أخبار أدبية

دلال مقاري  تقدّم ههنا مسرحية من فصل واحد  أصواتهن   جدران ثكلى

دلال مقاري تقدّم ههنا مسرحية من فصل واحد أصواتهن جدران ثكلى

433 مشاهدة

  دلال مقاري  تقدّم ههنا مسرحية من فصل واحد  أصواتهن   جدران ثكلى

مسرحية من فصل واحد طويل قد لا ينتهي ؟

#تأليف  _دلال _مقاري

 

#دلال مقاري باوش  من ألمانيا

المدير المؤسس لمعهد ( دراما بلا حدود ) الدولي.

حاصلة على الدكتوراه الدولية، بعنوان ( سينوغرافيا المشهد بين خيال الظل والسينما، في أعمال ساحرة المقص، لوته رايننغر ) المانيا، هولندا، واوكرانيا 2013.

استاذة المسرح الشرقي، خيال الظل، المانيا.

مدربة السيكودراما، واللعب الدرامي، في : مراكز تأهيل الشباب

 VHSمدارس :

مدارس مونتيسوري، المانيا

مدربة للمعلمين، في : معاهد تأهيل المعلمين

منشطة سابقة لمسرح الدمى والمسرح المدرسي بالتعاون مع منظمة اليونسيف ومنظمة الأونروا في سوريا ولبنان.

مدربة في ورشات عمل مسرحية في المهرجانات العربية للمسرح

باحثة وشريكة في مؤسسة علاوي للدراسات والترجمة والنشر، المانيا

مختصة في إعادة تأهيل المهاجرين الجدد إلى أوروبا ضمن برنامج ( التعايش والاندماج ) بالتعاون مع الصليب الأحمر الألماني، ومنظمة كاريتاس والاتحاد الأوروبي  .

مختصة في تأهيل وإدماج الحالات الخاصة مثل ( الأيتام، والمشردين، ظاهرة الانحراف والإدمان عند الشباب، واعادة تأهيل ضحايا الحروب، والعنف الجسدي والنفسي من الأطفال والنساء، تأهيل وإدماج ذوي الاحتياجات الخاصة )

تجارب محققة في هذا المجال في مراكز تأهيل الطفولة والشباب في المانيا والاتحاد الأوروبي , ومع مؤسسة التمكين الاجتماعي في "الامارات"، الهيئة القبطية للأيتام، والأطفال المشردين "مصر " والمؤسسة الملكية الخيرية للأيتام في" البحرين ". ورشات الرقص العلاجي في مصر.

مختصة في التنمية البشرية، عن طريق الفنون.

مختصة في السايكو دراما والدراما ثيرابي.

تقدّم ههنا مسرحية من فصل واحد قد لا ينتهي موسوما بــ : أصواتهن " جدران ثكلى "

أصواتهن

"جدران ثكلى "

مسرحية من فصل واحد طويل قد لاينتهي ؟

تأليف /  دلال مقاري

الشخصيات :

عفاف : فتاة مثقفة، في منتصف العشرين من العمر

شرمين :سيدة أرملة في بدايات الأربعين من العمر

شهد : فتاة في السابعة عشر من عمرها

أصوات : تسمع لرجال في مقدمة المسرحية

أطياف :

 طيف سهى : سيدة قتلت في السجن 

طيف عادل : خطيب عفاف ، قتل رميا بالرصاص

المكان : مهجع كبير، كأنه حظيرة حيوانات سابقة، جدران معدنية من القصدير والأسلاك، تفصل بين الزنازين.

الإضاءة تتسرب من بين شروخ الجدران الشاحبة والمخدوشة بأظافر ساكنيها وذكرياتهم، وفي منتصف المهجع عبر سقفه الأخضر العفن يتدلى قنديل كبير بضوء خافت.

كلما ازداد الضوء في الخارج، كلما تكشف المكان أكثر والشخصيات أكثر. .

الزمن، فجر يوم من أيام نوفمبر الباردة والماطرة، رائحة عفنة وكريهة تغزو فضاء العرض.

صالة الجمهور محاطة بأسلاك ، وسلاسل معدنية تتدلى من السقف

بقايا من جدران الصفيح والقصدير تفصل بين المقاعد والزنازين التي تختلف بأحجامها وأشكالها ومحتوياتها ؟

صوت باب معدني يقفل من الخارج، واصوات رجال تمتزج مع أصوات  نباح كلاب كثيرة، صوت سيارات تتحرك بسرعة تثير ضجة تصاحبها أصوات نباح الكلاب، وأصوات الرجال المغادرين ).

( بعد صمت طويل، يسمع صوت أنين خافت، يعلو ببطء، إنارة محددة بلون بنفسجي، تحيط المرأة الأولى، عفاف، فتاة العشرين، ترتدي بنطالا وبلوفر ممزق، تئن، تجلس  القرفصاء، على أرض شبه عارية، ماعدا غطاء بني قذر، وممزق ومنسول الخيطان.

تجلس القرفصاء تضم قدميها الى صدرها ترفع وجهها المختفي بين ركبتيها وصدرها  ببطء، تهتز الى الأمام والخلف، تئن، إطفاء)

 ( طرق على الجدران المعدنية، والأسلاك، إضاءة حمراء شاحبة، تسقط على شرمين، سيدة غاضبة ترتدي فستانا طويلا ومزركشا، تشد ضفائرها الطويلة، بغضب، تصفع صدرها والجدران، تعوي وتزعق، إطفاء)

 ( في الزنزانة الثالثة، إنارة صفراء باردة تقوى وتخفت بسرعة كنبضات القلب، شهد فتاة صغيرة، تستر جسدها بثيابها الممزقة، تنظر الى الجدران كأنها لاترى جيدا، تتحسس كل شيء بيديها تفتح بوابة زنزانتها بدهشة، تخرج منها تتخبط تتعثر وتسقط بين الجمهور، إطفاء)

 ( هدوء حذر، وصمت طويل، يصاحبه صوت رياح تصفع صدوع الجدران وتشققات السقف المنخفض، بأمطار غزيرة )

شرمين : ( بصوت منخفض، لايلبث أن يعلو)الأبواب، الأبواب، لقد تركوا  أبواب الزنازين مفتوحة ! ( تتحرك من مكانها تلامس الباب المعدني الصدئ، تحركه، ينفتح، ويصدر أزيزا مزعجا، ترفع صوتها بدهشة مجددا )، لقد تركوا الأبواب مفتوحة.(تمشي بحذر الى الخارج ، تنظر باتجاه الباب الخارجي)

لكنهم  أقفلوا الباب الخارجي كما العادة.

عفاف : ( تهتز مجددا وتئن، تتحدث بهدوء كأنها تخاطب نفسها) يقفلون الأبواب ! يفتحون الأبواب، وخلف كل باب، باب.

شرمين : ( تتلفت بحذر، تنظر باتجاه الصوت، تحاول المشي باتجاهه، وتفشل ! ) لقد تركوا الأبواب مفتوحة، ماعدا الباب الخارجي، سمعت الطقات الثلاث.

شهد : ( تهذي في مكانها، تحاول ستر جسدها بثيابها الممزقة، تتنفس بصعوبة، تسعل، تمسح دما عن فمها، وتختفي مجددا بين الجمهور ) افتحوا الأبواب، إفتحوا الأبواب ( يخرج صوتها المتعب من

          بين الجمهور)

شرمين : ( تنظر من بعيد الى كل الزنازين  ) نحن وحدنا ؟ لم يبقى أحد

             غيرنا ؟

عفاف : ( تتحدث  بصوت هادئ  ،منخفض ) كنا دائما وحدنا ! مع أنكم موجودون بيننا،( تشير الى الجمهور )

شرمين : ( تنظر باتجاه شهد ) تعالي ياصغيرتي، تعالي، لاتخافي لقد ذهبوا، ( بتساؤل ) وربما لن يعودوا ؟

عفاف : ( تهتز مجددا تئن، تحتضن شيئا ما في يدها، تضمه الى صدرها، تتنفسه بعمق، ثم تخفيه في صدرها مجددا ) ما امتطى الغياب راحل وعاد ! والعائدون لعناتهم مضمرة.

شرمين : ( تلتفت اليها بحزم ) اصمتي أنت، ودعينا من كلماتك الملغومة.

( تتابع شرمين البحث عن شهد، تمد يدها باتجاه صوتها ! مرتبكة تحاول المشي اليها )

شرمين : عاجزة أنا، ما الذي يكبل ساقاي عن الحركة، ما الذي يمنعني عنك ياصغيرتي ؟

ما الذي يمنعني أن أحتضن ألمك ؟ ألمي ؟ تضرب الأرض بقدميها الغاضبتين، كأنني محاطة بالشوك، بالأسلاك. ( تتابع بحنان كأم ) تعالي يا ابنتي، تعالي إليّ

شهد : ( تسعل، تحاول ستر جسدها ببقايا ثيابها الممزقة، تنظر بخوف الى الجميع ، تصرخ )

افتحوا الأبواب، أخرجوني من هنا.

عفاف : ( تهذي في مكانها ) أعبئ الفراغ بزفرة، بخيط مدمى، وأنسج حبلا من الجراح، يحملني إليك، أتسلقه ! أهبط به ! أتأرجح لافرق، المهم حبل الأماني يحملني اليك.

شرمين : ( غاضبة ) اصمتي أيتها الأخت ال........ ( تمتنع عن متابعة الكلمة ) أتعتقدين أنني لا أعرف ألاعيبك ؟

( تستدير الى عفاف محاولة المشي اليها ) أعرفك، عيني التصقت بك لحظة دخلت هنا، أذني إلتصقت بجدارك المشروخ، ولم أسمع لك صوتا كأصواتنا ؟( بخبث ) أولست مثلنا ؟

عفاف : ( تتمتم بصوت هادئ حالم ) إقتربي مني أكثر لتعرفيني ! خدعتك النظرة السطحية والأذن اللاهفة على أن لا تسمع، غير صوت الخارج ! صوت الجدار وصوت المعدن. إقتربي مني لأسمعك صوت الصمت

شرمين : ( بغضب ) أكره كلماتك، أشمئز منها، أعرفك ! ولاأفهمك !

كم من مرة أردت أن أصفع جدارك البارد المشروخ، أن أصفع صمتك كي تصرخي كما نفعل كي تتألمي كما نفعل، كي تعارضي !

شهد : (في مكانها تسعل، تصرخ بانهاك)، إفتحوا الأبواب، اخرجوني من هنا من سجني، من جسدي، أخرجوني ....... ( تختنق بسعالها المدمى )

شرمين :( تستدير إليها وتحاول المشي بإتجاهها تتعثر، تنظر باتجاه القنديل المعلق بضوئه الشاحب، أعلى عامود خشبي) تعالي يا ابنتي، عودي أدثرك من البرد قبل أن يأكل روحك، سأحضر لك القنديل يدفئ عظامك قبل أن ينتهي زيته، ( تحاول إجبار نفسها على المشي باتجاه شهد وتفشل، باتجاه القنديل وتفشل، تصرخ ) ربي ما هذا العجز الذي أصابني ؟ أية لعنة تشل خطواتي ؟ ما بيننا نهر من دماء ! أو ماء ! أو نيروز إنطفأت شموعه؟

عفاف : ( في مكانها ، تهتز ، وتئن ، وتلطم على صدرها حيث تخفي شيئأ ، تسحب من تحت الغطاء البني ، كرة من الخيطان التي نسلتها منه تلضم بالخيط إبرة صنعتها من الأسلاك المعدنية تسحب قميصا من القماش الأبيض  المدمى  ، خبأته في  صدرها ، وتبدأ بالخياطة ، والهذيان ) أعبئ الفراغ بزفرة وخيط مدمى ، بحبل الأماني يقودني اليك .

شرمين : ( تلطم على صدرها  وتستدير ، مخاطبة عفاف ) ألم أقل لك إبتلعي كلماتك اللعينة ، ولاتسمعيني صوتك الذي إدخرته من قبل ، حين كان عليك أن تصرخي ، وترفضي وتتألمي ( بشك ) أم أنك لم تكوني لتتألمي ؟

عفاف : ( بهدوء الحالم، وبعد صمت طويل ، وهي تخيط القميص الأبيض ) مانفع أن أسمعك صوتي

           الرافض ، هل سيغير ذلك من حقيقتي العاجزة ، وحقيقتك العاجزة ؟

شرمين : بودي أن أصفعك ، كي تستيقظي ، أن أعصر لحمك ، كي تشعري بالألم ، ان أهينك كي تتمردي

             وتغضبي .( تحاول المشي إليها ولكنها تتعثر ، بإستغراب ) مالي أنا كلما حاولت قذف قدمي في

              الطريق ، اتعثر ، واعجز ؟

 عفاف : ألم أقل لك ، بأنك عاجزة ، وإن صرخت ، وإن غضبت . (  تتابع الخياطة )

           تعالي يا أختي ، ياجارة الجراح والصفيح البارد ، لتعصري لحمي ، وتصفعي جسدي الميت ، لتهيني

           روحي التي فارقتني قبل أن أدفن هنا .

شرمين : ( تحاول المشي باتجاه زنزانة عفاف ) أخطبوط شيطان يشد قدميّ الى الأرض يضلل خطواتي عن الطريق .

عفاف : ( بهدوئها المعتاد ) إقذفي قدمك خطوة باتجاهي ، حركي قدمك بالرغبة ، بالروح وبطاقة الفكر ، هيا تعالي .

شرمين : ( تتخبط  وتتعثر  ) لاأستطيع ، لا أستطيع 

عفاف : ( تتابع خياطة القميص الأبيض ، وتتحدث كالحالمة ) بطاقة الفكر ، تتولد الحركة فالحركة طاقة وتغيير ، فكري ، تأملي  ،  وتحركي .

 

شرمين : مجنونة أنت ، وعاهرة ( تقولها بغيظ ).

عفاف : ( تتابع بهدوء ) فكري ، تأملي ، وتأملي ، وتأملي ،  ثم تحركي .

( ترفع القميص الأبيض ) وتعالي لتشاركيني عبث زنزانتي وتحضير ثوب العرس .

شهد : ( تستجمع قواها المنهكة ، تتحرك باتجاه الباب الخارجي وتصفعه ) أخرجوني من هنا  صدري سجن ، جسدي سجن ، أخرجوني ،ما عدت أستطيع أن أفكر أو أحزن أو أنتظر ، أخرجوني ( برجاء)

شرمين : ( تنهرها ) هش هش سيعودون في أية لحظة ، سيعودون

عفاف : أو سيأتي غيرهم .

شرمين : (بحزم ) أقسم بكل المقدسات ، بطهارة الأنبياء ، سآتي إليك ( مخاطبة شهد ) بقوة رجال نبلاء ، بحسرة أم وفجيعتها ، سآتيك ياصغيرتي

عفاف : وبطاقة الفكر المغيّر .......

شرمين : ( بغيظ ) وبطاقة الفكر المغيّر ، سأعبرني إليك .

( تدور حول نفسها  تضرب بيديها ، بقدميها ، كأنها تمزق كفنها أو حبال لفت حولها ، لإعاقة حركتها ، تدور بعنف ، تحيطها أضواء تدور مع دورانها ، الى أن تهدأ حركتها ببطء ، تتحرك بإتجاه شهد ، تمد إليها

 يدا قوية ) المسافة  ما بيننا وهم وسراب رسمتها ريشة شيطانية ، هيا ياصغيرتي ، أمد إليك أصابع مدماة من روحي ، أمد إليك وجعا ثقيلا من قلبي الى قلبك  ، فمدي لي يدك .

إقذفي قدمك خطوة ، الى الأمام ( تتحركان باتجاه بعضهما ، يد شرمين القوية ، تسحبها من قاع آلالامها ، تضمها الى صدرها ) تعالي يا إبنتي ، معا سنواجه البرد  ، والسجن  ، والقادم ( تنظر باتجاه باب السجن الحظيرة )

شهد : ( ترتجف ) بردانة ، بردانة ، ( تعاود السعال المدمى )

شرمين : ( تحضر غطاءها من زنزانتها ، تفرده على الأرض ) إجلسي ياصغيرتي

(تذهب باتجاه القنديل وتحضره) ستشعرين بتحسن الآن  ( تضع القنديل مقابل شهد وتجلس الى جانبها ).

عفاف : ( تتحرك بصعوبة من زنزانتها ، تعرج في مشيتها ) أمشي بقدم على الزجاج وأخرى على الجمر .

( تحضر غطاءها معها ، تدثر به شهد ) هذا لك  ( تردد كلمات شرمين ) سنواجه البرد معا ،  السجن معا ، والقادم معا !

سأحضر المزيد من الأغطية ، كي تخمدي بردك ( مخاطبة شهد )

شرمين  :(وهي تحاول أن تدثر شهد جيدا)  قرب زنزانتي مايزال هناك غطاء أحضريه

عفاف : ( تدخل الزنزانة ، تسحب الغطاء ، تشهق ) يالله لمن كان هذا المسلخ ؟

شرمين : لمعلمة الموسيقى ، وإسمها سهى ، غادرتنا باكرا قبل قدومك الينا

عفاف : وهل يغادر احد  هذا الجحيم ؟

شرمين : إجلبي الغطاء وكفي عن الكلام ، ( تنظر باتجاه شهد )

عفاف : يا إلهي ، دماؤها في كل مكان ، ( تحدق بأحد الجدران ) وما هذا ؟ لقد حفرت على الجدران كلمات وعلامات موسيقية ، ربما بأظافرها أو بأسنانها ( تدور في الزنزانة الفارغة ) وما هذا أيضا ؟

( تسحب شيئا من شرخ في الجدار ) صليب ، صليب ، لقد أخفته بعد أن حفرت به كلماتها المدماة

شرمين : هش إجلسي وكفاك ثرثرة ، ( بثقة ) لم تكتشفي الجديد ، فقد عرفت كل شيء من قبل .

عفاف : ( تجلس ، تلامس كتفي شهد بحنان ) ما زلت ترتجفين !

شرمين : ( تضع القنديل بقرب شهد ) أنظري الى النار كأنها نور الشمس ، وستشعرين بالدفئ

عفاف : ألا تخبريني عن جارتك ؟

شرمين : ( تنظر باتجاه زنزانة الجارة ) صرخاتها ، كانت تخزني بآلاف الإبر ، صرخات تتناسل في الهواء وتضيع ! سهى كانت معلمة موسيقى ، إعتقلت بعد هجرة زوجها الناشط ، عبر البحر الى أوروبا ، قالوا أنها متآمرة ، ومعارضة ، وقالوا أنها تساعد قوات أجنبية

قالوا وقالوا  وقالوا ...

شهد : ( تتحرك ، وتنظر باتجاه القنديل ) كانت تصرخ كأمي حين يداهمها الطلق !

شرمين : ( تهز برأسها موافقة ) كانت تعارض تعذيبها واغتصابها كلبوة ، كانت ممتلئة بالقهر والغضب ، ( بحزن ) كانت حاملا عندما إعتقلوها .

عفاف : وكيف عرفت حكايتها ؟

شرمين : ( تبتسم للمرة الأولى ) أنت تعرفين أن لي عينا صقر ، وأذنا أرنب ! ( تنظر باتجاه الزنزانة ) كما أن شروخ الجدران ورداءة القصدير الفاصل بيننا كان يسمح لنا بأن نتحاور في بعض الأحيان .

شهد : ( تسعل بهدوء أكثر ، تأخذ نفسا عميقا ) كانت تصرخ وتناجي ربها والعذراء ، كان صوتها يخترقني كسهم حارق ، كصوت أمي تمزقها ولاداتها المتكررة .

شرمين : كنت أختنق فزعا ، وحنقا ، عندما اسمع إستباحة محرماتها !

( صمت ، صوت الرياح و تلاطم المطر على السقف والجدران )

( يمر طيف سهى ، بين الزنازين ، تهمس سآتي اليك عبر البحر ، يتوحد همسها مع صوت المطر والرياح )

شهد : ( تسعل ، وتتألم ) أي شهد أنا ؟ آآآآآآآآآآآآآآآه يا أنا ( تخفض رأسها باتجاه القنديل )

  أسموني شهد ، ليتهم أسموني نحلة أو دبور ، لما كنت بهذا الضعف ، كنت سألسع خاطفي ّ بسمومي ، بغضبي ، بشوقي أن أكون في الخارج ، هناك حيث ينتظرني أبي العاجز .

( تقترب بوجهها أكثر الى ضوء القنديل )

عفاف : ( تنظر إليها بعطف ) صغيرة حسناء تكللت بالوجع

شهد : كان أحدهم يقول لي ، وأنا أحشر نفسي في الزاوية ، " يعجبني هذا الخوف في وجهك ، أحب أن أؤذيك ، لأمتّع نظري بالألم ينز من عينيك يسيل على وجهك وفمك المدمى .

عفاف : آلية من القهر والإذلال

شرمين : كيف أحضروك الى هنا ؟

شهد : كنت أطعم أبي العاجز ، حين سمعت أصوات الرصاص ، خفت ، ولكني لم أستطع الهروب أبي كان عاجزا ، ( بحسرة ) بل صار عاجزا بعد وفاة أمي .

( بوجه دامع ) أذكر عيناه المنكسرة ورجاءه وبكاءه ، حين مزقوا ثيابي واقتادوني من ضفائري الى السيارة ، هل قتلوه ؟ أم قتلته الحسرة ؟

شرمين : وماذا عن أمك ؟

شهد : ماتت بمرض غريب ، كان يأكل جسمها الضعيف ، المنهك بولادات مبكرة لم يعش منها مولود إلا أنا البكر .( بألم  ) وبعد موت أمي ، سقط والدي عاجزا  .

عفاف  :هل أحضروك وحدك هنا ؟

شهد :  (تسعل ، تمسح فمها بيدها ، تبدو أكثر هدوءا ) كنا سبايا أزيديات  من القرية ، قادوا كل منا في اتجاه ونعتونا بعبدة  الشياطين .

 ( صمت ، تسترخي شهد ، كأنها تحاول النوم ، تسندها شرمين وتساعدها على الاستلقاء على الأرض، تتكلم وكانها تهذي ، يتقطع صوتها بتنفس عليل ، تتقطع الكلمات  )أقدامهم الملطخة بالوحل والدماء ، افزعت الأرض قبل ان تفزع قلوبنا ، ركلت ذاكرتنا الخضراء وقرابين الأجداد ، وداست أعين رجالنا التي تساقطت على الأرض ! أمام عري لم يألفوه ! بوم نعق في بيوتنا في الساحات ، في نبوءات الشيوخ والعرافات ! ( تصرخ وتهز برأسها على الأرض ) بوم بوم ، نتف ريشه المدمى ، تعرى وطرق ابوابنا المغلقة وساحاتنا ( تحاول ستر جسدها بالغطاء ) تآكلت أعين رجالنا سقطت على التراب و تحت أقدام الغرباء خجلى من العري ، عري النساء السبايا ، منكسرة أمام موت فاجر ، وحاقد ،( تغص بريقها المدمى تعاود السعال ، تمسح فمها ، تنظر الى يدها المدماة ) وجوه الغرباء  الكالحة عيونهم التي أطفأتها شهوة الموت والعري ،  نخرت عصارات أجسادنا ، دماء  دماء سالت برائحة قرابين الأجداد ، قتلة ، قتلة ( تبكي ، تدفن رأسها بالغطاء )

عفاف :(  ترفع الغطاء عن وجه شهد  ) إبكي ياصغيرة ، لكن لاتقتلي الوجع وتدفنيه ، دعيه يعيش ويثقل كلماتك يركض فيك ويجرك الى الانعتاق ، لاتخفي رأسك ، انكئي جراحك ، نحن معك .

شهد :( تمسك يد عفاف ) كيف اتجاوز الوجع ؟ نساء كنا واطفال ، قادونا الى طريق المقبرة ، حسبنا أنهم سيقتلوننا ، لكنهم دفنونا هنا أحياء ، حقنوا سمومهم في اوردتنا ، هدروا قداسة معتقداتنا امتصوا دهشتنا وآدميتنا مزقونا بأظافر الشهوة ، وزرعوا الرعب الصامت القاتل في حناجر أطفالنا ، بعد أيام من وجودنا في مقبرة القرية ، مر على عارنا وجرحنا نعيق البوم ، رمى نبوءته الجديدة ، رجالنا ماتوا بلا كبرياء ! سئموا انحناء هم أمام الطغيان والعار ، قتلتهم رصاصات غادرة وسيف ضلال ، شقوا  الى نصفين ، نصف مدمى ، انهالت عليه اتربة عفرتها اقدام الغرباء  بوجوههم الحاقدة والكالحة ، وقسم استراح وطار الى الأثير ، يعبد الطريق لأرواح وافدة تطوف السماء لتغسل عنها غبش الفاجعة ، ( تسعل ، يختنق صوتها ، ترفع يدها كأنها تهش عنها شيء ما ) بوم بوم بوم ينتف ريشه المدمى ، يتعرى ، يوقظ الموت والآخرة .( ترتجف تشهق ، تتكور تحت الغطاء ).

شرمين : أنت مصابة بالحمى جسمك يغلي كزيت يحترق ، حاولي أن تنامي ريثما أبحث لك عن ماء

عفاف :(تترك يد شهد ، تمسح لها وجهها وفمها ،   تحاول الوقوف بصعوبة ) ، سأذهب أنا للبحث عن ماء ، إبقي بجانبها ، لأنها تشعر معك بالراحة .( تدخل من زنزانة الى أخرى ، بحثا عن ماء ، تردد ) أقضم الشوك والعلقم ، وتتقصف خطواتي بين الزجاج والجمر .

شرمين :( بصوت مرتفع ) حتى ولو ماء المطر

عفاف : ( تنهرها ) أخفضي صوتك ، أسمعك رغم الصمت وعبر الصمت

(تتوجه عفاف ، الى بقعة تحت السقف ، حيث تقطر بعض حبات المطر ، تفتح يدها وتنتظر حتى تجمع بعض نقاط المطر ، تحملها على مهل الى شهد )

عفاف : شهد إفتحي فمك سأقطر لك قليلا من الماء ، ( تفتح شهد فمها المدمى ، ويتساقط الماء على وجهها وفمها )

شرمين : ( تمسح لها وجهها ) كزهرة في نيروز ستتفتح روحك ، يا صغيرتي

شهد : ( تسعل ) أبي ،أبي ، أصابع التبغ امتدت الى كأس الماء ، هل قتلوك ، أم قتلتك الحسرة ؟

( تهدأ وكأنها تحاول أن تنام )

عفاف : ( تجلس على الأرض ، بجانب شرمين ) يالك من سيدة حنون ، تعالي نكسرالجدران بيننا ، ونتقاسم الخوف ، وغطاء الإنتظار ، تعالي نشغل المسافة بأفكار الكتب المتآكلة ، نشكك في التاريخ ، ونكتب القادم عن موت لم ينضج بعد !

شرمين : على فكرة لم تقولي لي ما إ سمك؟  ياصاحبة الكلمات الغريبة ( مبتسمة ) وإلا أطلقت عليك إسم " تأملي " !

عفاف : ( تمسك يدها ) إسمي أيتها السيدة الحنون ، عفاف

شرمين : ( ساخرة ) آآآه ، عفاف ، وأي عفاف أنت فيه الآن ؟

عفاف : ( بهدوء ) يالصراحتك ياأختي .

شرمين : ( تقدم نفسها ) إسمي شرمين

عفاف : شرمين يا أختي ، لاتقرأي السطح ، بل إغرفي من قاع البئر حقيقة الحكايا

شرمين : بودي أن أفهمك ، أيتها العفاف ( بسخرية )

عفاف : ( بهدوء كالحالمة ) المشاعر ، واليقين والتأمل وطاقة الفكر جعلتني أنقذ روحي من الإغتصاب ، وحده هذا الجسد الفاني ، ما دنس مني .

( تجلس على الأرض ، تضم قدميها الى صدرها بقوة ، تهتز وهي تحكي ) جوفي كان يبصقهم ، كان يلعنهم ، كنت أعصر في أفواههم قيح فمي وعافيتي ،و أسمو بألمي وأشمخ ، أغلق أبوابي المحصنات ، قبل أن يصلوا بديدانهم  العاجزة الى منبع الصفاء .

شرمين : ( بغيظ ) كاذبة ، وكيف لي أن أصدق تخاريفك ؟

عفاف : ( تهتز بتوتر واضح , يتقطع صوتها الهادئ ) كان جوفي يلعنهم ، كنت أسيل عليهم بمفرزاتي المقززة ، وأتعالى وهم ينكسرون أمامي وتنهزم ديدانهم العاجزة ، صدقيني .

( ترفع أطراف البنطال عن ساقيها ) أنظري كانوا يواجهون سمو روحي بأعقاب سجائرهم ، وشفرات  الحلاقة ، روحي كانت تتقيؤ مرارتها في أجوافهم ، أجل لقد مروا على صدأ مفاصلي ، لكنني ما خنت ،      ولا إنحنيت ، قضمت وثاقي ، وأهلت التراب على نفسي وعليهم ، فأنا موت يصارع موت .

شرمين : ( تقرب القنديل كي ترى ، ثم تعود للجلوس ) ولكنك لم تصرخي ، ألم تتألمي ؟

عفاف : الألم فلسفة تختلف من شخص لآخر ، والتعبير عن  الألم ، هو لون الروح وفلسفتها .

شرمين : ( تضرب كفا بكف ) أكره كلماتك التي لاأفهمها ، لماذا تحاولين أن تضلليني ؟ وتدخليني في متاهات فكرك الغريب

عفاف : ( تغرز أظافرها بساقيها ) مذعورة أستيقظ من ألمي وغفوتي ، أستغرب من جراح التصقت بعجينة روحي وجسدي ، أفلي عني أعقاب سجائرهم ، وتخثر دمي ، أرفع يدي الى الله لأبدد خوفي ومواجعي ، من يد تفتح علي الباب ، على جسدي ! لتشعل فيه حرائق ملعونة وحاقدة .

شرمين  : هل أنت معلمة ؟

عفاف : كنت طالبة في الجامعة وأدرس التاريخ .

شرمين : ستصبحين معلمة ؟

عفاف : سأصبح على ما تشتهي روحي الهائمة بعد أن ...... (  دون أن تكمل كلامها  )

شرمين : وأية حكاية تخفين في قاع البئر ( بسخرية )

عفاف : طفولة متدرجة بين ولد وبنت ، وأم تفضل البنين  وتضطهد البنات ، وأخ فاشل ومستبد ،اطلق لحية كثة ومخادعة و إنضم الى جوقة السفاحين مدعيا الهداية والصلاح  ( بصوت مجروح ) وأب إختفى  خلف دخان نرجيلته مع جرمه المحرم  ! و كأس الخمر .

شرمين :  أبهذه القسوة تصفين عائلتك ؟

 

عفاف : بهذا الصدق ، أصف قمع النساء وتسلط الرجال  ( بغيظ ) ودناءتهم  ، أصف النساء اللواتي يكرسن الإضطهاد وينقلنه عبر الأجيال ، وهنّ أول ضحاياه ،  ( بإنكسار ) غريب أمرنا نحن النساء !

شرمين : أتكرهين عائلتك ؟

عفاف : ( موضحة بهدوء ) بل أشفق علينا ، عليهم ، وأحاول أن أكون أمينة للتاريخ .

كنت البنت البكر في بيت ينتظر ذريته من الرجال ! وعندما تحققت الأمنية وأنجبت أمي رجلا ، نسلت روحي ، وتحولت حياتي الى جحيم ، يؤججه أخي القمعي المستبد ، وتحرشات أبي !

( تغرز أظافرها في جسدها وتهتز ) فشل أخي في أن يكون ناجحا  في الحياة ، فالتحق بهم ، ليكون اداة قمع وسلطة واستبداد في جوقة الجهلة .

شرمين : أما من مشاعر تتقد في روحك  المنطفئة ؟

عفاف : ( تضع يدها على صدرها حيث أخفت القميص ) مشاعري؟ ( بتساؤل ) مشاعري ، تحيل عذابي الى عنف داخلي وتحدي ، أملا بالخلاص .

شرمين : ألديك رجلا  ( بدهاء ) ؟

عفاف : ( بتوتر وهي تضع يدها على صدرها ، وتتلاحق أنفاسها ) كان معلما أخضعني لإمتحان لم أنل فيه علامات أوشهادة  ،  وسقطت  نتيجته في الطين !

رسالة حب غير عادية ! كتبها لي كورقة امتحان ، نظمت فيها أسئلة جدية ، السؤال الأول ضعي إشارة صح أم خطأ أمام الكلمات التالية :

 أنت جدية

متعصبة

متحررة

السؤال الثاني ، أجيبي عما يلي بإيجاز:

هل لديك شروط للإرتباط العاطفي ؟

ما هي صفات الرجل الذي تتمنين الارتباط به ؟

هل تفضلين إنجاب الصبيان ، أم البنات ؟

السؤال الثالث ، إملأي الفراغات بالكلمات المناسبة

أنا............أوافق ..........الإرتباط ...........بالمدعو عادل ، دون ......أو تردد ، والله ..... ما أقول

وانتهت رسالته بجملة ، من غشنا فليس منا

على سور الحديقة قرب بيتنا وضع الرسالة ، وبعد أن أجبت عن أسئلة إمتحانه لي ، عدت ووضعت الرسالة في نفس المكان ، حيث كان  ينتظرني من بعيد ليضع العلامات المستحقة بقلمه الأحمر .

ريح الخريف في الموسم المدرسي ، لم يعجبها الحال ، هبت وحملت ورقة الامتحان العاطفي ، الى أقرب بركة من وحل وطين ، حمل عادل  الورقة المبتلة بالطين ، ونظر الي بغضب !

وهكذا ، أعلنت خطبتنا بورقة إمتحان موحلة .

شرمين : غريب أمر العلم والمتعلمين ، حبر على ورق وطين .

شهد : ( تتحرك على الأرض وتهذي ) أبي .. ابي ..

شرمين ( تضمها الى صدرها ) وتغني لها ، نام ياحبة  عيني عندي وأنت مني مش غريب !

نام ياحبة عيني عندي هيك نام العندليب ، نام يما نومة طرية ، سنانك مية والا حليب ..........

( تضعها مجددا على الأرض ، تغطيها وتقرب منها القنديل ) نامي ياصغيرتي ، نامي لتستعيدي قوتك ، فغدا نهارجديد .

عفاف : ( بصوت منخفض لشرمين ) يبدو أنها مصابة بالتهاب رئوي حاد ، فسعالها مدمى وحرارتها ترتفع .

شرمين : ستنام قليلا ، وغدا سنجد لها حلا !

عفاف : أي غد ينتظرنا ؟

شرمين : ( بشك  ) لقد رأيت أحدهم يرمي إليك شيئا قبل أن يغادر ، هل كانت هدية الوداع ؟

عفاف : ( مصدومة ) أجل منحني قميص الخلاص ! وأجنحة للتحليق .

( تخرج من صدرها القميص المدمى ) قاتل خطيبي عادل رمى إليّ بدليل كي أصدقه ، وكي يكسر عنفواني وشموخي معهم .

( تمرر أصابعها فوق القنديل ، فيرتج الضوء ويرتعش ) كان قاتل خطيبي عادل ،هو إبن جيراننا الذي تحول الى خادم للسلطة .

( تفتح القميص ، فتسقط منه الإبرة التي صنعتها من أسياخ ، وكتلة الخيطان المنسولة من غطائها البني   العفن ، تبدأ بالخياطة من جديد )

شرمين : سيلي بحزنك كبئر فتحت سدادته .

عفاف : أعبئ الفراغات بخيط مدمى ، أرتق عيون الورد تفتحت في صدرك ، خمس وردات فضنّ بالحنين ، وردك الحائر ، قابض على لونه الدافئ ، ينز في قميص الغيم  ، ينز في   عمري .

( ترفع الابرة تغرزها في يدها وفي القميص ، في قدمها وفي القميص ، في أصابعها وفي القميص ، قميصها المدمى ، تهتز وتئن ألما وحسرة ، يخرج صوتها من بئر أعماقها )

عادل ، إليك سأحبو بقميصك الأبيض ، ثوبيّ الأبيض ، هل سيهرب ظلك مني ؟ هل ستنعتني عواصف كلماتك بأشنع الصفات ؟

لا أعرف إن كنت ستمسح عني الألم بعسل كلماتك ، أم أن ستتنكر لي وتعاتبني كالآخرين ؟

 معك حق أن تنبذني عادل ، فثوب العرس الأبيض لايليق بي ، ومهرة العرس المنتظرة لاتليق بي ، فأنا  ملطخة بالطين ، قطفت عذرية ثماري قبل أن تنضج ، منبوذة أنا وملوثة بذنب لم أرتكبه ستجلدني به أقرب الأرواح إليّ .

( تتابع الخياطة ، وتدمي جسدها بالابرة وهي تنغرس في لحمها  )

عادل قطفوا حبات العنب قبلك

عصروا نبيذ رماني قبلك

تمرغوا في شواطئي قبلك

غرباء

جرحوا ملامحي في المرآة

أشعلواسجائرهم من قدح عيوني

غرباء ، غرباء

علقوا نثارات عمري على جدار الصفيح

مسحوا تضاريس روحي ، فماعدت أعرف آباري من الجبال

أفرغوني

ما أنا إلا خواء

عادل ، ليس في روحي مكان للكره

مكان للحب

مكان لمشاعر

ما أنا إلا خواء

لاتخطو في شوارعه مشاعر

شهد : ( تتقلب ، وكأنها تحلم ) أبي ، نظراتك المكسورة سقطت كالرمال على أقدامهم ، شفاهك جافة ، ماء ، ماء ، ماء .

شرمين : سأوقظها ، لابد أنها تحلم .

عفاف : دعيها تحلم ، فما تبقى لنا غير الحلم ، نفتح به البوابات ، نهدهد فيه حزننا كي ينام .

شرمين : ( بفزع ) هش ، أسمع أصواتا في الخارج ( أنصتي ) خطوات تروح وتجيء

ما ذا يحصل خلف الجدار ؟

عفاف : (تنصت الى الشارع ،و بعد صمت ) من خلال هذه الفتحة ( تشير الى طاقة قريبة غير مرتفعة

تغطيها الأسلاك ) ستشاهدين الشارع وتعرفين مصدر الخطوات .

شرمين : لاأستطيع فهي مرتفعة .

عفاف : ( تقف وتتجه أسفل الفتحة ، تجلس واضعة أطرافها الأربعة على الأرض ) تعالي ، إصعدي على ظهري لتري الشارع

شرمين  : والظلام ، كيف أرى من خلاله مصدر الحركة ؟

عفاف : خذي عيوني ، فقد إعتادت أن ترى في الظلام

شرمين : ( تصعد على ظهر عفاف التي تحولت الى طاولة بشرية ) لا شيء سوى المطر ورياح ، عافت سكون الأشياء حولها ،  تكنس الخطوات الضالة عن الطريق .

(بتساؤل )غريب أمرسجانينا ، بلعتهم الأرض ، ولكن هل سيعودوا؟

عفاف : أو سيأتي غيرهم .

 

شرمين : ( تنزل من على ظهر عفاف  ، تمسكها من يدها ، لتقف مجددا ، تتجهان معا إلى شهد )

ما زالت نائمة ، ليت النوم يساعدها فتصبح أقوى .

عفاف : تعالي نجلس بجانبها ونحرس أحلامها ، كي لا يؤرقها المطر والريح العابثة ، أنصتي الى صوتها ، تنفسها ، وصوت أعماقك أيتها الأم !

شرمين : (تجلس قرب شهد ، تغطيها جيدا ،  بعد صمت وتأمل ) تعلمت كثيرا من خلال أذني ، فأنا أجيد السمع ! أذنان شرهتان كانتا عيوني وروحي ومخيلتي ، وطريقي الى الحب .

في مدينة لا تشبهنا عشنا ، بعد أن قرر ابي ترك قريتنا الصغيرة بسبب الجفاف والفقر وندرة

الرزق ، مدينة لاتشبهنا ، نعرف عنها أكثر مما تعرفه عنا ! عشنا شبه غرباء ، تفصلنا عن الخارج  نافذة مسيجة بالشبك المعدني .

في غرفة صغيرة نافذتها تطل على الشارع كبرت ، وبرغم  الضجة الدائمة في البيت ، إلا أنني كنت أحسن الإ صغاء ، وأتدرب على الإصغاء أحسنت الانصات الى الشارع ، والتعلم من الشارع ! لم أدخل مدرسة من قبل ، لكني تعلمت من حكايا

جدتي  ، من راديو أبي ، من ثرثرات جارتنا العانس ، من المارة والهواء الذي يحمل الحكايا والهموم

والرمال ، من شجارات أولاد الجيران وعائلتي , ( تغمض عينيها ) المعرفة متعبة لكنني كنت أريد أن أعرف وأتعلم كل شئ .

قرب نافذة مغلقة بشبك معدني ، كنت أستلقي ، أغمض عيناي ، وأصغي ، صار لكل صوت صورة ، وشخصية ، وروح ، كنت أعد المارة ، وأتعرف إليهم من خطاهم ، المريض ، والحزين والعاجز ، والمرح ، وحبي الأول ، شاب أعرج ، يعمل مساعدا لخياط الحي قرب بيتنا .

 

أعجبتني موسيقا خطواته ، ايقاع موزون يتكرر ، قدم تضرب الأرض وأخرى تزحف ببطء .

في أيام إجازاته أو غيابه ، كان يختل إيقاع نهاري .

( تقترب من القنديل أكثر ) وفي عيد النيروز تزوجنا .

( تضع يديها على أذنيها ) أكره أذناي الآن ، وهذا الشره الغير عادي على إلتقاط الأصوات من حولي ، كل همسة ، كل رفة جناح ، كل نبضة قلب ، كل شهقة ونفس !

أكره ذاكرتي السجينة ، التي جعدت سنوات عمري ، وإبتسامة روحي ، أريد أن أعيد تكويني

من جديد ن أن أرمي ذاكرة السجن وأتلفها ، وأتحول الى ريح ، لابداية لها ولانهاية ، حرة أنا أعبر الى المستقبل دونما ذكريات .

أشياء كثيرة سمعتها وإختزنتها في روحي ( بألم ، وهي تغلق أذنيها بيديها ) أصواتهن ، أصواتهن ، في وحدتي كنت أعيد فرز الأصوات التي أسمعها في السجن ، وأحصي في عداد ذاكرتي صرخات الألم ، كلمات الرجاء ، الدعاء ، التوسل ، البكاء !

ثم أعود وأفرز ، وأعد كلمات التعذيب ، الشتائم ، التهديد ، الشماتة ، والسخرية !

( يرتفع صوتها ، تلوح بيديها ) زمن مر ، كأنه دهر ، مرت على مسامعي ريح فاجرة ، حبلى بالأصوات ، ريح جرفت تنهدات وحسرة ، وثمار سقطت من أغصان عمري .

معتقلين ، وسجانين ن مروا عبر اذني ، لم يطرقوا أبوابي ، إقتحموا جمجمتي ومزقوا صفاء ذكرياتي الغافية ( بهدوء ) في غرفة تطل على الشارع نافذتها من شبك معدني ، وصوت حفيف قدمه العرجاء ، تمرعلى مسامعي ، على أوتار قلبي .

عفاف : ( تقترب منها بود )  وهل ينتظرك في الخارج ؟

شرمين : مات قبل سنوات في حادث سيارة ، يقودها ضابط في الجيش ، لم يقدم لنا العزاء ولاتعويض يساعدنا على شراء قهوة العزاء المرة .

 ( تخفض رأسها ) فعوضني الله بإبني وإبنتي .

عفاف : هل تعرفين عنهم شيئأ ، بعد إعتقالك ؟

شرمين : سيجدون الطريق الى النبع ، فما تاه قلب عامر بالإيمان

عفاف : تعجبني حكمتك ، وأمومتك الفائضة ، ( متسائلة ) ولكن كيف إعتقلوك ؟

شرمين : ( تبتلع غصة في حلقها ، تتردد قليلا ثم تحكي ) إقتحموا منزلنا في الليل ، دخلوا من الأبواب والنوافذ وشقوق الأرض ،كالشياطين ، وإتهموني بأنني أساعد مسلحين وآويهم في بيتي

تمكنت صغيرتي ياسمين وابني سنجار من الإختباء ، بين سلال القش التي أصنعها وأبيعها لنعيش .

شرمين : ( تنظر الى عفاف طويلا وتتساءل ) وأنت كيف أتيت الى هنا ؟

عفاف : ألقوا القبض عليّ في تظاهرة للطلبة ، حيث كنت مع زملائي في الجامعة وخطيبي ، أطلقوا علينا الغاز المسيل للدموع ، ومن ثم تبعه الرصاص ، حوصرنا ، وإعتقل بعضنا , وأصيب البعض الآخر .

شرمين : لقد إستباحوا كل شيء ، وإنتزعوا منا كل شيء ، لم يبق لنا غير قلوبنا الموجوعة ، وجراح لن تندمل .

عفاف : أساطير من الرعب ، وسفك للدماء واستباحة للأعراض ، وتقهقر خرافي الى عصور الظلام .

شرمين : ( تشير  الى الجميع والجمهور ايضا ) ونحن جميعا ، وقود لهذه المحرقة ، أوجاعنا تتجاوز الوجع ، وفجيعتنا تتجاوز الحلم والكلمات .

شهد : ( تتقلب وهي تهذي ) ماء ، ماء ، أبي شفاهك جافة ، وكأس الماء فارغ ، أبي الكلمات التي جفت في حقلك ، تكسرت ، ماء ماء ، ماء

عفاف : ( تقترب من شهد ، تلامس جبهتها ) الصغيرة تغلي بالحمى ، يارب السماوات ساعدها .

شرمين : ( تأخذ القنديل ) سأبحث عن وعاء لأجمع فيه ماء المطر ، وأنت إبقي بقربها .

شهد ( ترتعش ، تسعل بحدة ، يسيل دم من فمها على الأرض ) وجوههم الكالحة ، تكتسيها ملامح شهوة شيطانية ، ( تمسح الدماء عن فمها ) أبي نظرتك المنكسرة لم تمنعهم ، ماء ، ماء

عفاف : ( تمسح الدماء عن فم شهد ، تهدهدها حتى تنام ) ستحضر شرمين الماء .

شرمين : ( من بعيد وهي تبحث في كل زنزانة ) غريب أمر هذا السجن ، لكل زنزانة عالم خاص

عفاف : ( بصوت لحوح ) أحضري الماء ( تمسد جبهة شهد  ، وتمسح سيل لعابها ) نحن في سجن كبير ، لا يجمعنا سوى الموت ، ولايجمع سجانينا سوى شهوة الموت والدمار .

شهد : ( تتنفس ببطئ ) حدقة عين قاسية ، أطلت من فنجان قهوتي المرة ! تحولت الى زوبعة ،الى فم كبير والتهمتني ، أبي،،، أبي

عفاف : إهدئي يا أختي ، ستعود شرمين بالماء ، وستعودين الى والدك ، هل تنامي قليلا ؟

شهد : ( تلف جسدها جيدا بالغطاء ، كأنها شرنقة ، وتحاول النوم ) أبي ، سآتي بالماء .

عفاف : ( تبتعد عنها قليلا ، تجلس حيث قميصها الأبيض ، تبدا بالخياطة ) عادل ، أنا هنا ألملم أشيائك في الغياب ، عطر ورودك ، بياض روحك ، تبغك المنطفئ ، زوبعة ضحكك ، وأفكارك النازلة كثريا مضيئة على روحي .

شرمين : ( تتابع بحثها عن وعاء للماء ، تدخل كل زنزانة على ضوء القنديل ، وتدهش ) عجيب أمر هذا السجن ، أجد ما لاأتوقعه ، ولكن  !  لا وعاء للماء .

شهد : ( تتنفس بهدوء أكثر ، ضوء أخضر يحيطها ، تقف ، تخرج من شرنقة ملونة ، على وجهها ضوء أخضر ، يطل على إبتسامتها الراضية ، تتحول ذراعاها الى أجنحة ، وجسدها الى فراشة ، خضراء وملونة ، ترتفع في الفضاء ) .

عفاف : ( تتسمر في مكانها ، تراقبها وتبتسم لها ، تتمتم ) أيتها الحسناء المكللة بالحزن ، حلقي ، فهذا الفضاء كله لك ، إصعدي إلى السماء فقد فتحت لك طريقا من حرير .

شرمين : (وهي قادمة من بعيد ) لم أجد ما أجمع به الماء ، لكني وجدت أشياء مدهشة ! عجيب أمر هذا السجن .( تضع بعض أشياء جمعتها على الأرض، وتقترب من عفاف ) ما بك ساهمة هكذا ، أليس لديك ما تقوله الكتب ؟

عفاف : ( تنظر باتجاه شهد ) لقد غادرت ، إنفلتت من شرنقتها ، كفراشة ، نقية ، روحها طافت الى السماء السابعة ، مدهشة كملائكة ، صفدت فيّ ، جوعا الى الخلاص ، وحلما يقطر في دمي

شرمين : ( باستغراب ) ماذا تقصدين ؟

عفاف : ( تحتضن القميص المدمى ) إبتسامة شفافة كانت على وجهها كروحها الملائكية ، فراشة بألوان الحياة المشتهاة إرتفعت بحرية .

شرمين : ( تتجه مسرعة الى مكان شهد ،تمسك الأغطية ، ترفعها عن جسد شهد الميتة ، الغارقة في دمها ، تحتضنها  كأم ، ) شهد عودي ، الماء ووالدك العاجزالمنتظر ،  شهد سنخرج من هنا ، وتعودين الى الشمس ، وأبيك ( تلطم ) ماتت بلا حرية .

عفاف : ( تتابع خياطة القميص )

نموت ونحيا ، في حضن القلق ، ويقتلوننا الف مرة ، ايامنا العامرة بالألم إنفلتت من رحمة القدر، تعبت ، تعبت ، تعبت من ترتيب هيكلي العظمي ، في كفنه !

شرمين : ( تغطي جسد شهد ، وتنهار قربها ، تضرب صدرها ، تشد ضفائرها وتصرخ ) ياويلي ، ياويلي ، من يعبئ صدري بهدير فاجر ، أحشر حسراتي المالحة في جرحي المفتوح .أستنهض من أعماقي وحشا راقدا ، وفجيعة ام ثكلى ، وحش راقد ، أطيل مخالبه ، أقص ضفائره ، وأنكأ جراحه ، تنز صديدا على برابرة الخراب ، ( تضرب على صدرها ) معطوبة أنا ، سأفيض بوجعي الفاجر عليهم .

عفاف :  وهم كثر ومختلفون ،لكن أعمالهم واحدة .

شرمين : ( تقترب من عفاف ، تنثر الأشياء التي احضرتها من الزنازين على الأرض )أنظري ما أغرب هذا السجن بنزلاءه وسجانيه !أنظري ماتبقى منهم ، شال وحذاء ورق وكتاب ، هوية وصورة  ورسالة لم تنتهي وحكاية حفرت على جدار .

عفاف: حكايا هذه الزنازين متشابهة وإن كان أصحابها مختلفين ، ، وإن كان الجلادون مختلفين

شرمين : لملمت أشياءهم ، حكاياهم ، لأقرأ فيها تاريخ العنف ، وخبايا السجن وأفلي عنها ، جراح لم تندمل . ( بحيرة ) سؤال يشغلني ، بدا يقطر في رأسي ودمي ،  من هو سجاني ؟ من هم سجانونا ؟

عفاف : غرباء ، غرباء ، إبتكروا لأنفسهم أسماء وصفات جديدة ، لكن غاياتهم إغتسلت بماء العدم ، وإقتلعت حلمنا الأخضر .

شرمين : قد لاأجيد صياغة أفكاري مثلك بكلمات الكتب الجافة ، لكني أجيد التفكير ، وا لإصغاء

وأعتقد أن من إعتقلوك ليسوا هم من استباح السبايا وشهد، ولم يكونوا ذاتهم من أعتقل سهى وأعدمها  ، وليسوا أنفسهم من إقتادوني الى هنا !

عفاف : أقول لك غرباء غرباء .

شرمين : يا لمعرفتك الواسعة ، رأسك محشو بمعارف فاسدة من كتب أتلفها العث .

عفاف : حاولي أن تفهميني فقط ، واعطني فرصة كي أشرح لك ، السلطة التي باسمها إعتقلت وبرصاصها قتل خطيبي ، والمرتزقة الذين إقتادوك الى هنا ، والمتطرف الهمجي الذي سبا شهد والإرهابي الذي اعدم سهى ، هم ذات الوحش الذي يفترسنا ،  ولكن بوجوه متعددة ، وأذرع متعددة ووسائل متعددة ،توحدهم الغايات هي الخراب ودفعنا الى حرائق الجحيم .

شرمين : وماذا سنفعل الآن هل نهرب ! ونستغل غيابهم والأبواب المفتوحة ؟

عفاف : سنخرج من هنا ، لكن دعينا  حتى تشرق الشمس ونستطيع حفر طريقنا بخطوات جديدة لاتتوه ولاتتعثر ....

شرمين : أنا لن أنتظر أكثر ، سأدق الجدران برأسي حتى أكسرها ،  سافتح البوابة المتبقية باسناني بأصابعي بكل ما أوتيت من قوة

عفاف : تمهلي لنرتب الخطوة القادمة كي لايبتلعنا الظلام ونصبح فريسة لسجان جديد

شرمين : صحيح أنني لاأجيد الكتابة والقراءة ولكني أمتلك فكرا ، يدفعني أن أحقق ما أريد ولن أكون عاجزة

( تدفع بها بقوة ، وتهزها ) هيا تحركي ، أين هي الطاقة التي تدعينها ، أين هو الفكر الذي يحركك عاجزة أنت وفكرك ومفكريك .

عفاف : ( بتوتر وهي تحاول الابتعاد عنها ) أرجوك دعينا لانؤجج الصراع بيننا لندخر طاقتنا وصراعنا للخروج من هنا .

شرمين : هل أنت خائفة أم راضية، ومستسلمة ؟أي روح تحملينها بعد كل ما عايشته في معتقلك

سأصفعك كي تستيقظي ، وتتمردي وتغيري ، قومي ، اركلي سلات مهملات تاريخك المليئة بالخيبات ، قومي من وحل عارك ، ( تدفعها  ) قومي ...

عفاف : وظفوا الموت ليبنوا جدار الرعب بيننا ، أهالوا على أرواحنا التراب ، ونحن وحدنا

شرمين : لسنا وحدنا ، ( تتجه الى الجمهور ) ، ساعدونا ، ألن يتدخل أحد لنجدتنا ، لماذا تصمت ضمائركم ؟

عفاف : ( تتحرك بصعوبة وتعرج ، تهز السلاسل المتدلية من السقف ، تحاول إزالة الأسلاك من طريقها ) سنفتح الأبواب وأمشي إليك ، أي طريق سأسلكها ؟

شرمين : تحركي عفاف ، تحركي ( تضرب الجدران تقطع السلاسل المتدلية ، وتصرخ ) ساعدونا،

              ساعدونا ، لنفتح البوابة ، سجن كبير يجمعنا وإياكم ، لنفتح البوابة

عفاف : ( ترتدي القميص الأبيض )لاشيء يثير خوفي بعد الآن ، سئمت إنغماس روحي في وحل التجربة ،  وعاري .

            ( يظهر طيف عادل ، يشغل الفضاء ،  يرمي الورود من صدره المدمى ، يحطم الجدران  ، يزيل الأسلاك )

عفاف : عادل ، أراك خارج السياج ، عصفورا طليقا ، لا يضيّع الطريق

شرمين : ( تنزل باتجاه الجمهور ، تجر الأسلاك المقطوعة خلفها ) يامن تصغون بصمت إلى أصواتنا الثكلى ، أنتم أيضا مثلنا مسجونون  ، لو تضربون الجدار ، لو تقولون شيئا على الأقل خلسة ، أو على غفلة من الخوف ! القتلى لايزالون في الأزقة ، والسكاكين تتجول بينكم ، وأنتم على حافة الموت ، لماذا الصمت ؟

عفاف : العتمة لا تثمر ، تعالوا معنا الى النور ،( تمشيان معا الى البوابة الخارجية ) زفوني اليه

( تضربان  البوابة الخارجية  بعنف ، وتصرخان ) افتحوا الأبواب ( في الخارج صوت كلاب تعوي ، وتقترب ، تتزامن مع صوت الرياح والأمطار )

...................................................................................

حكاية سوداء نهايتها في أيديكم ؟