مواضيع للحوار

المسرح عند عتبة الفضاء الافتراضي

المسرح عند عتبة الفضاء الافتراضي

342 مشاهدة

Théâtre Régional de Sidi belabbes

منصة " إضاءات في المسرح " في عددها الرابع عشر ( 14 ) تنفتح على قضية متجددة وهي " المسرح عند عتبة الفضاء الافتراضي" من توقيع الباحثة " عبد الباكور نعيمة " من قسم اللغة وآدابها بجامعة جيلالي ليابس – سيدي بلعباس / الجزائر

وضمن محطات ورقتها تضئ الباحثة أهمية المسرح ودوره ضمن النسيج الإبداعي، والمجتمعي وعلى كافة الأصعدة، مركّزة على ارتباطه الوثيق بالإنسان، مصدر الإبداع وبؤرة التأثر والتأثير وصانع الجمال من خلاله، ملفتة الانتباه إلى محطة هامة في ضوء الرقمنة والتدفق المعلوماتي ومكانة المسرح بين هته التطبيقات بمختلف أنواعها وتطبيقاتها، مثيرة من خلال ورقتها عديد النقط والمباحث، تاركة المجال للمهتم والقارئ الجزم في قضية غمكانية استبدال المسرح بنمطه الكلاسيكي المعروف لكل ما يحدث في ظلّ التوسع التكنولوجي والتطور الحضاري.

عبد الباكور نعيمة

قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة جيلالي ليابس بسيدي بلعباس - الجزائر

بكالوريا آداب وفلسفة2014

ليسانس نقد ودراسات أدبية جوان 2017

ماستر نقد عربي قديم ماي 2019

عضوة في مشروع خطوات نحو التميز/ أقرأ لأتميز بكلية الآداب واللغات والفنون بسيدي بلعباس.

عضوة في لجنة تنظيم لعدة ملتقيات وأيام دراسية وأنشطة ثقافية بكلية الآداب واللغات والفنون بسيدي بلعباس.

مهتمة بالفتوشوب والتصميم والمونتاج والأعمال الفنية العادية والرقمية.

------------------------------------------

المسرح عند عتبة الفضاء الافتراضي

#الباحثة _عبد _الباكور _نعيمة _الجزائر

#لقد كان المسرح وما يزال الفضاء الحيّ الذي يُعبّر عن انفعـالات الإنسـان سواء لهذا المبدع بنفسه أو نقلا عن تجارب وحالات أشخاص آخرين، أو يعبّر هذا المسرح عن تلك التفاعلات الإيجابية أو السلبية الناتجة بين الأشخاص ومحيطهم الاجتماعي تجسيدا لأهمّ القضايا المطروحة على الساحة أو عرضا لما كان في القديـم من أحداث و ظواهر، وهذا العرض قد يكون جديّا مُباشرا في طرحه، أو هزليا يُعالج الظواهر بالضحك.

فأسهَم المسرح في تنمية الذوق والحس الفني لجمهوره، وأنشأ جيلا متشبّعا بقيم غرستها تلك العروض وتلك السلوكات التي يتصف بها متتبّع المسرحيات؛ من صبر لساعات أمام الخشبة، و تركيز وتأمّل لِما يُعرض وغيرها من السلوكات التي تُكتسب بمرور الوقت ..، فجمهور المسرح جمهور من نوع خاص.

ومع تراجع نسبة اهتمام الناس بالمسرح وانشغالهم بأمور أخرى أكثر، لربما من وجهة نظرهم جاذبية وإبهار ولسهولة وسرعة وصولها إليهم، أصبح من الضروري أن يلج المسرح هذا الفضاء الافتراضي.

فالسؤال الذي يطرح نفسه : أين المسرح الآن بين هذه التطبيقات، واسعة الانتشار ـ والتي فتحت الباب على مصراعيه أمام مواهب حقيقية وأمام أشخاص لا يمتّون للفن والتمثيل بصلة ؟؟!

تطبيقات مثل اليوتيوب والإنستغرام والتيك توك وغيرها أصبحت تعطي مساحة عرض كبيرة جدا ـ  بغضّ النّظر عن مدة الفيديو؛ فالتيك توك مثلا عروضه لا تتجاوز 15ثا لكن المتابعين لتلك المقاطع بالملايين.

هذه التطبيقات ولَجها رُوّادها لعدة أسباب فمنهم لأجل التّسلية والترفيه، وآخرين من أجل اكتساب الشهرة والمتابعة في العالَم، وفئة تطمح لتحقيق أرباح مادية بالنظر إلى ما يتمّ جنيُه من أموال بعد تداول هذه المقاطع بين الآلاف والملايين.

لقد استطاعت أسماء مغمورة من غير دراسات أكاديمية أو خبرة في المجال الفني أن تصنع لها مكانة ووزنا في مجال التّمثيل والإبداع ونحن هنا لا نقصد تلك التفاهات واللامعنى بل ما هو هادف ونوعي، حتى أنّنا نجد بعض البرامج التلفزيونية أصبحت تستضيف و تُشارك أيضا من يُسمَّون بـ"اليوتيوبرز" لشهرتهم و نسبة تأثيرهم العالية في الجمهور ولمدى تفاعلهم الكبير معهم.

هذا الأمر يجعلنا نفكّر في كيفية لنَقل المسرح من الخشبات الثابتة في المسارح إلى هذه الشريحة من المجتمع التي تتجاوب مع كل ما يُعرض لها رغم رداءته في كثير من الأحيان.

قد يقول لنا قائل منكم بأنّ المسرح له أهله وخاصيته وإن قلّ عددهم، فما حاجتنا لمتابعين افتراضيين!

نجيبه من أنها ضرورة مُلحة حتى لا يُغيّب ويهمّش المسرح أكثر، نحن جميعا نعلم أن دور المسرح في حياتنا تراجع بشكل كبير، وأصبحت العروض المسرحية لا تستقطب جمهورا غفيرا، قد يرجع هذا إلى عدم التحكم في تقنيات الإشهار والإعلام وعدم تخصيص اهتمام حقيقي بهذا الجانب، فحتى الفئة المهتمة بالنشاط المسرحي تشتكي من أنّها لا تعلم بمواعيد العُروض في حينها، لا يمكن للمسرح أن يبقى بمَعزل عن هذه التطبيقات والتقنيات الحديثة المرتبطة بالأنترنيت، عليه أن يواكبها ويُسايرها.

النمط التقليدي الكلاسيكي، خشبة وجمهور وكراسي وستار لا يُمكن استبداله بأي حال من من الأحوال، لكن نستطيع أن نقرنه بالنمط المُبهر الذي يستحوذ على قلوب الجمهور و يصل إليهم دون أيّ عناء منهم.

بخصوص مدة العرض المسرحي يجب الإنقاص منها، فالجمهور المُستهدف تعوّد على دقائق معدودة، فالعرض المطوّل قد لا يلقى تجاوبا؛ إلاّ في حالة واحدة وهي حضور عنصر التشويق والترقب بشكل يثير مشـاعر المتابع، ففي هذه الحالة يضمن صاحب العرض إتمام

المتابعين للعرض إلى آخره.

عن العرض المسرحي الافتراضي يُمكن أن يكون مباشرا ـ بصيغة البث المباشر في الأنترنيت ـ وهذه الخاصية تُمكّن المخرج والمنتج من تقييم العرض في أثناء العرض عن طريق التعليقات المتزامنة مع فترة العرض.

أو يكون عرضا مسّجلا لكنه يبثّ بشكل حصري في الأنترنيت. سيحتفظ هذا المسرح بعناصره الأساسية، التي لا يُستغنى عنها ـ  كالديكور وأزياء الممثلين والمؤثرات الصوتية والإضاءة، لكن يجب أن يستعين بالتطور التكنولوجي الذي يستفيد منه روّاد هذه التطبيقات ومحترفوها.

نذكر مثلا خلفيات الكروما أو تقنيات المونتاج إذا كان العرض مسجّلا وغيرها ممّا يزيد في جمالية المشاهد، ويمكن جعل المسرحيات كتطبيق، كما هو حاصل مع الألعاب والبرامج ليتجاوز المسرح بهذه الطريقة السكونية والثبات لينتقل إلى الحركية والتفاعل.