مواضيع للحوار

شكرا لك  آنسة كورونا  ذكّرتنا بالورطة التي وقعنا فيها الدكتور راضي شحادة

شكرا لك آنسة كورونا ذكّرتنا بالورطة التي وقعنا فيها الدكتور راضي شحادة

402 مشاهدة

شكرا لك  آنسة كورونا  ذكّرتنا بالورطة التي وقعنا فيها الدكتور راضي شحادة

#إعلام _الهيئة _العربية _للمسرح

عزلة المسرح في زمن كورونا (23)

المسرح فن جماعي، وطبيعة جسد الفرجة المسرحية لا يتحقق جوهرها الا بالجماعة وفي الجماعة.. سواء على مستوى التشكل الابداعي من خلال التداريب والتحضير أو على مستوى التلقي والتفاعل الجماهيري الحي.

فماذا عن “عزلة المسرح في زمن كورونا”؟ وهل ما عرفته المنصات الوسائطية الالكترونية من مبادرات واسهامات “مسرحية الكترونية” قدم لهذا الفن الجماعي الحي والعابر، ما كسر شيئا من عزلته وانكماش فعله وفاعليته وتفاعله؟ هل تلبى رغبة الفرجة الحية بكبسولات فيديو ؟ وما تأثير الافكار المبتكرة الكترونيا على الفرجة المسرحية؟ المسرح وعاء ابداعي يحتضن الفنون جميعها.. فما تاثيرها على قواعده الثابتة والمتغيرة ؟ وما الفواصل بين التأثير الحقيقي والتاثير المزيف الزائل؟

ملف تشارك فيه مجموعة من الأسماء المسرحية العربية لإبداء الراي ومناقشة حاضر المسرح في الزمن المرتبط باكراهات الظروف المعطاة التي فرضتها الجائحة على الجميع… وما طبيعة النشاط المسرحي الإلكتروني الذي عرفه الظرف “الكروني”…

إعداد: عبد الجبار خمران

شكرا لك “آنسة كورونا”.. ذكّرتنا بالورطة التي وقعنا فيها!

#الدكتور _راضي _شحادة _فلسطين

شكراً “آنسة كورونا”

عُزلة المسرح منذ “كورونا” ام منذ ما قَبْلها؟

   تساؤلات كثيرة راودتني خلال “احتجاري المسرحي” في زمن “كورونا”.

   هل كان المسرح خارجاً عن عزلته قبل أن تَدْهمه جائحة “كورونا”؟

   هل منصة ملعب كرة القدم التي يلعب على أرضها 22 لاعبا أمام عشرات الآلاف من المشاهدين لا تُعتبر منصة؟

   هل منصة القاعات الضّخمة التي تتّسع لآلاف المشاهدين في حفل غنائي لمطربٍ نجمٍ ومشهور يتزاحم الآلاف من جمهوره لحضور حفلته ليست منصّة؟

   هل الجمهور الذي يحضر بالآلاف وبمئات الآلاف الى ملاعب كرة القدم ومدرّجات نجوم الغناء لا يُعتبر جمهوراً عاديّاً، بينما الجمهور القليل من مُريدي المسرح هو جمهور نُخْبَويّ ويعدّ بالمئات خلال العرض هو الجمهور الحقيقي، أم أننّا نعزّي أنفسنا بالقول بأنّنا نعتبر هذه النخبوية ضرورةً تقنيةً أو ضرورة فكريّةً وروحانيّة؟

   هل تعصّبنا لمجالنا المسرحي نابع من إيماننا بأنّه مجال أرقى وأكثر جماليّة وفكراً وتأثيراً؟

   وإذا ادّعينا بأن المسرح هو فنّ المواجهة المباشرة مع جمهوره، وأن هذا ما يميّزه عن غيره من الفنون، فهل المواجهة التّفاعلية المباشرة مع جمهور نجمِ غناءٍ أو مع جمهور كرة القدم هو ليس مواجهة تفاعلية مباشرة؟

   هل عليّ اعتبار إدماني اللّعبة المسرحيّة التي أواجه جمهوري من خلالها بشكل مباشر في لحظات لقاءٍ روحيّةٍ وإنسانيّةٍ وعاطفيّةٍ حميمةٍ، كافية بأن تُغنيني عن حاجتي للانتشار الواسع أمام الآلاف والملايين على منصات كرة القدم، ومنصات المدرّجات الضّخمة، ومنصّات عصر الميديا التي تتّسع لملايين المتلقّين والمشاركين، المشامعين (المشاهدين والسّامعين وهو مصطلح من اختراعي) للُعبتي التي أختارها لكي ترضي حاجتي الانتشارية؟

   لماذا تَطلُب منّي أن أكتفي بلعبتي المسرحيّة لكي تتقلّص مع تقلّص ما ظنّ المسرحي البولندي “جيرسي چرزتوڤسكي” أنها لعبة المسرح الفقير التي قد تقتصر على طاقم المشاركين في اللعبة، واكتفى بجمهور لا يتعدى عشرة أشخاص، لا بل وصل به تطرّفه المسرحي للقول بأنّه يكتفي باللعب مسرحيّاً فقط مع طاقم المشاركين معه من ممثلين؟ فهل ممارسة هذا النّوع من الفقر كافٍ للادّعاء بأن جسد الممثل كافٍ لأداء اللعبة بتحاشي اللجوء الى العناصر الأخرى التي يتطلبها العرض المسرحي التي قد تتطلّب مصروفا أكثر؟ هل التقشف والفقر عندما نلعب لعبتنا المسرحية يكفي في زمن المدّ الرأسمالي المتغوّل؟

   هل إدمان المسرحيّين وحبّهم للّعبة المسرحيّة تجعلهم قادرين أن يتنازلوا عن حاجاتهم وطموحاتهم الماديّة، في الوقت الذي نرى أنّ غالبيّة القادرين على ممارسة هذه اللعبة الخطيرة مضطرون إلى الحصول على ميزانيّاتهم ممّن لديهم أموال، فَكَمَا هو معلوم وبشكل عام، لا تستطيع المسارح والمشاركون في ألعابها المسرحيّة أن يصلوا الى مرحلة الاكتفاء الذاتي ماديّاً، بحيث يستغنون فيها عن مدّ يد العون الى المموِّلين؟

   شكرا “آنسة كورونا”، لأنّك جعلتني أتنبّه الى حقيقة خطيرة ربطتني في مجال المسرح منذ سنة 1970، وهي أنّك استطعت خلال فترة “احتجاري الكوروني والمسرحيّ” بسبب ظهورك المفاجيء، أن تُقلّصي جمهوري الزّهيد الى أقل من الجمهور الذي اكتفى به “چروتوڤسكي”، لا بل حتى حَرَمْتِني من القلّة القليلة منه، لا بل إنّك قضيتِ حتى على فرصة أن يكون في معيّتي، خلال ظهورك على منصة حياتي، أصدقاء أستطيع ولو مرحليّاً أن أشاركهم قراءة نصّ المسرحيّة أو القيام ببعض البروڤات، على الأقل..

   لعنة الله عليك يا “آنسة كورونا”..ألله لا يسامحك على هَالعَمْلِة الِّلي عْمِلْتِيهَا فينا..

   لحظة، لحظة..آسف..مش متأكّد..يمكن شكرا لك “آنسة كورونا” لأنك ذكّرتنا بالورطة التي وقعنا فيها، فهل مَن يرشدنا إلى طريقة سحريّة تُخرجنا من ورطتنا هذه… من إدماننا المسرحي؟