مواضيع للحوار

المسرحي محمد شرشال يرد على اطروحة السينوغراف الفنان حمزة جاب الله حول وظيفة المخرج

المسرحي محمد شرشال يرد على اطروحة السينوغراف الفنان حمزة جاب الله حول وظيفة المخرج

1068 مشاهدة

المسرحي محمد شرشال يرد على اطروحة السينوغراف الفنان حمزة جاب الله حول وظيفة المخرج

المصدر: مجلة السفن آرت – ماجد لفته الهابد

الوصف: web counter

حمزة جاب الله مؤكدا ضرورة الاهتمام بالسينوغرافيا وفصلها عن الإخراج دعا حمزة جاب الله مختص في السينوغرافيا وإطار سام بوزارة الثقافة إلى إعادة النظر في المفاهيم والممارسات القائمة في المسرح من حيث الدور الفعال الذي تلعبه في الحفاظ على جمالية العرض، حيث تتداخل مع الرؤية الإخراجية، مما يدعو إلى التدقيق في المفاهيم، بتغيير اسم المخرج إلى المنسق مثلا. قال المتحدث إن عمل المخرج يقتصر فقط على التنسيق بين الممثلين عبر منح رؤية جمالية للعرض، بينما تهتم السينوغرافيا بمختلف التفاصيل الجمالية المصاحبة للعرض والمترجمة للعمل بأدق تفاصيله ركحيا، وهو ما يدعو إلى التحرك نحو ضبط المفاهيم، باعتبار الإخراج عملا جماليا يغطي مجهود السينوغرافيا

وتطرق حمزة جاب الله خلال حلوله ضيفا على منتدى صدى الأقلام الذي ينظمه الكاتب عبد الرزاق بوكبة، بالمركز الثقافي بشير منتوري أول أمس، إلى تجربته في مجال السينوغرافيا الممتدة عبر سنوات، منحته خبره تؤهله للتحضير لمناقشة أطروحة دكتوراه في هذا المجال بعنوان «الجمالية السينوغرافية وعلاقتها بالرؤية الإخراجية ـ التجربة الجزائرية المعاصرة عبد الرحمان زعبوبي نموذجاـ حيث أكد أن هذا العالم مهم جدا وجدير بالتنويه لأنه ينتهج منهجا تطبيقيا مبنيا على الممارسة، لأن الأصل في الفن والعلوم الإنسانية خاصة أنها علوم تعتمد على الشيء الملموس الذي يؤدي إلى إقامة نظريات على أساسه.
وتطرق المتحدث إلى تصور يراه جديدا من حيث الطرح، ليس كمفهوم أو تصور ملموس لأنه موجود، معتمدا في تجربته على مدار 10 سنوات تقريبا والتي انطلقت منذ إعادة بعث الدورة الأولى أو الثانية لمهرجان المسرح المحترف عام 2007، أراد من خلاله تقديم طرح جديد مغاير لمفهوم العرض المسرحي الحقيقي، مستندا على مرجعيته في التكوين على السينوغرافيا، وهو ما سيضمه بحثه العلمي في أطروحة الدكتوراه التي تحمل عنوان «الجمالية السينوغرافية وعلاقتها بالرؤية الإخراجية ـ التجربة الجزائرية المعاصرة عبد الرحمان زعبوبي نموذجا»، حيث وقع اختياره عليه دون إهمال بعض التجارب الأخرى لعدة مختصين، على غرار «أحمد رزاق»، «زروقي بوخاري»، «بوخاري هبال» و»حليم رحموني»، الذين سبقوه في مجال السينوغرافيا، مما استدعى الوقوف على تجاربهم رغم قلتها.

السينوغرافيا الجزائرية تعاني تضييقا منعها من الوصول إلى العالمية

اعتبر جاب الله أن عبد الرحمان زعبوبي قامة كبيرة جدا في السينوغرافيا على المستوى الإقليمي والعالمي ربما، وتساءل عن سبب ابتعاد الجزائر عن العالمية في مجال السينوغرافيا رغم إمكاناتها المعتبرة، مرجعا السبب الرئيس لمعاناتها إلى التضييق في بلادنا، مؤكدا فقدان الجزائر مجالات مفتوحة تتعامل عبرها مع جميع المؤسسات من صحفيين وفاعلين وغيرهم، خصوصا الجمهور الذي له دور فعال في تغييب دور السينوغرافي، مؤكدا أن الهيئات المسرحية تلوم نفسها على غياب الجمهور، لكن في المقابل لابد من لوم الجمهور الذي له دوره الفعال في تغييب دور النخبة، لأنه من يصنع النجم الفني.
وتناول المتحدث موضوع السينوغرافيا والمفهوم الجديد للعرض المسرحي، خصوصا باعتباره عملا جماعيا ليس للفنان الأحقية في أن يعتبر نفسه الوحيد الذي يضع تجربته الفنية فيه، لأنه من نسيج وترابط كل المحيطين به بما في ذلك عائلته وثقافته البيئية.
وقال جاب الله إن المسرح أفرز مضامين وأفكار متميزة تؤثر وتتأثر بالمجتمعات الإنسانية التي ينبثق منها، تلك المجتمعات التواقة المتضمنة مختلف التعابير، بما فيها السينوغرافيا التي تعد أهم التوجهات الحديثة، لأنها صورة فنية واحدة متكاملة ومتناغمة، لتصل بالمتلقي إلى حدود الممارسة الذهنية وتحقيق الإدراك الحسي لديه، وبتطور التكنولوجيا وتأثر السينوغرافيا كغيرها من عناصر المسرح في تحديد المعنى للمتلقي، حتى أضحت فنا متجددا يعكس أنماطا شديدة الخصوصية على تماس شديد بالمتفرجين.

المخرج يغيب ويجعل عمل السينوغرافي في الظل

على صعيد آخر قال المتحدث إن السينوغرافيا تلعب دورا مهما في ترجمة العرض المسرحي خصوصا، بدءا بمعمارية الأبنية المسرحية إلى التجهيزات التقنية والفنية وصولا إلى جميع الإمكانات في إبراز الصوت وحركة الممثل على الخشبة، إضافة إلى مواكبة صورة المسرحية.
انطلاقا من رؤى وأفكار جديدة تتداخل وتتشابك بين عمل المخرج وعمل المصمم، نتيجة التداخل الحاصل بين مهمة مصمم السينوغرافيا في تشكيل الفضاء المسرحي بخطوطه وألوانه ومفرداته البصرية ومهمة المخرج الذي تتبلور رؤيته الإخراجية من خلال التداخل مع عمل المصمم السينوغرافي، مما أوجد مشكلة حقيقية لدى المؤلف تولدت نتيجة ذلك، مؤكدا ضرورة التوقف عندها وتمحيص تداخلاتها في رسالة العرض المسرحي، مما يوجب التساؤل ما إذا كانت جماليات السينوغرافيا قد هيمنت على سلطة الإخراج في العرض المسرحي أم أن السينوغرافيا باتت تسير كمفهوم يوازي الإخراج في الثقل والمكانة؟ وهو ما يتوافق عليه المتحدث والسينوغرافي العراقي الدكتور جبار جودي لعبودي في طرحهما، وهو ما يحيل بالضرورة إلى إعادة النظر في المفاهيم والممارسات القائمة ورفع الستار الخفي عن جماليات السينوغرافيا الخفية والرؤية الإخراجية ودورها المؤثر في المنظومة البصرية الجمالية للعرض المسرحي، مؤكدا أن دور المخرج يغيب ويظلل عمل السينوغرافي، مما يدعو إلى تصحيح المصطلحات بإزاحة اسم المخرج من القاموس المسرحي وتعويضه باسم آخر، كالمنسق مثلا، لأنه لا دور له -حسب المتحدث- إلا من خلال التنسيق بين أدوار الممثلين، خصوصا إذا كان جاهلا ببعض التفاصيل المتعلقة بالسينوغرافيا، كتفاصيل رقصات الكوريغرافيا مثلا، وهو ما ينقص من هيمنته على العرض

         وهنا رد الفنان الجزائري المسرحي محمد شرشال  على اطروحة                   الفنان السينوغراف  حمزة جاب الله حول وظيفة المخرج

لقد نشرت الأمس قبل حذفها اليوم، عدت “بوستات” كانت ردة فعل اندفاعية لما جاء في حوار أجرته “المحور اليومي” للفنان حمزة جاب الله و المعنون “حمزة جاب الله يدعو لإعادة النظر في مفاهيم وممارسات المسرح”. و لقد استنتجت بعد التريث ان ما نشرته لا يعتبر ردا اكاديميا بقدر ما هو انفعال شخصي صادر في لحظة غضب و رفض. و ها انا أصحح ردة فعلي بردة فعل عقلانية و حوارية علنا نصل و يصل القارئ المتابع لنا إلى استنتاجات تفيد روح الفريق كون المسرح فن جماعي يعتمد على تظافر جهود مجموعة من الفنانين لأجل بلوغ الوحدة العضوية و التي تسمى العرض، و انا متأكد من تقبل المعني للرأي الآخر كوني أعرف سعة قلب صديقي حمزة جاب الله .

لقد استنتجت بعد قراءتي للمقال أن السينوغراف جاب الله ، يلغي من خلال تصريحاته وظيفة المخرج أو يقلل من شأنها على الأقل مقارنة بالسينوغراف و الذي يعتبره صانع الفرجة المسرحية لكونه صانع الفضاء المادي الذي يعمل عليه الجميع ( فنانين، تقنيين و عمال) ، حيث صرح بالحرف :” إن عمل المخرج يقتصر فقط على التنسيق بين الممثلين عبر منح رؤية جمالية للعرض، بينما تهتم السينوغرافيا بمختلف التفاصيل الجمالية المصاحبة للعرض والمترجمة للعمل بأدق تفاصيله ركحيا، وهو ما يدعو إلى التحرك نحو ضبط المفاهيم، باعتبار الإخراج عملا جماليا يغطي مجهود السينوغرافيا”. و انا لا اتفق طبعا مع تسمية المخرج بالمنسق، لا لأنني اعيب على المخرج هته الصفة و لكن لكونها موجودة في وظيفة الريجيسور و الذي من مهمته التنسيق بين الجميع، فهفوة حمزة جاب الله المصطلحية تكمن في كونه لم يفرق بين المخرج و الريجيسور.

الحقيقة أن فكرة إلغاء المخرج او تقزيم مهمته ليست وليدة أفكار حمزة جاب الله، بل سبق للسينوغراف المعروف زعبوبي عبد الرحمن و هو الأستاذ المباشر لحمزة جاب الله بمعهد برج الكيفان طرح هذا الموضوع في عدة مناسبات، بل أتذكر أنه تم برمجة نقاش حول الموضوع في الدورة 11 لمهرجان المسرح المحترف ، نقاش رفضت المشاركة فيه لأنني كنت و ما زلت اعتقد أن مناقشة مثل هته الأفكار الإقصائية لا يفيد الفن المبني على الجماعة و الذي يسمى المسرح..

اعود الآن للإجابة على ما طرحه الأخ حمزة، و هو اقتصار الإخراج على عملية التنسيق بين الممثلين عبر رؤية جمالية للعرض. حيث أستنتج من هذا التصريح تناقضا صارخا. إن جاب الله يعترف أن للمخرج رؤية جمالية و لكن رغم ذلك يصفه بالمنسق، و نحن نعرف و يعرف العارفون أن حامل المشروع المسرحي هو المخرج، كونه من الأساس حاملا للهدف الأسمى ( و موضوعه) الذي يدفعه إلى جعل كل المتعاونين الفنيين يعملون على تجسيده و من بينهم السينوغراف ، كل بلغته الخاصة للوصول إلى وحدة عضوية كما اشرنا سابقا. أي أن انطلاقة المشروع المسرحي لا تأتي من فكرة السينوغراف بل تأتي من فكرة المخرج و الذي يقترحها ( و هنا المباردة) على السينوغراف ( و كل الفريق) للشروع في العمل عليها، هذا يعني أن السينوغراف من الأول يعمل وفق فكرة المخرج و هذا وحده يكفي، حيث ان الأجواء المادية التي سينجزها السينوغراف تستند على أفكار المخرج و ليس العكس. ضف إلى ذلك فإن الإخراج ليس ما هو مرئيا فقط، فهو أيضا نظرة فلسفية للحياة يتكفل المخرج بإيصالها للمتفرج عبر الخطاب المسرحي ككل و ليس عبر السينوغرافيا فقط. و حتى الديكورات التي يقترحها السينوغراف و الملابس و الأكسسوارات و الإضاءة و الظلال ( نشير هنا أن كل ما ذكرت من عناصر لم تعد من اختصاص السينوغراف في المسرح الحديث) التي يقترحها السينوغراف تمر على المخرج و الذي يلزم السينوغراف على التغيير في الزوايا مثلا ، بل يمكنه رفض مقترحات السينوغراف كونها لا تخدم الهدف الأسمى لعرض المخرج او لكونها تعيق ما يصبو إليه المخرج من فرجة. ( مع العلم ان هناك من المخرجين الضعاف القليلي الزاد المعرفي من يدعون عرضهم تحت رحمة السينوغراف أو الكوريغراف يفعلون فيه ما يريدون ، فهذا النوع من المخرجين لا يمثل وظيفة الإخراج)

نقطة أخرى أثارت إنتباهي في قول الصديق جاب الله : “إن السينوغرافيا تلعب دورا مهما في ترجمة العرض المسرحي خصوصا، بدءا بمعمارية الأبنية المسرحية إلى التجهيزات التقنية والفنية وصولا إلى جميع الإمكانات في إبراز الصوت وحركة الممثل على الخشبة، إضافة إلى مواكبة صورة المسرحية”.

إنني أوافق الزميل السينوغراف كون السينوغرافيا تلعب دورا مهما في العرض المسرحي مثلها مثل باقي عناصر الخطاب المسرحي ، و لكن ليس في ترجمة العرض المسرحي، فترجمة العرض المسرحي تحتاج إلى فاعل أساسي لا يمكن الإستغناء عنه، إنه الممثل و الذي أعتبره روح العرض المسرحي، و هو اولى من السينوغراف في أهميته ، حيث يمكن لنا و بكل بساطة أن نتنازل عن السينوغرافية بمفهومها المادي كما طرحها حمزة، و لكن لا يمكن لنا أبدا أن نجد مسرحا بدون ممثل و المسرح الفقير لغروطوفسكي خير دليل على ذلك..

إن التبرر بأن السينوغرافيا أو كما جاء في الحوار بأن معمارية الأبنية المسرحية و التجهيزات التقنية و الفنية عي التي تساهم في إبراز صوت و حركة الممثل خطا كبير . إنني ارى في هذا الرأي الغير الصائب تعدي عمدي على شخص المخرج من خلال إنكار المتحدث لدوره في إدارة الممثلين، و انا اتحدى هنا الأخ السينوغراف بان يقوم بتجربة بسيطة، تتلخص في وضع أي ممثل في في معمارية الأبنية التي يريد، و يدعمه بتجهيزات تقنية و فنية وصولا إلى جميع الإمكانات الممكنة دون اللجوء إلى إدارة للممثلين و نرى إن كان سيوجد لنا تمثيل أم لا..

لا يا صديقي فالرؤى و الأفكار لا تتداخل و لا تتشابك بين المخرج و السينوغراف كما اشرت إليه في حوارك ، فكون المسرح فن جماعي فالرؤى يجب أن تكون منسجمة و متناغمة منذ الوهلة الأولى ( اللقاءات الأولى بين المخرج و متعاونيه و من بينهم السينوغراف) و وجود تناقض بين الرؤى و الأفكار بين المخرج و السينوغراف في عمل واحد مشكلة يجب التخلص منها منذ البداية قبل الشروع في العمل ( انا شخصيا أبحث عن سينوغراف آخر) . المفروض الاتفاق لا الشقاق. اما حرب الزعامات في العرض المسرحي و التي تطرح مشكلة من هو ” رب المقلة” في العرض المسرحي فهي حرب دونكيشوتية واهية و لا تفيد المسرح في شيء..

أخي حمزة، أرى ان دعوتك الرامية إلى إزاحة إسم المخرج من قاموس المسرح، دعوة إرهابية بالمفهوم الفني، و هي تنم عن عدم إلمامك بأصول المسرح مع كامل الإحترامات لشخصك الكريم، و هي تطاول غير مبرر على فنان هدفه صناعة الجمال فقط،فنان معترف به عالميا و ياخرج من اكبر الجامعات العالمية ، و هي ايضا إنكار لجهود مخرجين كبار، جزائريين على غرار عبد القادر علولة ، ولد عبد الرحمن كاكي، علال المحب، مالك بوقرموح، محمد بختي و العشرات مما نسيت .. و مخرجين عالميين على غرار أرطو، بيتر بروك ، ستانيسلافسكي ( صاحب فن الممثل) ، تلميذه مايرخولد ، غروطوفسكي، جون فيلار و الألاف مما لا يمكن حصره في منشور العبد الضعيف.

أخيرا، أتمنى الا يكون ردي قد ازعجك، مع تمنياتي لك بالنجاح في قادم إنجازاتك السينوغرافية ..