أخبار فنية

التشكيلي النائب يكشف عن أسرار جماليات الوجه النسائي

التشكيلي النائب يكشف عن أسرار جماليات الوجه النسائي

2243 مشاهدة

التشكيلي النائب يكشف عن أسرار جماليات الوجه  النسائي

فنون  تشكيلية

الجماهير – حلب

العدد : 13254
الخميس20- 1- 2011


محمود مكّي

في بداية مراحل تأسيس الحركة  التشكيلية السورية اهتم أكثر الفنانين فيها بالأساليب التسجيلية والواقعية الدقيقة  بتفاصيلها المرئية ، وكان اهتمامهم مكرّساً لإظهار الجمال في الشكل الواقعي أكثر من  اهتمامهم بالمضمون الفكري ، ولكنهم حاولوا فيما بعد تطوير أساليبهم التقليدية   ، متخذين من  إمكانيات الألوان فسحة واسعة في الدخول إلى عوالم أخرى لاكتشاف الأساليب الفنية  الجديدة التي تبحث في قضايا الشكل والمضمون معاً ، كالواقعية الجديدة ، والتعبيرية   ، والتأثرية ، والتجريدية ... وأصبح الفنان متأثراً بتلك الأساليب الجديدة بشكل  واضح في مجمل أعماله الفنية ، رغم محاولاته الدؤوبة في البحث عن العناصر والمفردات  المحلية لإدخالها في صناعة اللوحة لتحريرها من قيود الاستهلاك والجمود ...‏‏‏ 

وكان منهم  الفنان الرائد "عبد القادر النائب" الذي لم يستطع في حياته الفنية التخلي مطلقاً عن  مفاهيم الواقعية رغم محاولاته الكثيرة في تطويرها نحو الحداثة والاجترار من مفاهيم  التجريدية ، وخاصة من ناحية اللون في أعماله الفنية ، ومؤكداً في أكثر أعماله على  أهمية الناحية الجمالية أكثر من غيرها في صناعة اللوحة ...‏‏‏ 

ولد الفنان  النائب في أريحا في عام‏‏‏ 

1928  ، وتعلم  الفن في البداية حراً ، ثم انتقل إلى بيروت لدراسة الفن في عام ( 1951 ) ، ولكنه  عاد منها إلى دمشق ليستقر فيها ويعمل رساما حرا ، وهذا الأمر دفعه إلى الاهتمام  الكبير في رسم الوجوه ( البور تريه ) التي برع في أدائها أكثر من غيره في تلك  الفترة ...‏‏‏ 

وبعد عودته من  بيروت أبدى نشاطاً واسعاً في مشاركاته في المعارض الرسمية والخاصة ، حيث أقام عدة  معارض فردية في كل من حلب ودمشق وبيروت ...‏‏‏ 

في عام  "  1964  " غادر إلى ( روما ) التي كانت محط أنظار الفنانين ، لإتمام دراسته الفنية فيها  والاطلاع على التجارب الفنية العالمية ، كما فعل زملاؤه الفنانون من قبل ...‏‏‏ 

 شارك الفنان في  بداية حياته الفنية في المعارض الرسمية ، ومنها معرضا ( الخريف والربيع ) ، وقد  اقنت له وزارة الثقافة لوحته المعروضة في معرض الخريف من عام ( 1959 ) وكانت باسم ) ابتسامة ) ، وهي عبارة عن فتاة صبية تنظر نحو الأمام بثقة وتفاؤل كبير بالمستقبل  المشرق تنتظر الخلاص من الأوضاع السائدة ...‏‏‏ 

ويظهر في أسلوبه  مفاهيم الواقعية الجديدة الممزوجة بالتعبيرية ، وتنم عن مقدرته في رصد الواقع  بتفاصيله الجميلة ، وخبرة واسعة في الأداء التقني بشكل ضربات ريشة متزنة رغم سرعة  أدائها ، وبألوان حارة غنية بالتأثيرات النفسية التي تعبر بوضوح عن فلسفته ورؤيته  الفكرية والتشكيلية ...‏‏‏ 

ونظرا لتجربته  الفنية الهامة في الحركة التشكيلية السورية في تلك الفترة ، نشرت له مجلة ( المعرفة  ( لوحة بالألوان في العدد الثاني من عام ( 1962 ) باسم ( أفراح القرية ) التي شارك  بها في معرض الخريف بدمشق من نفس العام ، وقد ظهر في هذه اللوحة بداية محاولته من  الانعتاق من الواقعية التسجيلية ، والتحرر من أساليبها التقليدية ، حيث غلب فيها  اللون الأحمر القاني والترابي مع اللون الأزرق الواضح ، وقد ابتعد فيها عن دقة  التفاصيل عن طريق الضربات اللونية السريعة ، وقد خيم على اللوحة مساحات لونية جريئة  مما أعطاها طابعاً خاصاً به تميز بالحداثة في الأسلوب الجديد ، بحيث نجد ، بكل وضوح  الرؤية النقدية ، محاولاته الجادة من الخروج من تفاصيل الواقع ودقائقه الظاهرة إلى  تجريدية اللون والشكل ...‏‏‏ 

لذلك نجد أن  الحديث عن تجربته الفنية ، هو الحديث عن الواقعية التي كانت سائدة في بداية حركة  الفن السوري والتي أصبحت من مميزاتها في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين  ... ‏‏‏ 

في بداية مرحلته  الفنية الأولى قدم أعمالاً اتبع فيها أساليب الواقعية التسجيلية ، واهتم فيها برسم  التفاصيل الدقيقة عن الواقع المرئي ، ثم حاول تطويرها بإضافة مسحة رومانتيكية إليها  ببراعة فائقة ، حيث نرى الألوان في أعماله تسبح بين المساحات بحرية وعفوية ، ولكنها  متزنة أكثر من ذي قبل ، ويظهر هذا واضحاً في لوحاته التي رسم فيها الوجوه النسائية   ، متخذاً من عجينة اللون الترابي طريقاً لتحقيق فلسفته الفنية لأنه وجدها تساعده في  إظهار التعابير الداخلية للشخصية المرسومة التي برع في أدائها كثيراً ، وتخصص برسم  الوجوه النسائية الجميلة ...‏‏‏ 

ونرى في تجاربه  الفنية الأحدث محاولاته الجادة للتخلص من دقة التفاصيل ، وخاصة في لوحاته المناظر  الطبيعية التي منحته حرية واسعة في اختياراته التشكيلية واللونية ، وبعداً واضحاً  عن التدقيق في الملامح الحيّة ، فكانت هذه المرحلة الفنية بداية انطلاقه نحو  التجريدية التعبيرية التي قدمها في معرضه الجديد في عام ( 2000 ) ، حيث اتخذ من  شجرة النخيل والمرأة موضوعاً أساسياً في أعماله الجديدة ، وابتعد فيها ، بشكل صريح   ، عن الدقة في الملامح ، وخيم عليها المساحات اللونية التجريدية بألوانها الترابية  الصارخة مما أعطاها طابعاً خاصاً بها ، يتميز بالحداثة رغم وجود بعض التأثيرات  الواقعية التعبيرية في مجمل أعماله الجديدة التي لم يستطع التخلي عنها نهائياً ،  وكأنه يحاول أن يمزج بينهما ببراعة ليقدم مفهوماً جديداً لرؤيته الفنية .‏‏‏ 

يتحدث الفنان  النائب عن أهمية المرأة في أعماله قائلاً :‏‏‏ 

 "المرأة موضوعي  المفضل ، والمرأة أجمل مخلوق ، ولا تستمر الحياة بدونها ، وعلى مدى العصور  يستخدمونها رمزاً للخير والربيع والعطاء والخصب ... وأحاول رصدها بأشكال متعددة  للوصول إلى الحالات الداخلية والرؤى والتصورات ... وهي صورة عن داخل الفنان "  ‏‏‏  .

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية