سأموت في المنفى لغنام غنام أول مونودراما مزدوجة تعتمد على موهبة الممثل
مقال معدل من قبل الكاتب
بقلم: هايل المذابي
المونودراما هي لفظة لاتينية مركبة من شقين الأول "مونو" و الآخر "دراما" و مونو تعني: " شخص واحد " و الدراما تعني المسرحية والمحصلة من الشقين تعني ” المسرحية التي يؤديها شخص واحد ” أو بلغة العصر “ ون مان شو ”.. ظهرت في أوروبا في القرن الثامن عشر محاولات لتطوير هذا الفن من خلال الاعتماد على موهبة الممثل و ليس بإقحام شخصية أخرى في المسرحية و ظلت هذه النظرية التي تعتمد على الممثل و موهبته حبيسة الكتب بمعنى أنها لم تُستوعب في الأعمال الفنية و يتم تجسيدها على الخشبة.
عربيا قدمت أعمال كثيرة و سجلت بأسماء أصحابها لدى مؤسسات و هيئات عربية و دولية لكن أغلبها كان احتياليا على المصطلح و لم تعتمد على موهبة الممثل كما أسلفت.
و كان بالإمكان الاستعانة بالعلوم الأخرى و موروثات الشعوب لإحداث إضافة حقيقية لهذا الفن لكن لم يتم استيعابها بهذه الطريقة و تم اللجوء أحيانا إضافة شخصيات أخرى أو تغيير في الديكور ليظهر ثنائية العرض.
مثلا يقسم علم الشخصية الإنسان إلى ثلاث شخصيات:
تلك التي هو عليها و الأخرى تلك التي لا يعرف عنها شيئا و الثالثة التي يظن أنها هو و هذا يناسب تقديم ثلاثية مونودرامية من خلال ممثل واحد و لكن بشرط تحقق موهبته. و هناك أيضا مصطلح القرين الذي يمكن تجسيده على الخشبة من خلال موهبة الممثل و إمكانياته..
و هناك في علم النفس نظرية العالم يونج التي تقول: أن الإنسان ثنائي الجنسية و في كل رجل ذكر و أنثى و في كل أنثى مثله و هو ما سمي بالأنيما و الأنيموس الحس الذكوري و الحس الأنثوي و هذا كان أيضا يمكنه تقديم ثنائية مزدوجة تعتمد على موهبة الممثل نفسه الذي يجسد نفسه.. و لعل أهم الأعمال التي ظهرت مؤخرا عمل الفنان المسرحي الفلسطيني "غنام غنام" و يحمل عنوان “ سأموت في المنفى” ليقدم أهم مونودراما مزدوجة بقدرة الممثل و إمكانياته فهو يتحدث بلسان ما كان يفترض به أن يكونه و لسان ما انبثق من تلك الشخصية و سماها شخصية “ البدل فاقد ” لكنه قدم الشخصيتين بانسيابية لم يكن فيها تكلف و جاءت بالطبيعة كلياً و استطاع "غنام" بذلك أن يحقق المعادلة في المونودراما المزدوجة التي تعتمد على الممثل و إمكانياته و موهبته. "غنام غنام" في رائعته "سأموت في المنفى" حقق معادلة المونودراما المزدوجة معتمدا في ذلك على موهبته أولاً في الأداء الحركي و الأداء اللغوي فظل من خلال اللغة و قواعدها يتنقل بين شخصية افترضها و شخصية أخرى أسماها كما أسلفت "بدل فاقد" و كل هذا جاء طوعاً ليخدم القضية التي يتحدث عنها العرض المونودرامي و هي "القضية الفلسطينية"، و بنفس الكيفية التي كان "غنام" فيها هو المؤلف للنص و المؤدي للعرض و المخرج، إنه يستخدم كل ما تعلمه طيلة حياته ليخلق عرضا مسرحيا يشبه أن يكون خلاصة التجربة أو هكذا جاء ضمنياً.