قصة قصيرة

الغرفة البيضاء

الغرفة البيضاء

370 مشاهدة

الغرفة البيضاء ...

الأديبة #إيغار _كنيفاتي

في تلك الغرفة التي صنعها لي .. أدخل وحدي أعلق ما علق بروحي ..

 غرفة بيضاء جدرانها، نوافذها، كل ما فيها أبيض .. أكتب على جدرانها وأفتح النوافذ أرسم الأزهار، لا صوت فيها ولا بشر

أصرخ  أبكي وحدي، أنادي .. هل أنت هنا هل تسمع صوتي

 كنت أعتقد بأنها ملأى بالبشر لكن مرة تلو مرة اكتشفت بأنها فارغة تماماً صنعها لي وحدي.

الباب مقفل أبحث عن الأحجار وعلى جدار ما  كُتب :

_ أنت ميتة..

أغوص في المياه قدمي تمشي على الماء، يمر ذلك الشريط من أمامي وكأنه ذاكرة عمري .. ما الذي جاء بي إلى هنا..

لا ليس هنا..!!

 ليس هنا يستيقظ الطفل الصغير داخلي يمشي ببطء وحذر يصيح بصوته المبحوح يحاول أن يطفئ النيران لا يستطع يقترب ويمدُ يده .. تنهمر المياه من كل اتجاه .. تحاصر طفلي وتشده إلى بئرٍ عميق .. أستيقظ مذعورة ..

ظهر هو فجأة ليقول لي:

لم تكوني هنا..  كُل ما عليكِ فعله، أن تصيحي باسمي لأدخلَ في كابوسك

تعاود الأفكار لتملأ المكان والمياه من حولي تمطر بغزارة ..

تلك المنارة العالية تصيح باسمي وتلك الطرقات ما كانت لتُعيدني إليك

يكفيك أن ترى ماذا يحدث في الحقيقة

صوتي لسانك .. ما الخطب أشعر بالبرد ..

_هل تريدين غزال .. قال هو

ذلك الغزال يصيح عليّ .. تدور الحياة .. أعود إلى الماء أفتح عينيّ .. على ذلك الجدار مرآةٌ كبيرة وقفت أمامها تعكس لي وجهي .. أتفاجأ سأُصور ذلك الوجه فهو وجهي وأنا أريد أن أراه .. ما الأمر أشعر بالبرد

_هل كنت في حلمك ؟  قال هو..

مجموعة من الغربان تحاصرني..

_  لا تتوقفي .. قال هو..

سارعت وخلفتُ ورائي الغربان مدهوشة ..

غطيت رأسي الصغير وأقفلت النوافذ وأوصدت الأبواب جيداً

نافذة واحدة هناك ما تزال مفتوحة يدخل منها شجرة من نار تمتد وتمتد ...

عليّ أن أنام. كان وجهي وكان وجهاً من ورائي، عادت المياه لتملأ المكان .. راح الماء ينسكب بغزارة وما إن فتحت عينيّ حتى سقط الماء من أعلى السقف.

هل سأبكي قبل أوان البكاء ؟

أريد أن أعيش الحقيقة. ذلك القمر والحقيقة السوداء والصوت القادم من بعيد

نقطة الماء تملأ القمر .. نقطة الماء تصنع الموت ..

فقاعات الماء تتحول إلى يد غريبة .. يخرج من الماء وجهٌ قاسٍ تصعد الأحجار باتجاه الأعلى لتهطل المياه.

أمي تقول دائماً في النهايات عليك أن تجرب شيئاً جديداً

رميت بنفسي وتبعت صوتك لن أعود أبداً إلى تلك الحقيقة...

كان القمر ذلك الوقت قد أصبح مرايا صغيرة سقطت في تلك المياه.

وأما الغرفة البيضاء تحولت إلى فضاءٍ واسع رحب ..

وأما أنا تحول كل ما كتبت على جدران تلك الغرفة تحول إلى أشخاصٍ تمشي صنعتُ لها عدة طُرق متفرعة ثم ربطتها في النهاية بطريق واحد ..

وتحولت أنا إلى بئرٍ عميق ..