مهرجانات الأردن

فعاليات اليوم الثاني لمهرجان ليالي المسرح الحر في دورته الرابعة القدس

فعاليات اليوم الثاني لمهرجان ليالي المسرح الحر في دورته الرابعة القدس

1870 مشاهدة

فعاليات اليوم الثاني لمهرجان ليالي المسرح الحر في دورته الرابعة " القدس ".

جاءت فعاليات اليوم الثاني للمهرجان على الشكل التالي :

1 – ندوة الحوار حول عرض الافتتاح" قصة ساحة الورد " في فندق "بالميرا" وأدار الندوة المسرحي التونسي محمد العوني . بحضور مخرج العمل عامر حليحل.

ندوة مسرحية قصة ساحة الورد

محمد العوني: هو صراع بين العصافير والوقواق

المخرج: أخذنا النص كما هو دون أي تعديل

متابعة: أحمد الخليل - سوريا

حاول المسرحي التونسي محمد العوني مدير ندوة المسرحية الفلسطينية (قصة ساحة الورد) تقديم مفاتيح لفهم العرض الذي كان فاتحة المهرجان حيث شبه العوني  الفلسطينيين بالعصافير التي تبني عشها من قش وعيدان، بينما الوقواق (الإسرائيلي) لا يبني عشا له إنما يسطو على عش موجود، فيكون قدر العصافير مقاومة الوقواق بمناقيرها وريشها وحناجرها، هنا المقاومة في العرض حسب العوني تكون بالخناجر وبالأجساد وبالإضاءة واللعب والرقص والحكايا والغناء...

وكأن العصافير (الفلسطينيين) يقولون للوقواق (الإسرائيلي) إن الذي تصهين عليه ليس عشا من عود وقش انه مدار من مدارات الرعب.

المسرحية تكثف من وجهة  نظر العوني  لعبة  الحياة والموت، إن نساء ساحة الورد لسن كالأخريات هن قطاع طرق من سلالة الشنفرى وعروة والسليك يبيتون على الطوى ويصارعون الجوع، كان سكان ساحة الورد يعيشون حياة هادئة عادية قبل دخول الوقواق إلى حياتهم فحملوا صلبانهم من بلد إلى بلد مستنهضين الهمم صارخين في أهل الصحراء (هل الصحراء حولكم أم فيكم )؟!

ويرى العوني أن العرض اتخذ خطين خط السرد وخط الفعل مع استخدام لغات متداخلة مرمزة لتقديم صورة مركبة للمسرح الشامل الذي يمتزج فيه التمثيل بالموسيقى بالغناء بالرقص...

نحن أمام محاكاة متعددة المستويات أفكار للإيحاء وعواطف لاستثارة الأحاسيس وإشراك المتفرج فيها، السلالم والحبال قد تشي بإمكانية استنهاض فعل  الصعود إلى المستقبل وربما ترمز إلى ربط الواقع بالمجهول ..

ان مسرحية ساحة الورد تتكئ على الرموز والإشارات، والخطاب في العرض ليس مرسلا إلى أجهزة الوعي المنطقي فحسب بل يتعداها كما يرى محمد العوني  إلى ما تحت هذا الوعي أي إلى مخزن الرموز...

بعض المهتمين في المسرح من الحاضرين خالف العوني فيما ذهب إليه، فرغم الجهد والحماس لدى شباب الفرقة والرقص والتمثيل المتقن إلا أن الكثيرين ربما لا يستطيع فهم هذا العمل، فمحمد غباش يعتقد بأن المتفرج لا يستطيع فك شيفرة العرض ورموزه إلا إذا كان مطلعا على الميثالوجيا الفلسطينية، من ناحية ثانية وقع العرض في الرتابة (المونوتون) رغم الأداء الجيد.

ولا تبتعد كاميليا بطرس عن رأي غباش كثيرا فهي ترى أن العرض فيه غموض  ورمزية شديدة وتتساءل بطرس كيف سيفهم الجمهور هذا العرض؟

من ناحية ثانية أثنت بطرس على الإخراج وقدرة المخرج  على الإمساك   بجميع خيوط العرض ليصل إلى هذا التماسك والفرجة الجميلة، لكنها طالبت المسرح بأن يكون سلسا وبحاجة لإراحة المتلقي، لا إلى إملاله وتضجيره.

المسرحي التونسي المقيم في ايطاليا حافظ خليفة وصف العرض بالهاوي وليس المحترف وأحيانا يقدم الهواة عروضا أفضل من المحترفين، وأثنى خليفة بدوره على العرض معتبرا أن من الضروري خروج المسرح من السجن السياسي، والمشكلة أن السياسة دخلت في تركيبة الناس...واعتبر خليفة أن العرض هو من المسرح الجديد الذي يقدم القضية الفلسطينية بأسلوب جديد..

المسرحي السوري رفيق سمعان ركز على موسيقا العرض واعتبرها ضابطا لإيقاعه كونه عرض راقص وعبر عن استمتاعه بالعرض واصفا إياه بالجميل...ومعبرا عن غبطته بالعرض قال سالم من ليبيا: انه عمل رائع وكأن المسرحية تقول: نحن في فلسطين نرقص، نقاتل، نغني...

مخرج العرض عامر حليحل استمع إلى كل المداخلات ثم قدم رؤيته ورده على بعض الآراء...اعترف المخرج في بداية حديثه أنه واجه بعض الصعوبات التقنية لكن هذا الأمر  لا يهم الجمهور وغير معني به، ثم تساءل: ألا يحق للفلسطيني ما يحق لغيره؟ يجيب حليحل دوري كفلسطيني ليس تقديم تقرير عن الأحداث أو عن تاريخ فلسطين، وكفنان لا أقدم ريبورتاج سياسي عن الأحداث اليومية في فلسطين هذا لا يخدم الفن إطلاقا، فالفن أولا ثم القضية، ويضرب مثالا لتدعيم وجهة نظره (محمود درويش تحول من شاعر مباشر إلى شاعر إنساني فنجح أضعاف ما نجح في العقود الأولى من حياته..فالفلسطيني إنسان أولا وأخيرا رغم أنه يعيش في ظروف قاهرة.

ويضيف حليحل: علي كفنان تجريب أدواتي من خلال السؤال التالي ما هي هوية الفن الفلسطيني؟! وباعتقاد عامر المسرح والسينما الفلسطينية حتى الآن ليس لهما هوية، هناك تجارب فردية مهمة على هذا الصعيد بحثت عن الفن، والمسرح الفلسطيني إذا بقي يعيش على القضية سيفشل، المهم الآن البحث عن الأدوات الفنية التي تطور المسرح الفلسطيني.

واعتبر حليحل أن عرضه ربما هو صعب على المشاهد البريء فالرمزية هي لشد الجمهور إلى الأعلى ومد الحدود بين المسرح والجمهور سعيا لتقدم المسرح وتطويره فنيا، وأبدى حليحل استغرابه من ربط النجاح بعدد الذين فهموا العرض مشددا على الارتقاء بالجمهور من خلال الرمز وعدم المباشرة بالطرح، وبالنسبة للموسيقا قال المخرج أنها شخصية أساسية من شخصيات العرض والتوتر الذي في الموسيقا هو مقصود بحسب مشاهد العرض، أما بخصوص المشهد الأخير (مشهد العرس): هو مأخوذ كما أراد الكاتب من الطقس الفرعوني، فالعروس كأنها قربان ستلقى في النهر والقصد من المشهد شم رائحة الموت فيه، وردا على اتهام البعض بالرمزية شرح المخرج ارتباطه بالنص والمحاولات العديدة الفاشلة التي جرت لإعداده أو تطويعه لكنه فضل بالنهاية (الإبقاء عليه كما هو بكل رمزيته وجمالياته وإشكالاته).              

2 – عرض مسرحية الأطفال بعنوان " القمر وخوابي العسل " تأليف وإخراج : يوسف شموط من سورية على مسرح " أسامة المشيني " في الساعة الحادية عشر. ضمت مجموعة العمل كل من الممثلين: يارا بشور، الياس هزيم، عامر مغمومة، انطوان شهيد، فراس مرضعة. وعلى الإضاءة والصوت: فادي الصباغ.

تحدث العرض المسرحي عن المكر والخداع، والكذب والنفاق، مقابل الصدق والإيمان بالعمل لصالح الجميع المتشاركين بمفردات الحياة القائمة على الصدق والإيمان بالعمل. وقد جسد هذه الأفكار شخصيات محببة للأطفال، تعيش متشاركة في الغابة، وقد لعب نحول ونحولة" زنانة " دور المجموعة المؤمنة بالعمل، والعقرب دور المخادع الشرير الذي خلق فتنة بالغابة كي يصل ويفوز بالعسل الذي ينتجه النحل، فقد ادعى أن القمر لا يسطع بالليل إلا إذا غنى له اليعسوب/ جندوب، ويوصل هذه الفكرة للمك دبدوب، ويبدأ الصراع بين المجموعتين، ويمثل الجندوب دور الضحية الغببية التي تصدق كل مايقال، لكنه في الختام يتخذ موقفاً سليماً لصالح نحول وزنانة، ويساعدهما على كشف حقيقة العقروب اللعين، ويعم السلام في الغابة، ويعيش الجميع معاً بالمحبة وفعل الخير. وقد اعتمد العمل على اللوحات البصرية المرتكزة على الألوان والحركة والغناء، الذي كان مسجلاً أحياناً، وطبيعياً كما الحوار بين الشخصيات أيضاً. لقد استطاع المخرج عبر الحلول الإخراجية الموضوعية والقريبة من عالم الطفل، شد الأطفال لمتابعة العمل والمشاركة بالرقصات في بعض الأحيان معبرين عن فرحهم وتماهيهم مع هذا العرض المسرحي التربوي الذي حمل القيم الأخلاقية الحميدة وقدمها للأطفال عبر حكاية قريبة منهم .

3 – وعلى مسرح الدراما في جامعة اليرموك  " باربد "، قدمت فرقة " سودان فلكلور " مسرحية " ثلاثة قصائد في حب الوطن " عن قصائد للشاعر العربي الكبير "محمود درويش، إخراج: سيد أحمد أحمد. تمثيل: ياسمين عثمان، كرستينا كاميايور، شيرين موسي، هاجر عبد المجيد، هاني ادريس، دفع الله الحاج، محمد حسن النوم. السينوغرافيا: د.زينب عبد الله .

4 – وعلى المسرح الدائري في المركز الثقافي الملكي عرضت  فرقة الفرعون الصغير المستقلة، بعنوان " وجود " تأليف وإخراج : سلامة امام، تمثيل: سلامة امام ورانيا عاطف.  يتحدث العرض المسرحي عن الوجود منذ الخطيئة الأولى التي أدت إلى هجرة الإنسان نتيجة حصوله على المعرفة التي جعلته يدرك سر الجسد، ومعنى الخلق والولادة، وامتزج ذلك بعد وصوله إلى الأرض بالميثولوجية التي جعلت المرأة تخرج من ضلع الرجل، وصورتها لنا في إطار التنافس ما بين الذكورة والأنوثة بعد الصراع المرير في ذاك الزمن الغابر ولا زالت تلك القضية خاضعة للحوار بقصد الوصول إلى الحقيقة التي تجسدت بأن الحياة قائمة على التكامل ما بين الأنثى والذكر/ الإنسان. واستمرت الحدوتة تصور لنا هذا الحال حتى اللحظة التي كنا نشاهد فيها هذا العرض المسرحي. بمعنى أن قصة الوجود الإنساني لازالت خاضعة لهذه الرتابة في شكل وأسلوب الخلق/ الموت .وقد اعتمد مخرج ومؤلف هذا العمل على "الصمت الصوتي "، عبر المشهدية البصرية المرتكزة على جسد الممثل، محمولة على سرد دلاليّ، رمزي انطلق من اللونين المتضادين الأسود والأبيض، الشرنقة الولادة البيضاء، والرداء الأسود الذي ستر الجسد وتركه يجسد الأفكار والمقولات بتوازن مدروس ليعوض به عن الكلام الذي غاب ضمن الأحداث والأفعال / الصراع على الوجود والدفاع عن الحياة التي منحت لمرة واحدة على هذه الأرض التي منها حصل على الخيرات المادية من ماء وغذاء وهواء، العناصر الأساسية للحياة، وقد رافق الجسد بحركاته ذات الدلالات الجميلة على قدرة الإنسان في التعبير الموسيقى الرتيبة التي جسدت نبض القلب بوصفه باروميتر الحياة إن توقف انتهت الحياة، مترافقة مع البقع الضوئية التي أطرت الحالات المختلفة لهذا الخلق / الولادة ثم الموت ثم الولادة وكأن مثلث الخلق المحمول على جسد الأنثى والدائرة الحاضنة  لديها أيضاً كانت خير دليل على التكامل ما بين الذكورة والأنوثة بغض النظر عن الكثير من مفردات الحياة المأساوية الآن نتيجة الخلل في معادلة الحياة . وخلال العرض لم نسمع سوى كلمات تدلل على العناصر الأساس للوجود الأرض والشمس والسماء، تلك الكلمات التي علمتها الأم لوليدها، بمعنى الانتماء الأساس لهذه الأرض التي طرحت خيراتها والشمس بمدلولاتها الكثيرة ومنها التطهير والسماء التي بحكمتها وإرادتها في تكريم البشر جعلت له كل ما تقع عليه العين ثروة لبناء حياته، هذا العرض المسرحي كان عبارة عن دعوة للعودة للطبيعة الوطن الأم بكل مقومات العدالة والحرية رغم أن هذه المعادلة لم تتغير منذ الخليقة، لكن أرادها مخرج العمل سلامة محمولة على الرؤية الفنية الجمالية لقدرة المسرح على التعبير وتسليط الضوء على المعاناة المختصرة بضياع العدالة وطغيان الظلم القائم على الأنانية التي ضحيتها الطبيعة والإنسان . 

5 -  على خشبة المركز الثقافي الملكي، عرض تونس الخضراء لفرقة ( واب ) للفنون، بمسرحية " واحد منا " تأليف : محسن بن نفيسة، إخراج :  محمد منير العرقي، تمثيل : جعفر القاسمي.

تحدث العمل عن مواطن " تونسي " درس وحصل على الثانوية، ودخل الجامعة، وتخرج يبحث عن فرصة عمل، لم يوفق في ذلك، اضطر للهجرة إلى بلد مجاور" ليبيا" بحثاً عن العمل لكسب العيش، وعندما يعود لبلده، تلصق به تهمة " الإرهابي " يعقد مؤتمراً صحفياً يدافع عن نفسه ويكشف للجمهور الكذب والخداع الذي تتبعه الدول الغربية لتشويه صورة العربيّ، والمرتكزات التي يعتمدون عليها والمتعلقة بانعدام الحياة الكريمة للمواطن في بلده، والظلم والفساد المحيط به ويدفعه للإرهاب.

العرض اعتمد ممثل وحيد على الخشبة، ومعه الكثير من قطع الإكسسوار، وعدة كراسي مع منبر خطابي، بالإضافة، للإضاءة، والموسيقا، يمكن القول أن الفضاء المسرحي كان رحباً في كل الاتجاهات، بما فيها الجدار الرابع الذي كان مفتوحاً على الصالة، فقد كان الجمهور ضمن معادلة العرض المسرحي، بالتلقي والمشاركة ، طبعاً الممثل هو الذي سمح بذلك ضمن خطة مدروسة مع المخرج والطاقم الفني المرافق للعرض. كل ما ذكر كان الحامل الأساس له الممثل " جسداً، صوتاً، حركة " والتكنيك العالي في التعامل معهم ، فقد قام باستخدام الصوت بالغناء والتقليد لأصوات الحيوانات وزمامير السيارات والإنفجارات، بالإضافة للجسد المطواع الذي رقص وقفز وتبدل ليشير للعاهات الجسدية للأشخاص الذين قام بتقليدهم ضمن سياق النص الذي يشتغل عليه. باختصار شديد كان الممثل " جعفر القاسمي " يعرف ما يريد أن يقدم للجمهور من قدرات تقنية وفنية عالية لطاقة الممثل الموزعة على مساحة العرض المسرحي بشكل جعل الممثل حاضر الحيوية من بداية العرض وحتى نهايته. والمميز لديه كيف استطاع أن يشرك الجمهور بالعرض المسرحي، ويحدثهم ويجذبهم للمشاركة معه بالتصفيق وترتيد الكلمات التي يريد، وحتى الوقوف على الخشبة، وخلال هذه الفقرات التي شارك الجمهور فيها، كان يعود للنقطة التي توقف عندها تماماً ويتابع الأحداث.

لقد كنا أمام عرض مسرحي له نكهة خاصة، استطاع أن يشد الجمهور إليه فقد صفق له في الختام وقوفاً لمدة طويلة وصعد إلى الخشبة ليعانق الممثل ومخرج العمل ، تعبيراً عن الشكر والامتنان لطاقة الممثل الجميل، الذي استطاع إيصال فكرة العمل وتفاصيله ولمدة تجاوزت الساعة بخمسة عشر دقيقة أو ثلاثين، ليس مهم هنا أنة نقف عند الزمن ، ولم يشعر المتلقي بملل أو انزعاج.

ويقول مخرج العمل أن هذا العمل ينضوي تحت تسمية " الممثل الوحيد على الخشبة – one man show " الذي يختلف عن المونودراما، وحسب رأيه أن كل ما شاهدناه على الخشبة من أفعال وأحداث لعب الدور الأساس بها التقنيات والإمكانات المتوفرة عند الممثل من تقليد لأصوات الحيوانات والرقص والغناء ومشاركة الجمهور، وفرها هذا الأسلوب من العرض المسرحي. ويبقى هذا اجتهاد من المخرج والممثل، في عملية التواصل مع الجمهور. أعتقد أنه استطاع ذلك، بغض النظر عن القضية الفنية وسواها.

هكذا تنتهي فعاليات اليوم الثاني لمهرجان ليالي المسرح الحر

كنعان البني – الأردن – عمان

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية