أخبار فنية

حــرّاقــة.... رحلة نحو المجهول ...

حــرّاقــة.... رحلة نحو المجهول ...

2395 مشاهدة

المسرح الجهوي لسيدي بلعباس

حــرّاقــة.... رحلة نحو المجهول ...

 

      في باب العروض المسرحية الموجّهة لعشّاق الخشبة ، انفتح جمهور سيدي بلعباس على عرض مسرحي حمل عنوان

 " حرّاقة" للمخرج " يبدري محمّد" مع تأليف جماعيّ للمثلين التّسع بعد أن خاضوا تكوينا في لغة الإيماءات والمهرّج .

" حرّاقة" كان عرضا مسرحيا ذا هدف واضح ورسالة بارزة لشباب همّه الوحيد الهجرة نحو الضفّة الأخرى دون الأخذ في الحسبان العراقيل والمطبّات الواردة والتي من شأنها قلب الموازين .

     وسط سينوغرافيا بسيطة وموسيقى تماشت ولوحات العرض وبأسلوب كوميديّ هادف رفع المتلقّي للتواصل وقصص كلّ شاب وشابة تراءى لهم حلم الهجرة قريب المنال ، وقطع الأميال على مسافة بحر مجهول المصير أملا واردا وهدفا ليس ببعيد المنال كيف لنا وهم يتصوّرون الضفّة الأخرى جنّة وفردوسا في حين عانوا الأمرّين في بلد طغت فيه البيروقراطية وتكالبت فيه مصالح ذوي النفوذ الواسعة ، ليكون ضحية كلّ هذا الجشع شباب في أوجّ عطاءاتهم منحوا الشهادات ليتفاخروا بها وليقتاتوا بفخرهم لنيل شهادات عليا لا تسمن ولا تغني من جوع .

    " حرّاقة" بأسلوبها البسيط والإخراج الذكيّ كانت رحلة نحو المجهول ولكلّ طرف حكاية فيها من الألم ما يستوقفك زمنا معيّنا وفيها من السّذاجة وهم لن يتحقّق ، وفيها من الجرأة ما يوصل الى الجحيم القريب جدّا بخطوات معدودات .

" حرّاقة" التي روّجت للفرجة والدراما في آخر المطاف استقطبت جمهورا شابّا كان معظمه من الطّلبة الجامعيين وشباب مولع بالفنّ الرّابع ، حتّى وان كانت نهاية العرض مأساوية في آخر رحلة بعد أن كانت الأمواج العاتية في جنح الظلام مقبرة لكلّ شاب انساق وراء رغبته وأمله ، كتبت النّجاة لواحد فقط كان سبيله الوحيد للتّعبير عن المأساة الواردة رسالة الى أمّ انكوت بجهلها مصير ابنها ليروّج لمعاناته بأسلوب الرّاب مبرّرا تصرّفه نحو الهجرة الى الضفّة الأخرى بكلمات فيه رسالة لكلّ شاب ، ولكلّ من يطمح للأفضل أنّ الوطن لا يعوّض بثمن ...

الأمل الوحيد الذي كان في عرض " حرّاقة" هو فتح نقاش مفتوح مع الجمهور بعد أن أسدل السّتار ليكون الحوار مباشرا وحضاريّا مع الممثّلين والمخرج للاستنتاج في آخر المطاف أنّ

" حرّاقة" أضحت موضة العصر ولكلّ طرف أسبابه وأسلوبه في التّعامل مع الظروف الرّاهنة ، ليبقى الأمل قائما في أنّ كلّ شاب له أن يصنع مصيره بيده ولا ضير في التفتّح على ما في الضفة الأخرى لكن بكرامة وشغف وعزّة نفس بمتاع من العيار الثقيل المتمثّل في الشّهادات العليا والاكتشافات الجديرة برفع الرّهان ليكون المستفيد الأوّل الوطن الغالي إذا منحنا هذا الأخير بركته

ودحض مسؤولوه الاستغلال البشع لطموحات الرعيّة بعيدا عن

تشويه الآمال ووضع الحواجز في سبيل كلّ طموح قادر على التحدّي والمجابهة وقلب الموازين لتعديل جدول الحسابات مهما استعصت .

وعليه ، فان عرض " حرّاقة" لفرقة دراجة مسرح جدير بالقراءات رغم بساطة أسلوبه في الطّرح ، على أن يبقى الأمل قوت كلّ طامح وخبز كلّ بائس.

 

بقلم : عباسية مدوني –سيدي بلعباس- الجزائر

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية