قصة قصيرة

لعبة .. ربى الدرع...

لعبة .. ربى الدرع...

1803 مشاهدة

الجمعة, آب (اغسطس) 23, 2013

ربى الدرع محررة صحافية

 المصدر: http://www.alroeya.com/node/42324

طلب مني طفلاي أن ألعب معهما لعبة المصارعة على أن أعارك الأكبر ذا السبع سنوات، ويكون الأصغر ذو الخمس سنوات حكماً بيننا، فلما غلبته بتثبيته على الأرض في أقل من دقيقة قال الحكم: تنص قوانين اللعبة على أن الأم مقابل ولدين، فلما غلبتهما معاً في أقل من دقيقتين، غيّر الحكم رأيه ثانية وقال لا تسمح قوانين اللعبة للأم باستخدام يديها! فلما غلبتهما ثالثة بصعوبة وبلا ذراعين، فكّر الحكم في مخرج، وقال: يتوجب على الأم أن تربط عينيها بعصابة، وتستطيع الاستدلال على مكان طفليها باستخدام حاسة الشم! قلت معترضة على قوانينه التعسفية وبلهجة المنسحبة، وكيف أستطيع تثبيتكما وأنا لا أملك لذلك سبيلاً؟ قال الحكم نسيت أن أقول لك إنه يكفي أن تطبع الأم قبلة على جبين ابنها لتفوز بالجولة!

عجبت من سعة حيلته المبنية على فطرة استطاعت أن توازن بين معطيات اللعبة ومكاسبها، بالطريقة التي تتلاءم مع قدراته وقدرات خصمه، وبصورة مرضية لجميع الأطراف لتستمر متعة التجاذب والتدافع بيننا، لأنه رأى بسليقته أيضاً أن طمأنينة النفس إليها هي السبب الأهم لبقائها.

ثم تساءلت في نفسي، هل سيلجأ عصفوري الزغبي للطريقة ذاتها مثلاً بعد عشر سنين، حين ينبت له جناحان بقبضتين قويتين، أم إن الفطرة ذاتها ستولجه لعبة الحياة الحقيقية تلك التي تنصر القوي، وتُبقي حيل الضعفاء لأطفال غيره.

تساءلت قدر تساؤلي عندما كنت طفلة عن مغزى قول "موسوليني" دكتاتور إيطاليا عن عصبة الأمم التي لم تستطع أن تفرض هيبتها على أعضائها لافتقارها إلى قوة مسلحة خاصة بها على أنها «لا تتصرف إلا عندما تسمع العصافير تصرخ من الألم، أما عندما ترى العُقبان تسقط صريعة، فلا تحرك ساكناً». فهل كان يقصد أن المؤسسة الأممية لا تستطيع أن تحل سوى مشاكل العالم الصغيرة؟ أم إنها لا تستطيع أن تُنصف قوياً من قوي آخر؟ أم لأن العصافير تملك الحيلة لتظل منتسبة للعبة؟

وقد يكون الجواب دُفن مع عصبة الأمم رغم استيلاد الأمم المتحدة من رفاتها، فالعصافير ما زالت تتزاحم بالآلاف لتحظى بقبلة جبين «قلقة» من أمينها العام، أو «تغريدة» خارج السرب من مجلس أمنها، بعد أن صرخت وذُبحت وقُتلت وفُجّرت وعُذّبت وماتت وهُجّرت وصعدت أرواحها إلى السماء أفواجاً.

فهل انتهت لعبة العصافير؟ أم إن لعبة العقبان انكشفت؟

التعليقات

اترك تعليقك هنا

كل الحقول إجبارية