قالت الصحف

عادل محمود ...الموت أو الموت..

عادل محمود ...الموت أو الموت..

1828 مشاهدة

الموت أو الموت

من دفتر الوطن  

الاثنين 28/2/2011

عادل محمود

 

من حسن الحظ أن الأرض لا تتزحزح من مكانها، ولا يمكن شحنها بصناديق إلى الخارج براً أو جواً أو بحراً... وإلا لكانت بلدان بكاملها قد بيعت وذهبت، ما عدا الجغرافيا الميتة منها.
أعلن اللواء مهندس عمر الشوادفي- رئيس جهاز المركز الوطني المصري لاستخدامات الأراضي- أن 16 مليون فدان قد تم الاستيلاء عليها من مافيا العقارات. وهذا يعادل 67 ألف كيلو متر مربع، وتمثل هذه المساحة ما يزيد على مساحة خمس دول هي (فلسطين التاريخية كلها، لبنان، قطر، البحرين والكويت).
لقد تم توزيع هذه الأراضي بقروش كأسعار، ثم أصبحت بالمليارات (800 مليار جنيه مصري) كانت حصة السيد مجدي راسخ- والد زوج علاء مبارك- 9.2 ملايين متر مربع. وحصة هشام طلعت (قاتل سوزان تميم) 37 مليون متر مربع. أما اللواء ذو الاسم الغريب- هتلر طنطاوي- فكانت حصته مجموعة من القصور المبنية على أراضي الدولة من شرم الشيخ إلى القاهرة. وهذا الرجل وظيفته لسنوات طويلة «رئيس الهيئة الإدارية لمراقبة الفساد».
بعد انهيار نظام مبارك وبن علي تزكم كل أنوف الدنيا رائحة اللصوصية المنظمة والفساد الممأسس، وكل المنظومة الأخلاقية التابعة لهذه الثقافة المدمرة والغريبة في فجاجتها حيث الفقراء فقراء لقمة واحدة، ورغيف واحد.
وإذا كانت قصة ليبيا حتى الآن لم تنته لنعرف أرقام النهب والسلب فإننا أمام ما هو أكثر فداحة: خيار الجحيم!
الآن ليس أمام مواطني ليبيا إلا الموت. لأن الأرض المحروقة هي قرار العقيد، فإذا قاوم، كما يقول حتى آخر طلقة، فإن أمام الليبيين خيار المجزرة. وإذا انتصر العقيد فإن أمام الليبيين خيار المجزرة أيضاً. ولهذا ستكون ثقافة اللحظة، وخيار الآن اليومي، هو ما يمثله بيت المتنبي للأطراف جميعاً:
وإذا لم يكن من الموت بدٌّ فمن العار أن تموت جبانا.
أين العقل في دراما من هذا النوع؟ ثمة مرجعيات غريبة فيما يحدث، ولربما هي السبب في إصرار القذافي على البقاء فوق كومة أنقاض وحقل مفتوح من الجثث: فرانكو ديكتاتور اسبانيا ظل يقتل طوال ثلاث سنوات محارباً شعب الجمهورية حتى قضى على الثورة بحوالي ثلاثمئة ألف قتيل، وعندئذ حكم إسبانيا بالنفي والسجون والتعذيب من عام (1939 إلى عام 1975) وذهب فقط لأنه مات، وهو حكم مدة أقل من العقيد الليبي.
أظن أن كل عقلاء العالم، في هذه اللحظة، يفكرون بأنه من العار قتل الآلاف للبقاء في السلطة، حتى لو كانت سماوية بالمعنى الحقيقي لا المجازي، والمفارقة أن «النقيب» معمر القذافي «حرّر» عام 69 ليبيا من الملك والملكية، وها هو «العقيد» عام 2011 يقرر «احتلال» المدن المتمردة وتحريرها، والفرق بين التحرير والاحتلال قد يكون عشرات آلاف الضحايا!!
ثمة في الحروب ما يُسمى: «النصر برأس.. مقطوع»!

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية