قالت الصحف

حسن م يوسف ... ما لا يجرؤون على النطق به..

حسن م يوسف ... ما لا يجرؤون على النطق به..

1959 مشاهدة

ما لا يجرؤون على النطق به

 

من دفتر الوطن  

الأحد 27 /2 /2011

حسن م يوسف

 

يكاد جون بيلغر يكون الصحفي الغربي الوحيد الذي لم أشك بنزاهته يوماً، فكتاباته وأفلامه التسجيلية هي فعلاً كما وصفها نعوم تشومسكي: «.. بمثابة منارات مضيئة في أزمنة غالباً ما كانت معتمة. فالحقائق التي سلط عليها الضوء غالباً ما كانت كشوفات متتالية، كما كانت شجاعته ورؤياه مصدر إلهام دائم».
بدأ بيلغر العمل في الصحافة الأسترالية عام 1958 ثم انتقل في الستينيات إلى لندن حيث عمل مراسلاً على مختلف الجبهات الساخنة بدءاً من حرب فيتنام عام 1967، وهو من أشد المنتقدين للمغامرات العسكرية والاقتصادية للحكومات الغربية.
ميزة بيلغر الأساسية، على حد قول المسرحي والروائي البريطاني الراحل هارولد بينتر، صاحب جائزة نوبل للآداب عام 2005، تكمن في أنه «... يميز بتركيز شديد بين الحقائق والحقائق الزائفة ويقدمها كما هي».
يعتقد بيلغر أنه لا يكفي أن ينظر الصحفيون إلى أنفسهم على أنهم مجرد حاملي رسالة، دون أن يفهموا الغايات الخبيئة في تلك الرسالة والحكايات التي تحيط بها.
كما يعتقد أنه على الصحفي أن يكون حارساً للذاكرة العامة وهو غالباً ما يردد قول ميلان كونديرا: «إن صراع الناس مع السلطة هو صراع الذاكرة مع النسيان»، وهذا ينطبق بالدرجة الأولى على فيلمه الوثائقي «فلسطين لا تزال هي القضية».
فاز بيلغر مراراً بلقب صحفي العام كما فاز بعشرات الجوائز كان آخرها جائزة سيدني للسلام عام 2009.
في 24 شباط الحالي كتب جون بيلغر مقالاً في مجلة «نيوستيت مان» بعنوان: «خلف الثورات العربية تلوح كلمة لا نجرؤ على النطق بها».
يذكرنا بيلغر بضابط أمن أميركي سابق يدعى ري ماكغوفيرن كان في عهد بوش على رأس الفريق الذي يعد التقرير الاستخباري اليومي للرئيس، كان ماكغوفيرن قد اعترف لبيلغر في لقاء نشر سابقاً، أن خمساً وتسعين بالمئة من المعلومات التي قدمت لبوش قبل حرب الخليج كانت ملفقة وبرر عدم معاقبة من أقدموا على التلفيق بأن القائمين على الإدارة لديهم نفس المعتقدات التي طرحها هتلر في كتابه «كفاحي».
بعد ذلك يروي بيلغر ما جرى لماكغوفيرن أثناء الخطاب الذي ألقته هيلاري كلينتون في جامعة جورج واشنطن يوم الخامس عشر من شباط الحالي، فقد كان الرجل يعلم أن السلطات الأميركية تخطط لإغلاق مساحات الإنترنت التي تشجع على الجدال وقول الحقيقة لذا اعتبر تنديدها بالحكومات التي تقمع حرية التعبير نوعاً من النفاق، فما كان منه إلا أن نهض وأعطاها ظهره فهجم عليه رجال الأمن وضربوه وشحطوه خارجاً على مرأى ومسمع من هيلاري التي تابعت إلقاء خطابها كما لو أن شيئاً لم يكن.
يرى بيلغر أن الممارسات الفاشية قد غدت في صلب الإدارة الأميركية، ويستشهد بالمؤرخ الأميركي وليم بلوم الذي وثَّق قيام أميركا، منذ عام 1945 وحتى الآن، بتدمير وإضعاف أكثر من خمسين حكومة في العالم، معظمها منتخب ديمقراطياً. كذلك يرى بيلغر أن أميركا وبريطانيا كانتا دائماً خلف كل مشاكل الشرق الأوسط وهو يتهم المخابرات الأميركية والبريطانية بتربية ورعاية الإسلام الأصولي بهدف إعاقة القومية والديمقراطية في الشرق الأوسط.
باختصار يرى بيلغر أن «الشعوب العربية لا تثور على زعمائها فقط بل تثور على الطغيان الاقتصادي الغربي أيضاً».

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية