مواضيع للحوار

القيم الجمالية للسينوغرافيا في مسرح الطفل

القيم الجمالية للسينوغرافيا في مسرح الطفل

1100 مشاهدة

Théâtre Régional de Sidi belabbes

القيم الجمالية للسينوغرافيا في مسرح الطفل

#الأستاذة _الدكتورة _جميلة _مصطفى _الزقاي

 

تواصل منصة " إضاءات في المسرح " للمسرح الجهوي سيدي بلعباس انفتاحها على القضايا المتعدّدة المشارب وذات الصلة بالفن الرابع ، لتضيء في العدد الثاني عشر ( 12) قضية من بين القضايا الهامّة والتي ما تزال تثير الكثير من الجدل، بخاصة وهي مرتبطة بمسرح الطفل إذا ما تعلّق الأمر بالبعد المشهد في سعيه نحو تحقيق الفرجة المشهدية.

حيث تضئ لنا الأستاذة الدكتورة " جميلة مصطفى الزقاي" في هذا العدد تيمة القيم الجمالية للسينوغرافيا في مسرح الطفل، ملامسة في ذلك شتى العناصر الواجب توافرها وتكاملها لتحقيق فرجة مشهدية لشريحة الصغار، مع ضرورة مراعاة شروط الكتابة الدرامية في النص حتى يكون طيّعا بين يديّ مخرج متمكّن ليصوغه في قالبه الجمالي والفنيّ، مع تحقيق ذلك سينوغرافيا، وهي تثير في قضيتها عديد النقط المهمّة والجادّة والتي من شأنها أن تحقق متعة الطفل.

أ/د. جميلة مصطفى الزقاي

الوظيفة: أستاذة جامعية باحثة في النقد المسرحي والسينمائي والأدبي والترجمة.

الدرجة العلمية: أستاذة دكتورة في النقد المسرحي.

رئيس المجلس العلمي لمعهد اللغة والأدب العربي بجامعة عبد الله مرسلي- تيبازة - الجزائر.

مديرة مخبر بحث الممارسات الثقافية والتعليمية والتعلمية في الجزائر بمعهد اللغة والأدب العربي بجامعة تيبازة الجزائر.

مسؤولة التكوين في الدكتوراه بالمركز الجامعي عبد الله مرسلي- تيبازة - الجزائر 2019/2020

عضو بالمجلس الوطني للفنون والآداب، بوزارة الثقافة بدءا من نوفمبر 2018.

عضو اتحاد الكتاب الجزائريين بالجزائر العاصمة منذ 2015.

نائبة مديرة جمعية الدراسات والأبحاث الفلسفية فرع تيبازة بدءا من 2015.

المشاركة في الكثير من المهرجانات والملتقيات العلمية والأيام الدراسية الوطنية والدولية.

عضو في أكثر من مخبر ومشاريع بحث.

عضو منظم للكثير من الندوات والأيام الدراسية والمؤتمرات والملتقيات الوطنية والدولية.

عضو ورئيس باللجان العلمية للكثير من الملتقيات العلمية والندوات الدولية.

عضو بلجان التحكيم بمهرجانات المسرح وطنية ودولية.

رئيس لأكثر من لجنة من لجان التحكيم بمهرجانات المسرح الجزائرية.

عضو بلجان مسابقات التأليف الوطنية والدولية في مجال المسرح والرواية.

تأطير ورشات وطنية ودولية في النقد المسرحي.

الإشراف على الكثير من رسائل الماجستير والماستر وأطاريح الدكتوراه.

عضو في اللجنة العليا ل"عام المرأة في المسرح العربي" بالهيئة العربية للمسرح بالشارقة نوفمبر 2011إلى غاية 2013.

من خبراء المسرح المدرسي وعضو بلجنة متابعة مشروع تنمية وتطوير المسرح المدرسي الذي تتبناه الهيئة العربية للمسرح برعاية سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي 2014 إلى غاية اليوم.

لها الكثير من الأبحاث والدراسات النقدية والعلمية المنشورة بالعديد من المجلات الوطنية والدولية المحكمة وغير المحكمة.

كتبت عشرات النصوص المسرحية للصغار والكبار كذا السيناريو السينمائي.

المشاركة في الكثير من المصنفات النقدية والأدبية الجماعية الوطنية والدولية.

لها ثلة من الكتب المنشورة في النقد الأدبي والمسرحي والسينمائي والترجمة...

 

القيم الجمالية للسينوغرافيا في مسرح الطفل

#الأستاذة _الدكتورة _جميلة _مصطفى _الزقاي

تكتسي القيم الجمالية بمسرح الطفل أهمية متزايدة بخاصة إذا ما تعلق الأمر باللغة المشهدية التي يزخر بها المشهد المسرحي في توجهه لشريحة الصغار. هذه القيم التي ينبغي مراعاتها أثناء تصميم الفرجة المشهدية التي من شأنها أن تشدّ انتباه الأطفال على اختلاف أعمارهم وإدراكهم الوجداني والفكري الذي يتواءم مع سيكولوجية التذوق الفني والتفضيل الجمالي التي قننها علماء النفس.

تتكامل جملة من العناصر التي تساهم في صنع وترسيخ القيم الجمالية التي ينبغي ان يحتفي بها العرض المسرحي لونا وحركة وإيماءة وجرما وشكلا وإكسسوارا وغيرها، وهذا ما يعتنى به على مستوى مهن العرض المسرحي الموجه للطفل، فتشكل جوانب الإمتاع و"منها ما يتعلق بأثر البنية الفنية للنص، من حيث الحبكة الجيدة الزاخرة بالتشويق للطفل، واستثارة عواطفه، وعمق جوانب الصراع الجاذبة لاهتماماته، وهي في الوقت نفسه لا تتجاوز مستوى الطفل، ومقدرته على الفهم والتجاوب مع العرض المسرحي، بجانب بعض الصياغات الفنية البسيطة، التي تعين على ممارسة التذوق وتعلي منه، فتنمي لدى الطفل الذوق، كما ترقي إحساسه الجمالي، وتزيد من حصيلته اللغوية وتهذبها".

حيث متى كان النص قد صيغ في قالب فني روعيت فيه خصائص الكتابة الدرامية من حيث الحبكة والصراع والحوار والشخصيات وغيرها دون أن تتجاوز مستواه وقدرته على الفهم والاستيعاب، فإنها تشكل لبنة أساسية وطيعة بيد المخرج الذي يقدمها وفق قيم جمالية من شأنها أن تربي وتصقل ذوق الطفل فيقبل عليها بشغف ورضى، لما يغنم منها من ترفيه وترويح عن النفس.

تجدر الإشارة إلى أن من أهم العناصر الحاملة والمبلغة للقيم الجمالية في المسرح "السينوغرافيا" وما ينضوي ضمنها من مهن العرض المسرحي، ولذلك يكثر الحديث حول السينوغرافيا اليوم وبالأخص حول وظيفية هذه السينوغرافيا أو لا وظيفيتها. وإذا تعلق الأمر بتوجيه هذه السينوغرافيا لشريحة الأطفال، فهذا مدعاة للبحث الدؤوب عن ماهية وجوهر هذه السينوغرافيا. وهو ايضا استفزاز للباحث في مجال مسرح الطفل كي يجد ثلة من الخصوصيات التي تحكم هذا الفن الذي أضحى من أولويات العروض المعاصرة. وبحثه في هذا المجال يدعوه إلى التقصي كذلك عن القيم الجمالية التي تهديها للمتلقي الصغير والتي من شأنها أن تؤثر فيه إيجابا كلما كانت وفق أسس التذوق الفني والتفضيل الجمالي التي حددها علماء النفس وفق المراحل العمرية التي تعارفوا عليها.

وعليه لابد من الوقوف عند أهم مظاهر سيكولوجية التذوق الفني والتفضيل الجمالي على غرار الشكل واللون والحركة والصوت والموسيقى، حيث تتعاضد الأسرة مع المدرسة في تنمية الحس الجمالي والتذوق الفني الذي يبقى ضرورة حياتية ملحة، ليغرسا معا في بيئة الطفل الوجدانية الإحساس الجمالي والذوق الفني ليحصل لدى الطفل ما يسميه علماء النفس بــ " النمو الكامل ".

يدخل التذوق الفني في بناء شخصية الطفل وهو وسيلة ناجعة تيسر معرفة نفسية الطفل وتطوره العقلي والجسدي، وإذا ألم به كل مبدع للطفل وخبر خفايا السيكولوجية الإبداعية من حيث استعداد الكائن الصغير، فإنه لا غرو يزداد غناه في تقييم الفن دون الاستعانة بتقييم أو ذوق الغير. وهذا ما يكفل لهم الانخراط في العملية الفنية التي تتكئ على عناصر اللون والصوت والشكل والحركة والموسيقى، هذه المحفزات التي إن امتلكها الصغار يمكنهم أن يكونوا أكثر إدراكا لإرثهم الحضاري وأكثر قدرة على التقييم والنقد.

يبقى إدراك الفن والجمال لدى الأطفال متفاوت النسب، لكن هناك شيء مشترك بين جميع الأعمال الفنية وهو الشكل، على أن يكون هذا الشكل إما لوحة أو تمثالا أو لحنا موسيقيا وغيرها، علما أن الاهتمام برسومات الأطفال وتشكيلاتهم لم تلق عناية لدى الأقدمين، لكنها اليوم تسترعي انتباه العلماء والباحثين، حيث دأبوا يتدارسون دلالاتها من الناحية التربوية والجمالية.

تجدر الإشارة إلى أن الشكل يتميز بالحجم واللون والخلفية؛ ومن بين الأشكال الهندسية من دائرة ومربع ومكعب وأشكال حرة غير منتظمة مثل الأوراق في الطبيعة مثلا، إذ لا تنتظم العناصر المكونة للعمل الفني إلا بواسطة الشكل الذي يهبه انسجاما ويمنحه جاذبية.

مع العلم أن الإدراك البصري للأشكال يبدأ بحسب علماء النفس في سن مبكرة جدا أي منذ الأسبوع الأول، حيث أثبت العلماء تحديق الرضع في سطح نصفه أبيض ونصفه الآخر أسود أكثر من تحديقهم في سطح بسيط أو أشكال معقدة. ولطالما يختزن الطفل معلومات عن الشكل الأول وإذا أضيف له شكل جديد فإنه يهتم به أكثر من الأول. وقد أثبت بياجيه Piaget ميل الأطفال حتى سن الرابعة إلى رسم كل الأشكال المغلقة في شكل دوائر بسيطة سواء كانت دوائر أم مثلثات أم مربعات.

يشكل اللون دعامة أساسية في العمل الفني لأنه العنصر التصويري الذي يستخدم باعتباره قيمة نغمية لإجلاء الأشياء القريبة والبعيدة المعرضة للضوء؛ ذلك أن بعض الألوان تمنح الإحساس بالبعد الثالث في الفن، ومن هنا يمكن استخلاص بعض الدلالات اللصيقة ببعض الألوان مثل الأحمر الذي يرمز للدم والعنف والأبيض للسلام والنقاء والطهر والأسود للحزن، وتبقى هذه الرموز قابلة للتغيير بحسب إعمالها ويعتبر التمثيل والحركة هي أنجع السبل للتأكد من ذلك.

غالبا ما يفضل الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة اللون الأحمر، ويكون اللون الأصفر أقل تفضيلا لديه، وحين يدرك الطفل سن السادسة يصبح يفضل الأزرق. أما فيما يتعلق بمسألة معرفة الأطفال لأسماء الألوان وهو ما يسمى ب"التمايز المكتسب" Equired Distinctivenes ذلك أن الطفل إذا تمكن من التمييز فيما بين الألوان، فهذا يؤكد على أن استخدام الطفل للألوان استخدام ذاتي، لا يعتمد بالضرورة على الرؤية البصرية، مع العلم أن أطفال ما قبل الخامسة يكتفون باختيار اللون الذي يجذب انتباههم. وفي السادسة من العمر فيغلب اللون الأحمر على رسومات الأطفال بنسبة سبعين بالمائة (70)، ويأتي بعده الأخضر ثم البني. أما فيما بين العاشرة والحادي عشر، فيظهر ميل الأطفال إلى ألوان جديدة بل لا يجدون صعوبة حتى في إدراك الألوان المركبة.

إن أول صوت يصدره الطفل يبدأ من صرخة الميلاد ثم يصدر فيما بعد أصواتا تعبر عن الألم أو الجوع والعطش وغيرها. وإذا ما سمع الطفل موسيقى أو صوت حيوان فإنه يقلده بأصوات مبهمة لا تشبه تلك التي سمعها، وتنمو بعد ذلك قدرة الطفل على التعبير من خلال استخدامه للجمل وإجابته عن أسئلة الكبار.

هذا ويميز جان جاك روسو J. Jack Rousseau بين ثلاثة أنواع من الصوت وهي صوت الكلام وصوت الغناء والصوت التعبيري، ويملك الطفل هذه الأنواع الثلاثة لكنه لا يقوى على استخدامها في وقت واحد... ولذلك ينصح روسو بعدم تكليف الطفل بأدوار تعبيرية على غرار الحزن والفرح. ويلاحظ روسو ما يصاحب أصوات الأطفال من تصنع وخشونة أثناء اللعب؛ فصوت طفل الحضانة أكثر حدّة من طفل السادسة والسابعة، ويصبح أكثر اعتدالا فيما بين الثامنة والثاني عشر.

لقد كان ولا يزال للسينوغرافيا دور مهم في شحذ وتيرة التلقي في المسرح، وإذا تعلق الأمر بمسرح الطفل فإن لها دورا جماليا يشدّ الطفل للفرجة، إذ يقابلها بالإعجاب والدهشة والسحر والاستمتاع وقد يحدث العكس إذا لم تراعى سيكولوجية التذوق الفني وفي هذه الحالة قد تتحول السينوغرافيا إلى نقمة إذ من شأنها أن تنفر الجمهور الصغير من خشبتهم !!!