مواضيع للحوار

قبل أن ترسم باللون فهي ترسم بروحها المحلّقة  في فضاء رحب من الإبداع

قبل أن ترسم باللون فهي ترسم بروحها المحلّقة في فضاء رحب من الإبداع

623 مشاهدة

قبل أن ترسم باللون فهي ترسم بروحها المحلّقة  في فضاء رحب من الإبداع

#قراءة _في _لوحتين _للفنانة _التشكيلية السورية " #ريما الزعبي"

#بـقـلـم _عـبـاسـيـة _مـدوني _سـيـدي _بـلـعبـاس _الـجـزائـر

 

#يقول الفنان التشكيلي " بابلو بيكاسو " في إحدى مقولاته الشهيرة : " بعض الرسامين يحوّلون الشمس إلى بقعة صفراء ، والبعض الآخر يحوّل البقعة الصفراء إلى شمس" ، تلكم هي مهمّة الفنان ، وتلكم هي حرفيّته التي تعكسها لوحاته ومواضيعه التي تعرّي الإحساس والأنا الباطن ، وفي ذات الوقت تضعنا كمتلقّين أمام أسئلة جوهرية ، فالفنان الموهوب والمتمكّن نلمس من الوهلة الأولى إتقانه للقواعد والأصول ، كما نلمس مباشرة احترافيته في كسر تلكم القواعد ، وههنا المفارقة الحقيقية التي توشم داخلنا ذاكرة ولونا وبوحا .

  ومن الأعمال التي وقفت عندها مجدّدا للفنانة التشكيلية " ريما الزعبي " من سوريا ، لوحتين فنيّتين ، لكل منها صيغتها ، وموضوعها ، فهي قبل أن ترسم باللون فهي ترسم بروحها المحلّقة  في فضاء رحب من الإبداع .

1-    للعين ذاكرة

ذاكرة المكان ، ذاكرة الزمان أم ذاكرة الشخوص ؟ تضاريس الكون وعمق الرؤية ، واختصار الثرثرة وكل الضجيج ، لذاكرة العين هواية نادرة وهي تتلقف الإحساس القابع بين الأرواح ، حدقة العين ههنا تتعرى من كل حزن ن فمن يترجم حنينها ولوعة الانتظار بها وبين خطوط مجراتها ؟

مقابل حفنة من الذاكرة لابدّ للذكريات أن تتعرى أمام هذا البياض وهته الألوان العتيقة ، في بؤرة تلكم العين تسكن مدن وحكايات ، نلفي خصلات سنابل الإنسانية التي سقيناها يوما في عزّ ذروة الندى ، حيث القصائد لم تكتمل بعد إلى حين حصاد .

للعين هي الأخرى قصصا غامضة ، تفضحها الرؤى العميقة والنظرات الفاحصة ، تكشف الصدق وتعري الأكاذيب ، ترفع حجاب المصداقية وتمرّغ النفاق ، تخبئ داخلها غرورا وتغفو حين غمضة عين ورجفة ، لتبتسم قبيل الثغر وتكتم صرخة أن أوقفوا هته المهازل ...

لا مساحات شاغرة بالعين ، بين الأهداب والحاجب ندبة ما تظل باسمة مهما جرحها هذا العالم ، فذاكرة العين كما القلوب تعانق الخيبات والأحزان ، كما تحضن الفرح وهي تجابه انتكاسات الوجود ، حتى ذاكرة تلكم العين تحمل تجاعيدا ، كل خطّ بها يحاكي لقاء ، ضمّة وحتى فراقا ودهشة وقصة تحملنا جميعها إلى البكاء ، إنها ذاكرة حياة ممتدّة حتى نتمكّن من أن نكتبها ونحن بريئين من الجراح والصدمات ...

2-    تــصـوّف

في التصوف نسدّد كل الديون ، حتى ديون عواطفنا ، ونخوض معارك شرسة مع ذواتنا ، في التصوف لن نعود نحن بتاتا ، ومن كثرة طقوسه نبحث عن منفذ عتيق وحزن أنيق ونحن ننجب طقوسا غير التي ورثناها ، وبتلكم الطقوس نتحوّل إلى طريدة وديعة وهي تترصّدنا خناجر الصمت والتأمل ، وفخاخ الزمن ...

اللوحة ههنا بصمة موسيقى وتغريدة ربيع أصفر ، وفي منتصف الغوص بالموضوع لابدّ من اختراع همسة موازية لحديث داخليّ وصوت شجيّ من وراء نوافذ الذاكرة ، مثل أن نقترض الشوق ونستدين غواية الحضور ، لنمنح للون وللمساحة معنى ليس ككل ّ المعاني المعلّبة .

للتصوف مخادع ومخابئ تمتدّ على طول قبلة وعلى مقاس بهاء ، وفي تصوّف حواء زهد كان تخلع رداء الحب وتستبدله بتعويذة الرجاء ، حتى توقظ جنين الحياة الغافي منذ فصول ولّت ، في ذلكم ترقب فؤادها الحافي ، تزرع بذرة من شرفات روحها لتسند ما تبقى منها من دهشة وورع .