قالت الصحف

الدكتور أحمد برقاوي يوضح القناعة ليست كنزاً و  الرضا الذاتي .

الدكتور أحمد برقاوي يوضح القناعة ليست كنزاً و الرضا الذاتي .

2283 مشاهدة

الأخوة والأصدقاء الأحبة

زوار الموقع الكرام

تحية طيبة

لقد اخترت هذا الموضوع لأهميته من وجهة نظري بالحد الأدنى، أضعه أمامكم، أتمنى أن ينال اهتمامكم.

مع الحب والتقدير

كنعان البني  

*معاً على الطريق

"القناعة ليست كنزاً"

أعلم أن القناعة والقنع من قنع : وهي الرضى بما أعطيت، فيكون الإنسان قانع وقنعق هو الجمع، أو هو قنيع وجمعها قنعاء. وهي قنيع وقنيعة وجمعها قناقع. واستزادة بالشرح نقول : اقتنع وقنع رضي بالرأي، والقانع أيضاً خادم القوم وأجيرهم وتابعهم ومن قنع اشتق القناع الذي تلبسه المرأة.

أرأيت أمة تشتق من "فعل" هذه معانيه "القناعة" وتعتبرها "كنزاً" لا يفنى. وتحول هذا القول إلى حكمة تكتب على الجدران والباصات وتصير لوحات تعلق في البيوت والمكاتب وتطبع في أسفل صفحات المذكرات وخلف الروزنامات.

هل تفسر لنا ثقافة الرضى والقناعة هذه حال الذل التي نعيشها الآن؟ هل القناعة بالواقع هذا الذي نعيشه كنز لا يفنى.

تخيل أيها القارئ العزيز إذا ما طبقنا هذه الحكمة السخيفة "القناعة كنز لا يفنى" على حاضرنا ومستقبلنا، وأخذنا معناها الرضى بما أعطينا، تخيل ماذا سيكون عليه الأمر.

تخيل لو أننا قنعنا بما يقدمه لنا عدونا من فتات، وقال لنا : سأعطيكم السلام والأمان دون الأرض. بناءً على حكمة "القناعة" هذه سنشكره. وتخيل أن قال للفلسطينيين وهو يقول لهم ذلك أصلاً : سأعطيكم ثلاثين بالمئة من الضفة أما القدس الموحدة فهي عاصمة أبدية لدولتنا العنصرية وقبل الفلسطيني ذلك تطبيقاً ل : القناعة كنز لا يفنى. تخيل حال الفقراء والموظفين والعمال وما شابه ذلك إذا رضوا بالقليل القليل لأن القناعة كنز لا يفنى. تخيل شعبنا يقبل بما يعطيه حاكمه ويشكر الله على نعمه لأن القناعة كنز لا يفنى. تخيل حال المرأة إذا لم تطالب لحقوقها بوصفها كائناً بشرياً ورضيت بالقليل الذي أعطاه الرجل والعادات لها؟ تخيل وتخيل وتخيل عندها ستجد نفسك خائفاً قاعداً مستكيناً ذليلاً لا حول لك ولا قوة وكل ذلك برضاك وبخيارك الحر لأن تؤمن بأن القناعة كنز لا يفنى.

أيها الناس أنسيتم قول المتنبي :

إذا غامرت في شرف مروم      فلا تقنع بما دون النجوم

إن أهم صفة من صفات الإنسان أن يفكر بالآتي ويعمل من أجل الآتي، ولا يرضى بالحاضر إنه يتخيل عالماً أجمل و أفضل و أغنى. فارموا هذه الحكمة الثقيلة الظل في سلة المهملات، وفي حاويات الزبالة، وضعوا مكانها : القناعة هي الموت والفناء.    

الدكتور أحمد برقاوي  

عن جريدة الثورة العدد / 14007/  الثلاثاء 1/9/2009

*معاً على الطريق

"الرضا الذاتي"

أثارت مقالتنا (القناعة ليست كنزاً) ردود فعل متباينة عند قرائها، وتحدث معي القراء بين مستنكر للآراء التي قدمت، وبين مستحسن، وفي كل الأحوال نحن لانحمل أحداً من الناس على آرائنا، ولكن واستزادة في الإيضاح آثرت أن أوضح مفهوم الرضا الذاتي.

الرضا الذاتي : أن يكون الإنسان منسجماً مع ذاته ويعيش حالة من الرضا على عالمه الذاتي بما ينطوي عليه من سلوك وأفكار وطموحات الخ.. ويمكن أن نقول إن الرضا الذاتي قناعة الذات بنفسها، وهذا أمر مختلف عن القناعة التي أشرت إليها في مقالنا السابق.

دعوني أعرض لكم الحالة الآتية : شخص وجد نفسه مهندساً وهو لايطيق الهندسة من قريب أو بعيد، ورغبته أن يكون فاعلاً في حقل الموسيقا التي تتطابق مع طموحه وروحه، فماذا عليه أن يفعل؟ ليس أمامه إلا ثلاثة احتمالات : إما أن يترك الهندسة إلى غير رجعة ويحزم أمره لدخول عالم الموسيقا، فيحقق الانسجام الذاتي والرضا الذاتي وينجو من الاغتراب المدمر الذي يعيشه، أو يرضى بما قسم له، ويقنع بما هو عليه من حال لأن القناعة كنز لايفنى، وينسى أمر الموسيقا.

وهو إن فعل ذلك عاش حياة عادية لاجمال فيها ولامتعة.

أو أن يبقى في عمله الهندسي ويمارس هوايته الموسيقية في محافل ونواد خاصة بالموسيقا فيحقق شكلاً من الانسجام مع ذاته مع بقائه في المهنة التي وجد نفسه فيها.

أما اللاحل : فهو أن يبقى في توتره واغترابه ونفوره السابق، ما سيؤدي إلى اكتئابه، وقد يؤدي الاكتئاب إلى الانتحار أو إلى حالة نفسية صعبة الشفاء.

وكل اختيار بين هذه الممكنات مرتبط بالفرد وطبيعته وثقافته وبنيته النفسية، ولو سألتني مالخيار الذي أفضل لأجبتك دون تردد: أفضل الخيار الأول كي أحقق الرضا الذاتي أجمل تحقيق.

ولو سألتني ما أسوأ الخيارات لأجبتك دون تردد الخيار الثاني، لأنه يدل على خنوع وخضوع وقناعة ناتجة عن شخصية ضعيفة، وقائل يقول : لكن هذا الخيار قد حقق رضاً ذاتياً، لكن شتان ما بين الرضا الذاتي الناتج عن الخنوع والرضا الذاتي الناتج عن التمرد.

لو سألتك أيها القارئ العزيز أن تختار أحد الخيارات الآتية فما الذي تختاره؟

تحر ير فلسطين، الموافقة على اقتسام فلسطين بيننا وبين عدونا قناعة منك بأن لا حل أحسن من هذا الحل، الموافقة على دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية دون القدس، دولة فلسطينية في غزة والضفة والقدس مقسمة عاصمتين إحداهما لنا والأخرى لعدونا، إذا كنت من أهل القناعة كنز لايفنى فلن تختار الأول، أما إذا كنت من أهل القناعة كما هم أهل الحل والعقد فإنك ستختار أحد الحلول المتبقية، وقانا الله شر القانعين.

الدكتور أحمد برقاوي

عن جريدة الثورة العدد /14030/ الثلاثاء 29/9/2009  

التعليقات

  1. Image
    كل مافي الامر انو البرقاوي جميع كلامه يخلو من الخطأ انا بصراحة ابنه لا استطيع ان اذكر اسمي وشكرا

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية