خواطر

خاطرة اليوم   ومازالت القصص مستمرة

خاطرة اليوم ومازالت القصص مستمرة

668 مشاهدة

خاطرة اليوم .. ومازالت القصص مستمرة

محمد بيطار

التقيت بصديق قديم وكان قد مضى على آخر لقاء بيننا ثلاثون عاماً صافحني بحرارة وتبادلنا القبل وتحدثنا عن ايام زمان وأخيراً سألني : ماذا تفعل هذه الأيام

قلت له: افتتحت مطعماً هنا قربكم. فرح كثيراً وقال بأنه سيزورني غداً. وفعلاً جاءني في اليوم الثاني وصار يحدثني عن اهل المنطقة ومعارفنا القدامى واخبرني أن فلان ظبط اموره وصار من اصحاب الملايين لأنه انتهازي ومع القوي ومع من يدفع له .. وفلان تزوج من زوجة اخيه بعد طلاقها وهي تملك ثروة لابأس بها .. وفلان كان ينتمي إلى حزب سياسي يساري ثم انحرف وصار يمينياً .. وفلانه احضرت عشيقها إلى بيتها وكان زوجها نائماً في الغرفة الأخرى وعندما اغلقا الباب شعر الزوج أن هناك حركه في المنزل واقترب من باب غرفة العاشقان فسمع الآهات والقهقهات وعندما حاول فتح الباب وكان مقفلاً هب العاشق واخرج مسدسه وفتح الباب للزوج وهدده بالقتل إن فتح فمه ثم اجلسه على الكرسي ولبس ثيابه واخذ عشيقته وهاجرا إلى اوروبا .. ولم يترك شخصاً في المنطقة الا وسلسل لي اصله وتاريخه وقصة حياته.. جاءني صديقي العزيز في اليوم الثاني واعاد لي القصص والمواضيع التي اخبرني اياها في اليوم السابق وكنت استمع اليه وخجلت ان اقول له بانه اخبرني القصص البارحة وبعد ساعتين من الكلام المتواصل ذهب واحضر لي قطعة حلوى وقدمها لي عربون صداقتنا الغالية .. وجاء في اليوم الثالث واعاد نفس الأحاديث بلا زياده او نقصان وكأنها مسجله على اسطوانة. صرت اذكره بطريقة خجولة بأن القصة هذه اخبرتني اياها البارحة يهز برأسه ويتابع سرد القصة. وجاء في اليوم الرابع وسرد ذات القصص واثناء سرده كنت اتثأب واتظاهر بالنعاس واحياناً اغمض عيني لأفهمه بأني مللت هذه القصص ولكن لم يكن يهتم ويتابع حديثه وانا اكاد افقد اعصابي. ورغم ذلك كان يغدق عليّ بالفواكه والحلويات عندها عرفت أن صديقي يعاني من النسيان ولا يتذكر شيء الا القصص التي يرويها. اتى في اليوم الخامس وكالعادة بدأ بسرد القصص وانا انظر اليه ويكاد أن يغمى عليّ من الملل والنعاس وعندما اغفو على الطاولة وهو يحكي يوقظني ويقول لي يا مسكين يبدو أن زوجتك لم تدعك تنم جيداً وثم يضحك ضحكة بلهاء ويتابع سرد القصة ينتابني شعور بالبكاء اريد ان انام انظر اليه وهو يحكي بحماسة كبيره .جاء في اليوم السادس وكالعادة احضر الحلوة قدمها لي واخذ يعيد القصص اليومية دون أن يعلم انه رواها لي مرات كثيره. صرت اتظاهر بأني مشغول ادخل المطبخ يدخل ورائي وهو يحكي اعود للصالة يلحق بي وهو يحكي واذا اتى زبون ليشتري يتركني ويحدث الزبون عني وعن تاريخي العريق في المطاعم وعند خروج الزبون يحدثني بأن امه كانت تصاحب شخصاً اسمر اللون وقد انجبت منه هذا الشاب ولتأكيد الخبر يقول أن جميع اخوته بيض البشرة.  ثم يتابع قصصه اليومية وفي اليوم السابع أتى وحاملاً كمية كبيره من الحلويات قدمها لي وجلس ليباشر بالقصص الممجوجة. قلت له أني مضطر لمشوار ضروري خذ بالك جيداً على المطعم حتى اعود غادرت المطعم إلى البيت ورجعت عند المساء ورأيته يجالس احد الزبائن ويروي له القصص نفسها ويطعمه الحلويات .في اليوم الثامن قررت أن اصارحه بأني لم اعد قادراً على سماع قصصه وعند وصوله جلس كعادته ووضع الحلويات على الطاولة وعندما هم بالكلام صرخت يا رجل اعتقني لوجه الله اتركني لأعمل قال منزعجاً .. الحق عليّ .. كل يوم احضر لك الحلويات اهذه مكافأة من يعمل معروفاً ثم تابع لن آتي لعندك بعد اليوم وخرج بسرعة وهو يتمتم بكلمات لم افهمها.. حمدت الله وشعرت بسعادة كبرى واشتريت حلويات وصرت اوزعها على الزبائن والمارة احتفالاً بذهابه وزعلة ... في اليوم التاسع ايها الساده جلس عندي الذي دكانه ملاصقة لمطعمي وصار يروي له القصص نفسها بصوت عال وجاري يأكل الحلوى وهو يبتسم سعيداً وانا اسمع القصص غصباً عني ولكن دون حلويات.....ومازالت القصص مستمرة