قالت الصحف

حروف الدمع...عند محمد عزوز

حروف الدمع...عند محمد عزوز

1843 مشاهدة


حروف الدمع...عند محمد عزوز

ثقافة – الفداء / العدد 13996
السبت: 11-9-2010

في رحلة استكشافية قصدت فيها المتعة والفائدة مع مجموعة قصصية نصبت نفسي بعد قراءتها على أن أكون شبه ناقدة خرجت من نصوص ملتزمة ومثمرة.

حروف الدمع للقاص محمد عزوز ربيع من الدموع وخريف من الوقت يضج بمشاهد إنسانية ليلتقطها بعيون تتقاطع مع تكنولوجيا العصر في المشاهدات الكبيرة والصغيرة...مجموعة حكايات قصصية مختصرة لايتجاوز بعضها بضعة أسطر، وقد تكون صفحة أو صفحتين ومع ذلك تصل للمتلقي بفهم ناضج ورؤية سردية... بعضها استقرائي والآخر استنتاجي... تسقط أخيراً بنهايات الخيبة والارتباك.‏

حروف الدمع. قد يشكل الدمع حروفاً وكلمات أمام رحيل من نحبه وهذا ماشكله القاص عزوز عندما خاطب صديقه «حاولت أن تترك لي مكاناً كي أجلس إلى جوارك أردت أن تسمعني بعض همومك و لما قطعت حديثك بسؤالي: لماذا فعلت كل هذا بنفسك؟‏

بكيت لم أرك تبكي من قبل، فتهجأت معك حروف الدمع وبكيت...»‏

القصة القصيرة منذ البدايات تضع في مسيرتها مجموعة من المقولات التي تريد إيصالها إلى القارئ بشكل عفوي غير منظم لا تهدف إلى إشباع القارئ بقدر ماتريد أن تحرض بعض الجوانب في نفسيته و طريقة تفكيره ونجحت القصة القصيرة في الدفاع عن بعض المغمورين والمأزومين ونجحت في تعرية بعض الجوانب من مشاهدات الحياة ليس أكثر وفي حروف الدمع ترى هذا وذاك...‏

مشاهد مثيرة تحمل هموماً عامة: الكلاب تتناسل في الشارع، لم تعد الكلاب كما كانت في الماضي للألفة والحراسة... القصائد مسروقة والروايات منهوبة والكاتب يشبه الفنان يعاني ويتألم ويجوع ويخاصم زوجته وربما زوجته تؤنبه وتوبخه لأنه يشتري كتباً ليحشرها في مكتبته أكثر مما يشتري لها طعاماً أو عطراً، والكاتب يطمح لأن يكون عادلاً مع شخوصه.‏

في قصة «المعمعة»... يسرد لنا القاص عزوز عملية السطو على الروايات والقصص ليعود ويفتش عنها في الشوارع والأزقة.‏

يحكي الهم الإنساني في العنوسة الذكرية والأنثوية، وطمع رجال هذا العصر برواتب زوجاتهم، يحكي عن التلوث السمعي والبصري والبيئي في الوصايا وعن غياب الحقيقة، عن حب القراءة والسهر وخناق الزوجات.‏

يحكي عن الرفق بالحيوان وعزوف الأبناء عن تناول لحوم الطيور الأليفة‏

لقد كان القاص عزوز مثلاً للايجاز والتكثيف وقدم لحظات مأزومة في مسيرة الحياة إضافة إلى درامية بعض قصصه وتأكيده على نقاط التحفيز والادهاش.‏

في قصة «أبو نظارة» يتكلم عن أحلام الطفولة وعن مصداقية المشاهد التي يرى بها الأطفال والتي تنطبق على الواقع في مرحلة الكبر دون أن يعترف الكبار بمضمونها... كان يحلم بالنظارة السوداء في صغره خاصة عندما يراها على عيون الكبار من الرجال والنساء وكان يستغرب كيف يشاهدون العالم من خلف هذه النظارة، كان والده يجيبه بنزق: هؤلاء الناس لايعرفون كيف يرون بدونها عيونهم مريضة...‏

ويقول أيضاً: كانت تدور بذهني أسئلة أخرى إلا أنني لم أتجاسر على التمادي أكثر فقد بدا والدي متذمراً بعض الشيء من أسئلتي.‏

لقد تنوعت مشارب القاص في مرجعيات قصصه من الهم الوطني والقومي إلى الهم الاجتماعي والذاتي إلى العادات والعلاقات الاجتماعية بتجليات القهر وظهرت الأمراض الاجتماعية في أكثر قصصه ففي قصة «اختلاس» يتكلم عن الفساد والرشوة في القطاع العام.‏

وأقول أنا إن الصراع بين هذه الظروف التي يعيشها الإنسان والقيم التي يحملها قد دفعت كثيرين لينخرطوا في تيار الرشوة والفساد الذي غدا يفرض قيمه ومبادئه على أنماط الحياة المختلفة وقد عبر أكثر قصاصي هذا العصر عن ذلك بكم وفير من القصص.‏

نستشف في مجموعة عزوز البساطة والشفافية ومنحى جديداً في تصوير المعاناة اليومية وانعكاساتها، وفيها الواقعية التي تأخذ بعداً شمولياً بتصوير المعاناة ببعدها الإنساني والواقع قد يصبح محطة للاستشراف المستقبلي.‏

لقد سخّر عزوز قلمه للدفاع عن الإنسان وعن حقه في الاحتفاظ بتكامليته عبر امتلاكه للحرية عندما صور حالات القلق والحصار التي يعاني منها إنسان هذا العصر.‏

أبطال عزوز من حوله شعبيون يتكلم عنهم بطريقة السرد الحكائي دون دخول إلى عوالمهم الباطنية...‏

والواقع حي ينبض بالألم.... نعيشه.... نراه... نتألم به... نرفضه... ندينه... ولانمتلك الخيارات بذلك.‏

ندى محمد عادلة‏

حروف الدمع:

المجموعة القصصية الرابعة للقاص والأديب: محمد عزوز/ صدرت عن دار بعل في دمشق عام 0102‏

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية