مواضيع للحوار

الدكتور جبار خماط حسن الوجه بوصفه نصا

الدكتور جبار خماط حسن الوجه بوصفه نصا

349 مشاهدة

الدكتور جبار خماط حسن الوجه بوصفه نصا ...

#صالح_النجار

#الوجه_بوصفه_نصا

الدكتور #جبار _خماط _حسن

تجده صامتا ، لا يتكلم إلا قليلا ، لكن مشغل عقله ومخيلته لا تتوقف عن البوح، لأنه يعرف أن صنع الجمال هو إنتاج البلاغة البصرية ، وخير الاشكال ما قل ودل !

وعلى نحو الدلالة الفاعلة ، فان ما يميز نصه البصري ذلك  الإنسان وتلك الطاقة التعبيرية التي نجدها في الوجه ، تتجذر في الذات منذ الطفولة إلى لحظة الموت الذي يتوقف معه التعبير ويتحول وجه الميت إلى قناع ثابت لا دلالة فيه الا ما وجده الناس من حوله !

 فالقناع له دلالته الاتفاقية مثل قناع الشيطان او الحيوان او الأنثى او الذكر ، كلها علامات مباشرة يتفق عليها الرائين، لأنه في حالة تعبير غير متطورة بل نجدها ثابتة في إدراك وذاكرة المتلقي ، والوجه حيلة دفاعية للتخلص من الضغوط الخارجية او تبديل المعنى من خلال دفع الضرر المعنوي ، كأن يعطي تعبير السعادة وفي داخله حزن عميق ، هكذا يعطي لنا الوجه اقنعة متعددة على مدار لحظات اليوم الواحد ، ويحدد لنا علماء النفس أن الإنسان وجه وقناع، الوجه حين تكون مع نفسك في بيتك تعود حرا من دون رقابة اجتماعية ، أما القناع فهو ابتكار بشري هدفه التكيف مع الواقع وحاجاته . ولهذا يميز علماء الاجتماع بين الشخصية / الوجه في حالة طبع فطري والشخصية / القناع في حالة تطبع واكتساب ، ولهذا الحفر في علامة القناع لها بعدها الإنساني والعالمي، فالجميع يتخذ القناع وسيلة تواصلية متوازنة غرضها تعديل السلوك ونقله من الاضطراب إلى الثبات . ان مفهوم persona تعني القناع في العرض المسرحي ، يتماهى معه الممثل ، ليحقق درجة عالية من الإقناع الفني ، وأول الفلاسفة الذين نظروا في القناع هو أرسطو في كتابه فن الشعر، لأنه يرى على المسرح اليوناني ذلك الممثل الذي يحمل قناع الشخصية ، حتى يظهر للمتلقي أنهما كيان واحد ، واستمر الحال الى وقتنا الراهن ولكن من دون قناع محمول باليد او معلق على الوجه ، بل متماه مع الوجه من خلال أصباغ المكياج الذي تحول وجه الممثل إلى وجه الشخصية ، استراتيجية التحول الذي يحققه القناع يماثل في دهشته السحر البدائي وتعويذاته ، لكن الفرق ان القناع الفني يكون مرئيا ، والسحر البدائي يكون لا مرئيا!

هذا الاشتغال الجمالي نجده على نحو درامي في فضاء اللوحة مسرحيا ، نجدها قريبا في كاليري الكلمات ستكون لوحات "صالح النجار" كلمات لونية وحيوات إنسانية في تكوينات تشعرك انك جزءا منها ، هذا التداخل والتبادل المكاني بين اللوحة والمتلقي لا يتحقق إلا في التجارب الإبداعية ذات الرسائل الحضارية وقد تحققت في اشتغال الفنان "صالح النجار"  الإبداعية المولود في خانقين سنة 1968 ، ترحاله الدائم في فضاء اللوحة التشكيلية والبحث عن الجديد تقنيا ، سيحل قريبا بيننا في بغداد ، يقدم معرضه الشخصي السادس في دوكانة رؤيا / المتنبي ، يوم 4/12/ 2020 الذي اجده علامة إبداعية مميزة في إنتاج نصوص تشكيلية تمزج بين فنون الرسم وتصميم البوستر ، فما نجده في نصه البصري يمثل اختزالا لازمة الإنسان في الحياة ، توتر مفهوم التصالح مع الذات والآخر، وإمكانية ان تكون تواصليا من دون الحاجة إلى الأقنعة وكأننا في مدينة فاضلة لا شر فيها، يعيش الجميع في سعادة ووفاق ، ولهذا نجد أطروحة الخطاب البصري اللوحة التشكيلية لديه ، تتلخص في أزمة الإنسان المعاصر هو في انتشار ظاهرة التقنع وآخرها كمامة كورونا ، نصف قناع مع نص وجه ، يتداخلان فيكون الناتج غياب الآخر وتوترا منه ، فالتباعد والحذر من الاخر هو خطاب القناع الكتروني الجد يد وكأننا في حرب بايلوحية شكلها قناع الوقاية/ الكمامة ، ومضمونها السلامة من خطر هو التواصل مع المجموع، لهذا مع لوحات الأقنعة لدى "صالح النجار" تحققت فكرة اننا نعيش في غابة تسكنها الأوبئة وجنودها البشر في كل مكان !

 لذا لا إيقاف للحرب مادامت الأقنعة متوفرة والمصالح متقاطعة ومساحة السلام ضيقة!

هل الوجه في لوحاته من دون تعبير ؟

في المقابل نجد تمثلات الحيوانات ظلالا في جسد اللوحة وكأنها ذاكرة الغابة العنيفة ، على الرغم من أناقة الملمس وحضور الشكل المتناغم ما بين الاكريليك ومواد أخرى تكون سائغة المذاق لدى المتلقي ، "فالنجار" لديه قدرة فائقة على التقاط الموجودات في الحياة وتحويلها إلى علامات جمالية في نص البصري التشكيلي ، ما يميز الوجوه غياب ملامحها وكأنه تسطيح للشعور وتدمير الإرادة فالجسد مقموع غير مكتمل ، وكأنه بحث محموم لاكتماله بوجود فضاء واسع الخلفية يكاد يكون متشابه البعد اللوني في أغلب لوحاته وكأنه روح تائهة في مدارات السؤال، أين نحن؟

لماذا هذه الوجود مقفلة أبوابه؟

 لماذا لا توجد سعادة كاملة؟

 لماذا هذا الاغتراب الموحش إلى درجة غياب ملامح المارة على قارعة الطريق ، يجيبنا الإنشاء التكويني للشكل، بان العلاقات اللونية والملمس المتناغم ما بين الحضور البشري والأشياء في جسد اللوحة هو المساحة الصديقة في وعي ادراك المتلقي، فالحياة تكتمل بالجمال والسلوك ينتظم بتربية الذوق الفني ، انها علامات جمالية لمدينة لونية يحلم بها "صالح النجار" .