الحبيب بسام كوسا سنونو أبيض الجزء 5
الفنان #الياس _الحاج
أيام ...
الحبيب #بسام _كوسا ( سنونو أبيض ) ج 5
البورتريه بقلم الرصاص والجاف للمبدع Ahmed Bazerbashi.
الوفاء أصل الصدق .. عبارة قالها، ولم يخل بها يوماً .. ليس لأجل الآخر .. وإنما لأجل روحه الصادقة الوفية لناسه الصادقين .. لأسرته .. لتجليات إبداعه .. ولأنني أعرف تماماً أن كل وفاء صدق، كنت ألجأ لمشورته الصادقة طمعاً بوفائه، وهو الذي لم يوفر مناسبة أو لقاء مع أشخاص إلا وأسمع منه كلمات محبة واحترام وتقدير تعبر عن خصاله الأصيلة .. عن الوفاء الذي يؤكد ثقة كل منا بالآخر .. وهو الذي عرفت فيه الحفظ والصون لعهود الاعتراف بما قدّمه الآخر من أفعال طيبة، والحرص على المودّة ..
كان شتاءً يوم زرته أول مرة بعد زواجه في بيته البسيط على السطح .. وكان نشيد المطر يعزف موسيقاه ..
بعد أن جلست على مقعد خشبي بسيط، أتأمل البسط والطاولة الخشبية التي صنعها مع مقاعدها بيديه الهاويتين بروح محترف النحت أدركت تماماً وهو يحدثني عن بناء الإنسان أن كل تفصيله في حياته تعنيه .. وكم كان بالغ التأثير وهو يحدثني عن الأسرة وعلاقتها كمفهوم مع دفء الطبيعة، كمن أراد أن يشير للعلاقة بين حنينه لأسرته وتلك الأخشاب المصنوع منها ديكورات بيته البسيط جداً .. والراقي جداً بلمسته الفنية ..
وكان شتاء آخر يوم زرته أول مرة في بيته الواسع الحديث .. ولم يكن هناك فرق في الشعور أو مقارنة بين أهمية البيتين، بل زاد الدفء .. الحنين .. البساطة ... وتفوق محبتي واحترامي وتقديري لعائلة أقدس أسرارها ...
يومها حدثني عن كسر التقاليد، ورموز الأطياف .. وكيف أراد أن تتمثل عائلته بالإنسان .. أي أنسان منفتح في كل مكان من العالم .. ثم فتح صفحات منجزه القصص ( نص لص ) وأطلعني على بعض النماذج بعد أن قدم لي مشكوراً نسخة كهدية .. ثم قال : ربما تجدها قصصاً عادية .. وربما تعجبك أو العكس .. معتبراً أن ما كتبه بوح بين الواقعي والمتخيل ربما يشبه علاقته بفن النحت .. لكنني وجدت أنه الأكثر تأثيراً والأعمق من كل ما يمكن أن أقرأ لغيره .. فالحبيب "بسام" ليس إنساناً عادياً بالنسبة لي .. وقد أدركت مبكراً أن كلام المؤثرين في حياتنا أكثر التصاقاً بأرواحنا من عباقرة الزمان .. وأن هناك من نلتقي بهم مرة فيقولون جملة واحدة يكون لها وقع على نفوسنا وتفكيرنا مدى الحياة، وهناك أشخاص يقولون أهم المصطلحات والعبارات والمفاهيم القيمية والنفسية ولا يكون لهم أي تأثير ... لذلك كان ولا يزال يقيني أنني ولمجرد أن أبدأ بقراءة فكر |بسام" حتى تتجلى ذاكرتي بما لا يتوقعه أحد ... ليس لأنني منحاز لإنسانه .. لعمق منطق تفكيره وحسب وإنما لأنه يمنحني قوة تذهب بعوالمي إلى أقصى مداها .
وقد كتب عن مجموعته القصصية ( نص لص ) أنها تتضمن مقدمة يتحدث فيها الكاتب عن سبب تسميته لها بهذا الاسم ومما ذكره ( فقد راق لي أن أبحث عن شخص تتوفر فيه مجموعة من المواصفات تمكنني من الاتكاء عليها أثناء الكتابة ، لكنني اكتشفت أنه من الصعوبة بمكان الحصول على ما أريد بالضبط، فما كنتُ أبحث عنه هو نموذج بشري له مواصفات ليس اللص الكامل بل أن يكون نصف لص لا أكثر .... ) .
وتتألف المجموعة من عشر قصص وهي على التوالي، يُمَّا مويل الهوى، أنا وهو، الليلة عيد عالدنيا سعيد، الأستاذ، المكاشفة، واحد وَ واحد، مكاشفات امرأة خرجت عن القانون، سهرة مهذبة، نملة واحدة فقط، مُيام.
أما قصته الأولى يُمّا مويل الهوى فتتحدث عن أسرة فلسطينية تحلم بالعودة ذات يوم إلى عكا، وكان الطفل كلما سأل والدته متى سنعود، تقول له عندما تكبر، وكبر الولد، والطريق إلى عكا ما زال بعيداً.
نملة واحدة فقط تتحدث هذه القصة عن رجل ربط حياته بنملة كان يربيها، وعندما هربت النملة غربت شمس حياته.
مُياوم تتحدث عن مراد الرجل المتزوج وأب لطفل واحد، يعمل كأجير باليومية، وأثناء عمله على أسطح أحد البيوت يسقط ويهوي نحو الأسفل ويصبح ملازماً للفراش.
تتميز المجموعة القصصية بنفحةٍ إنسانية عالية، وبروح الدعابة في بعض الأماكن، لغتها بسيطة سهلة وكأن "بسام كوسا" يخاطب الإنسان العادي البسيط، فقصص المجموعة من الناس وإلى الناس.
بقي أن نُذكر أن المجموعة من إصدار دار الجندي للنشر والتوزيع في دمشق ، بطبعةٍ ثانية لعام 2003 .
ومن قصة مكاشفات امرأة خرجت عن القانون نختار:
أمي كانت مؤمنة بكل أنواع الفأل والعرافة والتعاويذ والأحلام، وتؤمن بالدراويش والجن والعفاريت، وبمصادفات السوء وبعيد الحسود، والأدوية الشعبية وملح الخميس، وبقرب حلول نهاية العالم، وكانت تؤمن أني أنا ابنتها البكر سوف أتزوج قريباً وحالما يحصل في السنة الكبيسة خسوفٌ للقمر.
يتبع ....
