أخبار فنية

الدكتور أحمـد أمـل في "نظرية فن الإخراج المسرحي"

الدكتور أحمـد أمـل في "نظرية فن الإخراج المسرحي"

3145 مشاهدة

مقدمة الأستاذ سالم كويندي

"تحقيق حقيقة المسرح وجوهره"

لتصور الدكتور أحمـد أمـل في "نظرية فن الإخراج المسرحي"

 

الكاتب: بشرى عمور

 

 

 

عن مطبعة دار النشر المغربية، صدر للمخرج المسرحي والباحث المغربي د/ أحمد أمل الجزء الأول من كتاب جديد يحمل عنوان " نظرية فن الإخراج المسرحي" وعنوانا فرعيا هو     (دراسة في إشكالية المفهوم).

 

ويضم الكتاب الذي يقع في 197 صفحة من القطع المتوسط، ستة محطات تعرف بمفهوم الإبداع في فن الإخراج المسرحي، لأنه يعتبر محاولة لسد فراغ   تعاني منه الدراسات والكتابات الخاصة بالمسرح خصوصا حول الجانب الأدبي في الوقت   الذي يغيب فيه الجانب الفني والتقني. كما أنه يعد محاولة هامة من أجل تحديد   المفاهيم والمصطلحات الخاصة التي يتداخل فيها الجانبان الأدبي والفني إلى درجة عدم التمكن من التفريق بينهما في العمل الإبداعي المرتبط بالمسرح. خصوصا وأنه يتحدث عن مواضيع جديدة في المجال المسرحي، كما يحتوي على  تعريفات دقيقة تتعلق بتكوين الصورة المسرحية من زاوية الجانب الحركي في إطار المكونات المتعارف عليها داخل أبي الفنون.
وأكد الدكتور أمل في مدخل أولي للكتاب أن الإخراج أصبح عماد العملية الفنية والجمالية الخاصة بالعرض، لأن عملية الإخراج أصبحت تتصرف في النص، تؤوله، وتبحث في ثناياه عن التيمات المضمرة.
وسيحاول الكاتب في جزئه الثاني معالجة مواضيع وإشكاليات تطبيقية حول الإخراج المسرحي مع التقعيد النظري لها.

للتذكير، فإن الكاتب أحمد أمل خريج أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد قسم الإخراج الدرامي، حاصل على الدكتوراه في جمالية الإخراج حول موضوع:"فنية الصورة في الإخراج المسرحي المكونات وأشكال التلقي" أستاذ بالمعهد العالي والفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، عضو النقابة الوطنية للمسرح الاحترافي بالمغرب. نشرت له بحوث بمجلات عربية وبجرائد وطنية، قام بإخراج عدة مسرحيات، التي لقيت نجاحا واستحسانا جماهيريا، على سبيل الذكر لا الحصر ( زقاق المدق، عائد إلى حيفاء، المدينة في الكف الأيمن، الحديث والشجن، كازبلانكا، نحس ونحسين في مدينة النحاس....) كما أثرى المجال التلفزيوني من خلال بصمتين، الأولى في سنة 1983 من خلال "عائد إلى حيفا" والثاني سنة 2006 عبر الشريط التليفزيوني الأمازيغي "أكال (الأرض)".

وقد احتوى المؤلف:" نظرية فن الإخراج المسرحي" على تقديم بعنوان: "تحقيق حقيقة المسرح وجوهره" للأستاذ: سالم كوينيدي والذي جاء فيه ما يلي:

      "إن ما يواجهنا في العرض المسرحي كمشاهدين هو الإخراج المسرحي ، لأنه هو العمل الفني الذي يحقق الفعل المسرحي ويجعله في مستوى المشاهدة ، علما بأن خاصية المسرح تتجلى في عملية الإخراج؛ وهذه الحقيقة تؤكد دور المخرج المسرحي باعتباره فاعلا أساس ومدبرا لكل مجريات العرض المسرحي، أي أنه ذلك القائد المتخفي وراء كل ما يقوم به فريق العمل المسرحي من تقنيين وممثلين و يمكننا بهذا الاعتبار الحديث عن المسرح بمفهومه التقني والفني أي كعملية إبداعية لا تتحقق في الوجود إلا باعتباره فنا للمشاهدة والتلقي والرصد حيث يحقق الراصد/ المشاهد حضوره الفعلي في العرض كطرف أساس يؤدى له ما يقدم من محتوى بمؤدين شاخصين أمامه في حركاتهم وتلفظاتهم اللغوية /الكلامية أو غيرها من اللغات الدرامية في حقيقة العرض المسرحي. وفي ضوء هذه الحقيقة الفنية القائمة في العرض المسرحي ينصب جهد الدكتور أحمد أمل في كتابه هذا، والذي جاء جهده هذا باحثا ومنقبا في كيفية بروز مفهوم الإخراج المسرحي والوقوف على حقيقته التي يفصح عنها العرض المسرحي كمنجز فني وتقني ويعطي للمسرح معناه ودلالته في منظومة العمل المسرحي، ومن وجهة نظر تحاول أن تنحو منحى  الابتعاد عن كل ما يطمس هذه الحقيقة الفنية والتقنية في معميات الصفة الأدبية التي تمنح خطأ للمسرح، مادامت حقيقة المسرح وجوهره تكمن في المشاهدة والحضور الفعلي لكل الأطراف التي تعطي للمسرح معنى الحضور في اللقاء الحميمي بين الناس .

   إن إثبات هذه الحقيقة الفنية في بناء العرض المسرحي والقائمة على فعل أساسي وجوهري هو الإخراج المسرحي، تجعل من كتاب  الدكتور أحمد أمل كتابا تقنيا وفنيا يرصد في مسار بحثه الأكاديمي عن الحقيقة ويجعلها أكثر سطوعا ووضوحا انطلاقا من رؤيا فنية وتقنية تتكئ على خصوصية  المسرح وجوهر نيته، لأن من يتحكم في هذه الرؤيا وإعادة صياغتها بأدوات مادية ملموسة، أي تحويل منطوق النص الدرامي من فضائه المتخيل والمرئي إلى فضاء المتخيل المرئي وجعله نابضا بالحياة، خاصة وأن أمر التحقق والإنجاز المسرحي ليس بتلك الاعتباطية التي يفرضها علينا المنطوق السطحي للنص الدرامي، بل هو ما يغوص في البنية العميقة للنص الدرامي ويعطيها حقيقة معناها في ما تنطوي عليه تيماته والتي ليست في الحقيقة إلا مقترحا دراماتورجي، وعند بلوغ هذه الحقيقة  للفهم والتأويل يأتي التفسير أي البناء الكلي للعرض المسرحي، لأن المقترح الدراماتورجي الظاهر في البنية السطحية للنص الدرامي ليس كذلك بل هو جانب واحد من الجوانب التي يؤشر إليها تاريخ المشاهدة  في أي عمل فني منبني على الأداء والعرض ونركز هنا على تاريخ المشاهدة في المسرح حيث ضمن هذا التاريخ تكون الذوق والوعي الجمالي، باعتبار تاريخ المشاهدة هو تاريخ للإبداع والابتكار المؤسس على حضورنا الجمالي والوعي به، ومحصلة ذلك نجدها في حضورنا في العرض المسرحي كخلاصة لهذا التاريخ والوعي به.

      والأستاذ أحمد أمل يعود بنا في كتابه هذا للبحث في هذا التاريخ من خلال بحته عن مفهوم الإخراج المسرحي معتمدا في ذلك الأدوات الفنية والتقنية في تكوين هذا التاريخ، وهو في بحثه هذا بقدر ما يعمل على الاستكشاف، يعيد بناء مفهوم الإخراج المسرحي وتكونه ضمن أهواء الذوق ونزوعاته بين التيارات والمدارس والاتجاهات الفنية قبل أن تصبح عناوين التيارات ومدارس واتجاهات أدبية وهذا هو الأصل في تكون هذه الأهواء والميول باعتبارها تحمل معنى من معاني رد الفعل أمام مكتشفات الفعل لحقيقة وجود الإنسان، وقد فرض هذا المسار على الأستاذ التنقل بين تقاطع التواريخ في الإبداعات المترامية الأطراف في شتى الفنون بما في ذلك الفنون الجميلة والتي هي ذات معطيات  مادته مادامت تحمل دلالة التصور التجديدي بحقيقة عملية العمل وانصهار الإنسان من جرائها في ألوان تحقيق وجوده ، وهنا مكمن أصل العمل الفني كما يقول "هيدجر" ، ولعل نباهة الأستاذ أحمد أمل متأتية من كونه مخرجا وممثلا وباحثا أكاديميا لم يشغل نفسه إلا بما يحقق للمسرح حقيقته وجوهره بالمشاهدة والتي يعطيها معنى دقيقا فيما يختاره من مفردات ذات دلالة هي الرصد. إن طبيعة هذا الكتاب عن الإخراج لمسرحي وتحديد مفهومه يخرج عن السياق العام الذي ألفناه في التأليف  المنجزة حول المسرح المغربي خاصة والتي أخذها هذا السياق في مسارات أدبية وكأن المسرح هنا جنس أدبي محض، بينما جاء كتاب " مقدمة في الإخراج المسرحي " مغايرا ومخالفا لهذا المسار ، باتخاذه ومند البدء أن للمسرح خصوصيته والتي لا تتحقق إلا في إطار الرصد والمشاهدة وما غير ذلك  إلا تنميقات قد تزينه أو تحيد به عن حقيقته الفنية الخالصة. وأخيرا ما يمكن أن يفيدنا في ضبط خصوصية المسرح هي خصوصيات مفرداته هو

لا غير، وهذا تحمل عناء جهده في بحثه وما فرضت عليه السياحة البحثية بين تقاطع تاريخ المشاهدة مع تواريخ فنية إبداعية أخرى. وهذا التخصيص لم يعط محدودية للكتاب وآفاقه بل أعطاه التزاما لغرضه دقة المصطلح، وهذا يشير إلى مفهوم التصور والرؤية التي ينطلق منها عمل المخرج باعتباره مبدعا قبل أن يكون فنيا أو تقنيا، حيث يرتكز التصور على معطيات زمانية ومكانية لا تمتلئ إلا بما ينظم العمل الفني في إطار عام أي تاريخ المجتمع وتفاعلاته التي يعبر عنها معنى المناهج المتبعة في التحليل / التفكيك والتركيب كمعطى أساس يكمن في علاقات الإنتاج وأساليبه على مستوى الحياة المادية التي يكون عليها المجتمع، ومن هنا تكتسب الرؤيا مشروعيتها كرؤية للعالم فنية /تقنية أو أدبية، كما أن جوهر الفعل المسرحي في أصله هو الصراع، وما يحكم تجاذب الرؤى على مستوى الواقع  المعيشي في أي مجتمع هو الجوهر الذي يحكم  ويصوغ هذا الصراع أي عنصر التناقض بين طرفين أو أكثر ، والرؤية (    الإخراجية    ) للمبدع والفنان هو اكتشاف هذا التناقض وإعادة صياغته  في عمله الإبداعي والتعبير عنه بأدوات فنية، وفي مجال المسرح تتجدد مجالات التعبير فيه الشيء الذي يجعلها (المجالات) تتقابل مع فنون أخرى خاصة، وأننا عندما نتحدث عن الفن بالمفرد فإننا بالضرورة نكون بصدد الحديث عن فنون بالجمع، ولهذا يعتبر  المسرح أبا الفنون، ومهندس تقابل الفنون

ومصبغها في عمل فني واحد والذي هو العرض المسرحي هذا ليس إلا هذا المهندس المخرج، وكل عمل المخرج هو الإخراج، وهذا ما ركز  الدكتور أحمد أمل عليه وجعله في طي كتابه الذي يحبل  بإشراقات قد تثير دهشتنا عندما نكتشفها بعد ما كنا  نمر عليها مرور العابر فيما تعود أن يراها دون أن يدري أن ذلك الذي كان يراه هو صلب العمل الفني  وجوهر العرض المسرحي والذي قائمة للمسرح في حقيقته ومغايرته الفنية له دون هذا الجوهر" .

التعليقات

  1. Image
    استمتعت كثيرا بالموضوع اتمنى لك الموفقيه والاستمرار ساتواصل معك بما لدي من جيد في قراءتي الاخيره للعروض المسرحيه

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية