حوار مع مبدع

كنعان محيميد البني قال  المسرح بالنسبة لي علاقة تشاركية يحكمها العشق والشغف

كنعان محيميد البني قال المسرح بالنسبة لي علاقة تشاركية يحكمها العشق والشغف

529 مشاهدة

كنعان محيميد البني قال  المسرح بالنسبة لي علاقة تشاركية يحكمها العشق والشغف ...

#الجزء الثاني من الحوار عبر صحيفة البديل/الجزائرية

تتمّة للحوار الذي أجريته مع الفنان والإعلامي " #كنعان _محيميد _البني "، من أرض الشام الأبية، ههنا الجزء الثاني والأخير من الحوار .... بجريدة البديل الجزائـر / اليوم السبت 13 جوان 2020

كل آيات المودة والتقدير لطاقم الجريدة والأخ " رامي الحاج " على الحرص والمتابعة

الفنان السوري " كنعان محيميد الـبـنــي " من جيل المخضرمين لــ " البديل "

المسرح بالنسبة لي علاقة تشاركية يحكمها العشق والشغف

• الإعلان والإعلام بشكل عام يلعبان الدور الأساس في الترويج عن أية فعالية

أجرى الحوار : عباسية مدوني ( الجزائـر)

الإنسان بهذا الوجود يحيا لأجل النضال في سبيل الإنسانية، لينتصر للحب وللحرية وللجمال، ومهما امتدّ به العمر يظلّه شغوفا للنهل من شتى التجارب، ليظل جسر التواصل ممتدّا في أبهى حلله الإنسانية والحياتية التي تعكس جوهره، وتعرّي منبته الأصيل، وحتى الظروف تظلّها الأرضية الخصبة التي ننثر بها بذور التجارب والمواقف التي تبقى شاهد عيان على أن هذا الإنسان أو ذاك ترك بصمة هنا، ونحت ابتسامة هناك، وأن نفس الإنسان ناضل لكسب العيش الكريم ومقارعة الواقع الأليم من شظف عيش وحرب شرسة وحرب وجودية، لكنّه ظلّ ثابتا، سامقا بحكمته، محاكيا كل الدروب والأشخاص ممّن تقاطعوا معه وأغـنوا تجاربه بخاصة الإنسانية منها والفنية منها على وجه الخصوص.

الإنسان هذا المفعم بالحياة، المكتنز بالإرادة والشغف إنّه الفنان" كنعان محيميد البني" من أرض الياسمين، سوريا، والذي شرّفنا بهذا الحوار على مستوى منبر جريدة البديل / الجزائر، أنّى لامسنا شتّى المحطاّت التي ميّزت مسيرته منذ نعومة أنامله إلى يومنا هذا، وكيف جعلت منه التجارب والمواقف والميادين الفنيّة الإنسان الممتلئ أملا، والضاجّ إنسانية ومحبّة لأنه يؤمن تماما أن الحياة مرحلة عابرة ولابدّ أن نترك بها أثرا وبصمة تكون بعبق الورد وعطر الإنسانية.

* المسرح يسري في عروقك ؟ فماذا يمثل لك هذا الفن الساحر ؟

كنعان : المسرح بالنسبة لي علاقة تشاركية يحكمها العشق والشغف، لذا باختصار هو الهواء والرئة والقلب والدم والعقل، ورغم ما يحيط بنا من ظروف عبثية لم ولن نتخلى عن بعض في هذه الحياة بكامل صراعاتها الجميلة المرة والحلوة ، المسرح عنوان الحضارة الإنسانية.

*- الفضاء الفني بخاصة المسرحي، نجده يفتقر إلى نقد موضوعي وهادف، ما تعليقك ؟

كنعان : تماما ولأسباب عدة منها الموضوعي ومنها غير الموضوعي، والمسرح يرتقي بالحوار وبشكل خاص الحوار الحيادي والموضوعي والتخصصي والقائم على الحرفية والتخصص الأكاديمي بشكل خاص، ولا يعني أنني ألغي النقد الصحفي، ولا النقد القائم على الخبرة والتجربة، بل هناك شحّ بالبعد المعرفي العلمي لمفهوم النقد الذي هو إعادة بناء للنص الدرامي ونص العرض المسرحي، وأعتقد كما للمسرح حياته بالحرية أيضا النقد لن تقوم له قائمة خارج فضاء الحرية، وهنا أقصد الحرية المسؤولة، وهذا الخلل يؤثر على تطور المسرح في بلداننا العربية، الأمر الذي لعب دورا مهما في تهميش المسرح التي عملت به ومن خلاله الأنثى والمرأة نتيجة التفريق الجنسوي، ودور الذكورة والرجولة في تهميش المسرح النسوي، وإنّي أسوق ذلك لتوضيح الواقع النقدي ومقدار العمل الواجب الاشتغال عليه للارتقاء بالمسرح والنقد المسرحي على حدّ سواء .

*- أنت صاحب موقع إلكتروني مهتم بالإبداع المسرحي والنقد، ماذا اضاف إلى رصيدك هذا المنبر ؟

كنعان : الإعلان والإعلام بشكل عام يلعبان الدور الأساس في الترويج عن أية فعالية، ومنها المسرح ومنابر التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها وأنواعها جعلت العالم قرية صغيرة، وكما أسلفت سابقا أطلقت هذا الموقع كما أعتقد في العام 2007 وكان من المواقع المميزة على مستوى الوطن العربي، حيث عرّفت المسرحيين العرب على أنشطة المسرح السوري في أصغر قرية وبلدة، كما تعرّفت على المسرحيين السوريين القامات منهم والشباب وتابعت المهرجانات في سورية بكامل دوراتها وكنت أنشر نشاطاتها بشكل يومي وكنت أتابع المهرجانات بشكل شخصي كإعلامي وكمسرحي، ومن خلال ذات الموقع تعرفت على الكثيرين من المسرحيين العرب وحوّلنا هذه المعرفة من حالة الافتراض إلى معرفة واقعية، ونتيجة التعاون مع الهيئة العربية للمسرح فقد غيرت التسمية فأصبحت " موقع المهرجانات العربية" ليكون أكثر شمولية .

*- ثمّة كثيرون ينادون بالتمييز ما بين الممارس والأكاديمي، مع يقين أن الممارسة هي لبّ التجارب، ما رأيك ؟

كنعان : بالعموم الموهبة أعتقد لازمة بل ضرورية، ولكن هذا لا يكفي إذ من الواجب صقلها بالعلوم والمعارف المتعلقة بالمسرح، والجامعة والمعاهد تقدم المعلومة التي هي ضرورية جدا للدارس وللممارس، والخبرة والتجربة لها دور أيضا ومهم، وبالعودة للماضي وللبدايات نرى أن من نهض وروج للمسرح هم هوّاة ولكن يمتلكون الخبرة من خلال المتابعة والمشاهدة.

*- ما ردّكم على أن الإعلام يفتقر إلى الاحترافية بخاصة في الحقل النقدي؟

كنعان : أكيد، وهذا يسيء للمسرح والعاملين في هذا الميدان الهام فنيا ومعرفيا.

*- مسرحيا وفنيّا بشكل عامّ نحن في مسيس الحاجة إلى حوار فاعل وتجارب رائدة بمنأى عن التقليد الأعمى ، ما رأيك ؟

كنعان : الحوار الحيادي يرتقي بهذا الفن الوافد والذي بحاجة لتكريسه ليصبح ذا بعد ومفهوم وحاجة اجتماعية، ولكن بالمقابل يحتاج إلى ظروف مناسبة تسمح لهذا الحوار أن ينتقل إلى التطبيق العملي، وأعتقد أنّ المهرجانات تلعب مثل هذا الدور ولو جزئيا.

*- بحكم تجربتك الإعلامية والفنية والنقدية ، وأنك تعتبر من الرعيل الأول ما كلمتك للأجيال الشابة التي في اعتقادها أن الممارسة الفنية تشهير وأضواء ساطعة ؟

كنعان : إنّ أهم شيء قبول الآخر واحترام رأي الآخر، مع عدم إلغاء الآخر، التعلم قاعدة أساس مع القراءة والمتابعة ومشاهدة الكثير من العروض المسرحية المحلية العربية والعالمية، زد على ذلك الممارسة والدراسة الذاتية أو الأكاديمية كل ذلك ضروري في بناء المسرحي المميز، مع سمات التواضع، المحبة والتعاون وتنحية الأنا المغرورة المتوحشة خير طريق للنجاح والتألق.

*- هناك كثير من المبدعين المسرحيين على وجه خاص، ما زالوا يستنكرون الحداثة وما بعدها، متشدّقين بالجذور الأولى، ما قولك في هذا ؟

كنعان : أعتبر أن من عمل بالفن بكل أنواعه وأجناسه قائم على التطور وأكثرها عملا بذلك هو المسرح، لقد اشتغل القدماء واجتهدوا في وضع أسس ومعايير وقوانين لضبط وتنظيم العلوم والمعارف بمساربها الصحيحة الموضوعية معرفيا وعلميا على قاعدة التجريب العلمي والعملي القائم على الخبرة المعرفية بمفهومها الشامل، المسرح قائم على الممثل والحوار محمولا على الصورة المدعومة بالإضاءة والحركة والتشكيل الفردي والجماعي لإعطاء صورة تشكل رسالة معرفية يبثها الطاقم الفني للمتلقي "الجمهور" الضلع المهم في مثلث المسرح، عبر وسيلتي التواصل الأساس السمع والبصر، لذا نجد أن الصورة أضحت عاملا هاما في الشغل المسرحي والحوار تراجع ، مفرزا نظرة جديدة للمسرح، أين كانت القاعدة الأرسطية تحكم النص الدرامي فقد تمّ تجاوز الكثير من الكتاب لتقديم وتوضيح مفاهيم جديدة كانت غائبة ومثال على ذلك المسرح النسوي الذي تعرض للتهميش الذكوري الرجالي المقصود لأسباب اجتماعية تتعلق بقوانين رجالية، وبمتابعة للأدب النسوي وبشكل خاص المسرح النسوي الذي حمل المؤلفات على كسر القواعد وقدمن نصوص درامية تشير لمعاناة الأنثى ولمفهوم الأنوثة والمرأة والرجل في سياق القهر الاجتماعي، باختصار الحداثة ضرورة موضوعية لتطوير المسرح بشكل موضوعي مدروس معرفيا وعلميا وموظفا في خدمة هذا التطور.

*- معروف عنكم تفانيكم المهني الذي لا ينسلخ من الإنسانية، ما هي أهم التجارب التي قدتها إنسانيا في ظل ما مرّت به سوريا ؟

كنعان : المسرح حضارة إنسانية، لذا لم أكن بعيدا عمّا جرى ويجري في العالم العربي والعالم وبلدي الغالي سوريا، منذ بداية الأحداث شكلنا الفرق التطوعية وتابعنا جموع الوافدين لحافظتنا وتابعناهم على مدار السنوات العجاف من خلال الجمعيات المتخصصة بالتنمية البشرية، وخضعت لعدة دورات في هذا الميدان محليا وعربيا وكنت من المتميزين، كما تابعت العديد من المشاريع مع المنظمات المانحة وخصوصا مسرحيا حيث ألفت وأعددت الكثير من النصوص المسرحية التي تعالج وضع الوافدين وأطفالهم من تغيير السلوك، والعنف والتحرش الجنسي، والأمراض السارية والتي انتشر البعض منها نتيجة الأحداث.

كما عملت على إخراج تلكم المسرحيات وأخرجت أعمال مسرحية تعالج موقف المجتمع من ذوي الحاجة أيضا، وكذلك اشتغلت مع جمعية أصدقاء البيئة ونشطت العمل المسرحي فيها بتشكيل فرقة براعم من أحياء شعبية تابعة للجمعية قدمت هذه الفرقة أعمالا عن البيئة والنظافة الشخصية تمثيلا شخصيا، أو من خلال العرائس قد قدمت أعمالا تعالج موضوع شلل الأطفال و التلاسيميا، مع إضاءات عن أضرار التدخين وتعاطي المخدرات تأليفا وإخراجا ،ولم أبتعد عن العمل الإنساني والفني قبل وبعد الأزمة.

*- زرتم الجزائر كذا مرّة، ما كان انطباعكم في أول زيارة لها ؟ وما هي الشخصيات التي تقاطعت دروبكم ودروبها ، وكانت مؤثرة في مساركم وحياتكم ؟

كنعان : من طبعي الاجتماعي أنني أنسجم مباشرة بالعمل مع المجموعة التي أكون فيها، لذا في زيارتي الأولى تعرفت على الكثير من الأحبة من الجزائر من خلال مهرجان كنت مشاركا به كفني وكإعلامي وحقق العمل جائزة ثاني أفضل ممثل حققها الفنان المسرحي "عبد الكريم حلاق" ، وربطتني علاقات مميّزة مع الكثيرين، كما تكرّرت زياراتي للجزائر وحضور المهرجانات فيها مع فرق من سوريا، وأفتخر بصداقات عديدة عقدتها ، أمثال "محمد بوييش" من باتنة، والمرحوم "محمد بن قطاف" شيخ المسرح من الجزائر .

*- ما هي الأعمال الفنية سواء مسرحيا أو سينمائيا أو في أي حقل أثّرت فيكم ؟

كنعان : شاركت ببضع مشاهد في مسلسلات محلية وعربية، ولكن لم أجد سوى المسرح الفضاء الذي أسبح به بكل الحرية والسعادة، المسرح ثم المسرح ثم المسرح .

*- بين العصاميّة والاجتهاد الفعليّ نقديا وفنيّا، هل تمنيتم يوما سلك المسار الأكاديميّ ؟

كنعان : طبعا تمنيت ولا زلت أتمنى التحصيل الأكاديمي، ولكن أعوض ذلك بالقراءة والمتابعة للمسرح عبر المواد التي أنشرها في الموقع ومن خلال مواقع الأصدقاء المشاركين في موقع عين المسرح التابع للهيئة العربية للمسرح، وعملي كمخرج أو كممثل.

*- ما هي آخر الكلمات التي يمكنكم توجيهها من هذا المنبر الإعلامي ؟

كنعان : كل الشكر والتقدير لكم وللجريدة التي ستنشر هذا الحوار الذي أتمنى أن أكون قد قدمت الشيء المفيد للإخوة القراء بالجزائر وسائر البلدان العربية، مع كل المحبة والتقدير للإخوة القراء ومنهم المسرحيون بشكل خاص.

وعليه، يبقى الفن المسرحي شغفا باسقا، والإنسانية معبرا للعطاء وأمّ التجارب، والإرادة ملح التحديات وعربون الوجود، ولابدّ لنا كأجيال واعدة أن نتعلّم من كذا تجارب واكبت وتواكب أكثر من جيل، حتى نمضي قدما وننهل من تلكم التجارب خدمة للقادم.