أخبار فنية

الماغوط مرة اخرى واخرى

الماغوط مرة اخرى واخرى

353 مشاهدة

الماغوط مرة اخرى واخرى ...

الفنان #كاظم _نصار

اليوم كنت في قناة اي نيوز ضيفا في الفلم الوثائقي المكرس عن #الماغوط شاعرا وكاتبا مسرحيا مهما وكاتبا ساخرا

وهو دأب وتواكب خلاق يقوم به الصديق المخرج طالب السيد منذ سنوات في سلسلة وثائقية لأسماء لايجب ان تعبر من ذاكرتنا الجمعية سياسيا وثقافيا واجتماعيا

وهذا الفلم بالنسبة لي له نكهة خاصة وطعم مختلف اذ افرد لي الصديق السيد مساحة  لتناول تجربة الماغوط مسرحيا وهي تجربة اظن انها اسست لمنحى ومزاج ساخر ومختلف في تناول القضايا العربية عبر مفهوم الكابريه السياسي الذي شاع منذ السبعينيات واظن ان الماغوط ورفاقه دريد لحام وعمر حجو ونهاد قلعي واخرين كانوا رأس الرمح المسرحي العربي في هذا اللون وهو يخرج من دمشق الشام بكل معطياتها المدينية والحميمة

توقفت مع الماغوط عند تحولاته الحياتية ودراماها الخاصة من الفقر الى السياسة الى السجن وذهابه الى بيروت مشيا على الاقدام ليصبح في مجلة شعر وماتلاها واحدا من اهم شعراء قصيدة النثر في العالم العربي

لكن ماهمني هنا هو محطاته المسرحية حيث المحطة الاولى في الستينيات بنصوص (المهرج )و(العصفور الاحدب) لكنها لم تلق الاهتمام اللازم حتى ان النقاد عدوها شعرا وليس مسرحا مما لفتت زوجته الشاعرة سنية صالح الانتباه عندما قدمت مجموعته الشعرية (الفرح ليس مهنتي) من انه (كان في مسرحية عصفور احدب مثل قائد يجر خلفه جيش مهزوم وارمد ومنكوب .....ولذلك ارتد القائد في المهرج وفضح تلك المخازي ....)

المحطة الثانية الاهم بدأت عام 73وانتهت عام 79حيث انجز مسرحياته الاربعة وحيث اقترب من الجمهور العام بوعي حاد دون ان تخضع اصابعه لضغوط الجمهور فبقيت عباراته رصينة ومؤثرة وموجعة وساخرة

ضيعة تشرين

غربة

شقائق النعمان

كاسك ياوطن

وهي مسرحيات شكلت تلقيا محليا وعربيا ساخنا اخرج ثلاثة منها دريد لحام وساهم في كتابة النص ايضا ويقال ان الماغوط لم يكن راضيا تماما لان نصوصه تعرضت للتحريف.... على انني اعتقد ان الماغوط رجل ادب يريد ان يظهر نصه كما كتبه بينما شروط العرض المسرحي بالكابريه السياسي الرقص والغناء والمجاميع والشو والمتعة ومعالجة تنوع البيئة والفضاء عدا عن نص العرض الذي يستدعي الشطب والاضافة والمونتاج وركائز العرض تستدعي مثل تلكم المعالجة ومن هنا بدأ الالتباس وعدم الرضا كما اظن

وثمة امر اخر هو ان الماغوط لم يوظف انتماءه السياسي في الحزب القومي الاجتماعي  للتنابز السياسي اوجعل نصوصه الساخرة وسيلة للاقتصاص من الاخر المختلف  بالاحرى هو وظف وعيه السياسي للاقتراب من الناس والفقراء العرب ومحنتهم وهمومهم في التربية والتعليم وضنك العيش وغياب العدالة وشيوع الفساد  وبحثهم عن حياة امنة وكريمة

واظن ايضا انه صحيح اهتم بتفاصيل الحياة اليومية عبر نصوصه لكنه ايضا ذهب الى تقليب الظاهرة الاجتماعية والسياسية المكرسة او التحذير من تكريسها ....

الماغوط الرجل النافر الحزين المحتج القادم  من السلمية  قدم درسا كتابيا كوميديا ساخرا تعلمه كما قال مرة  من امه ومن الطفولة ومن الشارع واسس مع رفاقه اتجاها سيبقى في خزائن الذهب المسرحية العربية

ومنذ عام 2006 تاريخ رحيله وحتى اليوم مازال يشكل مادة غنية عبر  نصوصه وطروحاته العميقة والممتعة معا .