دراسات أدبية

الأدباء الشباب في سلمية طاقة تصر على الإشعاع

الأدباء الشباب في سلمية طاقة تصر على الإشعاع

3164 مشاهدة

الأدباء الشباب في سلمية

طاقة تصر على الإشعاع

 أولاً – الشعر :

 عندما تقول سلمية يقفز التاريخ  والأدب والفكر والثقافة إلى ذهنك مباشرة ، فهي ذاكرة أدب حقيقية ، جاب رواد الثقافة فيها الآفاق وأوصلوا أصواتهم إلى كل العرب المنتشرين في كل بقاع الدنيا ، وترجمت بعض أعمال هؤلاء الرواد إلى لغات عالمية عديدة ، وسلمية التي أنجبت محمد الماغوط وسليمان عواد واسماعيل عامود  وعلي الجندي وفائز خضور ... وغيرهم كثير ، يستمر تألق الأدب فيها من خلال أعمال أجيال أخرى تابعت الدرب ، وحافظت على الألق المميز فيها ، وتابعت أجيال الشباب المهمة ، رغم وعورة الدرب وخفوت صوت الأدب في عالمنا ، لكن هذه الأجيال الشابة  تبقى بحاجة إلى من يمد لها يد العون ، والعون هنا أن تسمع جيداً ، تشير إلى الضد وضده كي يستمر الألق ..

 وتمتلئ ساحة الأدب في سلمية بتجارب الشباب الذين يكتبون صنوفاً متعددة من الكتابات ، وهم يحاولون أن يقلدوا بعض الكبار ، ويستسهل القسم الأكبر منهم كتابة قصيدة النثر لظنهم أن المسألة لا تحتاج إلا إلى سكب بعض أحاسيسه كيفما اتفق على الورق ، فيصاب بخيبة أمل عندما يكتشف أنه غاص في ما يسمى بالخاطرة أو أنه كتب رسالة إلى حبيبته أو ملهمته .. وهنا مكمن الخطورة ، إذ أنك بحاجة دوماً إلى تقديم نصائح وتقويم اعوجاج ، أقول هذا الكلام لأنني كنت ولا أزال أتابع تجارب الأدباء الشباب في مدينتي سلمية ، هذه النصائح التي ينحصر جلها في ضرورة الإطلاع على أمهات القصائد في مختلف نماذج الشعر العربي والعناية باللغة والإطلاع على الأجناس الأدبية بمختلف أنواعها  .

وأنا لست هنا كي أوجه أو أنتقد وأشير إلى مواطن خلل ما بل كي أشير إلى أولئك الذين واجهوا وتركوا بصمة ما ، وليس بالضرورة أن تكون البصمة من خلال مجموعة شعرية أو قصصية مطبوعة ، فقد تترك قصيدة أو قصة منشورة في صفحات أدب الشباب أو الملقية في مهرجان شعري أو قصصي أثراً مهماً يفوق الأثر الذي تتركه مجموعة قد لا تخرج منها بشيء .

فهذا ( حسن درويش ) مهندس شاب اهتم بالأدب وبدأ يكتبه خلال فترة دراسته الجامعية ، كتب مقاطع نثرية وقصصاً قصيرة وقصيرة جداً ، تركت أثراً مهماً ، ونشر بعضها في صحفنا المحلية ، لكنه لم يجمعها .. وقرر التوقف لبعض الوقت للمراجعة ليس إلا ..

لم يستطع الخروج من دائرة الشعر حتى وهو يكتب ما أسماه قصصاً حداثوية .. يقول في قصته ( معاناة ) المنشورة بجريدة الفداء 26/1/2006 ( أبيت في قهري .. مهملاً عطر الطيبين ، أفلاك من الخطوط المدوية تقتاد حبات الأحلام إلى المنفى .. لتنام على وسادة من الزهر الأسود وتستفيق كل ثانية على هزيمة .. ) ثم يتابع ( سأهجر الأوراق والأصنام وأرتحل إلى بحار     لا تغرق رمالها وغابات تداري عشاقها ) ولم يبتعد عن القصة المختزلة في قصيدته ( حالة انتظار أو أكثر ) المنشورة بجريدة الفداء أيضاً عدد 23/2/2006 ( بالقرب من موتي القديم .. مكتئباً ينطوي الحب في حضن الذاكرة .. سأبدأ معك من بداية السطر .. من أول قبلة طبعت على أفقي ..) فتماهت القصة عنده مع الشعر ، حتى بتنا لا نستطيع تمييز هذا الجنس عن ذاك في أعماله .

وهذه شقيقته ( رها درويش ) تكتب نثريات جميلة ، ولكنها تصمت حتى عن الحديث عنها ، رغم أنها نشرت بعضها في صفحات الأدباء الشباب ، ثم قررت أن تنتظر أكثر وتتفرغ لدراستها ..

وتركت ( لينا عطفة ) بصمة هامة في قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر ، فقد بدأت ناضجة لتستمر ، لم تنشر شعرها في الصحافة بل ألقته على منابر محدودة ، فبدت كشاعرة عرفت كيف تبني ثقافتها الشعرية ، تتلمذت على كبار الشعراء وفتنتها أشعار الراحل الكبير محمود درويش وتأثرت بها كثيراً ، فخرجت قصيدتها متكاملة منذ بداياتها :

  إلى أين تمضي بي يا حياة ...

 تعبت من الخيل تصهل في جرحي الداخلي ..

  تعبت من الحلم الرعوي ..

  فلا نجمة بقيت كي تعين انكساري  ..

  ولا أثر النمل ظل لأمشي عليه ..

كان دربها نيراً فمشت به وأبدعت  ، وهي لا تزال تجاهد كي يكون لها موقع قدم مهم  .

أما ( ماهر القطريب ) الذي يواظب على النشر في صفحات الأدباء الشباب ، حتى بعد صدور مجموعته الشعرية الأولى ( هواجس تائهة ) والتي قدمه فيها الشاعر مهتدي غالب وهو شاعر يهتم بتجارب الشباب أيضاً  بقوله ( شاعر استهوته قصيدة النثر فامتلك أدواتها بموهبة تضج بقلق وجودي وثقافة متحيزة للإنسان ... شاعر أخرج در الكلمات من محاراتها ليبيعها عطراً يعلق بجيد الحقيقة التي اختزنتها بمفردات تعبر عن مكنونات النفس البشرية .. ) وقد أجاد ماهر اصطياد الجملة الشعرية المختزلة ، يقول في بعض قصائد المجموعة  : ( أتهيأ لعرس من وداع .. سأشعل مواقد من رحيل .. وأبدأ عزف ألمي على أوتار من خريف .. سأولم لك بعضاً من تشتتي وتوهجي ونخباً من حنين .. )

وهو عاشق متيم بمدينته سلمية التي أحب .. سلمية موطن النسور وشفاه المتعبين : ( على عتبات صمتها أولد كل صباح .. وأغفو على أغصانها كورقة أخيرة تناست مواسم السقوط .. اعتقيني مرة ياسلمية لأضمك آلاف المرات .. )

أما الشاعرة ( إينانة الصالح ) التي بدت وكأنها كبرت على حين غرة ، أو لعلها أخفت تجاربها الأولى وغافلتنا .. تميزت بمفردتها .. بجرأتها .. بالإيقاع الداخلي لقصيدتها ..

بدأت بقصيدة النثر وتميزت ، ثم فتنتها قصائد التفعيلة فجدت وخرجت ببعض نتاجها ، هي تصر على التريث ، على قراءة التجارب ، أعدت مجموعتها الأولى ثم قررت التريث بدفعها للطباعة أيضاً ..

 ( من خصلاتها المحمومة بالتشابك .. من صمتها المفرود عبري  .. من جوعها وتخمتي ينجز الحريق .. في شتائي المزمن عبر أزقتي الغارقة حيث الطفولة تمارس طقس الصباح ) .

وكان لها حضورها في الصحافة الإلكترونية وفي المهرجانات الشعرية ،  ولها بعض نثريات منشورة في الصحافة ، تقول في مقطوعة لها بعنوان ( لملمات ) المنشورة  بجريدة الأسبوع الأدبي 7/7/2007 ( مثخن بالحياة وعلى شرفة الأغتراب عتمة ورطتها الشمس حين ذابت  .. يزحف المعابر .. أنثاه والغنج .. الأرض والوشاة .. ناحل يقضم التشرد ويعلن نخب التبلل بالفرح ..) .

وطغى الشاعر( هانيبال عزوز ) منذ حضوره المفاجئ أيضاً ، كتب قصيدة النثر أولاً ثم هجرها تماماً إلى قصيدة التفعيلة التي هام بها متأثراً بأستاذه الشاعر فايز خضور ، وصرنا نسمع منه أصوات النجوم ونشم رائحة الحب والأرض والجنون ونتلمس مواضع جمال ..

من يا ترى إن أقفرت أيامنا يوفي إلى من بعدنا لجمَ المراره ؟

من يا ترى إن بطنتنا ظلمة البئر العتيقة .. سوف يسري ؟

قل لنا إن كنت تدري ..

هل بغير الشعر يُلقي الحب في الآتي بذاره

أو بدون العشق من يملي على الأمل الشراره

فقد امتلك هانيبال الناصية وأجاد الإلقاء ، فلفت الإنتباه إليه في أول ظهور له على المنابر ..

وحاز على أكثر من جائزة في السنوات الأخيرة  . لديه مجموعتان شعريتان قيد الطباعة الأولى بعنوان ( كاف قليلك ) وقد حازت هذه المجموعة على جائزة سعاد الصباح للشعر لعام 2008 والثانية بعنوان ( انكسارات الصوت في ماء الذاكرة ) .

ورغم كل هذا الدفق الشعري الواضح عنده ، إلا أنه لا يزال يصر على الإنتظار أكثر .

وظهر الشاعر( فادي عواد ) على صفحات الصحف قبل أن نراه بيننا في سلمية ، شدتنا قصائد لشاعر يعيش على بعد أمتار منا ، قصائد نثر تعب عليها ، فخرجت لتبقى ، ولم يكن مقنعاً في إلقائه كما في نصوصه المقروءة .. ففي قصيدة له بعنوان ( مع الحريق ) منشورة في ملحق الثورة الثقافي 3/5/2005 :

 ( أصابعك مولعة بالمطر المهدور على شفة الغياب .. ودمي مشغول بحوار الحريق .. بمساءات أرهقها الصمت في جسدي ..  مشغول بارتماء آخر الفرسان فوق الجفاف والصهيل .. ) ولا يزال هذا الشاعر الشاب مصراً على الخطوة الواثقة كي يستمر ويتألق .

أما الشاعر ( أنور العامود ) الذي تأخر ظهوره قياساً لعمره الزمني ، فقد امتلك ناصية العروض والقوافي فاستعبدته ، نشر قصائده العمودية في الصحف والدوريات المحلية ، وشارك في بعض الأمسيات والمهرجانات الشعرية .. عانده الزمن طويلاً ، فارتحل كي يضمن العيش بشكل أفضل :

سقى الله أيام الشباب فقد مضــــت                وقد ضاع عمري مثل دمع مدامعي

لقد ضاع عمري في التغرب مثلما               تضيع مياه الشرب بين  الأصــــابع

ورغم أنه غلب على قصائده  طابع الحزن والمعاناة ومكابدة الفقر والمواجع ، إلا أنه ظل يسعى لإشعال الشموع وإضاءة الدروب :

إيه ياربة الجمـــــــــال أفيقي                     من شرود الحقول في  أهدابي

سامحيني وأشعلي شمع بيـتي                     واهطلي كومةً كبوح اغترابي

ساعديني فمن بقايا  خـرابـي                      كنت أبني مظلة في  الخـراب

 

لديه مجموعتان شعريتان قيد الطباعة ( غريب عن الديار – وداعاً للفصول ) ولاتزال المفردة لديه تراوح في مكانها ، تسبقها في الإهتمام لديه الموسيقا وجمالية التفعيلة .

ودخلت الشاعرة الشابة ( إباء الخطيب ) عالم الشعر وهي بعد صغيرة ، ونالت عدة جوائز في مراحلها العمرية اللاحقة في منظمتي الطلائع وشبيبة الثورة ، وقد فازت قصيدتها ( عندما اختارك قلبي ) بالمرتبة الأولى على مستوى القطر لعام 2006 ، تقول فيها ممعنة في نرجسية واضحة للعيان :

أيا محبوب  قد طال انتظاري                          وكم حنت لماء الوصل ناري

فكف عن التلاعب في حنيني                           أخاف بأن سيسبقني  قطاري

ولا تحسب أتيتك من  فراغ                             فآلاف الرجال  بباب  داري

 

 وظهرت الشاعرة ( فلك قداح ) دون سابق إنذار ، حيث وقفت في إحدى الأمسيات على المنبر واثقة ، وقدمت مقاطعها النثرية بكفاءة ، لكنها وإن كانت مشغولة قليلاً بعملها كمحامية ناشئة ، إلا أنها تصر على عشقها للشعر  ( وأكبر أكبر حتى المغيب .. أسرح شعري بضوء القمر .. وأحن لطفولتي بين يديك .. أفرط عقد الصمت شيئاً فشيئاً .. لرائحة القهوة موعد مع الشتاء .. ولورق الياسمين حكاية .. بداية ..  حجارة الطريق أنا .. تمطرني السماء زهراً )

وهي تعلن أنها تنتظر وقتاً أفضل لإعلان قصائدها ..

وبدأت الشاعرة الشابة ( غيثاء نيوف ) رحلتها مع الشعر وهي طفلة صغيرة ، رائدة على مستوى القطر في منظمتي الطلائع والشبيبة ، خرجت بقصائدها وحسن إلقائها إلى تونس والأردن ،  أحبت الشعر الجاهلي وحفظت المعلقات السبع وقرأت أشعار نزار ومحمود درويش ومحمد الماغوط  ، تكتب الآن قصيدة النثر ، ويطغى إلقاؤها الجميل على معاني الشعر عندها ، فيلتفت المتلقي إلى إلقائها ويهمل الغوص في الأعمق فيأتي شعرها ضعيفاً في بنيته الفنية .

 تقول في قصيدة لها بعنوان ( علمني ) جريدة الفداء 9/12/2004 : ( زدني من علمك .. علمني دون كلام .. فأنا متعبة وشراعي مبحر في يم فيه غمام .. كلمني فأنا لك مصغية  أحسب بالأرقام .. علمني أن أعبر تاريخاً .. أن أبني قصراً فيه أنام .. )

والشعر في سلمية كالقدر لايستطيع الناس فيها أن يهربوا منه ، هو يلاحقهم في بيوتهم .. في مدارسهم .. في مؤسساتهم .. في شوارعهم  .. كل بيت فيه شاعر .. وكل مكتبة فيها قصائد لطرفة والمتنبي والسياب ونزار ومحمود درويش ومظفر النواب ومحمد الماغوط ..

ولن نملك في عجالة الوقت هذه أن نشير لكل المواهب الشابة التي تسير على دروب الشعر..

فهناك مواهب شابة أخرى تخطو ، تحاول الوصول إلى منابر الكبار ، ويظهر لها مقطوعات في صفحات الشباب ( يارا كحلة – يارا حيدر – نسرين جوفاني – ولاء عز الدين – علي الخطيب  لهام حبوب – نورا العايق – اسماعيل الخطيب – نوار فرحة – ريجينا ملوك – ميلاد داؤود – باسل جوهر .. )

اخترنا بعض النماذج التي شبت وصعد نجمها ووصلت قصائدها إلينا .. وفي كل مرة كنت أتحدث فيها عن بعض التجارب الشبابية ، كان يأتي من يطالبني بمحاكمة أفضل ، وكيف يمكن أن نحاكم الشعر في بلد تنطق حجارته شعراً .

                

      ثانياً : القصة القصيرة والرواية  :

لم تواكب القصة القصيرة في سلمية الشعر في تألقه ، فقد طبع الأدب فيها بطابع الشعر بعد أن احتل الكثير من شعراء سلمية مكانة مهمة في الريادة الشعرية لقصيدة  النثر وربما التفعيلة أيضاً ، وظلت القصة القصيرة ومعها الرواية قاصرة عنه ، رغم أن رواد القصة في المدينة بدؤوا في الخمسينيات من القرن الماضي بنشر ومن ثم طباعة أعمال قصصية وروائية مثل : محمد حيدر وسامي عطفة وسامي الجندي وعبد الكريم ناصيف .. وحمل الراية بعد ذلك قاصون آخرون ... لكنهم لم يستطيعوا منافسة الشعر في سلمية ، رغم أنهم نشروا قصصهم في الصحافة المتخصصة وطبعوا أعمالهم القصصية والروائية وثابروا واجتهدوا .. ومع انطلاقة مهرجان الخريف للقصة القصيرة في عام 1995 متأخراً سبع سنوات عن مهرجان الشعر فيها ، بدأ جيل شاب يعلن عن نفسه  ويثبت حضوراً لافتاً .. تعثر البعض عندما وجدوا أنفسهم خارج عملية القص نفسها ، وتابع آخرون الدرب رغم توقف المهرجان المذكور لعدة سنوات واقتصار النشاط عند القاصين الشباب على فرص قليلة وربما نادرة ..

ظهر القاص( حميد الدين الحاج ) وأعلن عن نفسه بقوة ، أثبت حضوراً جيداً ، وثابر .. لكن ظروف دراسته للطب حالت دون استمراريته ، خاصة أنه يتابع تخصصه في بريطانيا ..

يكتب القصة الإجتماعية الواقعية ويجيد رسم حكايته فيها بفنية عالية المستوى .. يقول في قصته ( ضياع )  (  يتلوى لساني خارجاً من فمي ويرسم كلمة (لا) ضخمة حمراء. تُـربــــّتُ زوجتي على كتفي مطمئِنةً وتقول بصوت خفيض: أرجوك لا تصرخ في نومك هكذا وإلا ستوقظ الصغير فأنا لم أصدق أنه غفا قليلاً. )

ولا يزال يعلن أنه يعد للطبع مجموعته القصصية الأولى ( أحلام وآلام ) .

أما القاص ( فراس الحركة ) الفائز هذا العام بجائزة وزارة الثقافة للقصة القصيرة ، فقد كان قد خط بعض الشيء في عالم الأدب ، فولج أبواب الكتابة للمسرح أولاً ، ثم بدأ يكتب القصة ويشارك في بعض أمسياتها ومهرجاناتها ، وجاءت الجائزة عن مجموعته ( عصف الرؤى ) لتؤكد موهبته القصصية .

تمتاز قصصه بتفرد واضح ، تتغلب فيها المفردة على الحدث ، يبقى الحدث موارباً ، إذ أنه لا يضحي به .. ويؤكد حضوراً جيداً من خلال المفردة والعبارة والجمل الرشيقة المتعاقبة واحدة إثر أخرى  ( وحين رسم القمر على ورق غيمي اللون وأظهره كطقس للحب والمقابر والحلم الطفولي ، ضاع في تفسير اللون أهو انعكاس أم ماء راكد أم بحر بلا أنواء ؟ حيث رسمه بلون الشح ، لكن القمر رسم شفاه الغيمة السوداء ، ونام على كتفيها يدعو عشاق النور رحيله مع السحب البعيدة ) .

ولم نكن ونحن أقرب إلى معظم المواهب نعرف قاصة أو روائية اسمها ( كنانة ونوس ) كانت تكتب بصمت وتدرس اللغة العربية في جامعة البعث ، وفجأة أعلنت وزارة الثقافة عن فوزها بجائزة الرواية ( مسابقات إبداع الشباب ) عن روايتها ( مابين المحنة والمهنة ) التي زاوجت فيها مابين الوطن والحب .. وكانت جريئة في تتبع أحداثها ، إلا أنها وقعت في مطبات فرضتها نقص الخبرة لديها .. وكنانة تكتب القصة القصيرة ، ولها تجربة مع الشعر ، رغم أن الرواية المذكورة تخلو من أي مزاوجة مع الشعر .

الفنان التشكيلي (عبد الكريم فطوم ) الذي ولج عالم الأدب أيضاً ، وجسد دخوله في قصص قصيرة ونصوص نثرية مختلفة .. بدا متمكناً من أدواته ، قاصاً في بعض النصوص التي اطلعت عليها منشورة في صفحة إبداعات الشباب بجريدة الفداء وشاعراً في نصوصه النثرية الأخرى .. يقول في نص له بعنوان ( هبوب الريح على امرأة من غمام ) منشور بجريدة الفداء 9/10/2006 ( إني أعلق لوعتي على كتفيك ، أسير خلف حنيني إليك كغيمة فوق رمال لاهبة ، فلا أسمع غير بكاء الريح على تخوم عزلتك ، تعلقين لوحتي على جدار غرفتك تلك التي رسمتها يوماً ، تطل منها وجوه الذين مضوا في غيبة الأبد .. )

ويشارك هذا القاص الشاعر في بعض الأمسيات  ويثبت حضوراً ، لكنه يحتاج كما غيره من شباب سلمية الموهوبين إلى أياد أخرى تنتشلهم من بعض أوجاع الزمن الكالح ..

أما ( روعة محمد سيفو ) التي أصدرت مجموعتها القصصية  الأولى ( حلم لم يكتمل ) في عام 2003 ، وبدت تجربتها في هذه المجموعة غضة تحتاج إلى متابعة ومران .. كانت مقدمات قصصها في الأغلب جيدة السبك ، شاعرية .. ولكن الإسهاب أضاعها وأفلت زمام القصة من يدها .. فهي تقول مثلاً في بداية قصتها ( عشرون عاماً تماماً ) ( الغيوم السوداء سجان عملاق متجهم الوجه ، والأرض عجوز احتلت التجاعيد وجهها ) ولكن الركاكة لازمتها كالقدر في نهاية قصتها ، كما العديد من قصصها الأخرى ..

واًصر المسرحي الشاب ( معز الشعراني ) على دخول عالم القصة القصيرة  رغم أنه حقق تقدماً جيداً في عوالم المسرح ، شارك في مهرجانات القصة .. دون أن تتطور قصته .. فقد حافظ على مستوى بدأ به ، واعتمد على اللقطة والإلقاء الممسرح وأهمل اللغة وفنيات القصة ، ولذلك لم يصل إلى موقع أكثر تقدماً فيها .. ولم يبادر إلى طباعة مجموعته الأولى .

   

واستعجلت الكاتبة ( رانية سليم ) في زج أعمالها بمعمعة الطباعة فصدرت لها روايات ( الدرب الشائك – الضياع – بيت من قش وحديث الذكريات ) عن إحدى دور النشر الخاصة . وبدت هذه الروايات وكأنها مخصصة لفئة عمرية صغيرة دون أن تصرح بذلك ودون أن تعرض أي منها على لغوي مختص .

وشارك القاص ( حسام عزوز ) في عدة مهرجانات ونشاطات أدبية ، ونشر بعض قصصه في صحافتنا المحلية ، امتلك جملة متقنة ولغة قصصية ومعالجة درامية مقبولة . إلا أنه ينأى في كثير من الأحيان ولفترات طويلة عن أجواء الأدب فيتشتت ويشتت معه نتاجه الأدبي ، لم يطبع بعد عمله القصصي الأول ( حبة قمح وحبة شوك ) .

وتشارك القاصة ( ازدهار الخطيب) في بعض الأمسيات والمهرجانات وتضفي على الأجواء دفئاً مميزاً ، تقدم لوحات شعرية وقصصية جميلة ، هي شغوفة بتطور أدوات القص لديها ، وتنتظر فرصة أفضل لطباعة عملها الأول . تقول في قصة ( هل تزرعين الملح ) التي قدمتها في مهرجان القصة السادس2008 ( تغمرها المياه المالحة حتى الخصر .. تبدأ الغناء من جديد .. تملأ الملاحة للمرة العاشرة بعد الألف .. وفي طريق العودة وعلى غير عادة .. رأت وردة صغيرة متفتحة على جانب الطريق الصخري .. وتذكرت قول أمها .. في الأرض المالحة لا تنمو الأزهار .. عجباً .. أيعقل أن تزرع الأزهار .. والملح  ) .

كما يقدم القاص ( غياث الماغوط ) قصصاً ناضجة ، ولكنه لايواظب كثيراً على النشاط الأدبي، نرى له بعض أعمال حيناً ثم ينقطع ، فينسى الناس أسمه سريعاً .

هي نماذج لمجموعة قاصين  ينتمون إلى فئة الشباب عمراً وتجربة ، تحاول أن تقدم شيئاً في عالم الأدب ،  أن تجد لها قدماً ثابتة في معمعة جميلة .. نحن لم نشر إلى كل النماذج ، فالأمر سيخرج عندها عن نطاق محدود بعدد من الصفحات ، ولم نقدم شيئاً عن بعض النماذج التي لم تحدد بعد إلى أي جنس أدبي ينتمي نتاجها الأدبي ، حتى ولو قررت هي أنها تنضوي تحت فئة أدباء الشباب .

النماذج التي ذكرنا ، تركت بصمة ، أو حاولت أن تترك بصمة من خلال نشاط أدبي معين ، تنتظر فرصاً أفضل ، ويشيرإليها ذواقو الأدب بالبنان ، وقد يكون للبعض وجهة نظر أخرى .

إنما نسير جميعاً في درب الأدب الذي غالباً ما يطول ، وتواجهه العثرات ..

 

        محمد عزوز - سلمية    
 
 
الشاعرة لينا عطفة
 
الشاعرة إينانة الصالح
 
 
الشاعر هانيبال عزوز
 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية