أخبار أدبية

كتب الدكتور جبار خماط حسن كيف أقدم له النص

كتب الدكتور جبار خماط حسن كيف أقدم له النص

582 مشاهدة

كتب الدكتور جبار خماط حسن كيف أقدم له النص ...

#سامي_عبد_الحميد

#فاضل_خليل

#ليلى_العطار

#انا+انت=ربما

في المرحلة الثالثة فرع التمثيل ، قسم الفنون المسرحية،1990 كتبت نصا مغايرا، عنوانه (( انا +أنت = ربما)) فكرت لمن أقدمه لكي يقرأ؟

التقيت به عند باب قسم المسرح آنذاك كان قبالة قسم التصميم حاليا، قلت وعلى وجهي سرب من حمام الحياء، ممكن استاذي تقرأ هذا النص ؟

اريد رأيك؟

وبصوته العميق الممزوج بضحكة مشجعة، لمن هذا النص جبار؟

 كان يقول لي انت مجتهد.. أتذكر جيدا ، حين كنت طالبا في المرحلة الأولى كان استاذنا سامي عبد الحميد يدرسنا فن الإلقاء ، يدخل إلى القاعة، يخلع سترته، يضعها على كرسي ، يحرك يده اليمنى على إيقاع صوته المجلجل، في أروقة قسم المسرح، رددوا وراي .. دوووو، ويفرح نردد ، راااا، مي يييي ، انتبه إلى طبقة صوتي ، شسمك بابا ؟ اسمي جبار ، اي عفية جبار، تركني ثم توقف ، جبار راح تكون ويانه ممثل في رحلة السندباد الأخيرة، فرحت كثيرا ، ومن ذاك الوقت الذي قدمنا فيه المسرحية ، أصبحت علاقتي باستاذي جيدة ، يعرفني احب المطالعة بشغف ، ولدي محاولات في الكتابة، أعود إلى النص ، اخذه مني ، قلبه، عنوانه غريب، شتقصد =ربما ، يعني ماكو يقين ، تركني ضاحكا ، راح اقرا بالأسبوع القادم نلتقي، شكرا استاذي، انتظرت هذا الاسبوع وكأنني على جمرات التوقع ، ماذا سيقول استاذي؟ اكتمل الاسبوع، وعلى عادتي انتظرته بنفس المكان ، رأيته، اقترب مني ، صاح بصوته ، جبار خوش تكتب ؟! ما عندي اي ملاحظة ، النص حلو ، فرحت فرحا عارما، يعني نجحت في الكتابة، امتد الوقت طويلا ، حتى تم الإعلان على التقديم والمشاركة في مهرجان بغداد المسرح العربي 1991, قلت مع نفسي لماذا لا اقدم اول تجربتي الإخراجية؟ ولكن كيف ؟ مازلت طالبا.. وفي فرع التمثيل، كانت الضوابط صارمة ، لا يقدم عرضا الا من كان ضمن اختصاص الإخراج، جلست في نادي الطلبة، وحدي، ملتحيا، نحيلا جدا، يطاردني العميد المرحوم عبد المرسل الزيدي رحمه الله ، يأمرني، بحلق لحيتي، لأنها ممنوع ، ولا تجعل من الطالب انيقا، على العكس من رؤيته، كنت أرى لحيتي التي تشبه - أنذاك- لحية الشاعر الروسي بوشكين، ثروتي، تميزي، وحدي اقلب نصي ، فجأة قمت ، انطلقت صوب رئيس قسم الفنون المسرحية استاذي المرحوم الذي لن انسى فضله وعلمه وفنه، ما حييت، د. فاضل خليل رحمه الله تعالى، طرقت الباب ، وبصوته الدافي، تفضل ، دخلت ، نظر لي ، ها جبار شبيك؟

 قلت اريد اشتغل عرض ؟

أجابني انت خوش ممثل ؟

 ويه منو نازل استاذ لو طالب ؟

تعرف المهرجان العربي قريب !

 قلت لا ما نازل اريد اشتغل عمل لي ؟

 نظر لي صامتا.. ثم أردف قائلا ، ما يصير ؟

 الضوابط تقول لازم إخراج.. قلت والله اريد اشتغل وصدق استاذي راح يكون عمل مسرحي حلو .. وهذا النص؟

 ضحك والله ما تكعد شوكت كتبته؟

قبل ستة أشهر استاذي .. قام من مكانه ، اقترب مني، هسة روح وبعدين اشوف شلون ؟

صار استاذي، خرجت تخالطني مشاعر متضاربة، مضطربة، هل سيوافق؟

 وما بين الحيرة والانتظار ، صاح بي ، جبار روح اشتغل ، طرت من الفرح، اشكرك استاذي، حينها كنت صديقا لمجموعة من طلبة الفن التشكيلي، كل وقتي معهم، عباس مخرب وعلي عباس واحمد نصيف، وستار كاووش ومحمد قريش ورياض العارضي، وفاضل عباس، اراهم كيف يرسمون محلقين باحلامهم، وكنا كثيرا ما نلتقي في مركز صدام للفنون -- حاليا وزارة الثقافة - وكانت ثمة قاعة كبيرة ، أنيقة جدا ، جدرانها الخلفية من الزجاج ، تطل على الحديقة الخلفية والشارع العام الجميل المضيء، يتوسط القاعة بيانو ضخم من الخشب الاسود ، كنت دائم الحضور إلى الحفلات الموسيقية ، بيتهوفن ، موزارت، هايدن، جايكوفيسكي، فرانز ليست، احضر تلفني هالة من الدهشة والإمتزاج الجمالي، وفي كل خميس كان نادي السينما يعرض افلامه ، قلت ساعرض مسرحيتي في مركز صدام للفنون ، وفي القاعة الموسيقية، ولكن كيف احصل على الموافقة؟

 كيف التقي بالسيدة المبدعة الفاتنة ليلى العطار ؟

 نظرت إلى عامر العبيدي، باناقته وشعره المنساب على كتفه، كان مسؤولا في مركز الفنون، تراجعت ولم أكلمه.. قلت ماكو غير د. فاضل خليل .. هو يرتبلي الموضوع.. يوم الاحد

، دخلت على د. فاضل خليل في مكتبه ، ها ابن خماط، شتريد ؟

قلت شلون عرفت؟

ضحك .. مبين على وجهك؟

 احجي؟

دكتور مركز صدام للفنون ؟

 أجابني.. شبي؟

 اريد اعرض بي دكتور؟

 ضحك؟

 شوداك هناك ؟

وشلون راح تعرض وماكو قاعة مسرح؟

 قلت استاذي القاعة الموسيقية مرتب شغلي عليها ؟

 بس اريد موافقة؟

أجابني- الله يرحمك استاذي - سهلة ، مباشرة امسك بالهاتف الارضي ، ضرب باصبعه، على مفاتيح التليفون، انتظر قليلا، ها ست ليلي شولونج؟ والله مشغول .. عاشت ايدج .. ست ليلي طلب زغيروني؟

 تسلمين، عندنا طالب اسمه جبار خماط ، جدك شنو اسمه، اجبته، حسن دكتور، نعم جبار خماط حسن. يريد يعرض مسرحية عندكم، شكرا جزيلا.. مع السلامة، غلق الهاتف، نظر لي ، تروح الثلاثاء، وهي بانتظارك.. الله يحفظك دكتور، يالله متى يأتي الثلاثاء ؟

 لكن كيف اذهب ؟

 ليلي العطار الجميلة ، والتماع حضورها الإبداعي، تستقبل طالب لم تسمع به من قبل ؟

يوم الثلاثاء ، ذهبت إلى مركز صدام ، استقبلني مدير مكتبها، قلت اني جبار .. اهلا وسهلا، فتح الباب ، ست ليلى بانتظارك .. دخلت، كان مكتبها على جمال وتنسيق عالي ، إضاءة انيقة، لم أرى من بعد سوى عينين، واسعتين، وكأن هذا المكتب الفسيح تحول إلى عينين سوداوين، اقتربت أكثر، بصوت متوازن، تفضل ماما .. استريح .. شتشرب؟

كهوة ؟

 جاي ؟

لا ست ما اريد .. ابتسمت، دكتور فاضل اتصل بي حول عرض مسرحي تريد تقدمه بالقاعة الموسيقية، أجبتها نعم ست، وبدأت اشرح مضمون النص وكيفية المعالجة.. كانت تصغي جيدا ، أتذكر حينها دخل علينا الفنان المبدع عامر العبيدي، تكلمت معه ، وفروا لجبار، كل شي يحتاجه، يتمرن بالقاعة ، اريد هذا العرض يكون متميز وما تواجهه اي مشكلة . وبدأت التمارين ، احلى ايام بحياتي ، انا والصديق المبدع باسم الحجار المقيم حاليا في هولندا ، عرضنا المسرحية وسط دهشة الضيوف العرب وتفاعلهم مع العرض ، وفي اليوم الثاني كانت الجلسة النقدية في فندق المنصور ميليا، قدم الدكتور حميد الجمالي ورقة نقدية عميقة أشادت بالعرض ، وانبهاره بالأداء وطريقة المعالجة ، ثم قدم الناقد الفذ الأستاذ حسب الله يحيى، أشاد بالعرض واتذكر كلماته،" اليوم الشباب قدموا عرضا جديدا نصا وإخراجا وتمثيلا " لا أتذكر من كان مديرا للجلسة، ما اتذكره، كانت القاعة ضاجة بالحضور ، قال الآن يتفضل المؤلف والمخرج جبار خماط ، إلى المنصة ليدلي بكلماته، نهضت من مكاني، تقدمت الى المنصة، جلست، نظرت الى الحضور، المكان مزدحم بأسماء مسرحية عربية و عراقية مهمة، ماذا اقول؟

عندها تذكرت المتنبي. وقلت بيتا له، اذا غامرت في طلب مروم

فلا تقنع بما دون النجوم

شكرا جزيلا.