مهرجان ليالي المسرح الحر الدولي السادس 2011

الكاتبة آمنة الربيع ...استعادة المسرح السياسي

الكاتبة آمنة الربيع ...استعادة المسرح السياسي

1750 مشاهدة

الكاتبة آمنة الربيع ...استعادة المسرح السياسي

في ظل منظومة القهرين الاجتماعي والسياسي التي يعيشها إنسان وطننا العربي من المحيط إلى الخليج يأتي الكلام عن المسرح السياسي اليوم ليس من باب الترف او تحصيل الحاصل وإنما من باب ما ينبغي أن يكون عليه مسرحنا العربي القادم.

فقد أثبت واقع الحال اليومي المعيش منذ أحداث الثورتين في تونس ومصر حاجتنا إلى إعادة النظر في مجمل البديهيات أو المسلمات وكذلك اليقينيات الدرامية لخطابنا المسرحي والتي تلقيناها في مدارسنا ومعاهدنا بل وعلى مقاعد جامعاتنا العربية بأن زمن المسرح السياسي الذي ارتبط بمد تاريخي معين وظروف سياسية واجتماعية وثقافية محددة قد ذبل وتراجع إلى الوراء، إن لم يكن قد انتهى، هي من الأفكار الخاطئة والتصورات المتكلسة المتراجعة.

لقد غرقنا واقعيا في فترة تاريخية معينة بتكريس خطابات مسرحية أيديولوجية دفعنا كثيرا لأجلها من أرواحنا وتاريخنا. فشهد مسرحنا منذ الستينيات حلقات نقاش متكررة عن قضايا عديدة تضمنتها صراعات متشددة متباينة التيارات، حاولت بعض أصواتها التعبير عن البؤس والفقر والاستعباد الذي يرزح تحته إنسان وطننا العربي. بينما سعت أصواتا أخرى الدفع بنا إلى التحليق في فضاءات البيانات والمعاهدات، بينما احتمت أصوات أخرى بالنداء إلى الحرية.

ولقد أوهمتنا المعاهدات العربية الكبرى منها والصغرى بأننا قد أنجزنا الكثير وتقدمنا على أصعدة كبيرة وأن زمن الرفاة والرخاء والاستقرار قادم لا محالة وكانت نتيجة ذلك هي أن اتجه مسرحنا العربي في بعض محطاته لاستقطاب التجارب الغربية أو محاكاة بعضها لغرسها في تربتنا المحلية حتى ظننا بأن زمن المسرح الذاهب بعيدا عن المجتمع والذاهب بعيدا إلى لغة التجريب هو مفتاح ولوجنا للعالم فقدمت عروض مسرحية نالت حظا من النجاح بينما أعادتنا العروض الأخرى إلى مفاهيم التجريب ولغة المذاهب المسرحية القادمة وأطروحات الاحتراف المطلوب. لقد بتنا أمام فضاءات متعددة ولحظات درامية متسمة بالرحابة فما آن الآوان اليوم في ظل روافد التلقي الدرامي أن نستعيد المسرح السياسي؟

لا شك أن الثورات العربية التي تزعمها الشباب قد وضعت خطاب مسرحنا العربي في أيامه القادمة ومهرجاناته الثقافية أمام أسئلة وتحديات كثيرة وفرص ذهبية تتطلب منّا كأصدقاء للمسرح ومتطوعين وعاملين له وفيه الخروج بصيغ جديدة وأفكار متتجددة لوضع استراتيجيات وخطط تراعي التطور النوعي الذي وصل إليه الإبداع الشبابي المسرحي الجاد. وحاجتنا هذه إنما تتحرك من منطلق صميم هواجسنا وآمالنا في ظل روح العصر. هذا العصر الذي تتجاذبه خطابات سياسية إمبريالية تخترق نسيج حياتنا وثقافتنا لتهدد وجودنا.

لقد جربنا الدولة كمفهوم سياسي  قبل أن نجرب المسرح كمنظومة للحياة، حتى قبل أن نختبر ذواتنا أوما نؤمن به من قناعات. ولأننا كما قال الراحل سعدالله ونوس محكومون بالأمل بات في تقديري أن نخرج إلى النهار بتكريس ثقافة اقتناص الفرص الذهبية وتوجيهها ثقافيا واجتماعيا لنقترب بها من إنسانية إنسان وطننا العربي لتدب الحياة المسرحية أكثر فأكثر فوق الخشبة.

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية