مواضيع للحوار

د. إسماعيل.. مؤامرة صهيونية ضد ريادة مارون النقاش المسرحية

د. إسماعيل.. مؤامرة صهيونية ضد ريادة مارون النقاش المسرحية

1495 مشاهدة

/فيصل شيباني/ أسامة إفراح

 

كتب: هايل المذابي

افتتح د. “سيد علي إسماعيل” عرضه بإطلاق عنوان مثير “مؤامرة صهيونية ضد ريادة مارون النقاش المسرحية”، وقال إنّه وافق على المناظرة دون أن ينتبه إلى ما سماه “عنوانها الملتبس”، الذي يصب – بحسبه -في صالح “بوكروح”، ويحسم نتيجة المناظرة لصالحه قبل أن تبدأ المناظرة” حسب قوله.. والمعروف حتى الآن أنّ “نص أبراهام دانينوس منشور في نوفمبر عام 1847، أما نص مارون النقاش فمكتوب ومعروض مسرحياً في فبراير عام 1847، ولكنه نُشر في كتاب (أرزة لبنان) عام 1869، مما يعني أن العنوان ينتصر للأستاذ الدكتور مخلوف بوكروح قبل أن تبدأ المناظرة”، على حد جزم “إسماعيل”.

مغزى العنوان

تساءل “إسماعيل” عن سبب تحديد الهيئة العربية ريادة النص المسرحي المنشور وحصرها فقط بين “مارون النقاش” و”أبراهام دانينوس”؟ كما تساءل لماذا يجب فهم عبارة “النص المسرحي المنشور” في عنوان المناظرة، بأنه نص المسرحية؟

 ورأى بأنّ الأمر يمكن أن يُفهم على أنه نص تاريخي مسرحي منشور، أو نص نقدي مسرحي منشور، “أليست هذه الكتابات المسرحية العربية (نصوصاً مسرحيةً منشورةً)؟”، تساءل المُناظر المصري مرة أخرى، قبل أن يذكر عددا من إصدارات وأعمال الشيخ “رفاعة رافع الطهطاوي”، ويعتبرها سبّاقة ورائدة، لأنه نشر عام 1833 في مطبعة بولاق بالقاهرة ترجمة الكتاب الفرنسي (ديوان قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر) تأليف “ديبنغ Depping”، والكتاب به فصل كامل عن المسرح الروماني. وفي العام التالي، نشر “الطهطاوي” أيضاً باللغة العربية فصلاً مسرحياً من تأليفه بعنوان (متنزهات مدينة باريس)، منشور في كتابه الشهير (تخليص الإبريز في تلخيص باريز) المنشور في مطبعة بولاق بالقاهرة عام 1834.

مؤامرة صهيونية؟

لم يكتف “إسماعيل” بمحاولة دحض وتفنيد الأدلة التي جاء بها “بوكروح”، بل قدّم قراءة أخرى متحدثا عن “تفاصيل مؤامرة صهيونية”.. كلّ شيء بدأ باكتشاف المستشرق الإنجليزي “فيليب سادغروف” نصاً مسرحياً يُعتقد أنه أقدم نص مسرحي عربي، ويحمل عنوان “انزاهة المشتاق وغصّة العشاق” من تأليف كاتب مغمور يدعى أبراهام دانينوس.

ويُلاحظ على الخبر الذي نقلته الصحف، التركيز على كون الأهمية تتمثل في “إزاحة مارون النقاش عن ريادة المسرح العربي”، وتتويج “المغمور أبراهام دانينوس بتاج هذه الريادة”.

وركّز “إسماعيل” على كتاب في 450 صفحة، أصدرته جامعة مانشستر-أكسفورد، به دراسة بالإنجليزية في 138 صفحة، وستة نصوص مسرحية باللغة العربية في 305 صفحة. حمل الكتاب على الغلاف الأيمن بالعربية عنوان “الحركة المسرحية عند يهود البلاد العربية في القرن التاسع عشر”، وعلى الغلاف الأيسر بالإنجليزية (Jewish Contributions to Nineteenth-Century Arabic Theatre) ما ترجمته “الإسهامات اليهودية في المسرح العربي في القرن التاسع عشر”.

قام بتأليف الكتاب كلّ من الباحثيْن “شموئيل موريه Shmuel Moreh” من الجامعة العبرية، و”فيليب سادغروف P.C. Sadgrove” من جامعة مانشستر.

واعتبر أنّ “الهدف الصهيوني” من وراء نشر هذا الكتاب، كما جاء في مقدمته، إثبات “أنّ اليهود الذين يتحدثون العربية، كانوا رواداً لحركة نهضة المسرح العربي في منتصف القرن التاسع عشر”.

كما تحدث “إسماعيل” عمّا سماها “صهيونية فيليب سادغروف وتعصبه لليهود العرب”، مستشهدا بيوميات تلميذه المرحوم “عبد الله إبراهيم العسكر” في جريدة (الرياض) السعودية.

وحسب إسماعيل، حاول موريه وسادغروف “إقحام دانينوس في الدراسات المسرحية العربية”، فوقع اختيارهما أولا على المؤرخ المرحوم د. “أبو القاسم سعد الله”، فلم ينجحا، فحاولا مرة أخرى ونجحا باختيارهما د. “مخلوف بوكروح” بل واعتبر أنّ هذا الأخير تجاهل متعمدا جهود “موريه” و”سادغروف” التي سبقت جهوده.

أصول دانينوس

أصرّ “إسماعيل” على عدم وجود دليل يثبت جزائرية “دانينوس”، فكل الأدلة حسبه تثبت بأنه فرنسي يتحدث العامية الجزائرية. و”لا يحق لنا التعامل معه بوصفه جزائرياً أو عربياً، مع عدم إقحام اسمه في تاريخ المسرح الجزائري أو العربي دون دليل على جزائريته أو عروبيته”.

وركّز الباحث المصري على كون “دانينوس” ليس سوى فرنسياً مستعرباً يتحدث العامية الجزائرية فقط، ولا يستطيع قراءة واستيعاب ودراسة كتب التراث العربية القديمة، ولا يستطيع الاقتباس منها كما جاء في المسرحية، ولا يستطيع صياغة الأخيرة سجعاً وجناساً وطباقاً، ولا الاقتباس من القرآن الكريم والكتابة بنكهة إسلامية.

المطبعة.. والإهداء

شكّك المُناظر في كون مسرحية “نزاهة المشتاق” جرى طبعها بالجزائر سنة 1847، ورجّح أن يكون ذلك تمّ في المطبعة الحجرية في فرنسا، وبالتالي لا يحق لها منافسة مسرحية “البخيل” المنشورة داخل لبنان عام 1869.

واعتبر “إسماعيل” أنّ “انزاهة المشتاق” تلقى مخطوطا، لا نصاً منشوراً مثل “البخيل”، ما يعني أن النص المخطوط لا يحقق بدوره عنوان المناظرة.

وذهب الباحث المصري بعيدا حين قال أنّ “دانينوس” لم يكتب هذه المسرحية، بناءً على الإهداء المكتوب على صفحة منفصلة عن أصل المخطوطة، بخط اليد بالفرنسية، وليس بالعربية التي جاء بها لغة النص المسرحي. وذلك الإهداء إنما كتبه دانينوس بخط يده، من أجل نسبتها إليه كجامع مخطوطات، لعدم وجود اسم المؤلف الحقيقي مطبوعاً على أي جزء من جميع صفحات المسرحية المطبوعة في المطبعة الحجرية خارج الجزائر. ومن الأدلّة التي قدّمها سيد علي إسماعيل على ذلك الفرق بين لون الورقة التي حملت الإهداء، والورق الذي طبع عليه نص المسرحية.

وقدّر “إسماعيل” أنّ المؤلف المحتمل لـ “انزاهة المشتاق” هو “الأمير مصطفى بن إبراهيم” عام 1850، لتشابههما في أسلوب التناول والمضمون والمصادر التراثية والشعبية، وفي حالة التأكد من عدم قيام هذا الأخير بتأليف المسرحية المذكورة، اقترح البحث عن المؤلف الحقيقي لهذه المسرحية، المكتوبة بخط مغربي، بين كُتّاب وأدباء بلاد المغرب العربي، وإسبانيا أيضا، في الفترة ما قبل وما بعد عام 1847.

مصادرة

طالب د. “إسماعيل” بمصادرة كتاب “الإسهامات اليهودية في المسرح العربي في القرن التاسع عشر” لـ “شموئيل موريه” و”فيليب سادغروف”، مرجعا ذلك إلى “كون جميع النصوص المسرحية الستة المنشورة فيه، تمّ تزييف ديانة أصحابها بالديانة اليهودية، ليتم نشر الكتاب وفقاً للمخطط الصهيوني، الذي يهدف الاستيلاء على ريادات المسرح العربي”، وقال د. إسماعيل: “خمسة نصوص، أي ما يمثل ثمانين بالمائة من حجم الكتاب، مؤلفها أنطون شحيبر “المسيحي الماروني”، والنص السادس والأخير وهو “انزاهة المشتاق”، “لا علاقة له باليهودي الفرنسي دانينوس، ومؤلفه مجهول الاسم عربي مسلم؛ وفقاً للنص المنشور، ونتائج البحث”.

انتهاءً، أجرت اللجنة المحكّمة مداولاتها وتوّجتها بقراءة بيان مقتضب ركّزت فيه على انتفاء الريادة الواحدة، مؤكدة على أنّ “ريادة النص المسرحي العربي المنشور تبقى ريادات”.

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية