مواضيع للحوار

الدكتور جبار خماط  يكتب المسرح والتنمية البشرية

الدكتور جبار خماط يكتب المسرح والتنمية البشرية

1370 مشاهدة

الدكتور جبار خماط  يكتب المسرح والتنمية البشرية

2017القسم: مقالات ودراسات

الكاتب: صفاء البييلي

 

المسرح نيوز ـ بغداد  د. جبار خماط أكاديمي عراقي

ـ يطرح لنا الفيلسوف الالماني ((هيغل)) سؤالا اصبح معياراً لمفاهيم التداولية المعاصرة، إذ يقول: " هل بالإمكان أن نؤسس إلى فيلسوف شعبي يحقق التواصل مع الناس بكل طبقاتهم “؟.. ولو اعدنا ما ايريد هذا الفيلسوف مع المسرح، إذ نقول: " هل بالإمكان أن نؤسس إلى مسرحي شعبي يتواصل بعروضه أو نشاطه المسرحي مع الناس بكل طبقاتهم، من دون خطاب استعلاء يعطل تواصل المتلقي، لأنه يشعر بوجود فجوة ثقافية بينه وبين العرض المسرحي، وربما نجد عروص مسرحية تمتاز بالسطحية، التي تتنافى مع دور المسرح في التطوير المجتمعي، إذاً ينبغي التفكير بمسرح له علاقة عضوية بمفهوم التنمية المجتمعية، يؤسس إلى مسرح ينطلق من الناس قبل أن يأتي اليهم بطبق جاهز قد لا يستسيغوه أو لا يتواصل معه بالتذوق “.؟.. ولذلك أصبح حراك المجتمعات فكريا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا عنوان اساس للتنمية البشرية.

 وهنا ينبغي أن نتساءل حول علاقة التنمية البشرية في المسرح ؟

ضرورة ام اختيار ؟

 كيف يمكن تداولها مسرحيا ؟

ينبغي القول أن التنمية البشرية هي أن يعرف الناس انهم يمتلكون القدرة على صناعة الحياة يمتلكون القدرة على صناعة مستقبل أفضل يمتلكون القدرة على إيجاد مقاربات في فهم الاخر وفِي فهم الوجود، وحتى في فهم البيئة المحيطة، التنمية البشرية مصطلح لصناعة ذات ناجحة تستطيع أن تعرف قدراتها الإبداعية تتخذ قرارا وتصنعه بشكل إيجابي وتؤثر في الاخر ضمن قدراتها التي تدخل في بناء الشخصية وتمتلك الروح الإيجابية التي تصنع وتؤثر وتحقق الضمانية لمستقبل يفيد ويتحرك ضمن إيقاع المجموع.

تهدف التنمية البشرية إلى بناء الذات والقدرات وكذلك بالنسبة إلى المجاميع وصولا إلى التركيب المجتمعي بشكل عام، ولا يمكن بناء القدرات في بيئة قلقة أو متوترة أو تغيب عنها البيئة القانونية والمجتمعية المستقرة، وبما يتعلق في المسرح من حيث التكوين والرؤيا من المهم تعزيز بناء الثقة للقدرات الخاصة للتنمية البشرية وعلاقتها بالمسرح من حيث الفكر والإنتاج .. كل الفعاليات المتعلقة في انتاج العرض أو النشاطات أو عناصر العرض ممثل، منظر، سنوغرافيا، صراع بالنسبة للطاقة الفاعلة للعرض أو النص كلها ضرورية ومهمة في تطوير القدرات المتعلقة بصانعيها، إذ لا يمكن أن تتحقق التمية البشرية في المسرح بدون متلقي يمتلك القدرة على التواصل الواعي مع العروض المسرحية، علاقة متوازنة ما بين عرض مسرحي فاعل وملتقي له القدرة على التعرف على العروض الجيدة التي تؤثر في حركة المجتمع وتحقق علاقة عضوية بما يخدم الشعوب بشكل عام، لذلك نجد التنمية البشرية في المسرح ضرورية لأنها تكشف قدرات خاصة تمتلك الأسلوب المستقل في العطاء الجمالي وتبعد الطاقات الاخرى التي لا تمتلك مثل هذا الحضور، فيها تنمية فنية وفكرية تكون ضمن مكون بناء الثقة من جديد ورسم خارطة الطريق لمستقبل مسرحي عربي. أن العالم فيه كل شيء، إشارات سمعية وبصرية وحركية، تحقق جاذبية الفاعلة ؟ لكن ما نجده في الحياة قد يغيب أو لا يتحقق بشكل كامل في الفن وهذه مفارقة كبرى أن الفن خبرة مصنوعة وبالتالي بالإمكان تحقيق من الإثارة والدهشة ما يجعل من الجمهور متواصلا ومرتبطاً، بما يتم تقديمه على خشبة المسرح.

يمكن ربط التنمية البشرية والمسرح، بمخرجات التخطيط الثقافي، الذي ينبغي أن يحدد مسار النجاحات والاخفاقات على حد سواء، وللأسف فإننا نحدد واقع التنمية الثقافية على مقاسات من يخطط ، وليس على حاجات الجمهور والمتغيرات المحيطة به، وبالتالي اخفقت الكثير من الدول، على تسويق الفن المسرحي جماهيريا، لأسباب اجتماعية وعرقية واقتصادية. إن اساس التنمية الثقافية للمسرح، هو وضع مسار صحيح لمسرح الطفل، وصولا إلى مسرح الكبار، فما نجده – مسرح الطفل – اننا نحدد مسارات لإنتاج نشاطات فنية على مقاس الكبار، لا تتناسب مع مقاس الطفل في فكره ومخيلته وتصوره واستعداده وهذا الطفل عندما يحضر للعرض المسرحي، لا يجد نفسه، وبالتالي انقطاع تواصله مع ما يقدم على خشبة المسرح، بسبب عدم الشعور بالارتياح في المكان وتكون لديه رغبة بالمغادرة. أن علم المسرح الموجه للطفل يقول : " إذا أردت أن تكتب نصاً للأطفال فعليك أن تفكر بالطفل والكبير على حد سواء كونه لا يأتي بمفرده إنما بمعيّة أهله وبالتالي لابد أن يكون العرض المسرحي منسوجات ومقدماً له القدرة على التواصل مع الطفل والكبير ليتحقق نوع من الحوار وتبادل الخبرات لأنه لابد من التفكير من ذلك بالأثر البعدي بعد خروج الطفل من قاعة العرض .. هل يمكن أن يؤسس حوارا إيجابياً بين هذا الطفل والكبير .. ؟

هل بالإمكان تبادل الأفكار من خلال عرض مسرحي حقق سؤال لدى الطفل لأن هذا السؤال يكبر معه وبالتالي لابد من اقتناعه ولابد من التفكير بمراحل ثلاث؛ الأولى كيفية انتاج النص وبالتالي عرضاً موجها للطفل وماهي رسالة هذا العرض ؟ .. وهل هي رسالة للطفل ام الطفل والكبير ؟.. والثالث هل بالإمكان قياس الأثر البعدي ؟.. وهل هو إيجابي ام سلبي في وعي الطفل ؟

لقد تمكنت الهيئة العربية للمسرح، من وضع خارطة طريق مجدية نحو التنمية الثقافية في البلدأن العربية، من خلال تعزيز دور المسرح في الحياة الاجتماعية والتربوية، ونشر ثقافة البحث العلمي ومسابقات النص المسرحي، فضلا عن المهرجانات المسرحية الموجهة للكبار والاطفال على حد سواء، هذا الحراك الثقافي عنصر مهم في التنمية البشرية، والتي يراد منها تعزيز الثقة بالمكون البشري وابداعاته في ايجاد بيئة ثقافية متوازنة تخاطب الشعوب؛ باستراتيجية مستقبلية، وملبية حاجات الحاضر الثقافية، فضلا عن دعم المشاريع النوعية التي فيها بناء مجتمعي سليم بوساطة الفن المسرحي إن للعيادة المسرحية دوافع كثيرة لرفد المسرح العربي بتقنية وحياة مسرحية يبدعها المشتركون الذين لا ينتمون للاحتراف أو حتى من الهواة بل هم أناس من هامش الحياة يتحولون إلى مبدعين يصنعون حياة مسرحية جديدة فيها من التلقائية والحميمية والجاذبية ما يحقق نوع من انواع التواصل الفاعل ما بين المشتركين في عرض مسرحية العيادة المسرحية والجمهور الذي يتواصل معهم. كل هذا الاشتغال على مسرح الطفل يعزز لديه الروح الجماعية والتي ينبغي أن تكبر وتتطور في سلوكه، وإنتاج عروض للأطفال داخل العيادة ضرورية جدا وهو المشروع القادم في مخيمات النازحين وسيكون هناك تجربة أخرى قادمة للمؤتمر الطبي القادم مع "أطفال التوحد" وستكون تجربة متميزة لأنهم يقدمون مسرحية متجاوزين هذه العقدة الاتصالية الذهنية التي يعانون منها وهي عقدة اتصالية مكانية ومع الاخر وبإمكان العيادة المسرحية تقديم بعض التمارين وبعض اللعب التي تعتمد على الأشياء وتزيد الجانب الحركي والصوتي مع نوع من التدعيم للتواصل مع بعضهم .. لو تحقق معهم ذلك سيكون له السبق في معالجة هذا المرض الذي يعطل إرادة الأطفال .