أخبار فنية

العرس الوحشي .. يمثل الأردن في مهرجان المسرح العربي

العرس الوحشي .. يمثل الأردن في مهرجان المسرح العربي

1282 مشاهدة

المصدر/ الدستور

نشر : محمد سامي

شهدت الليلة السادسة من ليالي مهرجان المسرح العربي في الجزائر، تقديم العرض المسرحي الأردني «العرس الوحشي» ضمن عروض المسابقة الرسمية، وهو من تأليف الكاتب العراقي فلاح شاكر، إخراج عبد الكريم الجراح، وتمثيل: شفيقة الطل، زيد خليل مصطفى.
استوحى فلاح شاكر عرضه «العرس الوحشي» من رواية بنفس العنوان للفرنسي يان غفلك، تدور أحداثها حول جندي أميركي في إحدى الوحدات التي كانت تخدم في فرنسا، وقبل أن تغادر وحدته عائدةً إلى أمريكا بيوم بواحد، يصطحب صديقته الصغيرة في رحلة توديعية، لكنه يميل بعربته العسكرية إلى مكان منعزل ينتظره فيه اثنان من زملائه في الوحدة، وهناك يقوم الجنود الثلاثة باغتصاب الصبية، تاركين بذرةً ملعونةً وملتبسةً في أحشائها، لكن محاولات التخلص من الجنين تفشل، فيأتي المولود وتعجز الأم، وهي تتأمل صورته، عن معرفة من هو أبوه من بين المغتصبين الثلاثة، وتحاول قتله مرات عدة لكنها لا تنجح، فتعامله بقسوة مفرطة ليعيش فصامياً معزولاً ومشرداً.. وتنتهي الرواية بقيام الابن بقتل والدته خنقاً في البحر كطريقة وحيدة لمعانقتها للمرة الأولى والأخيرة.
يتناول العمل موضوع الاغتصاب، ومصير الطفل الذي يولد سفاحاً، كيف يكون موقف أمه منه وهو يذكرها بلحظات القهر والمهانة، وكيف ينظر إليه من العائلة نفسها ومن المجتمع، وثمة إسقاط هنا، يمثّل الوطن المغتصب والمستباح من قبل الأجنبي الدخيل.
جاء العرض متميزاً وجميلاً، مملوءاً بالرموز والشفرات من خلال سينوغرافيا معبرة، الحبال الكثيرة، الأرجوحتين، الإضاءة وألوانها المختلفة، إيماءات الممثلين في أكثر من مشهد، السلالم وغيرها تجعل المتلقي يطرح على نفسه عديد الأسئلة.. هل الحبال التي استعان بها المخرج خيوط تشد الإنسان إلى ماضيه الذي يحاول نسيانه والتخلص منه، ودفنه حتى لا تفوح رائحته فتزكم أنوف الناس وتصيب من يطلع عليه بالوباء؟ هذه الحبال نفسها مثلت في أحيان أخرى سياج زنزانة الجلادين أو زنزانة الأم لابنها وقد أصبحت لا تطيق النظر إلى وجهه وعينيه.
المخرج أعاد قراءة المسرحية ثم أعاد كتابتها، بعدما حذف بعض الكلمات الدالة على الأسماء والأمكنة، لكي ينسجم مع رؤيته الإبداعية وليكون أكثر اتساعاً وشمولاً، وقدم تشكيلاً بصرياً امتد عبر الزمان والمكان، معتمداً على الحضور القوي للممثلين، اللذين أديا دوري الأم «جميلة» والابن «فريد» باحترافية واقتدار، كما كانت الموسيقى والألحان متوافقة ومنسجمة مع المسار العام للمسرحية.. صدقية الأداء للممثلين بعواطف متأججة وانفعالات متصاعدة ومتنامية رسمت على الخشبة وأمام الجمهور لوحة تعبيرية جميلة.
التركيز على الإظلام جاء ليعبر عن مأساوية العرض فانسجم ذلك مع سياق الحكاية، كما تحوّل حدث «الاغتصاب» من علامة صغرى، ضحيتها فرد واحد، إلى علامة كبرى تشير إلى استلاب وطن كامل واستباحته.

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية