مهرجانات منوعة من العالم العربي

افتتاح المهرجان الأورومتوسطي لمسرح الشباب

افتتاح المهرجان الأورومتوسطي لمسرح الشباب

1437 مشاهدة

إنعاش .. الحرب والحصار في عرض كوريغرافي أبهر الحضور

 بالوجع الفلسطيني القديم / الجديد، وانطلاقا من عرض يحمل عنوان «إنعاش» وقّعه في الإخراج فادي الغول عن مسرح سفر برام الله ووداد عطاء الله في تصميم الرقصات التعبيرية لفرقة «أمل» بالناصرة، انطلقت فعاليات الدورة السادسة للمهرجان الأورومتوسطي لمسرح الشباب بأريانة الذي يتواصل الى غاية يوم 31 أوت الجاري.
العرض احتضنه فضاء مسرح الهواء الطلق مساء السبت 25 أوت، يحكي عن طفلة فلسطينية تدخل الى غرفة الإنعاش، وبينما هي تحت العناية المركزة تتدفق تداعياتها فيمتزج الواقع بالحلم وتتداخل الهواجس والتخيّلات لتكشف عن قسوة الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني والقهر اليومي الذي يتعرّض إليه الفلسطينيون : الحروب المدمرة، الجدار العازل، الطفولة المقهورة، صمت المجتمع الدولي، الانقسام الفلسطيني، الصمود والمقاومة... كلّ هذا قدمه العرض في لوحات درامية راقصة وبأسلوب فني مبتكر، وعبر موسيقى صاخبة في بعض الأحيان وهادئة وحزينة في أحيان أخرى، تماما كما يعيش الشعب الفلسطيني أيامه على وقع مراحل الهدوء المصحوب بالقلق ومراحل أخرى من العنف والحروب، عرض تألقت فيه الحركة التعبيرية والديكور والموسيقى التي وضع أغلبها فادي الغول (موسيقي التكوين) ووظّف مختارات عالمية في بعض اللوحات، لتكون الموسيقى واحدة من أهم العناصر التي تخدم الفكرة...
على سرير متحرك تدخل الطفلة المريضة الى غرفة الانعاش في حالة غيبوبة تامة، يحاول الفريق الطبي إسعافها وإعادة النبض المنتظم الى قلبها. في لحظة تستفيق وتتذكر... «فلاش باك» يضع المتفرج في ساحة الأحداث التي جاءت منها الطفلة: حصار في الضفة، صعوبات في التحرك، خوف ورعب وحركة مرتبكة تراوغ الموت المتربص بالناس من كلّ الجهات.. يعود المشهد الى المستشفى ويتحوّل الطاقم الطبي الى فريق من المنشطين والمهرجين يحاولون إدخال الفرح الى قلب الطفلة التي عادت الى الحياة، لكنها تظل ذابلة، حزينة، ثقيلة الحركة، زائغة العينين...
يمضي العرض الكوريغرافي في وصف الوضع الفلسطيني وحالة الشغب من خلال حركة لا تهدأ على الركح، الواقع والحلم والخيال برؤية فنية معاصرة في لوحات يقول فيها الجسد كلّ شيء... ويجسّد ما خلّفه الجدار من انقسام وفصل بين المدن الفلسطينية والذي جعل التنقّل فيما بينها حربا وجهادا. وكذلك الفصل العنصري الذي تقيمه إسرائيل لتقطيع أوصال فلسطين.
تظل الطفلة / القضية على السرير، لا ميتة ولا حية في حاجة دائمة الى الإنعاش / المساندة، لينتهي العرض بعودة صوت نبض القلب، كإشارة الى أمل لن يموت رغم كلّ الصعوبات ورغم صمت الدول في مواجهة حالة الحصار، والطفولة المحرومة والقمع اليومي... وغيرها من الحالات التي نقلها كلّ من المخرج ومصممة اللوحات الكوريغرافية عبر لغة عالمية تصل الى كلّ الجنسيات مهما كان جهل المتلقي للغة البلد أو تفاصيل حياته... لوحات راقصة تحمل الوجع الإنساني بلا رتوش وتنتصر للعدالة الإنسانية بعيدا عن التعاطف الساذج.«إنعاش» هي قراءة فنية مختلفة لواقع مؤلم تتزاحم فيه المفارقات في عرض بإمضاء هواة، حمل كلّ مقوّمات الاحتراف بشهادة المسرحيين الذين ناقشوا بنيته الدرامية وشكله الفني وكلّ جزئياته في حصة حوار انتظمت عشية الأحد 26 أوت.

 

ناجية السميري

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية