دراسات أدبية

فــنــجــان الـقـهوة وتـلاقــي الأرواح  للقاصة فداء سلوم

فــنــجــان الـقـهوة وتـلاقــي الأرواح للقاصة فداء سلوم

856 مشاهدة

فــنــجــان الـقـهوة وتـلاقــي الأرواح  للقاصة فداء سلوم

#بـقـلم _عباسية _مدوني _سيدي _بلعباس _الـجـزائــر

 

   #في اللقاء وتوازي الشغف واللهفة ، تتجلّى الكثير من القراءات كما يتعرّى الكثير من البوح الأنيق بين دروب الأبجدية ، وعلى أرض لا بدّ أن نرفض بها البؤس وشظف العيش ، نستكين للأرواح ونستكين للتراب ونحتضن السماء لغة تختصر كل ثرثرة الوجود ، كما بين تراتيل الصبح الحاني والمساءات المبتلّة بالحنين لابدّ لأرواح سامقة أن تغزل من ذلكم البوح لغة وصل وعطاء ، وأن تسقي تربة الحوار بشخوص تتجلّى من خلال السرد ، السرد في معناه النقديّ الشامل وهو يحوّل لفيفا من الوقائع وجملة من الأحداث إلى نصّ محبوك ضمن تراسل زمكنيّ ( الزمان والمكان ) مرتّب ومنطقيّ .

ذلكم التراسل المرتبط بحالات التطوّر والمقدرة على حبك الأحداث ، يأتي دوما خادما لفكرة ولهدف ولغاية ، وهذا ما نلامسه من خلال قراءاتنا المتأنيّة للنصوص السردية ضمن منظورها التربويّ والأخلاقيّ السامق ، المتوازي مع روح السارد الذي يغدق على نصّه الكثير من الأناقة الجمالية والصدق والروحانية ، التي تؤثّثها الكاتبة القاصّة " فداء سلوم " من سوريا ، ضمن رؤية سردية واعدة وشاهقة ، تراعي من خلالها  الشخوص والأحداث وتراتبها .

وفي قصّتها الموسومة بــ " فنجان القهوة " نجدنا كمتلقّين نجالس الأرواح ، مستمتعين برشفة القهوة والتي هي من رشفة صبح مغر أو حتّى مساء شهيّ ، تتلاقى تلكم الأرواح من خلال فنجان القهوة ذلكم ليكون لسان الأحداث والكاشف عن سرّ الأفئدة ، به ومن خلاله نستحضر بشكل عفويّ وصادق جلسة مع الروح في حوار صادق ، كما من خلاله تنهمر الأفراح كما البحث عن بلسم لجراح افتعلها الزمن والظروف .

بين دهاليز قصتها ، نفتح باب القلوب ونطلّ على حكايا عميقة ، عمق الأسرار ، ونحن نمسك بذلك الفنجان نسرح في زمن ولّى وآخر نأمله أكثر فرحا وأقلّ ضررا ، ونخبر أنفسنا همسا أن القادم أجمل ، ونحن نتبعثر في ذلكم الجوّ المشحون بالعواطف نطلّ من شرفة الأرواح على هطول قادم ، وفي محراب الصدق المرجو نصلّي للأمل وللإنسانية .

وحتّى إن ارتعشت أيدينا ونحن نحمل قدح القهوة ، نرانا ما نزال نتغنّى بالحنين والشوق وطوق الياسمين ، ونهندس الوصل معمارا مقدّسا ، كما نتغزّل بالفصول الماطرة والربيعيّة وحتى القاحلة بالوجود ، لكنّنا  نبتسم دلالا وانتصارا للصمود والثبات ، وفيض الأمان الداخلي الذي زرعنا بذوره صبرا وأملا عتيقا .

   إذ في قصتها ، نلفي القاصة " فداء سلوم "  تعانق القارئ حضورا وكرما ، فيضا وشعورا صادقا ، كما  العلاقة الأثيرة بين فنجان القهوة ومرتشفه ، مع استحضار ملامح المحبين والغائبين والمغيّبين ، فحتى فنجان القهوة ذلكم يملك ذاكرة وحكايات عالقة ، وهو يوشم الفرح على غفلة ويجعلنا نفكّر في أن نَحْشوَ ما تبقّى من أيامنا جنونا وحماقات وتمرّدا حتى نستمرّ وسط كومة الوجود ....

وضمن تلاقي الأرواح وجلسة القهوة  ، هنالك دوما حكايات عالقة وبوح مؤجــّل .....

   اعتقدت أنّ  الوجوه هي من تبتسم ، وأنّ  القلوب هي منبع لفرح الروح ...

    لم أكن  أعلم أنّ  لفنجان قهوتنا وجها ...وقلبا ...وروحا ...

   يضحك بوجهنا ذلك الفنجان، ويعانق الروح ويعانق كف أيدينا الممسكة به غير مصدقة     

    أنّ  اللقاء المنتظر قد تــمّ ...

   وعاد ذلك الركن الدافئ  ليجمع القلوب فرحا "بانتصار الأمل....فرحا"  أن الغد قريب...

   وجميل... وستلمع العيون وتتلاقى بشوق مع تلك الرسوم الودودة التي نبض بها قلب 

   ذلك الفنجان !

   انتبهوا لفناجينكم ...عانقوها ...غازلوها ...دللوها هي ليست من طين ،ولا من خزف

   ولا من كريستال!

    تلكم من دم وروح ... تفرح بلقاء العشاق ...

    ويتدفق الدم لخدودها كلما استرقت النظر ، لتتسلل لداخل القلوب لتسمع المنطوق 

    والمخبّأ بين حنايا الروح.....

    لا تهملوا فناجينكم ولا تكسروا آذانها ...فتلك الاذن مكبّر لصدى صوتٍ خارج من

    تنهيدة الروح ...

   هي صديقة الجلسات، ومرمّمة العلاقات، والدواء لخصام لن يدوم...، لأنّ رشفاتها تهدّئ 

    رجفة العين والقلب، وتعطي للزمن ساعات ودقائق اضافية ...

   حتّى يعود التآلف للعيون ....وللقلوب ؛

   لا تسقطوا بقلبها دمعات حزن ، فتنكسر الملامح بداخلها وتختفي اشارات النصر...

    وتقلّ الرزقات....وتضيع البركات .. ويبتعد الأمل تاركا "الذبول بالعيون..."

    ابعثوا بدمعات الفرح  ، لتتفتح الورود... وتنفتح الدروب لآمال قادمة من وراء الشمس

     تبدد الخوف ... تبعثر العتمة ، وتعلن أنّ بعد الشوق والحنين ، هناك لقاء ....هناك

    عتاب...هناك عناق ....هناك فنجان قهوة ينعش الروح...