مهرجان دمشق المسرحي الدولي الخامس عشر 2010

العرض السعودي كنا صديقين...تعالوا لنضخ الدم في عروق المسرح

العرض السعودي كنا صديقين...تعالوا لنضخ الدم في عروق المسرح

2191 مشاهدة

العرض السعودي كنا صديقين

تعالوا لنضخ الدم في عروق المسرح

خاص لموقع المهرجانات في سورية

دمشق- أحمد الخليل

عرضت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون (فرع الطائف) في اليوم الأول لمهرجان دمشق المسرحي الخامس عشر للفنون المسرحية مسرحية (كنا صديقين) نص وإخراج فهد رده الحارثي ...

صدر الحارثي مسرحيته بمقطع مضمخ بالشاعرية والألم (المسرح مزدحم بهمومنا تتكدس فيه تفاصيلنا فنصبح صديقين نشرب القهوة والزنجبيل في شتاءات المدن المتحجرة....)

مسرحية (كنا  صديقين) تتحدث عن صديقين يعملان في المسرح وكانا يملكان مشروعاً مسرحياً طموحا هو حلم طوباوي، لكنه يشدهما نحو قيم الفن والحياة.. يتخلى أحد الصديقين  عن المسرح ويدخل في خضم الأعمال التلفزيونية والسينمائية  حيث الشهرة والمال والنجومية، هذه الأضواء المزركشة تنسي الشريك عشق المسرح  فيترك الآخر لوحده في المسرح مع خيبات الأمل وظلمات الكواليس

يتوقف (قيس) عن العمل المسرحي لتوقف الدعم والتمويل  فيتملكه الإحباط ليبدأ بالتلاشي في عتمة الصالة...

 تتجمع قطع الديكور والإكسسوار وكأنها خردة أو مخلفات بيت مهجور تئن في وحشة المكان فهل هذا الخراب في قيم الفن يؤدي لعرض المسرح للبيع؟!!

يعود الصديقان للالتقاء لكن كل له اتجاه وحدها الذكريات تبقى تذكرهما بحلم جميل عاشاه سوية يوما ما، يحاول ممثل المسرح القديم والنجم التلفزيوني الحالي صديق قيس إعادة التفاؤل لصديقه قيس فيتفق مع مجموعة جاءت لشراء أثاث المسرح لتجسيد بعض المسرحيات وبأسلوب كاريكاتوري مأساوي، حيث تجسد المجموعة بسذاجة مقطع من هاملت لشكسبير وروميو فتزيد هذه المقاطع من بؤس وانهزام قيس حيث تختلط القيم الاستهلاكية وقيم السوق والتجارة مع قيم المسرح النبيلة التي تمجد الحياة والأمل والجمال فهذه المشاهد المؤداة توحي بأنه نعوة للمسرح وليس ضخ دماء جديدة في عروقه..

يندهش قيس من هذا الانحطاط فيثور غضبا على زميله الذي خان الحلم الأول وهجر المسرح فيقول له اخرج من هنا فكل منا له طريق كدلالة على طهرية المسرح كمكان نعيد عليه صياغة مقاطع من الحياة التي نشتهى ونحلم، فوجود هؤلاء الأشخاص هو من دمر المسرح ودنس شرف الخشبة ...

العرض يطرح إشكالية العلاقة بين المثقفين من جهة  وعلاقتهم بالمسرح من جهة أخرى ضمن إطار العلاقة الإنسانية  المحاصرة بالمجتمع الاستهلاكي اللاهث وراء تفاصيل اليوم والتنافس المحموم لامتلاك بريق الذهب الزائف الذي يحيل الإنسان إلى متوحش في قبائل تقتات على الدماء واقتل..

في بداية العرض ثمة ممثلان يحملان ضوءا أحمر قاتما يسلطانه على الشخصيتين الأساسيتين (الصديقين) على جانبي الخشبة فيما تتلامح في عمق الخشبة قطع إكسسوارات وديكور قديم ..

في هذا الجو الحزين والكئيب نلملم تفاصيل قصة هذين الصديقين التي هي قصة المسرح الذي يواجه تحدي الوجود والمصير...

المخرج لجأ إلى توظيف الإضاءة الكابية والديكور الذي اقتصد فيه لخدمة فكرة العرض والإيحاء بأزمة المسرح وانكسار الأحلام فكان موفقا في هذا الاستخدام وبنفس الوقت لم يترك فراغات في الخشبة تشتت العرض، فزج بممثليه الستة في حركة مدروسة ملأت فضاء الخشبة في تنويع مشهدي وحركي أدى لإبقاء إيقاع العرض مشدودا رغم تعثر المشاهد الأولى في إقحامنا في العرض، حيث ارتفع الإيقاع بعد دقائق ودخل ممثلي (كنا صديقين) في (المود العام للعرض) متخلين عن رهبتهم الأولى التي خلقتها الخشبة الجديدة.

العرض يعالج ببساطة وعمق دون بهرجة أو تزويقات في الديكور والإضاءة أزمة المسرح العربي عموما والسعودي خصوصا، فهو أي المسرح كما في المشاهد الأخيرة من العرض يرسل استغاثة إلى المثقفين والمسرحيين والمسؤولين لإنقاذ المسرح من الموت فبإنقاذه ننقذ الحلم من الاضمحلال، وبالتالي نلون الحياة بالفرح والمستقبل بالثقة والجمال..

المؤلف والمخرج فهد الحارثي لجأ إلى استخدام تقنيات ومفردات مسرحية بسيطة رغم انتمائها للمدرسة التقليدية الواضحة السهلة إلا أنه شحذها بدلالات جديدة وإيحاءات شاعرية مليئة بالمشاعر الإنسانية الصادقة كما هي حالة الإضاءة والموسيقا والأزياء وطريقة التعامل مع الإكسسوارات كما في مشاهد مسرحيات شكسبير...

كنا صديقين صرخة علينا سماعها للمساهمة في ضخ الحياة من جديد في المسرح ولو قمنا بإجراء عملية تنفس اصطناعي له قبل أن يتمكن منه الموت... 

كنا صديقين من تمثيل:

مساعد الزهراني- سامي الزهراني- صقر القرني- ممدوح الغشمري- عبد العزيز الحارثي- حسين سوادي

التقنيون

المؤثرات الصوتية: محمد العصيمي- المؤثرات الضوئية: جميل عسيري- مساعد مخرج: جمعان الذويبي

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية