مواضيع للحوار

الدكتور جبار خماط حسن ويوم المسرح العالمي

الدكتور جبار خماط حسن ويوم المسرح العالمي

512 مشاهدة

الدكتور جبار خماط حسن ويوم المسرح العالمي

#يوم_المسرح_العالمي

#العيادة_المسرحية_تجمعنا

#قلق وخائف هذا العام ، لم يشتري ملابس العيد ، خوفا من شخصياته تخشى الكورونا، اوضى لير بناته ، ان يتصلوا بازواحهن ان يعودوا فورا ، لان المسرح / البيت ، هو الركت الامن ؟! اخبرته الكبيرة يا سيدي كيف سنعيش؟ المؤن نفدت ، يبدو ان الحظر طويل ؟ عطاسها افزعه، تعرقها المحموم، ضيق الصدر، كلها علامات ظهرت على ابنته الصغرى ، كورديليا، ماذا يفعل ؟ يالهي ، ساعدني.. قاطعت حيرته ابنته الكبرى ، ينبغي التخلص منها وإلا اصابت الجميع بهذا الفايروس، اخذ تلفونه ، اتصل برقم الطوارئ، بعد ربع ساعة جاءت سيارة الاسعاف يقودها عطيل ، ملفوفا بثياب بيضاء واسعة مع غطاء رأس يخفيه تماما، فقط نرى عينيه ، تدور في المكان، بحثا عن المصابة بكورونا، الصمت يسود البيت، قطعه إشارة الإصبع من اختها الكبرى ، بأنها هناك في الشرفة ! فتح عطيل باب الشرفة ، وجدها ترتجف ، اوقفها ، قادها الى سيارة الاسعاف !

عطيل : من سيرافق المريضة.؟!

(صمت ) رفضوا الذهاب معها ، لكن لير قرر الذهاب مع ابنته في الحجر داخل مستسفى المدينة .

اكتب هذا المشهد ، والعالم كله ، قرر العيد بيوم المسرح ، في البيوت ، محتجزون احترازبا ، حتى لا يصاب المسرحيون في عيدهم العالمي للمسرح.! العيد ، تنتابه الحيرة ، هل سيجتمع من يؤمن بي محتفلين؟ ام تراهم خائفين، يتركوه مثل بنات الملك لير، الذي بقي وحيدا من دون ملاذ تعصف به رياح عاتية ! او مثل كورديليا في مسرحيتي الجديدة !

لم يتوقع المسرح في عيده، ان يكون وحيدا مع بطاقات الدعوة التي تكدست على الطاولة. تركوني وحيدا في المسارح الخاوية ، الجميع في بيوتهم ، الممثلون والجمهور، ومازال العرض ينتظر البداية. ينبغي تاجيله، ينبغي أن تلتزم

بالوقاية ، لا مصافحة ولا تحية ، أسدلت الستائر !! المعلومات الواردة تقول ان شخصيات مسرحية مريضة بالفايروس تسربت من خشبة المسرح ، والتصقت على ثياب الجمهور ووجوهم وايدبهم.!

ماذا أفعل يا إلهي؟ ( في حيرة ) هل أنفيهم إلى عروض مسرحية لا تنتهي ؟ لا جدوى ، لا احد يشاهدهم ؟ القاعات تخشى التجمع والتجمهر! التفكير ، للمرة الأولى أرى عيدا بهذه الهيئة، بملابس رثة، وشعر غير متناسق، وسيجارة من النوع الرخيص ، صافحت شفتيه، حتى اصفرتا!! أي مسرح واي عيد ؟! الناس خائفة ، يتجول في رؤسهم الرعب ، لهذا قررت أن اغادر العالم هذا العام ، مع نص مسرحي وقبعة من القرن الماضي، ونظارة سوداء امشي في جنازتي على لحن لموزارت ! وها نحن نقترب من يوم 27/3/2020, والذي تراه سيكون مقفرا ، مسارحه خاوبة تعاني صداعا حادا.

مسرحنا ، سيأتي بكمامة ، يخشى الآخر، لا نرى منه سوى عينين اتعبهما السهر، تنظيف وتعقيم وارشادات ، لا مضافحة ولا تقبيل ، ولتكون المسافة بين الممثلين مترا على الأقل! كتب في يوم ميلاده، ولدت بجوار الجبل ، بين أصابع الآلهة والطقوس، الأجساد من حولي حرة وطرية، لا تخشى من الاخر عدوى، قبل أن تصهل الكلمة بالمعنى، كنت فرجة يتداولها الناس في كل مكان ، في القرى والمدن ، المعابد والمصحات ، نشترك جميعا في طقوسها ، ومع الكلمة ، تداخل المعنى وتفجر التاويل ، ينبوعا لا تتوقف دلالته ، مما اوجست منه الحكومات خيفة، دعته لكتابة ميثاق شرف، يتكفل المسرح بعدم المساس بهيبة السلطة ، يتكفل الطرف الاول/ الحكومي بإعلان ودعم المسابقات المجزية لمن يقترب أكثر منها ويفوز بودها ، فاز اسخيلوس وسوفوكليس مرات كثيرة ، أما يوربيدس لم يفز الا مرة واحدة ، أو لم يفز، لأنه لم يتوقف عن نقد السلطة، هو ومن جاء بالكوميديا سبيلا للوصول إلى الجمهور بالضحكة الناقدة، ارستوفانيس، انها سباق الوصل او القطع في رحلة المسرح الطويلة التي اتناغي بالود الحميد، من يكون لها داعما، أو تنقده بالكلام الخبيث، حين تجده شحيحا في إيمانه بها !

تطورت الحياة وتنوعت تقاليد المسرح واشكاله، منه من آمن بالعلبة توجها واسلوبا، ومنهم من قال حرية المسرح حين يكون تحت الشمس او تحت ظلال القمر، في علاقة مفتوحة مع الجمهور في كل مكان ، نعم بالمسرح لا يجد كينونته الا بالجمهور شاهدا وناقدا، يتسال المسرح تعودت عليهم، صمتهم البليغ واصواتهم المجلجلة ، مستهجنة تارة ومتفاعلة تارة أخرى، مرت السنوات واصبح عمري المدون في تاريخ ميلادي ، مع أول ظهور للنص الدرامي 2520 سنة، عمر طويل ، شاخت فيه البنايات المسرحية، وما زالت المعالجات في عمر الشباب ، يانعة الرؤية، أنيقة التجسيد، لكني اتوجس خيفة في يوم عيدي ، المسارح مهجورة، العروض المسرحية تشعر بالغربة ، النصوص غادرت عناوينها ! كيف لي أن احتفل بيوم عيدي؟ تلاحقني كورونا ، وكأنها شخصية غير مكتملة دراميا، تريد الدخول بالقوة الى نص يرفضها ابتعدي كورونا ، الحياة المسرحية تخشى الموت في يوم عيدها !