النصوص، وفي هذا العام فقط هناك خمسة نصوص من إصدارات الهيئة تقدم في مختلف مهرجانات الأردن، على سبيل المثال.

■ لماذا لا تصل إصدارات الهيئة العربية للمسرح إلى مصر على سبيل المثال على الرغم من احتوائها على مجموعة كبيرة من الكتب والدراسات النقدية المهمة؟

– بلا شك أن هناك مشكلة وأزمة حقيقية في التوزيع، لكننا نسعى لإيصال هذه الإصدارات لتكون متاحة، فقط قمنا بطباعة ١٠ آلاف نسخة ليتم توزيعها لطلبة المعاهد والجامعات المتخصصة، هذا بالإضافة إلى تزويد المكتبات الخاصة بتلك الأماكن، ولم يتواصل أي شخص أو هيئة معنا للحصول على النصوص المسرحية الخاصة للهيئة العربية، إلا ولبينا طلبه، ولو حدث عكس هذا فأنا مستعد للمحاكمة، فعلى العكس نحن نلبي جميع الطلبات التي ترد إلينا سوءًا عبر الإيميل، وهناك أحد المسرحيين التونسيين كان يقوم بالتدريب المسرحي بإحدى المدارس في منطقة نائية في تونس، وعندما قامت إدارة المدرسة بمخاطبتنا لتزويدها بإصدارات الهيئة قمنا على الفور بشحن جميع الإصدارات إليها، فنحن لا نتردد أو نتأخر في إرسال أي إصدارات تابعة للهيئة.

عروض وجوائز

■ كم عدد العروض المقدمة لدورة هذا العام؟

– لم يتم تحديد عدد العروض حتى الآن، لأن باب التقديم ما زال مفتوحًا حتى شهر نوفمبر المقبل، فنحن في هذه الدورة نبحث عن التنوع والإضافة، فهناك مساران في المهرجان، أولًا مسار الجائزة الكبرى، وهي جائزة أفضل عرض مسرحي على مستوى العروض والتي تنطبق عليها شرط رئيسي أن يكون النص عربيًا وباللغة العربية، والمسار الثاني هي عروض المهرجان، والتي لا ينطبق عليها تلك الشروط، والمسار الثالث هي العروض المصرية وسوف يتم انتقاء أهم ٥ عروض وإعادة عرضها خلال أيام المهرجان، وهي خارج المسابقة، ولأن مصر لديها إنتاج غزير من العروض ويتوفر لديها البنية التحتية بكل الأقاليم، فسيتم نقل بعض العروض لتلك الأقاليم لإحياء كل تلك المناطق، ليكون المهرجان في هذا العام احتفالًا بالمسرح بشتى ربوع الجمهورية من محافظات وأقاليم، كما أنه سيتم دعم العروض الموجودة في الأقاليم، وأن هذه الفكرة وجدت دعمًا كبيرًا من الدكتورة إيناس عبدالدايم، كما ستقوم العروض العربية المشاركة بتقديم عروضها في المحافظات المختلفة، بحيث يتم عرضها أكثر من مرة خلال أيام المهرجان، ولن يقتصر على المسابقة الرسمية أو العرض في القاهرة، وهذا هو الجديد في هذه الدورة وذلك لإحياء كل الأقاليم.

■ هل ستتم مراعاة وجود نماذج شابة بداخل تلك اللجان؟

– أود أن أقول هنا إن الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية والتي وضعتها الهيئة العربية للمسرح وتم اعتمادها من قبل وزراء الثقافة العرب، أن ٧٠٪ من مشاريعها موجهة للشباب، فعلى مدار دورات المهرجان العربي للمسرح ستجد أن أغلب العروض المشاركة هي عروض شبابية، من فازوا بالجائزة من الشباب، وبالتالي هناك حضور كبير للشباب، ولم تغلق الأبواب أمامهم، فالأبواب جميعها مفتوحة أمامهم للتعبير عن أنفسهم لتحقيق التغيير، فلن نظل ثابتين فى مكان واحد، ولكن من غير المقبول أن يتم اغتيال الأب أو الموروث الثقافي، وهذا القطع يضرنا كثيرًا، فالصراع بين الأجيال شيء طبيعي، ولكن القطع بينهما هو أساس مشكلتنا نحن كعرب، فعلى الشباب أن يأخذوا من التجارب السابقة وينشغلوا عليه، وهذا ما نهدف إليه في الهيئة العربية للمسرح، فهناك تلاميذ كثيرون تفوقوا على أساتذتهم، فبالتأكيد اليوم أنه لن يكون هناك أحد من هذه الأجيال على أن يزاحمك فى الوصول، ويجب أن تثبت نفسك بالاعتراف بالجميل لهذا الأستاذ، فلا بد من وجود هذا التماهي الإنساني، ولأن الأساتذة دائمًا ما يفخرون بتلاميذهم، لأنهم ساهموا بشكل كبير في تأسيسهم.

■ كم رصدت الهيئة العربية للمسرح لميزانية الدورة الحادية عشرة؟

– سيكون هناك تعاون بين مصر والهيئة العربية للمسرح في إخراج المهرجان، لكننا لا نستطيع أن نحدد مبالغ محددة، لأنها تختلف من بلد إلى بلد، ومن مكان إلى مكان، وبالتأكيد سنعمل على خروج المهرجان بأفضل ما يمكن.

■ ماذا عن نشرة المهرجان وما الجديد فيها؟

– في كل دورة يتضمن المهرجان نشرة دورية يومية ويتراوح عدد صفحاتها ما بين ٢٤ و٣٦ صفحة لمدة ثمانية أيام، كما ستشهد نشرة المهرجان اتجاهات مختلفة، فلن تحتوي على أي مواد مجانية، أو إعلانات فستكون موجهة بالأساس للمهرجان وعروض المهرجان المقدمة، وسيتم التركيز فيها على كل تفاصيل المهرجان وفعالياته، كما سيتم تناول العروض المقدمة بشكل علمي، وذلك لأننا سنقوم بتكليف مجموعة من النقاد بقراءة هذه الأعمال قراءة جيدة، وبالتالي ستكون النشرة، والآن نحن بصدد في التعاون مع جريدة مسرحنا، وهي من إحدى أهم الخطوات المهمة والجديدة في المهرجان، وجاء التعاون لأسباب عدة ومنها لأنه لا يوجد إصدار شبيه بجريدة «مسرحنا» في الوطن العربي.

■ قامت الهيئة العربية للمسرح مؤخرًا بدعم عدد من المهرجانات بعدد من الدول.. ولماذا تم استثناء مصر من هذه الدول؟

– بالفعل الهيئة العربية للمسرح قامت بدعم ٧ مهرجانات مسرحية في ٧ دول، وجاء اختيار هذه الدول لافتقارها وجود مهرجان مسرحي قومي، أما مصر ففيها العديد من المهرجانات كالمهرجان القومي للمسرح، كما أن الهيئة العربية لديها اتفاقية تعاون بينها وبين المهرجان القاهرة للمسرحي التجريبي والمعاصر والذي نقوم فيه بدعم الورش المسرحية التي تقدم على هامش المهرجان، ومهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي، وأن هذا دورنا المنوطين به في الهيئة العربية للمسرح، وهو العمل على التدريب والتطوير، وأن الدعم المقدم للورش على مستوى الوطن العربي لا يتوقف أبدًا سواءً كانت على هامش المهرجانات أو ورش تعمل بشكل مستقل.

كما أن الهيئة تعمل على مشروع استراتيجية تطوير المسرح المدرسي ووضعنا خطة عشرية في إعادة المسرح المدرسي إلى الواجهة، ففي خلال عامين انتهينا من تأهيل ٧ آلاف مدرب على مستوى الوطن العربي، مطلوب من كل مدرب أن يقوم بتدريب ٢٥ أستاذًا للإشراف على المسرح بداخل المدارس.

وللأسف هذا البرنامج تم تطبيقه في معظم الدول العربية فيما عدا مصر على الرغم من توقيعنا اتفاقية مع وزارة التعليم في مصر، فإنه لم يتم تطبيقها حتى الآن، ولا نعرف السبب! فقد طرقنا كل الأبواب ونستمع إلى وعود لم ترتقِ إلى حيز التنفيذ، على الرغم من الانتهاء منها في معظم المدارس الفلسطينية، حيث نأمل في نهاية العام ٢٠١٩ إلى وصول عدد المدرسين المؤهلين لـ٧٥ ألف مدرس للإشراف على المسرح، كما نعمل على تصميم منهج للتدريس مع وزارة التربية والتعليم في الإمارات والذي يعمل عليه فريق من المتخصصين، آملين أن يتم تدريس المسرح في المدارس في العام المقبل.

■ على مدار ١٠ سنوات من عمر الهيئة العربية للمسرح هل ترى أنها حققت ما كانت تسعى إليه؟

– إلى حد كبير نعم، فقد حققت الهيئة العربية للمسرح الكثير من الأفكار التي أنشئت من أجلها، ففي البداية كانت هناك تنبؤات على فشل الهيئة في تحقيق أهدفها، نتيجة لسقوط بعض المشاريع العربية، ولكن هنا الأمر مختلف لأنه يقف وراءها رجل واعٍ ومثقف ومهتم بالمسرح، وليس لديه أي أجندات خاصة سوى أنه يريد أن يحقق هذا الحلم العربي، في أن تستعيد هذه الأمة وجودها وقوتها ومجدها من خلال مشروع ثقافي يعيد بناء الشخصية العربية، وهو ما عمل عليه الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد، وحاكم الشارقة، والرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، في مشروع قومي كبير جدًا، وبالتالي هذه المشاريع السامية تهدف إلى بناء الشخصية العربية، ومن ضمنها مشروع الهيئة العربية للمسرح، والذي التف حوله الجميع ووجده فيها طوق النجاة لدعم المسرح العربي، فأنا أتصور الآن بدأ المشروع بالفعل لا سيما في الخمس سنوات الأخيرة تحقق نتائج مبهرة.

المشهد المسرحي العربي

■ كيف ترى المشهد المسرحي العربي الآن من حيث الصراعات التي تشهدها البلدان العربية من حروب؟

– أنا دائمًا متفائل، والثقافة هي القادرة على إحداث هذا التغيير، وهذا الفارق، فاليوم الثقافة هي المصب الأساسي في مواجهة كل ما يحدث في المنطقة العربية، فحينما تؤمن الدول أن وزارة الثقافة هي وزارة أو مؤسسة سيادية نحن سنكون بخير، فعندما تراجعت الثقافة ووضعت أمامها كل المتاريس وصلنا إلى موصلنا إليهفى الوطن العربي! إعادة الاعتبار للثقافة ووضعها بأنها حجر الزاوية في التنمية هو الذي سيعيد إلينا مكانتنا كعرب، فمن غير الوعي لن يحدث الفارق، والوعي لا يأتي بدون ثقافة.

ففي فترة من الفترات وضعت أمام المسرح كل العراقيل والمتاريس، وأنا أعتقد أن الوضع قد تغير الآن، وأنه بدأ يستعيد عافيته، ولكنه يحتاج وقتًا حتى يتعافى بشكل جيد، فهذا لا يعنى أن المسرح قد تخلص من كل المشاكل والشوائب، والذي يحتاج التخلص من كل هذه الشوائب حتى يستعيد دوره التنموي والتوعوي والتنويري والتغيري أيضًا، فالمسرح قادر على إحداث التغير، فالمسرح كان يقول كلمته في أصعب الظروف، وكان يقول كلمته، حينما أغلقت أمامه جميع النوافذ ومنع عنه الماء والهواء، وأنا أتصور أن المسرح اليوم أمامه فرصة سانحة، وأن المؤسسات السياسية بدأت تدرك أخطاءها، وفتحت له الأبواب والنوافذ، فهناك صحوة ما في بعض الدول العربية، وبدأت في التنبه لوجود بعض الأفكار الظلامية، التي استغلت إغلاق النوافذ، وبدأت تعشش في وجدان البعض، فلا حل أمام تطور مجتمعاتنا إلا بالثقافة.

■ كيف ترى بعض التجارب العربية في المسرح لا سيما تجربة مركز الإبداع في مصر؟

– أنا أتصور أن تجربة مركز الإبداع في مصر تجربة فريدة جدًا من نوعها، حيث يقوم المخرج خالد جلال بتوفير كل أسباب النجاح غير العادي من خلال التأهيل والتدريب بشكل علمي، كما أن نوعية العروض التي تقدم مختلفة بشكل كبير، وأتمنى أن هذه التجربة أن تعمم في جميع الوطن العربى، لأن نتائجها مبهرة وتأثيراتها واضحة بشكل إيجابي، ويرأسها رجل عبقري وأنا أحترم عقليته وهذه الروح التي يعمل بها مع الشباب والجو العائلي الذي يضعهم فيه، وكيف ينتج إبداعًا من خلال هذه الورشة، فهو شخص مبدع، ومهتم بشكل كبير بهذه الطاقات الشبابية، وهو ما يدعو إلى التفاؤل والاطمئنان على وضع المسرح في مصر.

وإذ يحضر رئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسي لأحد عروض الشباب، ويتم تبنيه بقرار رئاسي لهؤلاء الشباب وإدراجهم بالبرنامج الرئاسي لإعداد الشباب فهذا يدعو إلى التفاؤل، إذ هناك فوهة أصبحت مفتوحة أمام الشباب.

وأعتقد أن تجربة مركز الإبداع تجربة يمكن التعويل عليها بشكل كبير في إعداد جيل مسرحي شاب سيحقق الفارق، وأتمنى أن تصدر هذه التجربة من مصر، كما صدرت مصر كل تجاربها السابقة في العصور السابقة، وساهمت في بناء الوعي العربي وآن الأوان أن تستعيد مصر دورها الريادي.

■ هل تنوي الهيئة العربية للمسرح تدشين مثل هذه التجربة «مركز الإبداع»؟

– نحن الآن في الهيئة ننحو نفس هذا الاتجاه، وقمنا بالاتفاق على تدشين ثلاثة مراكز فنون أدائية في موريتانيا وفلسطين واليمن، وسنسعى لتدشينها في الإمارات، وبالتأكيد سنستفيد من تجربة المخرج خالد جلال في إنشاء هذه المراكز كنموذج، والتي أظهرت نتائج م بهرة، فهذه التجربة وتبنيها أهم محفز لدى الشباب.