قالت الصحف

الدكتور أحمد برقاوي .. نفوس

الدكتور أحمد برقاوي .. نفوس

1986 مشاهدة

 

نفـــــوس

معاً على الطريق 

الثورة : 14152
الثلاثاء 23-2-2010م

د. أحمد برقاوي

 

اعلم: أن النفس - بالمعنى العام للكلمة - هي الإنسان، وتحمل  أيضاً معنى الروح، وتستخدمها اللغة المحكية بصفة دلالة على معنى أخلاقي، نفس كريمة،  أو رديئة وفي القرآن الكريم جاءت كلمة نفس بمعنى الكائن:

ونفسٍ وماسواها،  كل نفس ذائقة الموت..‏

وقد استخدمها  الشعراء للدلالة على تمايز النفوس.‏

وعندي أنه يمكن  استخدام كلمة نفس بمعنى جبلّة، جرياً على اللغة المحكية وعندها يمكن أن تكون الجبلة  قابلة للوصف.‏

وأن الناس نفوس  متنوعة، دون أن نحلل الآن سبب تنوعها.‏

يقال على سبيل  المثال عن شخصٍ انتهازي: نفسه رديئة، ويقال عن شخص فجع: نفسه دنيئة، ويقال عن شخص  ذي كبرياء: نفسه عزيزة، وعن الكريم نفسه كريمة وهكذا كـ نفس وضيعة، نفس  نبيلة..الخ.‏

وعندي أن الناس  نفوس.. بل ألوان من النفوس وبمعزل عما هو مشترك بين النفوس فإنه لانفس شبيهة  بأخرى.‏

غير أني كغيري  من ابناء العربية ونحن معجبون ببيت شعر المتنبي الشهير في هجاء كافور الإخشيدي:‏

لا يقبض الموت  نفساً من نفوسهم‏

إلا وفي يده من  نتنها عود.‏

لنتساءل هل هناك  حقاً نفس يقرف الموت من قبضها لشدة نتنها فيستخدم عوداً لأداء مهمته؟‏

يبدو لي أن  المتنبي كان ظالماً ظلماً شديداً على كافور الإخشيدي.‏

فكافور لمن  لايعلم كان شجاعاً وقوياً وحازماً وذكياً، حكم مصر وجزءاً من الشام، لكنه لم يعط  المتنبي ماأراد من سلطة، فهجاه بعد مدح.‏

لكن ماذا لو رأى  المتنبي حال سلاطين هذا العصر.‏

ماذا لو رأى  «زعماء الكيان العنصري - الصهيوني النازي» في فلسطين وهم يدخلون قصور بعض السلط  العربية ويصافحون تلك النفوس مع ابتساماتها القبيحة.‏

ما الذي كان  سيقوله شعراً!؟‏

أتراها نفوس  تشبه نفوس بني آدم، أم أنها قدت من قار وجرب.‏

تخيل لو أن  الموت يدنو منها ليقبضها، هل سيفر هارباً من رائحتها القاتلة لا.. من حسن حظنا أنها  نفوس يجد الموت طريقه إليها بالصورة التي يراها مناسبة.‏

لكني لا أتخيل  أبداً أن يجري الأمر كما وصف المتنبي، لأن الموت إذا ما استخدم عوداً فسيقترب منها،  بل أتصور أن الموت لديه سلاح بعيد المدى، يفعل فعله من مسافة بعيدة جداً خاصاً بمثل  هذه النفوس.‏

إن المرء لايصدق  أبداً أن يكون على ظهر الأرض كائنات تسلك سلوك المتصالحين مع العدو، مع عدو هو في  ذروة همجيته وعنصريته وصلفه.‏

إنه لسؤال  محيّر: كيف تصل النفوس إلى هذا الدرك الأسفل من قلة الحياء الإنساني؟!.‏

ماحاجة هذه  النفوس إلى عدو كهذا، وهب أن لديها حاجة به فهل من العقل شبه السليم أن تضحي  بهيبتها وكرامتها وإنسانيتها ووجودها أمام الآخرين من أجل حاجة هي زائلة اسمها  السلطة؟!.‏

إني لأعتقد  جازماً: أن المؤرخين العرب والعالميين سيضربون مثلاً على حال الاستثناء في السيرورة  التاريخية للأمم وللشعوب والأفراد مثل هؤلاء المتصالحين مع العدو.‏

وأي عدو... عدو  مطلق العداء الآن وفي المستقبل.‏

ولن يكون إلا  عدواً.‏

إن عدواً كهذا  -وهو قابل للزوال- يجب أن يزول.‏

لا أن نمد يدنا  لنصافح يده التي قتلت عشرات الآلاف وستقتل إن بقيت دون قطع.‏

يد عدونا للقطع  لا للمصالحة أيتها النفوس التي يقرف الموت من الدنو منها.‏

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية