مهرجانات منوعة من العالم العربي

جمعية درالعلم والتربية بحماة .. هل لازال التعليم في الصغر كالنقش على الحجر

جمعية درالعلم والتربية بحماة .. هل لازال التعليم في الصغر كالنقش على الحجر

2641 مشاهدة

جمعية درالعلم والتربية بحماة .. هل لازال التعليم في الصغر كالنقش على الحجر..؟

 

«السيدة "لينة الشعار" القائمة على مشروع أقرأ لتعليم الكبار المنبثق من جمعية "دار العالم والتربية"، قبل أن تحدثنا عن المشروع قدمت لنا هذه اللمحة التاريخية عن جمعية دار العلم والتربية التي تأسست عام 1918 وهي أول جمعية أهلية تأسست في "حماة" وكانت لها أيادي بيضاء على البلد حيث تبرعت بالبناء الذي شيدته على مساحة 21000 متر مربع تلبية لطلب سيادة الرئيس "حافظ الأسد" لدى زيارته لمدينة "حماة" عام 1971، مساهمة لتأسيس نواة جامعة فكانت كلية "الطب البيطري"، كما اشترت "قصر العظم" وتبرعت به للدولة ليكون متحف |حماة" الأثري».

محو الأمية كان موجود بالجمعية منذ البداية، لكن طرأت ظروف أوقفت هذا المشروع، وتابعت محدثتنا قائلة: «شعرنا أنه من الضروري إعادة هذا المشروع للحياة فانطلقنا لإحيائه بين النساء ، كي نثير الموضوع اجتماعيا ضمن أساليب جديدة، ضمن مشروع "إقرأ" الذي يعتمد على تعليم الكبار ضمن فئات عمرية مختلفة ومستويات اجتماعية مختلفة أيضا لدينا من عمر 12 سنة وحتى 72 سنة لدينا الجدة والبنت والحفيدة في صف واحد معا، ونحن نركز على دور المرأة بوصفها أساس المجتمع  ومنها يتخرج ألآباء والأبناء والبنات ونركز على هذه النقطة التي تجعلنا على تواصل مع الأسرة كاملة، وأعتقد أننا حققنا نتائج جيدة فقد استطاعت المرأة المتحررة من الأمية الاعتماد على نفسها في القراءة والكتابة والتعرف على الأماكن والمحال التجارية ووسائط النقل التي تحتاجها والأهم مراقبة الأولاد في تنفيذ واجباتهم المدرسية والكثير الكثير حسب تعبير النساء والفتيات اللواتي تم تخريجهن يوم الثلاثاء 6/4/2010 الفائت بعد خضوعهن لامتحان رسمي بإشراف وزارة الثقافة ونلن شهادة "محو الأمية" ضمن حفل فني في كلية الطب البيطري، وهن اليوم متواجدات في دورة جديدة يتابعن الدراسة ليحصلن على شهادة التمكين التي تخولهن بالتقدم لنيل شهادة الإعدادية، وهن لم يتوقفن عند شهادة محو الأمية، بل لديهن طموح أكبر وقد تشجعن أكثر لنيل المزيد من التعلم والثقافة التي تخولهن الإشراف على الأولاد في المرحلة التعليمية الابتدائية. وشهادة محو الأمية تخولهن التقدم لوظائف الدولة، وهذا بحد ذاته مكسب جيد للمرأة في مجتمعنا».

هل يقتصر عملكن على التعليم أم يتجاوزه لقضايا أخرى يتم التطرق إليها خلال الدورة؟ أجابت قائلة: «لايتوقف العمل على التدريس بل نقوم بطرح القضايا الاجتماعية التي تتعلق بالتربية المنزلية والعلاقة مع الأطفال والنظافة الشخصية والعامة وقانون السير والبيئة وآداب الحديث والطعام والحياة الجماعية  والتعاون لتحقيق بيئة نظيفة من كل النواحي العملية والنظرية والاجتماعية والأخلاقية. وهذا لمسناه بشكل عملي والفرق بين البداية  ووضعهن الآن».

ماهي الخدمات التي توفرها الجمعية لمشروع تعليم الكبار ويشجع النساء على الانتساب للدورة؟ أجابت قائلة: «الجمعية تكفلت بكل المصاريف التي يتطلبها المشروع من وسائط نقل تقوم بإحضار الطالبات من بيوتهن للمدرسة والعكس من كل أطراف وضواحي المدينة، مع تأمين القرطاسية اللازمة والكتب وأحيانا المساعدة المادية لبعض الطالبات اللواتي يعانين من مرض أو مشكلة ما، بمعنى نقول تعالوا تعلموا والباقي تتكفل به الجمعية».

كيف توصلن الطالبات لمعرفة هذه الدورة، آلية الإعلان عن الدورة؟ أجابت قائلة: «حملات الإعلام ذاتية يقوم بها أعضاء الجمعية وعلاقاتهم مع أسرهم وأسر أصدقائهم في الحي ومختار الحي ومكان العمل واللقاءات وسواها، وتم تسجيل 30 طالبة بهذه الطريقة في البداية وخلال عام أصبح مسجل لدينا 100 طالبة، نحن لم نقم بحملة إعلامية للدورة، نتمنى من الجهات الإعلامية المساعدة في هذا الجانب ولهم الشكر سلفا، وأنتم أول جهة إعلامية تلتقي معنا وتتطلع علة المشروع فمرحبا بكم».

وعن توزيع الطالبات ضمن الصفوف  والكادر التعليمي حدثتنا قائلة: «الطالبات موزعات على الشعب حسب المستوى الثقافي والتعليمي والمعرفي ولا يتجاوز الخمسة عشر طالبة في الصف الواحد بوجود معلمة ومساعدة لها بشكل نوفر للطالبات  الزمن الكافي في التعلم والتحصيل بجدية كاملة في إيصال المعلومة للطالبات».

كل ماذكر جميل لكن الكادر الذي ينفذ المشروع كيف يتم تأمينه؟ أجابت قائلة: «العمل تطوعي بالمطلق، الخير موجود لدى الناس فقط يحتاج لمن يوقظه ويدفعه باتجاه العمل الخيري الذي يفيد البلد ويعطي ثماره على الصعيد الاجتماعي، ولدينا الآن 27 متطوعة تشرف كل باختصاصه على الطالبات المائة، بشكل كل صف لديه أربع مدرسات بمواد اللغة العربية والحسابية إضافة للدروس المسلكية والتوجيهية وهي طاقات شابة عظيمة، أصغر آنسة متطوعه عمرها 19 سنة، والطاقات الشابة تتميز بالعطاء غير المحدود والوعي المعرفي الجيد أيضا، لذا نعتبر ذلك مكسب للمشروع والفريق متعاون ومنسجم رغم التفاوت بينهن بالعمر».

وعن المساعدات التي تقدم للمشروع من خارج الجمعية أفادت بالقول: «هناك مساعدات عينية طفيفة جدا، بعض المؤسسات أرسلت بطاقات معاينة طبية مجانية في مستوصفاتها مثل "غرفة التجارة"، و"جمعية السرطان الكشف المبكر" وأحد الطالبات تم اكتشاف المرض لديها وتم إجراء المعالجة الدوائية والجراحية على حساب الجمعية وقد شفيت وعادت لتلقي تعليمها، لكن الحمل الأكبر يقع على الجمعية في موضوع التمويل وتوفير المستلزمات، ولكن دعني أقول أن الخير موجود يحتاج فقط للتفعيل ضمن أقنية تحقق الفائدة للمجتمع/البلد معا، وهذا يتوقف على مدى فهمنا لجوهر العمل التطوعي».

والتقينا أحد المتطوعات السيدة "فوز عرواني" التحصيل التعليمي "إدارة أعمال" غير موظفة ربة منزل حدثتنا عن مشاركتها في هذا المشروع القائم على العمل التطوعي قالت: «أحب العمل التطوعي الذي يشعرنا بسعادة غامرة أنني نتيجة هذا العمل أحرر إنسانة من ربقة الأمية وأجعلها تشعر بيقيمتها في الاعتماد على نفسها، بالإضافة أنني أطمح لتحقيق نقلة في مجتمعنا الذي يحتاج لجهد الجميع، وكنت مع الفكرة منذ انطلاقها ولازلت مستمرة وأشعر بالسعادة مع الطالبات وبشكل خاص المتقدمات بالسن في اندفاعهم وكسرهم حاجز الخوف والخجل وحققن نتائج ممتازة».

وعن التنسيق بين بيتها وأولادها وزوجها أطلعتنا على آلية عملها بالقول: «لدينا وقت كبير فقط نحتاج إلى ترشيد وتنظيم هذا الوقت وتوزيعه بشكل يحقق لكل طرف حقه في اليوم، مثلا استطعت تنظيم وقتي وتقسيمه بشكل منطقي بين الأولاد والزوج والبيت والراحة الشخصية، من خلال التعاون في الأسرة والتفهم لطبيعة عملي التطوعي ، وأشعر أنني أمتلك طاقة كبيرة لذا أحضر للدورة وأنا أحمل الجديد دائما لما فيه الفائدة للطالبات».

وعن العلاقة مع الطالبات بمختلف أعمارهن أجابت قائلة: «العلاقة طيبة بشكل عندما تغيب إحداهن أشعر بالفقد لها، وبشكل خاص المتقدمات بالسن، وهن أكثر الطالبات التزاما بالدوام وبتنفيذ الواجبات المدرسية في البيت ، ونحن نقوم بتشجيعهن وتحفيزهن لتحقيق الأفضل ».

عن موقف الأهل والأصدقاء من عملها هذا حدثتنا قائلة: «لقد تلقيت الدعم الكبير من والدي وإخوتي وزوجي الذي يحب العمل الخيري، والعائلة والأصحاب جميعا كان موقفهم إيجابي، وقد انعكس ذلك على أولادي الثلاثة فقد زاد اهتمامي بهم وهم من المتفوقين دراسيا، وأنا تغيرت فقد أصبحت أقل عصبية وهادئة وأتعامل مع الأمور بروية وهدوء وأفكر بشكل منطقي قبل الإقدام على أية تصرف خاص وعام، وبكل وضوح أقول في البداية تعرضنا للمضايقات لكن بعد نجاح المشروع وبعد حفل التخرج للدفعة الأولى تبدلت النظرة كثيرا بين البداية والذي تحقق اليوم».

كما التقينا الآنسة "بتول فهد عتيق" حصلت على الشهادة الثانوية وتدرس تصميم برامج كمبيوتر ودعاية وإعلان  مع دورات محادثة انكليزي وتُدرس بروضة أطفال أيضا، وقد تم طرح فكرة المشاركة في العمل التطوعي لدورة محو الأمية أو دورة تعليم الكبار عليّ وبطبيعتي أحب عمل الخير، وعن فهمها للعمل الطوعي أجابت قائلة: «العمل التطوعي نابع من داخل الإنسان الخير، والقائم على فعل الخير مساهمة في تحقيق هدف إنساني له بعد اجتماعي وأخلاقي، وقد شجعني على ذلك الوالد والوالدة والأخوة والأسرة بشكل عام والأصدقاء، وهو تعبير عن الذات وكيفية توظيف هذه الطاقة في مجالات تحمل جملة من الأهداف على الصعيد الشخصي والعام».

   الفتاة في مجتمعنا تحاط بالكثير من التحذيرات القائمة على حمايتها من الغير "الرجل" لذا تخضع للوعظ والترشيد والأوامر والنواهي التي لاتنقطع وأحيانا المراقبة الشديدة "بتول" كيف استطاعت أن تبني جسور الثقة مع أهلها ومجتمعها خصوصا أن خروجها من البيت يأتي في ساعة القيلولة والراحة؟ أجابت موضحة: «الثقة مع الأهل جاءت نتيجة التربية التي عشتها بين الأهل والقائمة على الوضوح والثقة، والوالد منحنا الثقة وترك لنا حرية التصرف بشكل موضوعي، مثلا في البداية كان الأهل يرافقوني للمدرسة لكن بعد فترة أخرج وأذهب للمدرسة برفقة زميلاتي والمديرة ولا يضطر الأهل لتوصيلي بعد أن شعروا بجدية المشروع والمصداقية مني ومن الكادر الذي أعمل معه».

بعمرك الصغير وتجربتك المحدودة كيف يتم التواصل مع الطلبة بمستوياتهم الاجتماعية والثقافية والعمرية المتنوعة؟ أوضحت هذه النقطة قائلة: «كل طالبة وحسب عمرها يتم التعامل معها، وبالأساس نحن نتعامل كأصدقاء الكبيرة تحتاج لمعاملة حلوة ومشجعة وأناديها خالة، وهن ينادونني أيضا بخالة، ومن هم صغار وبعمري نتعامل كأصدقاء، أدرسهم الرياضيات، ومساعدة بمادة العربي».

كيف تحس "بتول" تجاوب الطلاب بشكل عام، أجابت قائلة: «ماشاء الله الاستجابة جيدة بالعموم، لكن عند المتقدمات في السن متميزة بالحماس والرغبة في كسب أكبر قدر من العلم، وميزة أخرى عدم التغيب بشكل رائع، والتقاط المعلومة مثلا جدول الضرب جلسة واحدة كان مفهوم المبدأ واستطعن تطبيق الجدول على كافة الأرقام».

المشروع بالكامل نسائي، الطلاب الكادر التعليمي نساء، ماهو رأي الآنسة "بتول" في ذلك؟ أجابت: «النساء بشكل عام أكثرهن أميات، والمرأة هي الأم والزوجة والأخت والعمة والخالة، وهن قوامات على العملية التربوية في الأسرة حسب العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، لذا لتحقيق هذا الهدف نحتاج إلى امرأة قادرة على القيام بهذه المهمة بشكل غير منقوص، من هنا كان التوجه بهذه الدورة للنساء».

التقينا الحاجة "تركية" التي حدثتنا عن مشاركتها بدورة تعليم الكبار قائلة: «أنا كنت أتعلم حفظ القرآن في مسجد "السرجاوي" وكانت معي صديقة تقرأ بشكل جيد، حدثتني عن الدورة، فسجلت بالدورة كي أتعرف على الحروف وتكون قراءتي" للقرآن" جيدة، وبعد انقضاء الدورة أصبحت قادرة على القراءة المباشر بالقرآن».

وعن كيفية تنظيم وقتها حدثتنا قائلة: «أنا مطلقة من مواليد عام1945، وأعيش وحيدة في بيت أهلي، عندي فقط ابنتان تقومان بزيارتي بشكل يومي، وأشتغل بالخياطة للسوق، ومن هذا المردود أصرف على حالي، وأنظم وقتي بشكل أتابع حلقة تحفيظ القرآن بجامع السرجاوي، وأتابع الدورة في مدرسة "جمعية دار العلم والتربية" يومي الأحد والأربعاء».

وعن العلاقة مع المعلمات حدثتنا قائلة: «العلاقة جدا أسرية، أشعر وكأنني في بيتي ومع بناتي، ولا يقصرون معنا نهائيا في إعطاء المعلومة بمادة العربي والحساب وكذلك المساعدة في بعض القضايا الشخصية، وكنت سعيدة جدا في حفل التخرج الذي تم أمام حشد كبير من الجمهور، حيث تم إعطائنا شهادة محو الأمية وهدية تشجيعية».

كما التقينا الطالبة الحاجة "خديجة عنجاري" الملقبة بأم "أنس" لديها 11 ولد ذكور وإناث، منهم الطبيب والتاجر والمهني والجامعي وكانت تتأثر عند الالتقاء مع صديقاتها والجميع يقرأ ويكتب، هذا الواقع جعلها تتأثر وتصل لمرحلة البكاء حسرة على نفسها، لذا ألحت على زوجها تطالبه بضرورة تعليمها، وكان لها ذلك حيث أبلغها أنه قد سجلها في مدرسة "جمعية دار العلم والتربية" ومضى عليها عام وكانت ضمن الخريجات الأوائل بالدورة وتابعت القول: «أنا مستمرة بالتعلم حتى أحصل على شهادة التمكين التي تخولني بالتقدم لنيل الشهادة الإعدادية، وقد تشجعت بعد التكريم وخصوصا وقوفي على المسرح  وارتجلت كلمة أمام الجمهور مباشرة ترك ذلك عندي قوة تحفيز كبيرة وكذلك تشجيع زوجي وأبنائي وأصدقائي، وفرحتي كبيرة عندما أقرأ القرآن بصوت مرتفع مع التجويد وأكتب وأقرأ، بنفسية ومعنويات عالية جدا، وأخي بكى من فرحته عندما شاهدني وسمع تلاوتي "للقرآن" الكريم، وأصبحت مضرب المثل في الحي "روحو شوفو أم أنس لقد تعلمت القراءة والكتابة بعد 11 ولد"، والله فرحتي كبيرة وإنشاء الله أنال  شهادة التاسع وأتابع تحصيلي الدراسي، هذا بفضل رب العالمين والآنسات».

كنعان البني       

 

التعليقات

  1. Image
    شكرك لك ولتعاونك معنا بنشر مشروعنا

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية