حوار مع مبدع

رياض نعسان أغا: الثقافة العربية حية وتخيف الغرب.. وأدونيس لا يعبر عن رأى المثقفين العرب

رياض نعسان أغا: الثقافة العربية حية وتخيف الغرب.. وأدونيس لا يعبر عن رأى المثقفين العرب

1861 مشاهدة

الثقافة العربية حية

August 7th, 2010

رياض نعسان أغا: الثقافة العربية حية وتخيف الغرب..
وأدونيس لا يعبر عن رأى المثقفين العرب

 
صدر مؤخرا لوزير الثقافة السورى الدكتور رياض نعسان أغا كتابا جديدا فى القاهرة عنوانه «بين السياسة والفنون» عن دار نشر رؤية، يتعرض فيه للكثير من القضايا الثقافية والسياسية، كالحوار بين الشرق والغرب، والاغتراب اللغوى، وإخفاق الإعلام فى خدمة القضية الفلسطينية.
أجرينا مع أغا حوارا عبر الإنترنت عن كتابه وتصوراته حول المستقبل العربى وطبيعة العلاقات الثقافية بين مصر وسوريا، وعن جديده الإبداعى أيضا خاصة أنه شاعر وكاتب فى المقام الأول.

■ فى كتابك الأخير «بين السياسة والفنون»، أشرت إلى إخفاق الإعلام العربى فى التعامل مع بعض المشكلات العربية الراهنة، كيف يمكن له الاستفادة من أخطائه فى رسم آليات جديدة تخدم القضية الفلسطينية بالأخص؟

- إعلامنا العربى فقد بوصلته الوطنية ومصداقيته ولم تعد مواقفه على مستوى مسؤوليته عن قضايا الأمة التى تعرضت لاحتلال فى العراق وحربين فى جنوب لبنان وغزة واعتداء سافر على كرامتها وحضورها واستهانة بقيمها، وما يحدث من تقصير أو تضليل إعلامى لدى بعض القنوات ليس خطأ عفوياً، وإنما هو سياسة مبرمجة،
ومن المؤسف أن هناك أكثر من ثلاثمائة قناة عربية التمويل مهمتها أن تبث الأغانى الخليعة وبعضها قنوات شبه إباحية تنفق عليها ملايين الدولارات فى وقت يتم فيه تهويد القدس ويستمر فيه حصار وحشى على غزة، والإعلام العربى الرسمى مسؤول أيضاً عبر حكوماته، فكثير منه يستخدم مصطلحات الصهيونية فى الأخبار،
وبعض وسائل الإعلام تسهم فى تشويه صورة المقاومة وصورة الإسلام إرضاء لجهات أجنبية، وعلى هذا الإعلام أن يعيد فحص آلياته ومضامينه، ومراجعة رسالته التى قدمها عبر السنوات الماضية وبالتحديد منذ مطلع القرن وبعد أن اتهمت الأمة بتفجيرات سبتمبر دون تحقيق أو أدلة وأن يستحى من الأمة ودماء أبنائها، ويستعيد احترام الجمهور له عبر التزام واع بقضية فلسطين وبالدفاع عن العروبة والإسلام بشكل عام.

■ فى الكتاب أيضا، اختلفت مع الشاعر «أدونيس» حول اعتقاده فى «موت الثقافة العربية»، فكيف تقيم واقع تلك الثقافة واحتمالات نهضتها فى المستقبل؟ وإلى أى حد يعبر موقف أدونيس عن تشاؤم المثقفين العرب وتراجع دورهم؟

 -ربما يكون أدونيس معبراً عن تشاؤم شخصى لكنه لا يعبر عن المثقفين العرب، وهو على كل حال يكرر آراءه ذاتها منذ ستين عاماً، وهو صاحب رؤية خاصة به تبحث عن الإشكاليات فى التراث والثقافة العربية وأنا أحترمه على الصعيد الشخصى وتربطنى به مودة وصداقة، لكننى أختلف عنه، فأنا عروبى حتى النخاع أعتز بالإسلام وأرى فيه روح الأمة العربية،
وأستقى فكرى من الثقافة العربية والإسلامية ورغم إعجابى بثقافة الغرب وبما أنجزت لكننى لا أشعر بانبهار أمامها وحين أحاور الغرب ثقافياً أقف على أرض صلبة هى الثقافة العربية الإسلامية التى أسهمت بقوة فى تأسيس حضارة أوروبا، وأرى ثقافتنا حية إلى درجة أن بعض دول الغرب تخاف من تدفقها إلى أوروبا وأمريكا، فأما الثقافة الميتة فهى الأفكار الحاقدة التى تحاول تشويه صورة الثقافة العربية وتقلل من شأنها،
وبعض أصحابها يريدون إحياء دعوات شعوبية وطائفية عابرة مرت فى التاريخ ولم يبق لها أثر، بعضها ينكر العروبة وبعضها يمجد الإلحاد أو يريد عالماً بلا إسلام، وبعضها لا يرى إنجازات حضارتنا العربية على صعيد الفن والأدب والعلوم، ومن يشك فيما أقول عن حضارتنا أدعوه لقراءة تاريخ العلم لسارتون، وتاريخ الحضارة لتوينبى وسواهما كثير، وموقفى هذا لا ينكر أن ثقافتنا العربية اليوم تحتاج إلى مراجعة وإلى فصل التاريخى فيها عن المقدس، لكن الحكم بموت المريض قبل علاجه قد يشف عن رغبة بقتل المريض،
وأنا أجد مستقبل الثقافة العربية واسعاً بل أجد أنها قادرة على أن تنقذ ثقافة العالم على صعيد إنسانى لأن الثقافة الصهيونية تنتشر وهى ثقافة عدوانية تسعى إلى إجهاض القيم ونشر الإباحية وهدم مؤسسة الأسرة، والعالم اليوم يحتاج إلى قيم إنسانية توقف هذا الفكر الصهيونى الحاقد على الإنسانية وهو يستمد قيمه من الاستعلاء على الشعوب ومن النظرة الفوقية ومن الصلف والغرور والاستهانة بالآخر لحد قتل الناشطين الذين جاءوا بمساعدات إنسانية لشعب غزة المحاصر، وحسبى أن أشير إلى أن ثقافتنا صمدت فى وجه العولمة بقوة،
وصمدت أمام اتهامها بالإرهاب وأكدت على حق الشعوب فى المقاومة وفى السيادة والاستقلال، وهى تقف مدافعة عن الإنسانية كلها أمام إرهاب إسرائيل والصهاينة، وأعداؤنا ينفقون الملايين لإيقاف مسيرة هذه الثقافة، ويخافون من تدفقها، وعلينا أن نصوب هذا التدفق لأن فخاخاً ضخمة تنصب له كى توقعه فى الانحراف، وتهمة الإرهاب وجهت إلى هذه الثقافة بحثاً عن مبررات لإلقاء القبض عليها ولإيقاف تقدمها.

■ وكيف يصبح العرب شركاء فاعلين فى الحضارة المعاصرة بمنتجهم الثقافى وليس بالتبعية؟

- ليس بوسع العرب أن يصيروا شركاء فى الحضارة المعاصرة إذا كانوا تابعين، فالتابع لا يملك شخصية مستقلة وليس بوسع غير الحر أن يبدع، وفى تراثنا قيل لعنترة: كر ياعنترة، فقال عنترة: العبد لايكر، فجاءه الصواب: كر وأنت حر. ولم يصنع العرب حضارتهم السابقة التى ملأت الأرض علماً ومعرفة إلا لأنهم كانوا سادة وليسوا تابعين لأحد، والحرية هى أساس الإبداع، وأنا أعتز بمنتجنا الثقافى المعاصر لكنه يعانى من التهميش ومن الإهمال لكن بعض المعتدلين فى الغرب يدركون أهميته ويحتفون بإبداعاته وحسبى مثالا نجيب محفوظ ومحمود درويش.

■ إلى أى مدى تؤمن بفاعلية «حوار الحضارات» فى تقريب وجهات النظر بين العرب والغرب؟

- لابد من الحوار فكثير ممن حاورتهم فى الغرب وجدت أنهم يجهلون حقيقة قضايانا، مرة قال لى وزير أوروبى سابق وكنا نتحدث عن منطقة الشرق الأوسط (أعرف المشكلة جيداً، لقد علمت أن الفلسطينيين يحاصرون إسرائيل ويقتلون أطفالهم) قلت له ضاحكاً (أنت فهمت القضية بالمقلوب) فعبر الحوار يتم التعارف، والحوار ليس نقاشاً بين أطراف فقط، وإنما هو تعريف بالمنتج الثقافى، لقد أسهمت فرقنا الموسيقية والراقصة فى هذا الحوار أكثر مما فعل المفكرون، كما يسهم الإنترنت فى التفاهم ولاسيما عبر الصور، وقد تمكن أبناؤنا الشباب من فضح جرائم إسرائيل أمام الرأى العام الدولى عبر صور نشرت فى الإنترنت، وعلينا أن نتابع الحوار مع القادة فى ميادين الثقافة والسياسة والعمل بجدية لتحسين صورة العرب والمسلمين.

■ ولماذا ترهن فى كتابك، تحقق جدوى هذا الحوار، بتغيير إسرائيل لسياساتها فى الوطن العربى والعالم؟

- لأن إسرائيل هى المشكلة، هى بلاؤنا كله، منذ أن اغتصبت أرض فلسطين، وهى التى تشوه صورة العرب وتتهمهم بالإرهاب، وهى التى تسيطر على عدد كبير من صناع القرار فى العالم.

■ فى نظركم، هل يغطى واقع النشر فى العالم العربى الاحتياجات الفعلية لكل من الكاتب والقارئ، وماذا عن الوضع فى سوريا؟

- واقع النشر مؤسف، وتبادل المنشورات العربية شبه معدوم، الآن تحسن الوضع بفضل الإنترنت ومعارض الكتاب التى تطوف العواصم العربية، وبالنسبة لوزارتنا أطلقنا موقعاً خاصاً بهيئة الكتاب ننشر فيه كل إصداراتنا.

■ ولماذا لجأت للنشر فى مصر، خاصة أن كتابك الأخير صادر عن دار نشر مصرية، هى دار رؤية، ومن المنتظر صدور آخر جديد عن نفس الدار قريبا؟

- أنا لم ألجأ للنشر فى مصر فقد جئت محباً ولست لاجئاً، أكثر كتبى منشورة فى سوريا وبعضها نشرته فى لبنان مثل كتاب (بين السياسة والإعلام) عن دار الفكر، وأحد كتبى نشرته فى السعودية (بين السياسة والأدب) ونشرت كتاباً فى مسقط قبل سنوات، وسبق أن نشرت فى مصر كتاب (من طيوب الذاكرة) وكان وراء توجهى للنشر فى مصر صديقى العزيز الشاعر أحمد الشهاوى وهو الذى دعانى وعرفنى على ناشرى المصريين، وأنا أشكر له هذه المبادرة، وبينى وبينه صداقة عميقة وقديمة وهو متطوع فيما يفعل بدافع المحبة.

■ كتابك القادم «القمة وقضايا الأمة» ما هى أهم محاوره، والقضايا التى يتناولها؟

- أهم قضايا الأمة التى تطرح على القمم العربية وركزت على القمة العشرين لأننى أجدها مفصلية . وعنيت فيه كذلك بالحوار الثقافى والسياسى بين العرب وفرنسا وبينهم والهند وألمانيا.

■ كيف ترى وضع العلاقات الثقافية المصرية السورية ؟ وإلى أى مدى تأثرت بأجواء نظيرتها السياسية فى الآونة الأخيرة؟

- علاقاتنا الثقافية السورية المصرية ممتازة، ونحن نتبادل الفرق الفنية ونشارك فى كل المناسبات التى ندعى إليها كما تشارك مصر فى كل مهرجاناتنا المسرحية والسينمائية والفكرية، ولا تأثير للعلاقات السياسية على التواصل الثقافى بيننا ولاسيما أننى أكن مودة عميقة لصديقى الفنان فاروق حسنى، وأحب أن أشير إلى أن العلاقة بين حكومتينا مستمرة وهى فى تقدم، لاسيما فيما يتعلق بمصالح الشعبين الاقتصادية والاجتماعية.

■ وكيف ترى علاقة المثقف بالسلطة، على خلفية وضعك كمبدع ووزير فى نفس الوقت؟

- المثقف يميل إلى المعارضة بطبعه، لأنه باستمرار يبحث عن عالم أفضل، وحين يكون المثقف وطنياً سيجد الاحترام لكل آرائه، وعلى الصعيد الشخصى أنا لم أنتسب إلى أى حزب سياسى وحافظت على كونى مستقلاً ولم يمنعنى ذلك من تقلد مناصب عديدة، وأنا أشير إلى أى خطأ أراه وقد عملت برلمانياً فى مجلس الشعب عن المستقلين، ولم أقع فى أى صدام مع السلطة رغم جرأتى فى طرح آرائى لكننى أطرحها بتهذيب ولباقة وأنا أكره الفجاجة والغلظة فى الطرح، يقول تعالى (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) والسلطة بحاجة إلى معارضة وطنية تصوب الأخطاء التى لابد من أن تقع.

■ «تمكين اللغة العربية» دعوة أطلقتها وزارتكم لمقاومة مظاهر الاغتراب اللغوى فى العالم العربى، كيف السبيل لتحقيق ذلك وما المستقبل الذى ينتظر لغتنا العربية فى ظنك؟

- هذه الدعوة قدمها السيد الرئيس بشار الأسد للقمة العشرين، وقد لقيت قبولاً من كل القادة العرب، وأعتقد أن الحفاظ على اللغة هو حفاظ على الهوية وعلى حضور الأمة، ونحن نشتغل على ذلك ونرجو أن تساعدنا وسائل الإعلام العربية فتكف عن استخدام العاميات حين يكون الحديث مناسباً بالفصحى وأدعو إلى فرض تعلم العربية فى كل كليات الجامعات العربية كيلا نواجه جيلاً لا يعرف لغته.
 
نقلا عن جريدة (المصري اليوم) عدد يوم الخميس 5/8/2010
أجرى الحوار ميادة الدمرداش

نقلا عن موقع وزارة الثقافة السورية

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية