أخبار فنية

حب من طرف ثالث

حب من طرف ثالث

380 مشاهدة

الفنان الأستاذ #كاظم _نصار

حب من طرف ثالث

 في ايام الحصار لم تكن هناك قصص حب في الواقع

قصص حب عنيفة على وزن قيس وليلى او عنتر وعبلة اوغيدة وحمد

يعني شغف وهيام وتبتل وعشق والوردة في كتاب وانتظار مضن في شوارع يفور منها الاسفلت

وين اكو عمي .....

انت تريد تؤلف قصة بكيفك   ...بس افحصها بدون جقلمبات

راح تشوفها قصة حزينة

تشبه اغنية باسل العزيز

يمتا الفرج ياربي ....

 ثمة حكايا تشبه حكاية ساري العبد الله وحدة وبكاء وعذاب وصبر اممي

(وياذيب ليش تعوي حالك مثل حالي )

الحب طاقة روحية وتماهي واستعداد كامل للتضحية وشغف وانصهار ارواح

وهذه لاتتوفر في التسعينيات

افضلنا كان يمتلك سيارة برازيلي مطكطكة بدون تبريد ورائحة البانزين تعط منها والسائق يضع منديلا مبللا على رقبته ويدردم على السلطة وهو يتلفت

  وليس هناك كافتريات رومانسية على وزن ضي القمر ..او ركن الحارثية

ومطاعم باجة الحاتي يؤمها سكارى بعملات مطبوعة محليا ....وكذا مسارح شارع الرشيد دشاديش وحب عين الشمس ولفات همبركر مصنعة في ورش محلية

الحب كان خيالا في الروايات التي نقرأها مستنسخة وفي الافلام المصرية ...وفي تلفزيون الاسود وابيض ..

في الواقع كان هناك حكايات حب مبعثرة

مترددة ....ناقصة ....خائفة ...

ومن هنا ادى ذلك الى ضمور للجمال البشري واخفائه لان الدافع ضامر ايضا

كل 25 يوما تصادفك فتاة جميلة في الباص اوفي شارع الرشيد

خارجة من الجامعة اوخارجة من العمل  لكنها تذهب الى بيتها مرهقة ومتعبة ويسيل المكياج المحلي من جفنيها ...

تعال افحص وشوف ..ماكو يابا

والسيارات مقبطة والسايق يكلك طب جوه حجي لخاطر الحمزة

والمدرسين شردوا الى ليبيا ....

لاعيني ماكو شغف ووردة بالكتاب وانتظار على قارعة الطريق...وماكياج وجل شعر

اصلا جل ماكو

والعطور تصنيع محلي

وجوه متعبة

وجيوب فارغة

لاطاقة لمن يسير على قدميه للوصول  الى عمله ان يحب ..اقصد الحب العاطفي الرومانسي على طريقة شادية وعبد الحليم واحمد رمزي وحسن يوسف

الشارع يفرغ حتى الناس تشوف عصابة ابو جحيل وذئاب الليل ...

الناس تعوض جوعها بابطال افتراضيين

والطماطة والباذنجان ذائعا الصيت انذاك قامعان للعشق والهيام ....ومحفزات العشق مضمرة

لم يكن هناك حتى تلفون ارضي لتبادل العشق

هو طحين ماكو عمي ..فكيف بالتلفون الارضي

انت تسير بالشارع على حب الله

على مسؤليتك الشخصية

ممكن ان يصادفك جائع او متشرد فيخيفك

في الخيال من الممكن ان تهيم ب نجمات سينما ومطربات مثل باسكال مشعلاني او نوال الزغبي

ليس هناك مساحة خضراء للحب وسط قعقعة الحصار وفقدان الاشياء الاليفة

ولذلك شاعت اغاني ومسرحيات مثل

هذا ياحب

وعمي ياحب

والماعنده منين يجيب ياخلك الله

ليس هناك احدا قادر على تاثيث علاقة حب اما لانه جائع ....او يفكر بالذهاب الى عمان لطلب اللجوء ...او العمل في بيع البالة او الحاجات المستعملة...هنا يقفز العقل ..الاحساس بالظلم ..الاحساس بان جواربك ممزقة

وحذائك لم تستبدله منذ 24شهرا

الضغوط الاجتماعية تدمر الشغف ...تدمر الغدد العشقية او تتلفها

يعني انت تنهض صباحا وتمشط شعرك

 وتذهب لتحب ...لا اظن

اما ان تلبس ربطة عنق

فهذا بطر يعاقب عليه القانون العراقي

الذي يعاقب حتى على الحلم

فمن اين ياتي الحب عمي

هو انت اول مرة خل يدبر البنطلون

ومن هنا تصح قصيدة

جعنا ومالكينا طحين بالبيت

خاف يمر وكت مانلكه البيوت

هي خلاصة المزاج العام

واظن ان كل قصص الحب في تلكم الفترة التسعينية انذاك هي عبارة

عن بروفات لتنشيط الخيال الضامر بسبب غياب اللون

والضوء

واللهفة ..والعشق

والشغف

والازياء والماكياج

وغياب السناب شات والفايبر والماسنجر

والتويتر .....والواتس اب

وحتى هيفاء وهبي لم تكن قد ولجت الفضاء العام بغنجها ودلالها وتوتر حضورها الأسر

الحب باختصار كان يشبه اغاني ساجدة عبيد

اطك روحي بحديدة يطلع الدم

ونبع ياخيار والحكة بثلاثين

 وبنات الريف يرقصن كما لو كن يلطمن على مصير البلاد

الذاهبة لاحقا  الى العنف

والتوحش الاجتماعي ....