قصة قصيرة

قصة قصيرة ... خمس ليرات..بقلم الأديب محمد عزوز...

قصة قصيرة ... خمس ليرات..بقلم الأديب محمد عزوز...

1625 مشاهدة

خمس ليرات

لمعت أمامي على مسافة متر أو مترين ، فخفق قلبي لمرآها ، ثم تابعت سيري نحوها على غير استعجال ، وقفت أتأملها وترددت .. هل أنحني لإلتقاطها ..؟
تلفت حولي ، هناك أشخاص يعبرون على مسافة غير قريبة مني ، وخمنت أن أحدهم سيلومني لانحنائي .. أو قد يتخيل آخر أنني التقطت شيئاً ثميناً من الأرض ، فيأتي ليقلسمني لقيتي ..
انحنيت غير عابئ بتخميناتي ، وتحسستها بأطراف أصابعي ، تأكدت من صلاحيتها ، وتلفت من جديد لعلي أظفر بصبي صغير يلهث أو يعبر ذاك الشارع ونظرات عينيه تجوب المكان بحثاً عن شيء ما مفقود منه ..
لم يكن هناك أي طفل في هذا الوقت الباكر ، أطبقت عليها بأصابعي ويأت للإجابة على سؤال افترضته من شخص يقطع علي عبوري :
-
لماذا انحنيت ..؟ وماذا التقطت من الأرض ..؟
أفتح يدي على اتساعها ..
-
خمس ليرات .. ها هي .. هل هي لك .. أضعتها أليس كذلك ..؟
-
لا .. أنا لم أضع شيئاً .. هنيئاً لك بها ...
رباه إنها ليست له ، وقد مر الأمر بسلام ..
وقدرت أن رجلاً آخر سيسألني ، فأبقيت عليها في يدي ، ولما عبرت الشارع كله دون أن يسألني أحد عنها ، ثم ركبت الحافلة التي ستقودني إلى عملي ، وضعتها في إحدى جيوبي منفردة ..
دفعت ثمن الخبز وأشياء أخرى من نقود كنت أحملها ، وظللت حريصاً عليها في مخبئها .
في طريق عودتي ، وقفت في ذات المكان الذي وجدتها به ، تلفت .. كنت أظن أنني سأجد طفلاً يبحث في ذات المكان عنها ..، أطلت وقوفي ، مرت بي سيارات مسرعة أطلقت زعيقها مستنكرة وقوفي غير المحايد ، وسمعت شتيمة أحدهم ..
انتحيت جانباً ثم اقتربت من بقالية مجاورة ، دخلت :
-
أهلاً وسهلاً .. أأمر يا أخ ..
-
ما يأمر عليك ظالم .. بس أنا بدي أسالك سؤال .. هل سألك أحد ما عن خمس ليرات ضائعة ..؟
تطلع إلي دون أن يجيب .. فتابعت :
-
أما رأيت طفلاً في هذا الصباح يبحث عن شيء ما في ذاك المكان ..؟
وأشرت بيدي إلى المكان المقصود ..
بدا عليه الإستخفاف بسؤالي ، ولم يكلف نفسه عناء النطق ، بل هز رأسه علامة النفي ..
خرجت وقد اشتد ضيقي .. ولم أشأ الوقوف ثانية خشية التعرض لشتيمة أخرى أنالها من سائق عابر .. ، تابعت سيري وأنا ألتفت كلما قطعت مسافة ، أدقق بصري ، أبحث عن طفل لم أجده يبحث في ذات المكان عن قطعته النقدية الضائعة ..
وظلت الخمس ليرات في جيبي مدة ، امتدت أياماً ، بل أشهراً ... وأنا أنتظر أن أرى ذلك الطفل يبحث .. أو يسأل عنها ..
وقررت في النهاية أن أضعها في مكان أمين .. معلناً :
-
هذه ليست من حقي .. ثم من يدري قد يأتي صاحبها ذات يوم ..

قصة : محمد عزوز

 من قصصه الجديدة

 

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية