أخبار أدبية

قراءة ذات رأي انطباعي لرواية لاموغ عشق و لموت للكاتبة إيمان أحمد مسلماني

قراءة ذات رأي انطباعي لرواية لاموغ عشق و لموت للكاتبة إيمان أحمد مسلماني

1037 مشاهدة

قراءة أولية ذات رأي انطباعي لرواية العشق والموت للكاتبة إيمان أحمد مسلماني

#كنعان _محيميد _البني _مسرحي _وإعلامي

 

بداية لابد من الشكر والتقدير للكاتبة إيمان مسلماني روايتها/مولودها البكر .. الذي جاء من مخزون الحزن والألم الذي يرافق الإنسان منذ عناقه الأول للمسؤولية (أنثى وذكر) بعد مغادرة الرحم/الأم، التي دائما ما يتم نسيان أنها "الأنثى" حاضنة الخلق، تكرس سمات الآلهة المانحة.

يبدأ المشوار بالتهنئة .. مبروك الخليفة .. مبروك ضامن الميراث والملك؟ .. مبروك استمرار اللقب الذي يلغي الاسم الحقيقي .. ويحل اسم المولود الذكر .. كما يحل اللقب الأكثر مدعاة للفخر اجتماعيا، بعد الولادة الثانية .. حيث العودة للحياة كما ولدته أمه نظيفا من دنس الحياة الفانية .. يغيب الاسم ويبقى اللقب "الحاج" أحيانا يضم الاسم، وغالبا وخصوصا بالمناداة "يا حجي" .. الفرح يرتسم على وجه الوالدة فقد ضمنت مستقبلها بعد وفاة الوالد "بعد عمر طويل" .. وفرح أهلها أنهم لن يتحملوا متاعب عودتها لبيتهم بعد وفاة زوجها أو طلاقها .. وبعد تفتيت الملكية بالميراث .. وفق شرع الله "لا منية لأحد في ذلك" .. بغض النظر عن الملكية والحالة المادية للوارثين .. كل ذلك عند الولادة الأولى للمرأة.

أو تكون المباركة التي تحمل نكد البشارة .. لا تزعلي انشاء الله بتعويضيها بالولادة الثانية .. وبتفرحي بأخ لها .. ونسمع من المواسين عبارة لم نسمعها عند ولادة الذكر "الحمد لله قيامك بالسلامة" .. والمواساة طبعا للوالدين معا .. ولكن أصابع الاتهام تظل مرفوعة بوجه الأم التي لم تنجب الذكر البكر .. ويبدأ سيل الاعتراف عير المباشر وغير المدرك .. بفضل البنات .. منيح بتونس أمها .. تساعدها في تربية بقية أخوتها .. البنت بالبيت ونس وبركة .. البنات سرّ الأمهات .. البنت تأتي بالسند للظهر/الصهر .. البنت سر أبيها .. ويستمر ذلك حتى يحضر الذكر .. فكل نجاح يحققه الوالدين هو بحسنة البنت .. مواساة لا تنتهي إلا بحضور الذكر.

صيرورة بظل عادات وتقاليد وأعراف مستمدة من الدين والتراث والبيئة التي تكرس الفصل بين الجنسين.

وللأسف هذا حال المثقفين بأغلبيتهم .. قبل حال المجتمع بالعموم .. قناع النفاق غير المقصود يرافقهم منذ امتلاكهم لوعيهم الاجتماعي ضمن البيئة التي يعيشون فيها .. حيث القرارات يجب أن تراعي المجتمع بدءً من الأسرة والعائلة والطائفة والقبيلة والعشيرة والجوار مغيبة الثقافة الهشة التي تقوم على الأنا المالكة بطربوش الذكر ..

كل ذلك باختصار ترافق ضمن حالة طارئة استثنائية .. الحروب الأهلية .. أو الحروب بين الأنظمة وشعوبها .. ولنقول الحروب المحلية .. بداية من الخلافات التي تتطور لحرب بين الزوجين ثم تنتقل للعائلة والعشيرة والقبيلة وحتى الجوار بين مؤيد ومعارض .. في ظل تلك الأحوال بدأت الكاتبة بنسيج روايتها التي صورت لنا الأحداث والأفعال وردات الفعل المباشر وغير المباشر بدقة المراقب الذي نخمن أو نظن أنه عاش تلك الأحداث .. فكانت الدقة .. بل .. الحرفية بالوصف والتحليل وضمان شد القارئ وإقناعه بما يجري في مخيلته جراء رسم الأحداث في الذهن/المخيلة .. مع اختلاف التأثير على اختلاف القراء .. لغة بسيطة مطروقة مرصوفة بتنسيق يحقق للقارئ الفائدة والمتعة كما يقال في المسرح .. هذا على مسرح الحياة والمعاناة الصادمة أحيانا .. فالشخصيات تتحرك بحرية شبه مطلقة .. بمعنى لا نشعر بأن الكاتبة تقحمها بالفعل أو الحدث إقحاما فجا .. بل .. بكل سلاسة ننتقل من فصل لفصل.. وتتوالى المشاهد ترسم الصورة / المشهد بحركة يترافق معها الحوار ليشكل الحدث بكل حالات الانفعال الداخلي للشخصيات والذي برعت بل نجحت الكاتبة بإيصاله للقارئ دون تكلف أو فجاجة .. وتصل بعض الجمل لحدّ الحكمة التي تعبر عن مخزون الكاتبة المعرفية الثقافية العلمية التجريبية في معترك الحياة المعاشة ..

الرواية .. نص درامي بكل المقاييس .. حيث نرى الصراع الذاتي والداخلي لدى بعض الشخصيات والتي برزت بشكل خاص عند الرجال .. الأب والأخ وابن العم .. وكذلك عند البعض من النساء .. وأكثر تجلياته كان عند "دلع" التي عبرت عن الموقف الواعي عند الأنوثة كفكر ومنهج بالحياة .. التي آثرت الموت على الحياة الزائفة .. وأخذت الموقف باستقلالية وحرية .. رغم معرفتها بالنتيجة القتل/الموت .. أو العار الداخلي لو تكلمت كما أمليَّ عليها لتضمن البراءة. وكذلك الدكتورة التي رسمت الكاتبة تحولاتها الروحية والنفسية أمام الحب الذي لم يقف عند الزمن المحدد بالعمر الذي راكمه الفرد أنثى كان أم ذكرا ..

هذا تجلى عند الأفراد .. كما تجلى عند المجاميع البشرية منطلقة من الأسرة لتصل المجتمع بشكل عام .. وخصوصا في المخيمات ومراكز الإيواء لدى كل من الطرفين ( معارضة وموالاة ) ..

والجميل الذي يسجل للكاتبة تقديم فصول روايتها بمقاطع نثرية تدلل على الذي سبق وتشير للقادم بلغة مكثفة تتضمن الصورة التي تود أن ينتبه لها القارئ عند تحقيق هذا الانتقال من فصل لآخر ..

رواية جديرة بالدراسة المتأنية ليصل القارئ لجوهر الرسالة التي تود وترغب الكاتبة إيصالها للمتلقي أن الأنثى شريكة الذكر في بناء الحياة ..

أكرر شكري وتقديري واحترامي للأديبة إيمان أحمد مسلماني على تلبية رغبتي بقراءة هذه الرواية البكر.

وتلك بعض الأفكار التي أحببت وضعها أمامك تأخذ طابع الرأي الانطباعي السريع .. وستكون ليَّ قراءة ثانية محاولا فيها الغوص أعمق في النص الروائي وأشير لجوهر الرسالة التي ترغب الكاتبة وصولها لجمهور القراء الكرام ..

مبروك هذا المنجز الجميل

كنعان محيميد البني - سوريا