مهرجان القدس لنا حماة 2009

فعالية اليوم الرابع .. أخطاء حمراء.. في أخطاء حمراء

فعالية اليوم الرابع .. أخطاء حمراء.. في أخطاء حمراء

1826 مشاهدة

أخطاء حمراء.. في "أخطاء حمراء"

"أخطاء حمراء ".. مسودة لقضايا إشكالية يجب معالجتها 

حسّان الأخرس 

السبت 26 كانون الأول 2009

نجح "مولود داؤد" وبقوة في شق صفوف المشاهدين لعرضه  المسرحي "أخطاء حمراء" بين مؤيد للعرض وكاره له، وهو ما توقّعه "داؤد" -حسب ما قال  لنا-، وبين أشخاص بحثوا عن عرض مسرحي فلم يجدوا..!

 مدونة وطن  eSyria حضرت عرض "أخطاء حمراء" الذي قدمته فرقة "كور الزهور" من  "تجمع سلمية الفني" في اليوم الرابع من فعاليات مهرجان "حماة" المسرحي الحادي  والعشرين. فالتقينا بعضاً من الذين حضروا العرض ومنهم السيد "سنان الشيخ" القادم من  "مصياف" قال: «لم يكن هناك نص مسرحي، كان هناك فرجة مسرحية ظريفة قليلاً، لم ترتق  لتصبح عرضاً مسرحياً، بل يمكن اختصاره بطرافة الممثلين "أيهم عيشة"، و"نبيل  جاكيش"».

أما السيدة "وفاء بني" والتي  أتت برفقة طفليها فقالت: «العرض كان موفقاً، انسجم الممثلون مع الدور، ولكن هناك  بعض الأفكار التي لم تتضح لنا، مثل مشهد اللعب بين "الأخ" و"أخته" كان من الخطأ  طرحه بأسلوب كوميدي مفتوح، كان يفترض ألا يكون هناك أطفال، ولكنهم كانوا موجودين  فمن الممكن أن تؤثر عليهم هذه المشاهد سلباً».

وأضافت السيدة "بني": «العرض كان نموذجاً لأسرة مفككة طرحت مسائل  حرجة في مجتمعنا مثل "سفاح القربى" وسيطرة النزعة الذكورية لرب الأسرة».

السيد "محمد شاهين" ممن تابع العرض، وعلق  قائلاً: «ضمن اللوحة التي قدمتها "كور الزهور" كان من السهل رؤية القبح، ومن الصعب  رؤية الجمال، كما أن مشهد السفاح بين الأخ وأخته تم إقحامه في العرض دون مبرر  درامي، هناك خلل في بناء النص وخلل في بناء الشخصيات دون مبرر درامي يفضي إلى ما  وصلت إليه وإلى النتيجة التي أعطتنا إياها المسرحية».

المخرج "عبد الكريم حلاّق" قال: «كان من الأفضل أن ترمّز القضية  التي تطرح قليلاً، والتقليل من المباشرة، ولكن المشاهد التي قدمت كانت كما هي دون  أي تدخل فني».

الزميل "كنعان البني" قال : «هناك كثير من القضايا الاجتماعية ذات الخطوط الحمراء، ما قاله العرض المسرحي موجود  على أرض الواقع، حيث هناك العديد من التحولات التي تقود إلى تحوّل المجتمع إلى  النمط الاستهلاكي، أشكر الفرقة لأنها طرحت مشكلة علينا أن نتكاتف لكي نتصدى لها في  مجتمعنا، ولنكون أكثر تعاوناً وموضوعية في الحالة الإنسانية، ما قدم اليوم هو مسودة  لمشاكل يجب علاجها».

الشاب "عبد الرحمن  الراعي" قال: «بما أن العرض كان مخصصاً لمن هم فوق سن الثامنة عشرة، فكان بإمكان  المخرج أن يتعاطى معنا بشكل غير مباشر».

بعد ذلك توجهنا إلى أسرة العمل والتقينا الممثل "نبيل جاكيش" الذي  حدّثنا عن دوره، فقال: «الجديد على الصعيد البصري في هذا العرض هو "الفوتومونتاج " ،  الخطف نحو الخلف يبدأ من منتصف العمل ومن آخره ومن بدايته، هذا الشيء جديد على  المستوى البصري في هذا العمل، دوري هو أحد أبناء الأسرة المفككة نتيجة الانحلال  الأخلاقي والثقافي والاجتماعي، وشخصيتي نتجت من هذا التفكك، تتراكم الحالة حتى أقتل  والدي في النهاية».

وعن اهتمامه برضا  الجمهور عما قدمه قال "جاكيش": «يهمني رأي الجمهور، ولكن العمل كتب بنيّة طيبة  وسليمة، وليس بطريقة فجة وسيئة، قد يكون هذا العمل جرح فينا هذا الشيء، ولكن كان من  الضروري أن نعلنها».

ثم توجهنا بسؤال  للمخرج "مولود داؤد" مفاده: ما حدود المسرح؟، فأجاب: «في التجريب لا يوجد حدود،  وكما قال "فواز الساجر ": "هو كسر للقوالب الجاهزة"، في هذا الطريق لا يوجد حدود، ولكن الفن هو الذي يحكمني دائماً، فأي  مشهد يخلّ بالذوق أو الفن دعونا نناقشه فنياً كم هو متصدر للمسألة فنياً، فالمسرحية  اعتمدت على ما يسمى التناقض الظاهري باللفظ، فجاءت مفتوحة الاحتمالات، لماذا دائماً  "نهمس" عندما نتحدث عن الجنس؟ "مريم نور" قالت: لنتكلم بشكل جهوري عن هذه  الأمور».

وأضاف "داؤد": «نعم مسرحية  "أخطاء حمراء" تخطّت ما يسمى "التابوات"، ودخلت هذه الأماكن وعالجتها بقسوة، وأظهرت  ما نخفيه، فالقصة واقعية لكنها ظهرت بملامح عبثية وملامح رمزية في إطار عملنا على  ما نسميه التجريب، "أخطاء حمراء" من هذا الباب هي: "جرس إنذار يدق في بنيان المجتمع  العربي" ليقول إن هذه الأسرة هي كينونة أساسية من مكونات هذا المجتمع فيجب رعايتها  اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً، ومررنا على جميع هذه الحلول من خلال مشاهد  العرض».

وفي سؤال عن تكرار نفس المقولة  في أغلب المشاهد، وعن عدم وجود دور المخلّص قال "داؤد": «يسجل لهذا العرض أنه لم  يُدن شخصياته، لأن الجميع مقموع ومتعب ومأزوم، ما أردت إيصاله أننا عندما نشاهد  علاقة الأب بالأم مفككة ومنحلة، فهذا التفكك والانحلال سينعكس على الأطفال، دعنا  نعلي السقف قليلاً فعندما نجد أن علاقة الإمبراطور بشعبه منحلة ومفككة فحكماً هذا  الانحلال سينعكس على الشعب؛ وهذا ما حصل في العراق، في هذا العرض أنا أراهن على  المتلقي، لا أريد متلقياً بارداً، بل أبحث عن متلق يجلس في مقدمة الكرسي، لذلك كان  هناك "بهرجة بصرية" تتعلق باللون أما الإضاءة فلم نوفّق بها في "حماة" لعدم وجود  تجهيزات كافية».

وعن التجربة الجديدة  التي يعتقد أنه يخوضها قال "داؤد": «الجديد في تجربتي لهذا العام هو التأليف، وهو  حلم كثيراً ما راودني، وتجربتي القادمة ستتابع في نفس السياق».

الناقد "زيد الظريف" تحدث عن عرض "أخطاء  حمراء" فقال: «لعب المخرج على موضوع التناظر،على المستوى التشكيلي والمستوى الفراغي  فنجح فيه، على المستوى التشكيلي من خلال استخدام الألوان التي تتراوح بين الأبيض  والأحمر، والصراع الدائم بين هذه الدلالات، كذلك لعب على التناظر من خلال ممثل  "سمين" وآخر "نحيف"، ذكر وأنثى، ولكنه ضرب هذا التناظر من خلال زجاجة "الويسكي " الوحيدة».

الشاعر "محمد حيّان الأخرس " قال: «الفرق ما بين "الجرأة"، و"الوقاحة" في أي عرض مسرحي هو "الفن"، وما قدمه  السيد "مولود" في عرضه لم يرتق إلى حالة الفن الذي يقدم قيماً جمالية، بل كان  حريصاً، وحريصاً جداً، على كسر "التابو" ليظهر هو، وهذا ما شاهدناه ولمسناه في رده  الأولي على من انتقد العرض، ولولا تدخل الفنان "هشام كفارنة"، لما كان لنا شرف  الاستماع إلى وجهة نظره».

وأضاف "حيّان ": «أستغرب جداً الإسقاط الذي أحيل إلى العراق في موضوع الديكتاتور بعد العرض، إذ لم  أر أي سياق جديّ، وأقصد جديّ بما تعنيه الكلمة، في هذا العرض يؤدي إلى ذلك الإسقاط،  ولم أر أي نموذج اجتماعي حقيقي في العرض يمكن تعميم فائدته ومتعته سواء من خلال  انتقاده أو تكريسه، أو حتى عرضه بشكل حيادي، وما طرح في سياق العرض حالة هزيلة، وهي ردة فعل على واقع معين تزول بزواله، وبدل الدخول في  الرصد العميق لهذا الواقع، أتحفنا المخرج في التفاصيل اللمّاعة لردة الفعل هذه  "جنسياً"، فكان العرض مباشراً وبشكل فاضح، ورغم المحاولات القليلة فإن المخرج ورغم  قدرة الممثلين الجميلة لم يستطع الخروج منها».

ولنا وجهة نظر:

*
ما  بين التنظير والعرض بونٌ شاسع:

إحدى  المشاكل الأساسية التي عانى ومازال يعاني منها مهرجان "حماة" المسرحي هي موضوع  التنظير المفروض بعد أغلب العروض، ويكمن ذلك التنظير من خلال الرؤية الفكرية التي  يتحدث بها المخرج بعد عرضه، وبين ما شاهدناه نحن "مشاهدين وحضوراً" كعرض مسرحي له،  واللطيف في الأمر أن أغلب المخرجين إلا من شاء ربي، يرى فيما يتحدث به المشاهدون  لعرضه إذا كان انتقاداً أنه: غير صحيح وأنه لم يفهم الفكرة المقصودة، وأن المشاهد  عليه أن يرتقي إلى ثقافة المخرج الفنية والفكرية حتى يستطيع التفاعل معه.

أما عن عرض اليوم "أخطاء حمراء" فنحن نتوجه  إلى المخرج شاكرين ما بذله، على أن يعيد صياغة النص بشكل يحمل مضموناً ورصداً أكثر  عمقاً، وأن ما تفضل به مشكوراً حول "مسرح التجريب" في مقولة المسرحي الكبير "فواز  الساجر" هو صحيح في حال فهمنا "النسبي" لهذه المقولة، ولكن الفهم المطلق لا يقدم  ولا يؤخر، إذ إن النسبية معيار المجتمع البشري كاملاً، ولا يعني المطلق لنا شيئاً  رغم أننا نتوق إليه بشرياً في كل شيء.

وما قاله "الساجر" لا ينطبق على ما قدمّه "داؤد"، ولا يبرر له  التكرار والتقريرية الكاملة لهذا العرض، ولا يعني أننا يجب أن نكتب ونعمل، وعلى  الباقي أن يفهموا ما قدمناه بشكل عميق جداً وإلا فإن التجريب في المسرح سيكون  "الشمّاعة" التي نعلّق عليها كل شيء مما أخطأنا به، ونحن لا نريد الاعتراف بها، رغم  أن بعض "الأخطاء" قد تكون بديهية جداً في أحيان كثيرة.

*
كسر "التابو" موضة الفكر في سبعينيات القرن العشرين:

إن الاختباء وراء فكرة كسر "التابو" في أي  عرض مسرحي، أو أي عمل فني سواء أكان شعراً أم قصة أم ... لا يمكن أن يكون الحامل  الحقيقي لأي عمل فني مهما اختلف جنسه، ولقد انتهينا من التنظيرات الفكرية في مضمون  هذا "التابو" منذ سنوات. وإن ما يشكله "الجنس والدين والسياسة" في حياتنا الواقعية،  هو في الحقيقة أمر ذو أهمية بالغة، ولكن عندما نأتي إليه فنياً يجب أن نتخلى عن  شكله "الفج"، والقاسي والقاتل في بعض الأحيان، ونتعامل معه بطريقة تخضع لما يسمونه  فناً، وليس بالطريقة التي قدمها الفنان "مولود" في عرضه، وللتوضيح أكثر، رغم اختلاف  الجنس الأدبي والفني، نورد هذا المثال لأحد الشعراء:

إلى الآن ما زلت أسأل.. / ترى:/ كيف داهمني الغيم.!!؟؟ / والأرض  ما حرّض الفأس رغبتها/ ولا نقرت حلمتيها الطيور...

لا يمكن أن ننكر هنا "التوظيف الجنسي" في الصورة الشعرية، ولا  يمكن أن نقول إن المقطوعة مباشرة وفجّة وتجرح الذوق العام،وذلك لأمر بسيط جداً أن حامل الفكرة التي ساقها الشاعر، هو حامل فني، ولا يمكن   أن نقول أيضاً إنها لا تحمل أي مضمون فكري، وروحي "وتجريبي  أيضاً"، وللمناسبة فالشاعر هو من ذات المدينة التي أتى منها "مولود داؤد ".. "سلمية ".

ولنا رأي أيضاً :

استشهد الفنان "هشام كفارنة" بعد العرض، في  عرض المخرج "عبد الكريم حلاق" والذي حمل عنوان "عفواً بيكيت"، بقصة "تشيخوف" الذي  كان ينتقد "القيصر" ويحاول تعبئة الفلاحين عليه، ولكنه أي "انطون تشيخوف" كان يواجه  بالرفض والذم من قبلهم رغم أنهم عامة لم يكونوا يحبّون قيصر، وعندما فهم الأمر  والذي يتلخص بارتباط الكنيسة بالقيصر ما يشكل حالة مقدسة في دواخلهم، كان عليه أن  يغيّر بطريقة وانتقاء انتقاداته وتحريضه ..

وهو أمر نرى أنه ليس موجهاً للفنان "مولود داؤد" لأن عرضه خارج  هذا السياق الفكري العميق، ولكنه موجه إلى "نقابة الفنانين في حماة" التي يجب عليها  أن تكون مدركة للواقع الاجتماعي والروحي في مدينتنا... وأن تفرق ما بين عرض مسرحي  يحمل قيماً فنية وروحية، وبين مسرح يتمايل في مقاهي "الاستعراض التقريري الفج ".



بروشور العمل :

تأليف  وإخراج "مولود داؤد "

الممثلون: "ماجد  الماغوط"- "باسمة ناصر"- "أيهم عيشة"- "نبيل جاكيش ".

سينوغرافيا: "قصي عيزوق"، صوت: "مراد فطوم"، إضاءة: "علي الخطيب " ،  إدارة منصة: "غيث ديبة"- "راتب جعفر ". 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية