مواضيع للحوار

الأكاديمي العراقي الدكتور جبار خماط  يكتب عن كوجيتو العيادة المسرحية

الأكاديمي العراقي الدكتور جبار خماط يكتب عن كوجيتو العيادة المسرحية

985 مشاهدة

 الأكاديمي العراقي الدكتور جبار خماط  يكتب عن كوجيتو العيادة المسرحية

حصريا للمسرح نيوز ـ بغداد| د. جبار خماط

حسن التفكير الإحاطة بالشيء، تفكر عميق واستدلال على صواب الفكرة، حين تجد مخرجاتها مؤثرة وفيها صواب الناتج وأثره الإيجابي، إننا نعيش ومن حولنا عالم متلاطم من العلامات والحالات التي تتطلب منا فك رموزها، وكأننا في غابة من الرموز مثلما قال "بودلير"، هذه الرموز، تتطلب عقلا فاعلا في تعرفه العميق، للوصول الى جوهر المعرفة المشترك بيننا، فالعلوم اكتشافها خاص، وخيرها عام، خيراتها بين الناس حين يكون تلك العلوم إيجابية، وأيضا شرورها بيننا حين تكون الغايات سلبية، مثل ابتكارات الأسلحة لإدامة الحروب وإرباك ميزان القوى، لإشاعة مفهوم القوي والضعيف دوليا، في لعبة الجغرافيا السياسية.

 

ولذلك أخلاقيات التفكر ينبغي أن تكون خطابا إنسانيا، بعيدا عن قيود الإثنيات الفرعية، أو القوميات المقيدة، ولذلك أوجد لنا (( ديكارت )) "كوجيتو"، يختص بالتفكير، الذي اساسه الشك في المتداول والعادي الذي تحول الى صنمية سلوكية، أربك التواصل بين الناس، وكانه اراد منا الانتقال من قيود التفكير الى حريته التي تجمعنا في إطار إنساني يكون في كل زمان ومكان!

 

هذه السياحة الفكرية في جزر الإنسان المجهولة التي تكون في وعيه ولا وعيه، أنتجت لنا تنويرا ثقافيا نقل العقل الأوربي من الخرافة إلى العلم، ومن البديهي إلى المختبري العلم، الذي يصل إلى يقبن علمي وليس عاطفي وخرافي، ولذلك تعددت نظرات الانسان إلى الوجود، من كونه علامة تاريخية تعيش في تصوراتنا الجاهزة الى علامة تجريبية، قابلة للانتقال والتحويل، وهو ما دفع الفنانون إلى اكتشاف طرائق جديدة في فهم الواقع ومعالجته، سواء أكان مسرحا أم تشكيلا أم سينما إلخ.

 

هذا التجديد، لم يحصل أو يتحقق، إلا بوجود وعي متحرك وأفكار نوعية، حركت الساكن في بحيرة الأفكار، بوساطة الخيال والتصور، اللذان تكفلا باكتشاف ما هو مدهش، ونقله من المستقبل بوصفه مقترحا فنياً، إلى الحاضر بوصفه فعلا تواصليا ما بين الجمهور والعمل الفني، هذا المستقبل الجديد، جاء من تأجيل النظر إلى الماضي حصرا، والاندفاع نحو مساحة جديدة من التأويل للحياة، لنجد انفسنا أمام أفكار جديدة ومعالجات نوعية، دفعت بالعيادة المسرحية، أن تتواصل مع الناس، لاكتشافهم من جديد، لأنها محض طاقة مستقبلية، يمكن لها أن تعيش في الحاضر، على نحو سلوك يتفاعل معه المشارك في العيادة المسرحية، ويكون لديه تصور جديد للحياة والإنسان الذي يشاركه هذا العالم.

 

هذا التفكير أو الاعتقاد، بمثابة "كوجيتو" جديد، ينمو لديه ويكبر مستقبلا بالحوار والتواصل الفني مع الاخر / الجمهور تعدد وجهات النظر يعطي للحوار طاقته الايجابية، ويدفع بنا نحو الوصول إلى نتيجة نرضاها بالعلم والعمل، نعلم أولا أننا محكومون بالأمل، الذي به تكون العواصف جميلة، لأن الأساس لبيوت أفكارنا محكماً، فلا نخشى من رياح الآخر، ولذلك للعيادة برنامجها في تحفيز الوعي واكتشاف أفكار جديدة كانت نائمة في العقل، كل هذا يتم في مختبر العيادة المسرحية، وكأننا نعيد ما قاله الفيلسوف (( أفلاطون )) حين ردد ” الافكار الجديدة نائمة في العقل، يوقظها الحوار ” لذا نجد للحوار الإيجابي بين المشاركين اساس متين للوصول إلى بناء الثقة الفكرية لديهم، وحتى يتحقق العمل النوعي، يتطلب مهارة التمثيل، بغية الوصول إلى تحقق الملائمة الأدائية للأفكار الجديدة التي نسعى إليها في العيادة المسرحية.