أخبار فنية

الفنان التشكيلي محمد فتاح وصناعة الدهشة

الفنان التشكيلي محمد فتاح وصناعة الدهشة

426 مشاهدة

الفنان التشكيلي محمد فتاح وصناعة الدهشة ....؟؟؟
الدكتور #جبار _خماط _حسن

#محمد_فتاح

#صناعة_الدهشة

#على الرغم من مشاغله والتزاماته الإدارية تجده نشطا متفاعلا مع الحياة قارئا لها في دفاتر ألوانه ولوحاته، التقيت به قبل أيام في السليمانية مع مجموعة من الشباب في الحديقة العامة الغناء بزوايا الطبيعة الجميلة، وجدته يرسم وعلى وجهه سعادة الإبداع، التقينا وتبادلنا أطراف الحديث، لا اريد ان ابعده عن عالمه التشكيلي بحديثي، لكني وجدت ضرورة أن اقرأ منتجه الإبداعي على نار نقدية هادئة، في يوم شتائي بارد، مازال مبللا بمطر بغداد الذي كان كريما على المدينة، قلت مع نفسي محاورا، كيف لنا أن نتعرف مناخات اشتغال "محمد فتاح " الشكلية في نصه البصري؟

 تفلسف في البنية واختراق لنسق العلاقات التكوينية وانتقال من الصورة / الحياة بكل مفاصلها المادية والبشرية إلى الشكل/ المرن، يمثل اقتراحا فنيا أو فهمه للحياة جماليا، ولهذا ما يمكن لنا وصف لوحاته بانها قيامة الروح من بدن اللوحة، اغتراب اللون يوافقه استرخاء الشكل على وحدات إيقاعية صامتة داخل اللون الضاج بالتقاطع او التناقض، لكنه متناغم ومنسجم في وعي وإدراك المتلقي ؛ وإذ نجد الثنائية مهيمنة في جسد اللوحة، فإنها تنتج جدلا عموديا يبدأ حياديا مألوفا، ثم يتحول بمهارة إلى صراع وتضاد حادين، لاسيما في لحظات التوتر بين الرجل والمرأة وكأنها في حوار متشنج غير منبسط بينهما !

تلك الإشارة نجدها في تعبير الوجه الحاد، ويتسم الشكل لدى " محمد فتاح " بالغزارة العلاماتية، فالعالم من حولنا يجد نفسه مكدسا في فضاء اللوحة الضيق، وكأنه إعلان بان الحرب النفسية قائمة بينهما، الرجل والمرأة، انها لحظة مشهدية درامية متصاعدة نحو الذروة من دون الشعور باننا باتجاه حل الأزمة والارتياح النفسي كنتيجة خاتمة للصراع.

تدرج الالوان بين الباردة والدافئة قليلا، تشعرك بان نسق الحياة لا تطور فيه او تنوع إيقاعي، يجعل الحياة أكثر جدوى، سؤال وجودي لا تعلنه الكلمة مثلما تعودنا عليه في الأدب الوجودي او حتى دراما العبث واللامعقول، بل يرسله لنا الإخراج التصويري للشكل الذي هو حاصل جمع المتناقض والمتشابه ما بين الخطوط واتجاهاتها وتكويناتها بين الانفراج أو التعقيد، فما نشاهده من مساحة سلام سرعان ما تتحول إلى ساحة حرب معنوية، وكأننا نعمل من دون ذاكرة إيجابية ترمم السلبي في ذواتنا، فذاكرتنا اشبه بذاكرة سمكة تذهب عن الخطر لكن سرعان ما تعود اليه، لتقع فريسة النسيان أو تعطيل الذاكرة!

 انها لعبة قدرية ضحيتها الإنسان،  ينبغي التعامل معها بحكمة اننا محكومون بالإرادة التي بإمكانها تغيير المصير أو الحتمية التاريخية وتحويلها من السلبي إلى الإيجابي.

" محمد فتاح " المولود في السليمانية عام 1965 ومتخصص بالفن التشكيلي من معهد وكلية الفنون الجميلة، وله مشاركات محلية ودولية كثيرة ، وقدم 19معرضا شخصيا، ما يميز نصه البصري، أناقة التكوين والملمس على الرغم من تحاشد العلامات وتزاحمها مما يعني مهارة عالية في في إنتاج صورة لها طاقتها التعبيرية  من مفردات قد لا نلتقي معها  وظيفيا في الفضاء العمومي/ الحياة، لكنها  ترحل بنا من خلال  الشكل إلى جزر لونية تلتقي جميعا في حدود المخيلة المشتركة التي تركب عناصر التناقض في تكوين متناغم وتلك هي طاقة الفن الجمالية التي تسمح لك بإنتاج عوالم جديدة لم تكن حاضرة او بعيدة عن التحقق في الحياة اليومية، لكن سحر الفن الجميل بإمكانه الإتيان بعوالم متخيلة تعيد التناغم المفقود في الحياة. يتدرج الشكل في سلالته بين لوحاته من التجريدية إلى التعبيرية في فهم عميق ومهارة أسلوبية تمثل خصوصية الإنتاج لدى " محمد فتاح " الذي اجده فنانا مفارقا المألوف وملاقيا للدهشة الطازجة التي تحرج من تنور المخيلة الإبداعية، ساخنة لها مذاقها الخاص يتفاعل معه الجميع وكأنه خبز الفقراء.