آفاتار.. الهنود الزرق
معاً على الطريق
الأحد 10-1-2010م
اخترق فيلم جيمس كاميرون الجديد ثلاثي الأبعاد (آفاتار) حاجز المليار دولار من عروضه في مختلف أنحاء العالم، ومنها سورية، وقد عدنا - أخيراً - نواكب في صالاتنا أجدد العروض وأحدثها..
مايعني وصول رسالة الفيلم إلى مئات ملايين البشر على امتداد الكرة الأرضية ، وذلك بالإضافة إلى الفتح التقني الذي دشنه الفيلم، مادفع بشركات تصوير ومحطات بث عديدة إلى الإعلان عن نيتها تطوير أو اعتماد التقنية الثلاثية الأبعاد.
أن تتلقى الملايين رسالة الفيلم ، يعني أن يتقاسم هؤلاء المتلقون الصحوة الأخلاقية للغرب تجاه سياسات قادتهم الاستغلالية والإلغائية فيما يخص الدول التي تتوافر فيها ثروات طبيعية ، إنما الأقل تطوراً والأوضح اختلافاً، عبر حكاية افتراضية عن غزو المؤسسات الأمريكية العالمية والعسكرية لكوكب (باندورا) الذي يشكل بمناجم طاقاته النادرة طوق إنقاذ للنظام الأمريكي ومنظماته الربحية.
يسكن الكوكب شعب أزرق يمارس طقوساً ومعتقدات تشبه ماكان يؤمن به سكان أمريكا الأصليون .لكنهم غافلون عن بحر الثروات الغافين عليها ،والتي تدفع بالأمريكيين إلى الغزو والسرقة ولو بالتدمير والإفناء.
إذاً ، يستلهم (كاميرون) حكاية الفيلم من التاريخ المتوازي لنشوء أمريكا على أنقاض حضارة مااصطلح على تسميتهم بالهنود الحمر، مع تجدد الأسلوب نفسه المتمثل بالاحتلال الأمريكي الحالي للعراق بشكل خاص، بحثاً عن الطاقة والثروة.
فهل يعيد التاريخ نفسه أم يتمكن العالم من الحفاظ على محيط غامض ، مختلف ، وقد يبدو بدائياً لكنه يضاهي ، بل يتفوق على أجمل الأحلام والفراديس كما يمكن لمخيلة بشرية أن تصورها؟
هل يمكن للبراءة أن تتغلب على همجية قادة يعلنون أن رؤساءهم في العاصمة لايهتمون بالأثمان من الأرواح أو تدمير التراث ، بل بالعوائد المسجلة في حساباتهم فقط؟
يراهن المخرج من جهة على صحوة ضمير النخبة الأمريكية عندما تتعرى الحملة العسكرية من ادعاءاتها وتتكشف عن انحطاط أهدافها الحقيقية، كما يراهن من الناحية الأخرى على قدرة الطرف الأضعف على اتخاذ قرار المقاومة والاعتراف بأهمية الذات في اختلافها ووحدتها مع أصحاب المواقع المتشابهة ، لينتهي الفيلم بدحر الغزاة الأمريكيين.
أعتقد أن علينا كعرب أن نلتقط إيجابياً الإشارات الأخلاقية المهمة من نخب الغرب، وخاصة عندما تأتي ممن كانوا يتبنون الخطاب الدعائي الرسمي، كما الحال مع كاميرون نفسه ، وهو الذي كان أحد الذين مهدوا لحرب تطهير عنصرية تجاه العرب بفيلمه البالغ الإساءة (أكاذيب حقيقية)dianajabbour@yahoo.com
التعليقات