قالت الصحف

حسن م يوسف ... حرب الفيس بوك....

حسن م يوسف ... حرب الفيس بوك....

2167 مشاهدة

 

حرب الفيس بوك

 

حسن م. يوسف

من دفتر الوطن

الأحد/17/4/2011   

 

«هل لدى أحدكم خيط من شك يعيرني إياه؟» كانت تلك هي الصرخة التي أطلقتها قبل أيام من خلال صفحتي على الفيس بوك. فجل المتكلمين، من الطرفين، يتحدثون كما لو أنهم يضعون الحقيقة في جيوبهم الصغيرة، وبعضهم يمارس السياسة بوضوح قاتل على طريقة بوش: «إن لم تكن معنا فأنت ضدنا». ما يشير إلى أنه ثمة حرب إعلامية تجري في منطقتنا ساحاتها المنابر المقروءة والمسموعة والمرئية بما في ذلك الرقمية منها وعلى رأسها شبكات التواصل الاجتماعي.
أعترف أنني طوال حياتي المهنية لم أتعرض لضغط مثل الذي تعرضت له في الأسبوع الماضي، فالانسحاب من الفيس بوك يشبه الهزيمة والبقاء فيه يعني الانغماس في سجال متواتر ومتعدد المستويات يصل في بعض الأحيان حدَّ الاستنزاف، لأن غياب رأيك ولو ساعة أثناء القيلولة يتيح فرصاً لآراء قد تمر على صفحتك لا يجوز أن يكون مرورها دون نقاش.
خطر لي، لكسر حدة السجال، أن أقترح مواضيع جوهرية للنقاش، كتبت: «الحرية هي انتفاء الإرغام والقدرة على الاختيار. هل الحرية وهم كما يقول بعض فلاسفة اليمين، أم إنها الوجود باعتبار أن الموجود لا يتحدد إلا من خلال حريته؟» معظم تعليقات الشباب كانت عميقة وملهمة، وبعضها لافت حقاً مثل قول رحاب خليل: «عندما تختار الحق بإرادتك وتنتصر على ذاتك، لن تكون عبداً للشر عندما تكون حراً» وقول سلمان محمد: «الحرية، العدالة، المساواة، قيم هائلة... ليست وهمية الوجود بل وهمية التحقيق».
بعدها طرحت مفهوماً آخر للنقاش كتبت: «التغيير» مفردة يجري تداولها بكثافة هذه الأيام، بعض الناس مع التغيير حتى ولو كان نحو الأسوأ، هل أنت منهم؟ كان ثمة إجماع بين الشباب أنهم يرفضون التغيير نحو الأسوأ. لكن بعض المثقفين اعترضوا على صيغة السؤال واعتبروا أن هدفي من طرحه هو أن يقولوا لا. أحدهم قال إنه لا يوجد تغيير للأسوأ، فأجبته هل تغيير نظام الليندي بنظام الطاغية بينوشيت كان نحو الأفضل؟
حرب الفيس بوك مستمرة بعنف وكما كسرت الأقنية الفضائية معايير المصداقية كسر «المفسبكون» كل المعايير، نفس الشخص الذي قد يصفك قبل لحظة بأنك عبقري قد يعتبرك «فردة شحاطة» بمجرد أن تورد معلومة تزعزع قناعاته. أما آفة التخوين والتخوين المتبادل فقد أصابت بعض من يعتبرون أنفسهم من المثقفين. أحد الصحفيين الذين طالما تفاءلت بهم وصل به الأمر لاعتبار مواقف من لا يتفقون معه «أكثر فظاعة مما يرتكبه المجرمون»!
أمس قلت لأحد الأصدقاء إن اللون المفضل للحقيقة هو الرمادي: فقال لي: أنت تضع نفسك بين جبهتين، ومن يقفون بين جبهتين غالباً ما يكونون من أوائل الضحايا. قلت له ما سبق أن كتبته في أزمة سابقة تعرضت لها سورية: «عندما يتقاتل أهلي، يكون الموت المبكر منّة من السماء».

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية