مواضيع للحوار

كتب الدكتور جبار خماط حسن عن العيادة  المسرحية

كتب الدكتور جبار خماط حسن عن العيادة المسرحية

833 مشاهدة

كتب الدكتور جبار خماط حسن عن العيادة  المسرحية

 

منهج مسرحي مبتكر، يختص بتأهيل المجتمعات المتضررة من الحروب والأزمات. تقترب من كل شرائح المجتمع لتعزز لديهم الثقة المفقودة بالذات وتواصلها مع المحيط البيئي والبشري، على مسافة من الاعتقاد الجديد، والإيمان بان المساحة الصديقة ينبغي أن تكون حاضرة ومتطورة بيننا .. وهنا تنطلق العيادة المسرحية من فرضية كيف لنا أن نتواصل مع المجتمع ؟

 باي طريقة ؟

 وما هي ضمانية النجاح؟

 وكيف نحقق استدامة ذلك النجاح؟

 ومن خلال البحث وجدت العيادة المسرحية، أن منهج التشكيل الاجتماعي ، الذي يتلخص بان حل اي مشكلة يمكن أن يتحقق بالتدريج، وخاصة المشكلات الاجتماعية المعقدة التي تنعكس على سلوكيات الأفراد .. مثل السجناء والمدمنين وضحايا الحروب من الرجال والنساء .. الخ، أن نزع فتيل المشكلة الذي قد يتفجر، تحققه لنا المسرح وفنونه الادائية، لأنه يعتمد منهج التمرحل في عملية التغيير والانتقال من حالة المزاج السلبي والأفكار العنيفة، إلى السلوك الإيجابي الذي يحقق ويوسع من المساحة الصديقة بين أفراد المجتمع .. ان للمسرح عيادة ضامنة الإقناع والتأثير، يتقبلها الأفراد المشتركين فيها، لأنها تمثلهم وتتواصل معهم بمنطق اكتشاف الذات وقدراتها حين يتوفر لديهم مفتاح الإيمان بالتغيير السلوكي لديهم . . هذا التغيير يمر بثلاثة مراحل

أولها: مرحلة التواصل وهي ان تكتشف من معك وكيف تتواصل معهم على قاعدة الثقة وقبول الآخر.

ثانيهما: مرحلة اكتشاف وتعزيز المهارات: وهي تمارين يسيرة وممكنة يقوم بها المشتركون في العيادة ، ليعرفوا ان بإمكانهم التعبير المسرحي .

ثالثا : مرحلة التعبير والعقل الإيجابي، الذي هو اكتشاف اللغة وقدرتها على التواصل، واللغة هنا ليس العقيد في الخطاب، بل هو استعمال اللهجة الدارجة في الارتجال والتعبير عن فكرة يتفقون على تجسيدها، من خلال أدوار تتوزع على المشتركين في العيادة المسرحية .

لقد مرت العيادة المسرحية بثلاثة مشاريع، الأول كان مع سجناء الأحداث في إصلاحية الجعيفر في بغداد، والمشروع الثاني كان مع المدمنين في مستشفى ابن رشد للتدريب النفسي، والمشروع الثالث كان في حلبجة مع مصابي السلاح الكيمياوي ، سنة 2017، أفرزت تلك المشاريع - بشهادة المختصين والمراقبين - نجاحا باهرا في تعديل السلوك من السلبي الى الإيجابي وتأهيلهم إلى مرحلة الاندماج الاجتماعي .

ان مشروع العيادة المسرحية في حلبجة، يعد أكثر المشاريع أهمية، لأنه تعامل من فئة من المجتمع عانت لأكثر من ثلاثين سنة، ضيق في التنفس وصداعا مزمنا، ضاغطا على استقرارهم وتواصلهم مع المجتمع، وحين كانت العيادة المسرحية بينهم ولمدة شهر واحد، وبتمارين مكثفة للصوت والجسد والارتجال ، وتمارين التنفس المركزة، وصلنا الى عرض مسرحي(( اناحي)) تأليف مجموعة مصابي حلبجة وتمثيلهم، واخراجي، إذ تم عرض المسرحية في مديرية صحة حلبجة، وقد حضر العرض جمهور غفير، وبوجود محافظ حلبجة، وفنانين من السليمانية، كلهم أشادوا بالعيادة المسرحية التي غيرت من أفكار ومزاج مصابي حلبجة بالسلاح الكيماوي. تحية لكل من كان وآزر وكان مع العيادة المسرحية قولا أو فعلا.